رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

محليات

134

وزارة الأوقاف تنظم ندوة "بلسان عربي مبين" حول اللغة العربية

05 نوفمبر 2025 , 09:43م
alsharq
الدوحة - قنا

 ناقشت ندوة /بلسان عربي مبين/ التي نظمتها إدارة البحوث والدراسات الإسلامية، بوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، موضوع "اللغة العربية.. تحديات الحاضر وآفاق المستقبل" في جامع الإمام محمد بن عبدالوهاب، بحضور سعادة السيد غانم بن شاهين بن غانم الغانم وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية، ولفيف من العلماء والمفكرين والإعلاميين والمهتمين بقضايا اللغة والثقافة والهوية ونخبة من الباحثين والأكاديميين، المتخصصين في اللغة العربية وعلومها من جامعة قطر.

وقال الشيخ الدكتور أحمد بن محمد بن غانم آل ثاني مدير إدارة البحوث والدراسات الإسلامية بوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، في كلمته الافتتاحية، إن الندوة تمثل مشروعا تفاكريا وجهدا ثقافيا متجددا لإحياء اللغة العربية وإعادة بنائها كحاضنة حضارية للأمة الإسلامية، مشيرا إلى أن الندوة الأولى في سلسلة "بلسان عربي مبين" تأتي استشعارا من الوزارة بأهمية اللغة العربية ومكانتها في تكوين هوية الأمة، وباعتبارها اللغة التي نزل بها القرآن الكريم وجاءت بها السنة النبوية المطهرة، وبها كانت نهضة العلوم والفكر والحضارة الإسلامية.

وأضاف أن إحياء اللغة العربية ليس ترفا ثقافيا، بل ضرورة حياتية وشرط لازم لعودة الأمة إلى طريق النهوض، لأن العربية هي وعاء الدين ومفتاح العلم ووسيلة إدراك مقاصد الشريعة، وهي اللسان الذي حفظ وحدة الأمة وكيانها الفكري عبر العصور.

وذكر أن وزارة الأوقاف تسعى من خلال هذه المبادرات الثقافية إلى إعلاء قدر العربية وصونها مما ينالها من ضعف أو تهميش، عبر برامج علمية تعزز مكانتها في التعليم والبحث والإعلام، وتربطها بمقاصد الإسلام في البناء الحضاري والإنساني.

وناقشت الندوة، موضوعها في ثلاثة محاور رئيسة، المحور الأول تحدث فيه الأستاذ الدكتور لؤي علي خليل، أستاذ النقد الثقافي والسرديات، حول العلاقة بين "اللغة العربية والهوية الحضارية للأمة" من خلال ارتباط اللغة العربية بالقرآن الكريم كمصدر للوحدة الثقافية والفكرية، ودور اللغة العربية في بناء الهوية الجامعة للأمة عبر العصور، وأثر التراجع اللغوي على تآكل الهوية وضعف الانتماء.

وأوضح أن العلاقة بين اللغة والقرآن علاقة تكاملية، حيث إن القرآن هو الذي منح العربية قوتها وخلودها، وأن العربية بدورها هي التي حفظت للنص القرآني نقاءه وبيانه، مشيرا في الوقت نفسه، إلى أن اللغة العربية ليست مجرد وسيلة للتعبير، بل نظام ثقافي ومعياري يعبر عن رؤية الأمة للإنسان والكون والحياة.

وبين الدكتور لؤي أن ما يميز اللغة العربية هو امتلاكها لخصائص الصلابة المرنة والقدرة على التكيف والاستيعاب والشمول، منبها إلى أنها لغة ثابتة القواعد ولكنها مرنة في الأداء والدلالة، قادرة على استيعاب المستجدات دون أن تفقد هويتها أو نظامها البنيوي.

ولفت إلى أن اللغة العربية بما تحمله من نظام معياري عقلاني وأخلاقي، تمهد لتكوين عقلية إسلامية متوازنة، لأن التفكير بالعربية يقود الإنسان إلى الانضباط والقياس والاتزان، خلافا للغات الأخرى، مشددا على أن العربية هي المفتاح الأساسي للهوية الإسلامية، ومن يتربى على لغة فصيحة معيارية يسهل عليه أن يتقبل الفكر المعياري الذي يقوم عليه الإسلام، لذلك فإن الحفاظ على اللغة العربية هو في جوهره حفاظ على الدين والعقل والوجدان، وذلك بخلاف اللغات الأخرى.

وتحدث الدكتور محروس بريك أستاذ النحو والصرف واللغويات، في محور "التحديات المعاصرة أمام اللغة العربية في المجتمعات المسلمة"، حيث تناول واقع استخدام اللغة العربية في الإعلام والتعليم والفضاء الرقمي، والعولمة واللغات الأجنبية، وتهميش اللغة العربية وأثره على الأجيال.

وأشار إلى أن التحول من الثنائية اللغوية الطبيعية (الفصحى والعامية) إلى ما وصفه بـالتشتت اللغوي خلق حالة من الاضطراب في الاستخدام اللغوي الحديث، حتى وصل العالم العربي اليوم إلى سبعة مستويات لغوية متفاوتة بين الفصحى والعاميات واللهجات الهجينة.

وحذر الدكتور بريك من مخاطر العولمة اللغوية التي جعلت من اللغة الإنجليزية لغة مهيمنة في التعليم والإدارة والتواصل، معتبرًا أن هذا الاتجاه يؤدي إلى اغتراب فكري وثقافي وفقدان الصلة بالهوية العربية والإسلامية، ويؤثر في سلامة التفكير والتعبير لدى الأجيال الناشئة.

ونبّه إلى أن بعض الدعوات الغربية لتحديث اللغة العربية تسعى فعليًا إلى تفريغها من محتواها الديني والثقافي، داعيًا المؤسسات العربية إلى تبني برامج جادة لحماية اللغة العربية، وتعزيز حضورها في مجالات التعليم والتقنية والإعلام.

بينما ناقش الدكتور محمد خالد الرهاوي، الأستاذ المشارك بكلية الآداب والعلوم بجامعة قطر، محور "العربية ومستقبل النهضة الفكرية والعلمية"، مستشرفاً مستقبل اللغة العربية في ظل التحولات المعرفية والرقمية، ومستقبل اللغة العربية في تجديد الفكر الإسلامي وإحياء العلوم، ومؤكدا على أن مستقبل العربية مرتبط بنهضة الأمة الإسلامية ذاتها، وأن العصر الرقمي والذكاء الاصطناعي يمثل فرصة ذهبية وليس تهديدًا إذا أحسن توظيفه في خدمة اللغة ونشرها عالميًا.

وقال إن اللغة العربية اليوم تمتلك إمكانات هائلة للانطلاق في الفضاء الرقمي، فمعاجمها الإلكترونية ومشروعاتها الكبرى من قبيل (معجم الدوحة التاريخي) تشهد على قدرتها على التكيّف مع التقنيات الحديثة، وما يجري في العالم العربي من مبادرات في الذكاء الاصطناعي والبرامج التعليمية الرقمية يعيد الثقة بأن المستقبل للعربية، معللا ذلك، بالإنفاق الكبير على اللغة العربية من قبل الحكومات والمؤسسات.

وأوضح الدكتور الرهاوي، أن تمكين اللغة العربية ليس مسألة لغوية فحسب، بل قضية وجود وهوية وسيادة، لأن اللغة عنوان الاستقلال الثقافي والسيادة الفكرية للأمم، مشيرًا إلى أن دعم الحكومات والهيئات التعليمية العربية للغة العربية في المناهج والمؤسسات الأكاديمية والتقنية يمثل استثمارا في مستقبل الأمة ومكانتها الحضارية.

واختتمت الندوة بالتأكيد على أن وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية تولي اهتماما كبيرا بتعزيز مكانة اللغة العربية من خلال مشروعاتها الثقافية والعلمية المتعددة، وأن هذه الندوة تأتي ضمن سلسلة من البرامج التي تعتزم الإدارة تنظيمها سنويا لصون اللغة العربية وإحيائها في الوعي العام والمؤسسات الأكاديمية والإعلامية، بما يواكب رؤية قطر الوطنية 2030 في بناء إنسان مثقف يعتز بدينه وهويته ولغته.

مساحة إعلانية