رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

محليات

15636

القرضاوي: لا للخلوة التي قد تبعث على الرِّيبة وتسبب الفِتْنة

07 يونيو 2016 , 01:37م
alsharq
الدوحة - الشرق

خلوة الرجل بالمرأة الأجنبية من الوسائل التي حرَّمها الإسلام

الخلوة بالقريب أشد خطراً من غيره والفتنة به أمكن

لا يجوز للرجل أن يُعرِّض زوجته للفتنة

العينَ مفتاح القلب والنظر رسول الفتنة وبريد الزِّنَى

الكتاب : "فقه الأسرة وقضايا المرأة"

المؤلف: د.يوسف القرضاوي

الحلقة : الثالثة

الأسرة أساس المجتمع، وهي اللبنة الأولى من لبناته، التي إن صلحت صلح المجتمع كله، وإن فسدت فسد المجتمع كله، وعلى أساس قوة الأسرة وتماسكها يقوم تماسك المجتمع وقوته، لذا فقد أولى الإسلام الأسرة رعايته وعنايته.

وقد جعل القرآن تكوين الأسر هو سنة الله في الخلق، قال عز وجل: "وَاللّهُ جَعَلَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجاً وَجَعَلَ لَكُم مِّنْ أَزْوَاجِكُم بَنِينَ وَحَفَدَةً وَرَزَقَكُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ أَفَبِالْبَاطِلِ يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَتِ اللّهِ هُمْ يَكْفُرُونَ" (سورة النحل:72). بل جعل الله نظام الأسرة، بأن يكون لكل من الرجل والمرأة زوجٌ يأنس به ويأنس إليه، ويشعر معه بالسكن النفسي والمودة والرحمة، آية من آيات الله، قال سبحانه: "وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ"(سورة الروم:21).

فالحياة الأسرية في الإسلام وعلاقة كل من الزوجين تجاه الآخر ليست شركة مالية تقوم على المصالح المادية البحتة، بل هي حياة تعاونية يتكامل فيها الزوجان، ويتحمَّلان مسؤولية إمداد المجتمع بنسل يعيش في كنف أسرة تسودها المحبة والمودَّة، ولا يظلم أحد طرفيها الآخر، بل يدفع كل واحد منهما عن شريكه الظلم والأذى، ويحنو عليه.

وفلسفة الإسلام الاجتماعية تقوم على أن الزواج بين الرجل والمرأة هو أساس الأسرة، لذا يحث الإسلام عليه، وييسر أسبابه، ويزيل العوائق الاقتصادية من طريقه، بالتربية والتشريع معا، ويرفض التقاليد الزائفة، التي تصعبه وتؤخِّره، من غلاء مهور، ومبالغة في الهدايا والولائم وأحفال الأعراس، وإسراف في التأثيث واللباس والزينة، ومكاثرة يبغضها الله ورسوله في سائر النفقات.

ويحث على اختيار الدين والخلق في اختيار كلٍّ من الزوجين: "فاظفر بذات الدين تربت يداك". "إذا أتاكم من ترضون دينه وخلقه فزوِّجوه، إلا تفعلوا تكنْ فتنةٌ في الأرض وفساد عريض".

وهو - إذ يُيَسِّر أسباب الحلال - يسدُّ أبواب الحرام، والمثيرات إليه، من الخلاعة والتبرُّج، والكلمة والصورة، والقصة والدراما، وغيرها، ولا سيما في أدوات الإعلام، التي تكاد تدخل كل بيت، وتصل إلى كل عين وأذن.

وهو يقيم العلاقة الأسرية بين الزوجين على السكون والمودة والرحمة بينهما، وعلى تبادل الحقوق والواجبات والمعاشرة بالمعروف، "وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْراً كَثِيراً"، (البقرة: 19). "وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ"، (البقرة: 228).

ويجيز الطلاق عند تعذُّر الوفاق، كعملية جراحية لابد منها، بعد إخفاق وسائل الإصلاح والتحكيم، الذي أمر به الإسلام أمراً محكماً صريحاً، وإن أهمله المسلمون تطبيقاً: "وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَماً مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَماً مِنْ أَهْلِهَا إِنْ يُرِيدَا إِصْلَاحاً يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيماً خَبِيراً"، (النساء: 35).

تحريم الخلوة بالأجنبية

من الوسائل التي حرَّمها الإسلام خلوة الرجل بالمرأة الأجنبية عنه، وهي التي لا تكون زوجة له، ولا إحدى قريباته التي يحرم عليه زواجها حرمة مؤبدة، كالأم والأخت، والعمة والخالة، وبنت الأخ وبنت الأخت، كما سنذكر بعد.

وليس هذا فقدانًا للثقة بهما أو بأحدهما، ولكنه تحصين لهما من وساوس السوء، وهواجس الشر، التي من شأنها أن تتحرك في صدريهما، عند التقاء فحولة الرجل بأنوثة المرأة، ولا ثالث بينهما.

وفي هذا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من كان يؤمن بالله واليوم الآخر، فلا يخلوَنَّ بامرأة ليس معها ذو محرم منها، فإن ثالثهما الشيطان".

وفي الصحيحين: "لا يخلوَنَّ رجل بامرأة إلا مع ذي محرم".

وفي تفسير قوله تعالى في شأن نساء النبي: "وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ"[الأحزاب:53]. يقول الإمام القرطبي: يريد: من الخواطر التي تعرض للرجال في أمر النساء، وللنساء في أمر الرجال، أي أن ذلك أنفى للرِّيبة، وأبعد للتهمة، وأقوى في الحماية. وهذا يدل على أنه لا ينبغي لأحد أن يـثـق بنفـسـه فـي الخلوة مـع مَنْ لا تحل له، فإن مجانبة ذلك أحسن لحاله، وأحصن لنفسه، وأتم لعصمته.

تحريم الخلوة بالحمو

ويحذر الرسول تحذيرًا خاصًّا من خلوة المرأة بأحمائها- والحمو أحد أقارب الزوج كأخيه وابن عمه- لما يحدث عادة من تساهلٍ في ذلك بين الأقارب، قد يجرُّ أحيانا إلى عواقب وخيمة؛ لأن الخلوة بالقريب أشد خطرًا من غيره، والفتنة به أمكن، لتمكُّنه من الدخول إلى المرأة من غير نكير عليه، بخلاف الأجنبي.

ومثل ذلك أقارب المرأة من غير محارمها، كابن عمها وابن خالها وابن خالتها، فلا يجوز لأحد منهم الخلوة بها.

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إياكم والدخول على النساء". فقال رجل من الأنصار: يا رسول الله، أفرأيتَ الحَمْوَ؟ قال: "الحَمْوُ الموت". وحَمو المرأة: أقارب زوجها.

يعني أن في هذه الخلوة الخطر والهلاك؛ هلاك الدين إذا وقعت المعصية، وهلاك المرأة بفراق زوجها، إذا حملته الغَيرة على تطليقها، وهلاك الروابط الاجتماعية إذا ساء ظن الأقارب بعضهم ببعض.

وليس مثار هذا الخطر هو الغريزة البشرية، وما تجلبه من خواطر وانفعالات فحسب؛ بل يضاف لذلك الخوف على كيان الأسرة، ومعيشة الزوجين وأسرارهما، أن تتطاول إليها ألسنة الثرثارين والفضوليين، أو هواة تخريب البيوت. وفي ذلك يقول ابن الأثير: "الحمو الموت": هذه كلمة تقولها العرب، كما تقول: (الأسد الموت) و"السلطان النار". أي: لقاؤهما مثل الموت والنار. يعني أن خلوة الحمو معها أشد من خلوة غيره من الغرباء؛ لأنه ربما حسَّن لها أشياء، وحملها على أمور تثقل على الزوج، من التماس ما ليس في وسعه، أو سوء عشرة، أو غير ذلك.

توضيح حول الخلوة بزوجة الأب وأم الزوجة:

إن الشرع الشريف حينما أباح للمرأة أن تبدي بعض الزينة لبعض الفئات من الناس، ومنهم أبناء بعولتهنَّ، أراد الشارع بذلك أن يرفع الحرج وأن يدفع العنت والمشقة عن الناس، فلو كلفنا المرأة وهي تسكن في بيت واحد مع أبناء زوجها أن تغطي جسمها كله من قمة رأسها إلى أخمص قدميها، كلما دخل عليها أحد أبناء زوجها، أو كلما دخلت هي عليه، لكان في ذلك حرج كثير. لهذا قال: "وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ.." الآية [النور:31].

فابن البعل اعتبر بهذا من الناس المخالطين والمعاشرين دائمًا، فلم يُطلب من المرأة أن تتحفظ منه كما تتحفظ من الأجنبي تمامًا، كأن نطلب منها أن تغطي شعرها، وألا تكشف شيئًا من ذراعيها، أو رقبتها.. أو غير ذلك؛ لأن في ذلك حرجاً شديداً، وما جعل الله في هذا الدين من حرج.

ولكن ليس معنى هذا أن يصبح ابن البعل كالابن تمامًا، أو كالأخ، له مثل هذه المحرمية، لا.. لابد أن يُراعَى الفرق، كما نبَّه على ذلك الإمام القرطبي وغيره من الأئمة المحقِّقين، خصوصاً إذا تزوج رجل كبير السن فتاة لا يزيد عمرها على عشرين سنة مثلًا، وله ابن في مثل سنِّها أو قريب منه، في مثل هذه الحالة نجد فرقا شاسعا بين المرأة وزوجها، بينما نجد تقاربا بينها وبين ابنه، وهنا تُخشى الفتنة، وعلى هذا نص الفقهاء، وقالوا: إن كل ما أبيح في مثل هذا الموضوع يحرم عند خوف الفتنة سدًّا للذريعة، كما أن كل ما حرم هنا يباح عند الضرورة أو الحاجة. وذلك مثل علاج المرأة على يد طبيب لا يوجد سواه من الطبيبات، وفي مقابل ذلك يمنع ما أبيح عند خوف الفتنة، كالمسألة التي نحن بصددها.

فلو فرضنا أن هذا الزوج سافر، فهل نقول بجواز أن يختلي ابنه الشاب بزوجة أبيه الشابة مع خشية الفتنة؟! بالتأكيد لا.. وإنما خفَّف الشارع على المرأة في موضوع التستر، وأما الخلوة التي قد تبعث على الرِّيبة، وتسبب الفِتْنة، فلا.. ولا يجوز للرجل أن يُعرِّض زوجته للفتنة.

ومثل هذا أيضًا الحماة- وهي بطبيعة الحال بمنزلة الأم- ولكن إذا خشيت الفتنة ينبغي على المرء أن يتجنب دواعيها. قد لا يكون هناك تفكير في الشر، ولكن حينما يُفتح الباب قد يؤدي إلى الشر، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما خلا رجل بامرأة إلا كان الشيطان ثالثهما".

ولهذا ينبغي الحذر والاحتياط في مثل هذه الحالات، وسد أبواب الفساد، حتى نتجنبه ولا نقع فيه.

تحريم النظر إلى الجنس الآخر بشهوة:

ومما حرَّمه الإسلام- في مجال الغريزة الجنسية- إطالة النظر من الرجل إلى المرأة، ومن المرأة إلى الرجل. فإن العينَ مفتاح القلب، والنظر رسول الفتنة، وبريد الزِّنَى. وقديماً قال الشاعر:

كل الحوادثِ مبداها من النظرِ

ومُعظْم النَّارِ من مُستصغر الشَّرَرِ

وحديثًا قال شوقي:

نظرةٌ، فابتسامةٌ، فسلامُ

فكلامٌ، فموعدٌ، فلقاءُ!

لهذا وجَّه الله أمره إلى المؤمنين والمؤمنات جميعاً، بالغض من الأبصار، مقترِناً بأمره بحفظ الفروج: "قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ * وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}[النور:30- 31].

وفي هاتين الآيتين عدة توجيهات إلهية، منها توجيهان يشترك فيهما الرجال والنساء جميعا، وهما الغض من البصر وحفظ الفرج، والباقي موجَّه إلى النساء خاصة.

ويُلاحظ أن الآيتين أمرتا بالغض من البصر، لا بـغـض البـصـر، ولـم تـقـل: (ويحفظن من فروجهن)، كما قالت: {يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ}؛ فإن الفرج مأمور بحفظه جملة، دون تسامح في شيء منه. أما البصر، فقد سمح الله للناس بشيء منه؛ رفعًا للحرج.

اقرأ المزيد

alsharq  رئيس مجلس الوزراء يعزي أمير الكويت

بعث معالي الشيخ محمد بن عبدالرحمن بن جاسم آل ثاني رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية، برقية تعزية إلى... اقرأ المزيد

66

| 09 نوفمبر 2025

alsharq سمو نائب الأمير يعزي أمير الكويت

بعث سمو الشيخ عبدالله بن حمد آل ثاني نائب الأمير، برقية تعزية إلى صاحب السمو الشيخ مشعل الأحمد... اقرأ المزيد

68

| 09 نوفمبر 2025

alsharq سمو الأمير يعزي أمير الكويت

بعث حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى، برقية تعزية إلى أخيه صاحب... اقرأ المزيد

64

| 09 نوفمبر 2025

مساحة إعلانية