محليات

172

في الذكرى الأولى لانتصار الثورة السورية.. مسؤولون وخبراء يبرزون أثر الدعم القطري في انتعاش الاقتصاد السوري

أكد مسؤولون و خبراء سوريون، أن الدعم القطري ساهم بشكل كبير في دعم البنية التحتية وانتعاش الاقتصاد السوري وتحسين الظروف المعيشية للمواطنين عقب الثورة السورية.

وقالوا في تصريحات لوكالة الأنباء القطرية " قنا "، بمناسبة الذكرى الأولى لانتصار الثورة السورية، إن الغاز الطبيعي الممول من دولة قطر عبر صندوق قطر للتنمية أسهم بشكل ملموس في تعزيز قدرة القطاع الكهربائي السوري، ورفع ساعات التغذية، وتحسين الظروف المعيشية للمواطنين، إضافة إلى دعم النشاط الاقتصادي وتشغيل المنشآت الصناعية والتجارية، وتعزيز اندماج سوريا في الدورة الاقتصادية الإقليمية، وفتح آفاق للاستثمار المحلي والخارجي. 

وأشاروا في تصريحاتهم، إلى أن هذا الدعم يشكل خطوة استراتيجية نحو استقرار الطاقة، وتحريك عجلة الإنتاج، ورفع كفاءة البنى التحتية الحيوية في مختلف المدن السورية، وأنه ساهم في خلق حالة من التفاؤل لدى المواطنين السوريين وأصحاب الأعمال حول قدرة الدولة على توفير الطاقة اللازمة لتلبية احتياجات القطاعات الإنتاجية والخدمية المختلفة، وهو ما انعكس إيجابا على الحياة اليومية وحرك عجلة الأسواق والمحال التجارية، وأتاح فرص عمل إضافية، كما أن من شأن هذا الدعم أن يسهم في تعزيز ثقة المستثمرين المحليين والخارجيين في استقرار قطاع الطاقة السوري وموثوقية البنية التحتية.

وفي هذا السياق أكدت الدكتورة رغداء زيدان، معاون وزير الشؤون الاجتماعية والعمل في سوريا، أن تحسن التغذية الكهربائية انعكس بشكل واضح على حياة السكان في العديد من المناطق، حيث باتت الحركة والتنقل أكثر أمانا، كما أصبح تقديم الخدمات أسهل مع توفر الطاقة اللازمة لتشغيل المؤسسات الحكومية والمراكز الخدمية.

وقالت الدكتورة رغداء زيدان، في تصريحات لوكالة الأنباء القطرية " قنا"، إن النشاط الاقتصادي بدأ يستعيد وتيرته الطبيعية مع عودة الورش والمنشآت للعمل، ما أسهم في توفير فرص عمل جديدة، متوقعة زيادة هذا النشاط مع انطلاق عمليات إعادة الإعمار خلال الفترة المقبلة. 

وأشارت إلى أن دولة قطر قدمت الكثير من الدعم للشعب السوري في مختلف المجالات، وأن التعاون مع الوزارات والجهات الحكومية القطرية مستمر ويتوسع بشكل مطرد، خصوصا في مجالات الرعاية الاجتماعية والعمل والتشغيل، ما يعكس دعم قطر الثابت لسوريا واستقرارها، مضيفة أن الشعب السوري لن ينسى هذا الدعم أبدا، والذي لا يقتصر على جانب الطاقة فقط بل شمل مجالات متعددة من بينها الخدمات الاجتماعية والمساهمة في تحسين ظروف الأسر والمجتمع السوري.

ومن جانبه، اعتبر طلال الهلالي رئيس هيئة الاستثمار السورية، أن دخول الغاز القطري إلى منظومة الطاقة في سوريا وما رافقه من تحسن ملحوظ في استقرار التغذية الكهربائية يشكل دعما مهما لبيئة الاستثمار، مؤكدا أن استقرار الكهرباء يعد شرطا أساسيا لانطلاق المشاريع الصناعية والتجارية وتشغيل خطوط الإنتاج بوتيرة منتظمة، ويقلل التكاليف التشغيلية ويزيد القدرة الإنتاجية، ما يعزز ثقة المستثمرين في المدن المحورية ذات النشاط الصناعي والتجاري الكثيف.

وأوضح الهلالي، في تصريحات لوكالة الأنباء القطرية " قنا "، أن أي دعم يسهم في تحسين البنية التحتية للطاقة يشكل محفزا مباشرا لعودة رؤوس الأموال المحلية والخارجية، وأن هذا التحسن يتيح إعادة تشغيل منشآت توقفت عن العمل، ويسهل إطلاق مشاريع جديدة في قطاعات الصناعة والتكنولوجيا والاتصالات والطاقة والزراعة، وهو ما يرفع من جاهزية القطاعات الحيوية للانطلاق في مشاريع جديدة أو توسيع المشاريع القائمة.

واختتم الهلالي، تصريحاته لـ" قنا "، مؤكدا أن الدعم الذي قدمته دولة قطر يمثل استمرارا لمواقفها الأخوية المعهودة، وأن هذه المبادرة تأتي ضمن التزامها الثابت بمساندة الشعب السوري وتعزيز قدرات الدولة في مجالات الطاقة والبنى التحتية، وأن ما تحقق اليوم يسهم في تعزيز مسار التعافي والتنمية، وتحسين المؤشرات الاقتصادية بشكل عام، ورفع القدرة التنافسية للمنتج السوري في الأسواق المحلية والإقليمية.

ومن ناحيته، أكد محمد ياسين النجار وزير الاتصالات السوري الأسبق، أن الدعم المقدم عبر تزويد سوريا بالغاز الطبيعي، الممول من صندوق قطر للتنمية، يمثل خطوة محورية تتجاوز مجرد تأمين الطاقة، لتشكل عاملا استراتيجيا في تحريك عجلة الإنتاج، وتحقيق استقرار اقتصادي أوسع. 

وأوضح النجار، في تصريحات لوكالة الأنباء القطرية " قنا"، أن التحول من الاعتماد على الوقود المكلف إلى الغاز الطبيعي أسهم في خفض كلفة إنتاج الكهرباء الحكومية بشكل كبير، وتخفيف الضغط على الموازنة العامة، ما حقق وفرة كبيرة في فاتورة الوقود، إذ بلغت التوفيرات نسبة تتجاوز 90 بالمئة للجزء المغطى بالمنحة، وهو ما كان سيتم دفعه بالعملة الصعبة في حال الاعتماد على مصادر الوقود التقليدية.

وأكد أن هذا الاستقرار في الإمدادات مكن محطات التوليد الأساسية من العمل بكفاءة أعلى، ما انعكس مباشرة على انتظام سلاسل التوريد الصناعية، وأتاح للمصانع والورش وضع خطط إنتاج ثابتة بعيدا عن التوقفات والاعتماد المكلف على المولدات الخاصة، وهو ما يعزز القدرة التنافسية للمنتج السوري إقليميا.

وأشار إلى أن الطاقة المستقرة تشكل شرطا أساسيا لعودة الاستثمارات، وأن دخول دولة قطر كداعم رئيسي للقطاع يبعث إشارة ثقة قوية للمستثمرين المحليين والخارجيين، ويتيح إعادة تشغيل المشاريع المتوقفة، ويحفز إنشاء مشاريع جديدة، ويؤدي إلى انتعاش الصناعة والخدمات والأسواق التجارية، ويؤثر بشكل مباشر على تحريك عجلة الاقتصاد.

ولفت النجار، إلى أن تدفق الغاز عبر مسارات إقليمية متعددة، بالتنسيق مع الأردن وتركيا وبدعم قطري، يفتح الباب أمام إعادة دمج سوريا في الدورة الاقتصادية الإقليمية، ويتيح فرص شراكة مع مستثمرين وممولين إقليميين، ويقلل من الاعتماد على استيراد المشتقات النفطية السائلة، ما يسهم في توفير العملات الأجنبية اللازمة لاستيراد المواد الأولية للإنتاج، ويساعد في استقرار سعر الصرف، ويخفف الضغط على الاحتياطي النقدي.

واختتم محمد ياسين النجار تصريحاته لـ" قنا"، بالقول: "إن المدن التي وصلتها الكهرباء المنتجة عبر هذا الدعم، شهدت تحولات ملموسة في مستوى المعيشة وتخفيف التوتر الاجتماعي، حيث أتيح تشغيل الأجهزة المنزلية والمحال التجارية لساعات أطول وتحسنت القدرة على الشحن والتبريد، مع وجود تأثير إيجابي على الأسواق والخدمات الأساسية".

ومن ناحيته، قال وليد اليوسف نائب الرئيس التنفيذي لقطاع الاستكشاف والإنتاج في الشركة السورية للبترول، إن المنحة المقدمة من صندوق قطر للتنمية والمتمثلة في تأمين 3.4 مليون متر مكعب يوميا من الغاز، ساهمت في تحسين الوضع الكهربائي بنسبة كبيرة، إذ تشكل هذه الكمية نحو نصف ما كانت تحققه محطات التوليد من الغاز المحلي قبل بدء التوريد الجديد، فيما يبلغ الإنتاج المحلي نحو سبعة ملايين متر مكعب يوميا.

وأضاف، في تصريحات لوكالة الأنباء القطرية " قنا"، أن هذا التحسن انعكس بشكل مباشر على الأنشطة الاقتصادية في جميع المحافظات، وأسهم في زيادة ساعات التغذية الكهربائية، ورفع طاقة تشغيل خطوط الإنتاج في المصانع والمنشآت التجارية، وهو ما ساهم في تحسين الحياة اليومية للمواطنين السوريين، وخلق حالة ارتياح عامة في المدن السورية، إذ شملت الزيادة في ساعات التغذية الكهربائية كافة المحافظات وليس المدن الكبرى فقط، وسمحت للمواطنين بتشغيل الأجهزة المنزلية بشكل أفضل، وتحسين مستوى الخدمات وتنشيط الحركة التجارية بشكل ملحوظ.

ومن جهته، كشف خالد أبو دي مدير عام مؤسسة نقل وتوزيع الطاقة الكهربائية في سوريا، عن أن الدعم القطري شكل ركنا أساسيا في تعزيز قدرة القطاع الكهربائي السوري، مشيرا إلى أن المرحلة الأولى من الدعم تضمنت توفير مليون متر مكعب يوميا عبر خطوط الغاز الواصلة مع الأردن، واستخدامه مباشرة في محطة "دير علي" لتوليد الكهرباء، ما ساهم في تحسين تغذية الكهرباء في مختلف المحافظات السورية.

وقال إن المرحلة الثانية التي شملت تزويد سوريا بـ3.4 مليون متر مكعب يوميا عبر خطوط الربط مع تركيا، بتمويل قطري مكنت من توليد نحو 500 ميغاواط، أي نحو 30 بالمئة من القدرة الإنتاجية الحالية للقطاع البالغة نحو 2200 ميغاواط.

وأكد أن ساعات التغذية ارتفعت مما بين 4 و5 ساعات إلى ما بين 7 و 8 ساعات يوميا مع تفاوت طفيف بين المحافظات، وأن التعاون مع قطر يشمل برامج تدريب وتبادل خبرات واستشارات فنية، لتعزيز كفاءة القطاع وتأمين استدامته، موضحا أن مجموع الغاز المتاح حاليا يبلغ نحو 9.5 مليون متر مكعب يوميا، تشمل الإنتاج المحلي والكميات الممولة قطريا، وهي كميات قادرة على توليد ما يقارب 1500 ميغاواط، ما أسهم في رفع كفاءة تشغيل المحطات وتحسين أداء الشبكة الوطنية ورفع ساعات التغذية بشكل ملموس.

وبدوره، قال إبراهيم نافع قوشجي الخبير الاقتصادي والمصرفي، إن دخول الغاز الممول قطريا شكل نقطة تحول في كلفة إنتاج الكهرباء واستقرار سلاسل التوريد، موضحا أن المسار الفني لزيادة التدفق من 750 ألف متر مكعب يوميا إلى 3.4 مليون متر مكعب، ضمن الحزمة القطرية أتاح استقرارا أكبر للشبكة، وساهم في رفع ساعات التغذية إلى ما بين 8 و10 ساعات في المدن الصناعية، ما يحسن كفاءة خطوط الإنتاج ويقلل الاعتماد على المولدات التجارية عالية الكلفة.

وأكد قوشجي أن هذا الاستقرار يعزز القطاعات التجارية والخدمية، ويزيد من موثوقية سلاسل التوريد والخدمات الصحية والتعليم الرقمي، ويخلق إطارا للشراكات الطاقية الإقليمية، ويسهم في تقليل فاتورة استيراد الوقود تدريجيا، مع توفير فرص أفضل للاستثمار المحلي والخارجي، مشيرا إلى أن هذا التحسن انعكس على تشغيل المصانع في حلب، ورفع نسب الاستغلال في خطوط الإنتاج، وخلق فرص عمل مباشرة، مع تحسين أداء المنشآت والخدمات في المدن.

وفي نفس السياق، قال خالد تركاوي، الخبير الاقتصادي المتخصص في التنمية الاقتصادية واقتصاديات الشرق الأوسط، إن الغاز القطري ساعد في إعادة تشغيل الماكينة الصناعية السورية، وإن المستثمرين أصبحوا أكثر ثقة في العودة للإنتاج، مضيفا أن الاكتتابات على المقاسم الصناعية شهدت زيادة واضحة، مع حركة ملحوظة في صيانة المنازل وترميم المؤسسات العامة، وهو ما لم يكن ممكنا قبل تحسن ساعات الكهرباء. 

وأكد تركاوي، في تصريحات لوكالة الأنباء القطرية "قنا"، أن القرار القطري يعكس رؤية استثمارية ذكية لإعادة دمج الاقتصاد السوري ضمن منظومة اقتصادات المنطقة، وأن سوريا اليوم تملك قاعدة صناعية وزراعية وعمالة مؤهلة تتيح تكاملها مع الاقتصاد القطري، وأن الكهرباء تحسنت في معظم المناطق، ما انعكس على النشاط التجاري والأسواق وتوفير المياه، وتحسين جودة الإنترنت، وأعاد الحياة تدريجيا إلى المدن الكبرى مثل دمشق وحلب وحمص، مع تعزيز النشاط الاقتصادي والخدمي.