رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

تقارير وحوارات

554

خبراء: الاعتذار السعودي ضربة موجعة للضمير الدولي

19 نوفمبر 2013 , 12:00ص
alsharq
القاهرة - العزب الطيب الطاهر

جاء قرار المملكة العربية السعودية بالاعتذار عن عدم قبول العضوية الغير الدائمة في مجلس الأمن أمس الأول بمثابة ضربة قوية للضمير الدولي الغائب تحديدا عن قضايا الأمة والتي يتعامل معها عبر هذا المجلس، أو بالأحرى من وراء ظهره بمنطق الصفقات والتفاهمات التي تحقق مصالح واستراتجيات أطراف معادية لدول المنطقة ولحقها في الأمن والاستقرار والحرية والاستقلال.

وحول أبعاد ودلالات هذا القرار تحدث لـ" بوابة الشرق" عدد من المفكرين والخبراء الاستراتيجيين الذي قرأوا القرار السعودي من عدة زوايا.

في البداية يتساءل السفير هاني خلاف مساعد وزير الخارجية المصري للشؤون العربية الأسبق: هل يمكن اعتبار القرار السعودي شكلا من أشكال الربيع العربي التي تعبر عن رفض المملكة لاتجاهات الهيمنة الغربية على الأوضاع الدولية والإقليمية وعلى الشروط المصاحبة للمعونات الاقتصادية التي تقدم لبعض دول المنطقة وهل يعنى ذلك أن مفاهيم الاحتجاج والثورة قد بدأت تعرف طريقها إلى أكثر الدول العربية محافظة واعتدالا لكنها هذه المرة موجهة إلى الغرب.

وأضاف السفير هاني: قد تكون هناك أسباب غير معلنة وراء القرار.. وذلك على الرغم من وجاهة الأسباب المعلنة تتعلق مباشرة بالمصالح الخالصة للمملكة العربية السعودية وهى في ذلك لها كامل الحق في الدفاع عنها عبر هذا القرار واضعا بعض الاحتمالات لهذه الأسباب غير المعلنة في مقدمتها أن هذا القرار يجسد حالة عدم ارتياح لاتجاهات التفاهم والمهادنة بين واشنطن وطهران بشأن منح إيران دورا إقليميا في مستقبل الشرق الأوسط وثاني هذه الاحتمالات – كما يقول السفير خلاف – يتمثل في أن تكون المملكة العربية السعودية قد تلقت معلومات عن تحركات أمريكية منفردة لدعم جماعات الحوثيين في جنوب اليمن على نحو يتعارض مع الترتيبات المتفق عليها في المبادرة الخليجية لتسوية الأوضاع بعد الثورة على نظام الرئيس السابق على عبد الله صالح، أما الاحتمال الثالث فيكمن في أن المملكة بهذا القرار أرادت تجنب التكلفة المالية والحرج السياسي الذي تحملته في إطار الاستعداد لتدخل عسكري مباشر لنصرة الشعب السوري خلال الشهر الماضي وهى التي ترى أنه تم إهدارها بعد التراجع الأمريكي عن توجيه ضربة عسكرية لدمشق ويتجلى الاحتمال الرابع والأخير في إمكانية حصول الرياض على معلومات مبكرة عن الأجندة المقترحة لمؤتمر "جنيف 2" المقرر عقده الشهر الماضي وعلى الأخص ما يتصل منها ببقاء الرئيس السوري بشار الأسد كأحد عناصر التسوية الواردة للأزمة المشتعلة منذ أكثر من عامين ونصف.

تسوية القضايا العربية

وينهى السفير خلاف تصريحات لـ"بوابة الشرق" قائلا: إذا كان المقصود بالقرار السعودي هو الاحتجاج على عدم فعالية مجلس الأمن في تسوية القضايا العربية فهل يعنى ذلك أننا بصدد رؤية مواقف سعودية مماثلة تجاه عضويتها في منظمات ومؤسسات دولية تتعامل مع هذه القضايا مثل اليونسكو والوكالة الدولية للطاقة الذرية وغيرها وهل سيفرض هذا التوجه نفسه إذا جاءت انتخابات المكاتب التنفيذية ورئاسات هذه المنظمات والمؤسسات.

ووفقا لما يطرحه الدكتور محمد مجاهد الزيات رئيس المركز القومي لدراسات الشرق الأوسط بالقاهرة في حديثه، فإن القرار السعودي لم يكن مفاجئا فثمة مقدمات انطوت على إشارات باتجاه اتخاذه من قبل القيادة السياسية وفى مقدمتها امتناع الأمير سعود الفيصل وزير الخارجية عن إلقاء خطابه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في دورتها الأخيرة خلال شهر سبتمبر المقبل فضلا عن الانتقادات التي وجهها خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، لأداء المنظمة الدولية في الكلمة التي ألقاها نيابة عنه الأمير سلمان بن عبد العزيز ولى العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع قبل أيام.

أما الدبلوماسي السابق بوزارة الخارجية والأكاديمي الدكتور عزمى خليفة فيقول: أن من حق أي دولة أن تتنازل عن عضويتها في مجلس الأمن من الناحية القانونية وفقا لميثاق الأمم المتحدة إذا رأت أن هذه الخطوة تحقق مصالحها العليا وهو ما ينطبق تماما على قرار المملكة العربية السعودية، فهي قد اعتذرت عن عدم قبول العضوية وقدمت تبريرات منطقية تمثلت في إزدواجية المعايير وأعطت مثالا على عدم حل مشكلة الشرق الأوسط تحديدا القضية الفلسطينية.

منظومة الأمم المتحدة

والمعضلة - الكلام للدكتور عزمي خليفة - أن هناك دولا معينة في مقدمتها الولايات المتحدة ترى الإبقاء على الوضعية الراهنة لمجلس الأمن لأن ذلك يحقق مصالحها الكونية بالإَضافة إلى ذلك فإن هناك تغييرا طرأ على النظام الدولي بعد انهيار الثنائية القطبية التي كانت تحكم العالم في مطلع تسعينيات القرن الفائت وأصبح القرار الدولي مستندا إلى تعدد الأقطاب وهو ما يتطلب تشاورا على أوسع نطاق وبالتالي لم يعد بمقدور أي دولة قيادة العالم وهو ما ينطبق على الولايات المتحدة التي لم يعد بوسعها أن تقوم بدور شرطي العالم بمفردها وهو ما يؤشر إلى أن مكانتها الدولية في تدهور مستمر ولعل آخر تجلياتها أزمتها الاقتصادية الحادة ومع ذلك فإنها – أي واشنطن – مصرة على استمرار منظومة الأمم المتحدة بوضعيتها الحالية وهو ما يصب في خلق صعوبات واضحة أمام التعايش الدولي ومن هذا المنطلق قررت السعودية الاعتذار عن عدم قبول عضوية مجلس الأمن وبالتأكيد ستعقب هذه الخطوة خطوات أخرى سواء من الرياض أو دول أخرى لتأييد ما قامت به باتجاه يدفع إلى ضرورة منح الأمم المتحدة صلاحيات أوسع لتعديل نظام العضوية في مجلس الأمن وإعادة النظر في محدداتها خاصة مع تهاوى مصداقية بعض الدول الدائمة العضوية فيه كالولايات المتحدة وبريطانيا واللتين شاركتا في العديد في غزو العراق على خلفية امتلاكه أسلحة دمار شامل ثم ثبت كذب هذا الإدعاء وبالتالي بات يستوجب ذلك أهمية الإسراع بإعادة النظر في عضوية مجلس الأمن فضلا عن منح المزيد من الصلاحيات للجمعية العامة للأمم المتحدة على حساب المجلس لأنها تمثل جميع دول العالم.

ويختتم الدكتور عزمي حديثه بالتأكيد أن القرار السعودي سيصب في صالح القضايا العربية بحيث سيلفت الأنظار الإقليمية والدولية لأهمية إعادة النظر في المنظومة الدولية لإعطاء كل ذي حق حقه بما يسمح بإيجاد حل عادل وشامل للقضية الفلسطينية والتي ما زالت خارج نطاق الاهتمام الدولي بفعل الفيتو الأمريكي أساسا.

مساحة إعلانية