رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
رغم كل الأحداث التي تمر بها مصر منذ ثورة 25 يناير، لم يكن المرء ليتخيل ولو لثوان معدودة أن تمر العلاقات المصرية – السعودية بمثل هذه الأزمة التي تسبب فيها مواطن لا نقول عليه " نكرة " ولكنه قد يكون ألعوبة في يد الآخرين، وهم الذين يحركونه يمنة ويسارا مثلما حركوا دولا من قبله. وأنا هنا أشير إلى إيران مباشرة في هذه الواقعة التي تألم لها كل عربي أصيل، وبالمناسبة فإن إيران استضافت مؤخرا مجموعة من الصحفيين والإعلاميين المصريين لتجمل صورتها أمام المصريين خاصة بعد الأزمة الخليجية – الإيرانية بعدما زار الرئيس الإيراني أحمدي نجاة جزيرة أبو موسى الإماراتية بالمخالفة إلى الأعراف المرعية في هذا الصدد.. وحاول الإيرانيون الذين التقوا بالوفد الإعلامي المصري تصوير الموقف على أنه مجرد زيارة رئيس لمدينة إيرانية وليست مدينة إماراتية محتلة.
أقول إيران وقلبي مطمئن تماما، فإيران خربت لبنان بدعمها حزب الله، ودمرت اقتصاد اليمن بدعمها العسكري والمادي والمعنوي للحوثيين الذين حاولوا أيضاً تخريب العلاقات بين اليمن والسعودية وتدمير مناطق الحدود والهجوم على منشآت سعودية. وقد جاء الدور على مصر الآن، لأن الإيرانيين يخططون للسيطرة على شعبها خاصة في مرحلة الاهتزاز التي يمرون بها، ومن هنا جاءت حملة تحريض خفية لبعض المصريين من أجل بث الفتنة والوقيعة بين مصر والسعودية، على اعتبار أن الدولتين تمثلان قوة عربية ترهب الإيرانيين وغيرهم، والقضاء على تلك العلاقات التاريخية ستمس بالتأكيد هذه القوة، بما يمثل لإيران منفذا مهما وضروريا للسيطرة على المصريين عبر الإيحاء لهم بأنها ستدعم اقتصادهم وستكون لهم عوضا عن السعودية والخليج. ولا يجب أن ننسى الدور الإيراني المحرض في العراق وكيف وقع العراقيون فريسة لمخططاتها وأمامنا أزمة الحكم هناك بين نوري المالكي رئيس الحكومة وبقية الفرقاء ومعهم الأكراد الذين باتوا يمقتون تصرفاته وتشبثه بالسلطة مدعوما بإيران. حتى سوريا صديقة إيران وحليفتها العربية الإستراتيجية لم تسلم من أطماع الفرس، فبات الشعب السوري فريسة سهلة للقيادة الإيرانية التي تحالفت مع الحكم ضد الشعب. وطبعا هذا الدور الإيراني الشيطاني ضد الشعب السوري يتناقض في مجمله مع مطلب السعودية بعدم السماح للنظام السوري بالمماطلة والتسويف في تطبيق القرارات الدولية لحقن الدماء ووقف المجازر اليومية بحق شعب أعزل كل همه هو أن يعيش في سلام وطمأنينة.
وإذا كنا نتحدث عن سوريا، فلا يخفى على أحد الدور السعودي العظيم لإنهاء مأساة الشعب السوري وإنقاذه من براثن حرب يؤججها الجيش السوري بسلاحه وذخيرته وترسانته العسكرية الضخمة بما يوقع العشرات والمئات بصورة يومية:
فالسعودية تحيطها الأزمات الإقليمية، فالقاعدة تنتشر في جبال أبين في اليمن، وكما أسلفنا فالحوثيون أيضاً يتحرشون بالأمن السعودي بغية إبعاده عن دوره الوطني وتوريطه في أزمات جانبية، ومنطقة الخليج التي على رأسها السعودية دخلت في معترك سياسي ودبلوماسي مع إيران بعد تصاعد أزمة الجزر الإماراتية المحتلة، وكذلك محاولات إيران التي لا تنتهي بإثارة النعرات الطائفية في عدد من دول الخليج.
لقد أعجبني تعليق أحد الشباب السعودي على الأزمة العابرة بين مصر والسعودية بقوله إن السعوديين والمصريين شعب واحد يعيش في قطرين، وستستمر العلاقات المتميزة بمتانتها المعهودة عبر الزمان، ولن يوقفها حقد الحاقدين.
إن العلاقات السعودية - المصرية علاقات وطيدة وتاريخية قوية لا يمكن أن تتأثر بأي شائبة أو قضية من القضايا، ونحسب لقادة البلدين العزيزين على القلب الإسراع لوأد المناخات التأجيجية المحرضة على إثارة الأزمات بين بلدين تربطهما علاقات تربط بين شعبين قبل البدلين، وأن ما يجري في الوقت الحاضر من شحن لا يمثل الواقع الحقيقي للمحبة السائدة بين شعبي المملكة ومصر.
وإذا كنا أسرفنا في الحديث السياسي، فلدينا تعليق مهم للعالم السعودي الشيخ عائض القرني عندما أكد أن ما بين السعودية أرض الحرمين ومهبط الوحي وبين مصر أم الأبطال لا يتأثر بموقف عابر. وإذا كانت الأزمة سياسية أو هكذا تبدو على السطح، فكان من المهم إلى حكمة داعية بحجم الشيخ عائض القرني خاصة عندما يدعو كلا الطرفين إلى التخلي عن التعصب والاختلاف في الرؤى الذي يؤدي إلى الفرقة التي لا يريدها الشعبان. وعلينا أن نحتكم إلى العقل كما قال في رسالته التي وجهها إلى المصريين: "أبعث برسالة من أرض الحرمين ومهبط الوحي إلى مصر أم العظماء والمبدعين والعباقرة والأبطال.. سلام عليكم عدد القطر وتحية عدد الرمل لكل مصري ومصرية، أيها السعوديون والمصريون لا للفرقة أو التعصب أو الاختلاف، فالذي بيننا أكبر وأعظم من أن يتأثر بموقف عابر".
وأعتقد أن مملكة البحرين ليست بعيدة عما يجري في عموم منطقتنا، ولعل كلمات صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة رئيس مجلس الوزراء تفسر ما تمر به المملكة من مخاطر، فعندما يتهم سموه في مقابلة صحفية حصرية لمجلة دير شبيجل الألمانية أطراف المعارضة بالسعي لتحويل البحرين إلى إيران ثانية، فهو هنا يقول الصدق وينقل ما نشعر به نحن أبناء هذا الوطن. لأن ما يسميه الغرب حراكا سياسيا تقوم به المعارضة ما هو سوى "حراك إرهابي " مدعوم من إيران وحزب الله، وأن ما تتعرض له البحرين هو يماثل تماما ما تواجهه أمريكا مع الإرهابيين، وذلك حسب أقوال سمو الشيخ خليفة. فمن يدعو للعنف والدمار من حرق إطارات السيارات وإلقاء الزجاجات الحارقة على رجال الأمن من أجل ترويع البلد، هو إرهابي بالتأكيد.. ومن يرفض الدعوة للحوار إلا بعد استشارة منظريهم من آيات الله في " قم"، فهو إرهابي.. وحسنا فعل سمو الأمير خليفة عندما توجه بنفسه بسؤال إلى محاوره الصحفي الألماني قائلا: " ماذا سيكون رأي الولايات المتحدة الأمريكية لو طلبت منها الدخول في حوار مع المنظمات الإرهابية كالقاعدة مثلا؟!".. بالقطع، سترفض واشنطن الدخول في مثل هذا الحوار العبثي، ولكننا تجاوزنا تلك العبثية ووافقت الحكومة على إجراء الحوار الذي يرفضه الآخرون أيضاً في البحرين من أجل فرض رؤيتهم ولتغيير مسار المملكة من مجتمع متعدد الثقافات والأعراق إلى مجتمع انغلاقي ظلامي يدين بالولاء فقط إلى إيران التي تشعل النار ووقود الفتنة في كل البلاد العربية تقريبا.
فسمو الأمير خليفة تمسك بوضع القرائن أمام محاوره، ليؤكد له زيف ما تدعيه المعارضة من انتهاك حقوق الإنسان في البحرين والتعامل بعنف ضد المحتجين.. وبالتالي عاد سموه إلى أسلوب التساؤل ليرد على محاوره سؤالا بسؤال: " كيف يمكن للشرطة الغربية التعامل مع احتجاجات عنيفة غير شرعية؟! هل يتركون المحتجين لرمي الحجارة وقنابل المولوتوف؟! هل فكر الأمريكيون وحلفاؤهم بحقوق الإنسان عندما خرج المتظاهرون في العراق وأفغانستان؟!". وكما فعلت قلة من المصريين لتخريب العلاقات بين بلادهم والسعودية، لم تتوان قلة هنا بالقيام بنفس المحاولة ولتحقيق نفس الهدف وهو بث الفتنة والوقيعة بين الشعبين.
كيف يُساهم المجتمع في بناء نفسه؟
اهتمت الدول الغربية بنظام الوقف، وقد ساهم ذلك بفعالية في بناء المجتمع واستقلاله في إدارة شؤونه عن الدولة؛... اقرأ المزيد
129
| 08 ديسمبر 2025
اليوم الوطني.. مسيرة بناء ونهضة
أيام قليلة تفصلنا عن واحدٍ من أجمل أيام قطر، يومٌ تتزيّن فيه الدوحة وكل مدن البلاد بالأعلام والولاء... اقرأ المزيد
198
| 08 ديسمبر 2025
أنصاف مثقفين!
حسناً.. الجاهل لا يخدع، ولا يلبس أثواب الحكمة، ولا يطالبك بأن تصفق له. أما نصف المثقف فيقف بينك... اقرأ المزيد
303
| 08 ديسمبر 2025
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية




مساحة إعلانية
في الساعات المبكرة من صباح السبت، ومع أول شعاع يلامس مياه الخليج الهادئة، من المعتاد أن أقصد شاطئ الوكرة لأجد فيه ملاذا هادئا بعد صلاة الفجر. لكن ما شهده الشاطئ اليوم لم يكن منظرا مألوفا للجمال، بل كان صدمة بصرية مؤسفة، مخلفات ممتدة على طول الرمال النظيفة، تحكي قصة إهمال وتعدٍ على البيئة والمكان العام. شعرت بالإحباط الشديد عند رؤية هذا المنظر المؤسف على شاطئ الوكرة في هذا الصباح. إنه لأمر محزن حقا أن تتحول مساحة طبيعية جميلة ومكان للسكينة إلى مشهد مليء بالمخلفات. الذي يصفه الزوار بأنه «غير لائق» بكل المقاييس، يثير موجة من التساؤلات التي تتردد على ألسنة كل من يرى المشهد. أين الرقابة؟ وأين المحاسبة؟ والأهم من ذلك كله ما ذنب عامل النظافة المسكين؟ لماذا يتحمل عناء هذا المشهد المؤسف؟ صحيح أن تنظيف الشاطئ هو من عمله الرسمي، ولكن ليس هو المسؤول. والمسؤول الحقيقي هو الزائر أولا وأخيرا، ومخالفة هؤلاء هي ما تصنع هذا الواقع المؤلم. بالعكس، فقد شاهدت بنفسي جهود الجهات المختصة في المتابعة والتنظيم، كما لمست جدية وجهد عمال النظافة دون أي تقصير منهم. ولكن للأسف، بعض رواد هذا المكان هم المقصرون، وبعضهم هو من يترك خلفه هذا الكم من الإهمال. شواطئنا هي وجهتنا وواجهتنا الحضارية. إنها المتنفس الأول للعائلات، ومساحة الاستمتاع بالبيئة البحرية التي هي جزء أصيل من هويتنا. أن نرى هذه المساحات تتحول إلى مكب للنفايات بفعل فاعل، سواء كان مستخدما غير واعٍ هو أمر غير مقبول. أين الوعي البيئي لدى بعض رواد الشاطئ الذين يتجردون من أدنى حس للمسؤولية ويتركون وراءهم مخلفاتهم؟ يجب أن يكون هناك تشديد وتطبيق صارم للغرامات والعقوبات على كل من يرمي النفايات في الأماكن غير المخصصة لها، لجعل السلوك الخاطئ مكلفا ورادعا.
4176
| 05 ديسمبر 2025
فجعت محافل العلم والتعليم في بلاد الحرمين الشريفين برحيل معالي الأستاذ الدكتور الشيخ محمد بن علي العقلا، أحد أشهر من تولى رئاسة الجامعة الإسلامية في المدينة المنورة، والحق أنني ما رأيت أحدًا أجمعت القلوب على حبه في المدينة المنورة لتواضعه ودماثة أخلاقه، كما أجمعت على حب الفقيد الراحل، تغمده الله بواسع رحماته، وأسكنه روضات جناته، اللهم آمين. ولد الشيخ العقلا عليه الرحمة في مكة المكرمة عام 1378 في أسرة تميمية النسب، قصيمية الأصل، برز فيها عدد من الأجلاء الذين تولوا المناصب الرفيعة في المملكة العربية السعودية منذ تأسيس الدولة. وقد تولى الشيخ محمد بن علي نفسه عمادة كلية الشريعة بجامعة أم القرى، ثم تولى رئاسة الجامعة الإسلامية في المدينة المنورة عام 1428، فكان مكتبه عامرا بالضيوف والمراجعين مفتوحًا للجميع وجواله بالمثل، وكان دأبه الرد على الرسائل في حال لم يتمكن من إجابة الاتصالات لأشغاله الكثيرة، ويشارك في الوقت نفسه جميع الناس في مناسباتهم أفراحهم وأتراحهم. خرجنا ونحن طلاب مع فضيلته في رحلة إلى بر المدينة مع إمام الحرم النبوي وقاضي المدينة العلامة الشيخ حسين بن عبد العزيز آل الشيخ وعميد كلية أصول الدين الشيخ عبد العزيز بن صالح الطويان ونائب رئيس الجامعة الشيخ أحمد كاتب وغيرهم، فكان رحمه الله آية في التواضع وهضم الذات وكسر البروتوكول حتى أذاب سائر الحواجز بين جميع المشاركين في تلك الرحلة. عرف رحمه الله بقضاء حوائج الناس مع ابتسامة لا تفارق محياه، وقد دخلت شخصيا مكتبه رحمه الله تعالى لحاجة ما، فاتصل مباشرة بالشخص المسؤول وطلب الإسراع في تخليص الأمر الخاص بي، فكان لذلك وقع طيب في نفسي وزملائي من حولي. ومن مآثره الحسان التي طالما تحدث بها طلاب الجامعة الإسلامية أن أحد طلاب الجامعة الإسلامية الأفارقة اتصل بالشيخ في منتصف الليل وطلب منه أن يتدخل لإدخال زوجته الحامل إلى المستشفى، وكانت في حال المخاض، فحضر الشيخ نفسه إليه ونقله وزوجته إلى المستشفى، وبذل جاهه في سبيل تيسير إدخال المرأة لتنال الرعاية اللازمة. شرفنا رحمه الله وأجزل مثوبته بالزيارة إلى قطر مع أهل بيته، وكانت زيارة كبيرة على القلب وتركت فينا أسنى الأثر، ودعونا فضيلته للمشاركة بمؤتمر دولي أقامته جامعة الزيتونة عندما كنت مبتعثًا من الدولة إليها لكتابة أطروحة الدكتوراه مع عضويتي بوحدة السنة والسيرة في الزيتونة، فكانت رسالته الصوتية وشكره أكبر داعم لنا، وشارك يومها من المملكة معالي وزير التعليم الأسبق والأمين العام لرابطة العالم الإسلامي الوالد الشيخ عبدالله بن صالح العبيد بورقة علمية بعنوان «جهود المملكة العربية السعودية في خدمة السنة النبوية» ومعالي الوالد الشيخ قيس بن محمد آل الشيخ مبارك، العضو السابق بهيئة كبار العلماء في المملكة، وقد قرأنا عليه أثناء وجوده في تونس من كتاب الوقف في مختصر الشيخ خليل، واستفدنا من عقله وعلمه وأدبه. وخلال وجودنا بالمدينة أقيمت ندوة لصاحب السمو الملكي الأمير نواف بن فيصل بن فهد آل سعود حضرها أمير المدينة يومها الأمير المحبوب عبد العزيز بن ماجد وعلماء المدينة وكبار مسؤوليها، وحينما حضرنا جعلني بعض المرافقين للشيخ العقلا بجوار المستشارين بالديوان الملكي، كما جعلوا الشيخ جاسم بن محمد الجابر بجوار أعضاء مجلس الشورى. وفي بعض الفصول الدراسية زاملنا ابنه الدكتور عقيل ابن الشيخ محمد بن علي العقلا فكان كأبيه في الأدب ودماثة الأخلاق والسعي في تلبية حاجات زملائه. ودعانا مرة معالي الشيخ العلامة سعد بن ناصر الشثري في الحرم المكي لتناول العشاء في مجلس الوجيه القطان بمكة، وتعرفنا يومها على رئيس هيئات مكة المكرمة الشيخ فراج بن علي العقلا، الأخ الأكبر للشيخ محمد، فكان سلام الناس عليه دليلا واضحا على منزلته في قلوبهم، وقد دعانا إلى زيارة مجلسه، جزاه الله خيرا. صادق العزاء وجميل السلوان نزجيها إلى أسرة الشيخ ومحبيه وطلابه وعموم أهلنا الكرام في المملكة العربية السعودية، ولا نقول إلا ما يرضي ربنا، اللهم تقبله في العلماء الأتقياء الأنقياء العاملين الصالحين من أمة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم. «إنا لله وإنا إليه راجعون».
1746
| 04 ديسمبر 2025
في كل يوم، ينظر الإنسان إلى ما ينقصه أكثر مما ينظر إلى ما يملكه. ينشغل الإنسان بأمنياته المؤجلة، وأحلامه البعيدة ينشغل بما ليس في يده، بينما يتجاهل أعظم ما منحه الله إياه وهي موهبته الخاصة. ومثلما سأل الله موسى عليه السلام: ﴿وَمَا تِلْكَ بِيَمِينِكَ يَا مُوسَى﴾، فإن السؤال ذاته موجّه لكل إنسان اليوم ولكن بطريقة أخرى: ما هي موهبتك؟ وما عصاك التي بيدك؟ جوهر الفكرة ان لكل إنسان عصا. الفكرة الجوهرية لهذا المفهوم بسيطة وعميقة، لا يوجد شخص خُلق بلا قدرة وبلا موهبة وبلا شيء يتميز به، ولا يوجد إنسان وصل الدنيا فارغ اليدين. كل فرد يحمل (عصاه) الخاصة التي وهبه الله ليتكئ عليها، ويصنع بها أثره. المعلم يحمل معرفته. المثقف يحمل لغته. الطبيب يحمل علمه. الرياضي يحمل قوته. الفنان يحمل إبداعه. والأمثلة لا تنتهي ….. وحتى أبسط الناس يحملون حكمة، أو صبرًا، أو قدرة اجتماعية، أو مهارة عملية قد تغيّر حياة أشخاص آخرين. الموهبة ليست مجرد ميزة… إنها مسؤولية في عالم الإعلام الحديث، تُقدَّم المواهب غالبًا كوسيلة للشهرة أو الدخل المادي، لكن الحقيقة أن الموهبة قبل كل شيء أمانة ومسؤولية. الله لا يمنح إنسانًا قدرة إلا لسبب، ولا يضع في يدك عصا إلا لتفعل بها ما يليق بك وبها. والسؤال هنا: هل نستخدم مواهبنا لصناعة القيمة، وترك الأثر الجميل والمفيد أم نتركها مدفونة ؟ تشير الملاحظات المجتمعية إلى أن عددًا كبيرًا من الناس يهملون مواهبهم لعدة أسباب، وليس ذلك مجرد انطباع؛ فبحسب تقارير عالمية خلال عام 2023 فإن نحو 80% من الأشخاص لا يستخدمون مواهبهم الطبيعية في حياتهم أو أعمالهم، مما يعني أن أغلب البشر يعيشون دون أن يُفعّلوا العصا التي في أيديهم. ولعل أهم أسباب ذلك هو التقليل من قيمة الذات، ومقارنة النفس بالآخرين، والخوف من الفشل، وأحيانا عدم إدراك أن ما يملكه الشخص قد يكون مهمًا له ولغيره، بالإضافة إلى الاعتقاد الخاطئ بأن الموهبة يجب أن تكون شيئًا كبيرًا أو خارقًا. هذه الأسباب تحوّل العصا من أداة قوة… إلى مجرد منحوتة معلقة على جدار الديوان. إن الرسالة التي يقدمها هذا المقال بسيطة ومباشرة، استخدم موهبتك فيما يخدم الناس. ليس المطلوب أن تشق البحر، بل أن تشقّ طريقًا لنفسك أو لغيرك. ليس المطلوب أن تصنع معجزة، بل أن تصنع فارقًا. وما أكثر الفروق الصغيرة التي تُحدث أثرًا طويلًا، تعلُم وتعليم، أو دعم محتاج، خلق فكرة، مشاركة خبرة، حل مشكلة… كلها أعمال نبيلة تُجيب على السؤال الإلهي حين يُسأل الإنسان ماذا فعلت بما أعطيتك ومنحتك؟ عصاك لا تتركها تسقط، ولا تؤجل استخدامها. فقد تكون أنت سبب تغيير في حياة شخص لا تعرفه، وقد تكون موهبتك حلًّا لعُقدة لا يُحلّها أحد سواك. ارفع عصاك اليوم… فقد آن لموهبتك أن تعمل.
1605
| 02 ديسمبر 2025