رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
نناقش في هذا المقال موقف الحزب الديمقراطي والرؤساء المنتمين له من دول وقضايا الشرق الأوسط. بشكل عام يشتهر الديمقراطيون بنزعتهم غير التدخلية، وبسبب هذه السمعة اللاتدخلية آثر الكثير من أعضاء الحزب الديمقراطي الانفصال عنه والانضمام إلى الحزب الجمهوري، في إطار ما عرف لاحقا بجماعة المحافظين الجدد وذلك لافتقادهم النزعة التدخلية التي تؤمن بنشر المبادئ الأمريكية ولو بالعنف في برامج الحزب الديمقراطي!. كما يشتهر الديمقراطيون بكونهم رعاة السلام الرئيسيين في الشرق الأوسط، وأنهم مستعدون دوما إلى تقديم الحوافز إلى الأطراف المختلفة من أجل حثها على الاستمرار في مسار المفاوضات. ورغم هذه السمعة الجيدة إلا أن للصورة دوما جانبا آخر، ذلك أن السجل السياسي للرؤساء الديمقراطيين إزاء القضايا العربية لم يكن مشرقا في معظم الأوقات، بل إن أشهر مشاعر العداء نحو العرب حملها رؤساء ديمقراطيون بالأساس.
فمع بداية انخراط الأمريكيين بالشرق الأوسط لم تظهر إدارة هاري ترومان الديمقراطية ميولا إيجابية تجاه المنطقة، بل سادت قناعة لدى مسؤوليها (أفصحت عنها تقارير مخابراتية رفعت عنها السرية) بأن العرب كائنات غير عقلانية، لا يمكن توقع سلوكهم، ولديهم نزوع طبيعي للعنف والتطرف الديني والسياسي، وأنهم بهذه الكيفية يشكلون خطرا حقيقيا على المصالح الأمريكية في المنطقة.
تكرر نفس الأمر خلال إدارة كينيدي، التي أوصى خبراء الشرق الأوسط فيها الرئيس الديمقراطي بتبني برامج تتضمن تفضيل الإسرائيليين، نظرا لعوامل تتعلق بتفوقهم العقلي والحضاري على العرب (!)، كما وصفت تقارير بعث بها دبلوماسيون أمريكيون يعملون في الشرق الأوسط العرب بأنهم قوم تسيطر عليهم مشاعر الانتقام والرغبة المستمرة في الثأر، على نحو لا يصلحون معه للعب دور الحلفاء الإستراتيجيين للولايات المتحدة.
أما أشهر الرؤساء الأمريكيين عداء للعرب فكان الديمقراطي ليندون جونسون، والذي يوصف بأنه الصديق الأكثر تحمسا لإسرائيل، والعدو الأبرز للقومية العربية، وذلك منذ أن كان زعيما للأغلبية في مجلس الشيوخ الأمريكي أواخر الخمسينيات من القرن الماضي. كان جونسون يعتبر بدوره أن الشرق الأوسط زاوية متخلفة وغريبة من العالم. وفي إحدى مناسبات العشاء في البيت الأبيض في أبريل 1964، امتدح جونسون الملك حسين عاهل الأردن لكونه "جلب تلك الأرض القديمة، أرض الإبل والنخيل، لعتبة مشرقة ومستقبل واعد"، وذلك من خلال انفتاحه على الغرب. من ناحية أخرى، لم يكن جونسون يثق في القادة القوميين مثل الرئيس المصري جمال عبد الناصر، وكان يصرح في جلساته الخاصة بأن المكان المناسب للرئيس المصري هو الجحيم.
كما أن جونسون هو صاحب البطاقة الصفراء الشهيرة للإسرائيليين قبل قيامهم بشن عدوان 1967، فأمام العالم ظهر جونسون على أنه لم يمنح الإسرائيليين بطاقة بيضاء للهجوم، كما لم يشهر في وجوههم بطاقة حمراء تمنعهم منه، ولكنه أظهر لهم ما صار يعرف بالبطاقة الصفراء التي تؤيد الهجوم الذي شنه الصهاينة على ثلاث دول عربية دون أن تتبناه.
ومرة أخرى شجعت التقارير الاستخباراتية الأمريكية الرئيس الديمقراطي على أن يقف بوضوح في صف الإسرائيليين على اعتبار أن العرب لا يمكنهم التعاطي مع فكرة الحرب الحديثة، ولا القيام بمتطلباتها، لكونهم يفتقدون الحافز والشجاعة.
وعلى هذا الأساس اعتبرت حرب 1967 النقطة الفاصلة التي قررت الولايات المتحدة عندها اتخاذ إسرائيل حليفا إستراتيجيا.
من جانبه كان اللوبي الصهيوني يعتبر الرئيس جونسون أهم حلفائه، وذلك منذ أن كان زعيما للأغلبية في مجلس الشيوخ وبعد أن شغل منصب نائب الرئيس جون كينيدي ثم بعد توليه الرئاسة، حيث أحاط جونسون نفسه بمجموعة من الصهاينة ومؤيديهم في كافة المناصب والإدارات الحساسة.
التقارب بين الحزب الديمقراطي وبين الصهاينة امتد لما بعد جونسون، ففي انتخابات العام 1968 بين الجمهوري ريتشارد نيكسون، والديمقراطي هربرت همفري، حصل الأخير على أكثر من 85% من أصوات اليهود نظرا لتأييده الأعمى للمطالب الصهيونية على حساب الحقوق العربية.
إدارة كارتر كانت أقل انجذابا ناحية الصهاينة من سابقاتها، وانخرط كارتر شخصيا في مباحثات السلام بين العرب والإسرائيليين، وهو الأمر الذي يذكر دائما ضمن مآثره، ولكن الدور الذي لعبته إدارة كارتر الديمقراطية يمكن أن يقرأ في إطار خشية كارتر والديمقراطيين من تكرار سيناريو الثورة الإيرانية في المنطقة، بمعنى أن جهود الديمقراطيين كانت جهودا محافظة، تستهدف الحفاظ على الوضع الراهن، وعدم السماح للشعوب بأن تكرر تجربة الثورة على أنظمة الاستبداد المتعاونة مع الولايات المتحدة.
إدارة كلينتون أيضا ورغم دورها الإيجابي (ظاهريا) في محاولة التوصل إلى اتفاق سلام دائم بين الفلسطينيين والإسرائيليين، انتهكت أحد الثوابت المعلنة للحزب الديمقراطي، بشأن تجنب التدخل العسكري في المنطقة، وقامت بتوجيه ضربات جوية مكثفة، كما فرضت حصارا اقتصاديا خانقا على الشعب العراقي، بحجة إرغام الرئيس العراقي صدام حسين على التعاون مع فريق الوكالة الدولية للطاقة الذرية. كما أنه خلال فترتي إدارة كلينتون في الحكم، تبلورت العلاقة الخاصة بين الولايات المتحدة وإسرائيل، حتى أصبحت مكونا أساسيا من مكونات السياسة الخارجية الأمريكية.
سلبيات الدور الأمريكي خلال إدارة أوباما تمثلت بالأساس في التراجع تماما عن محاولة دفع عملية السلام في المنطقة، وعدم التحمس لثورات الربيع العربي، والاعتراف بالمحاولات الانقلابية التي أجهضت الموجة الأولى منها في العديد من البلدان.
وقياسا على هذا السجل، يمكن توقع أن يستمر الديمقراطيون على نفس النهج حال فوز هيلاري كلينتون، وخاصة فيما يتعلق بالموقف من التحول الديمقراطي، حيث يجد الديمقراطيون صعوبة كبيرة في الاتساق مع مبادئهم المعلنة، وأغلب الظن أنهم سيستمرون في دعم الأنظمة الاستبدادية القادرة على حماية أو التعهد بحماية المصالح الأمريكية في الاستقرار الإقليمي.
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية




مساحة إعلانية
نعم، أصبحنا نعيش زمنًا يُتاجر فيه بالفكر كما يُتاجر بالبضائع، تُباع فيه الشهادات كما تُباع السلع، وتُؤجّر فيه المنصات التدريبية كما تُؤجّر القاعات لحفلات المناسبات. هو زمنٌ تحوّلت فيه «المعرفة إلى سلعة» تُسعَّر، لا رسالة تُؤدَّى. تتجلّى مظاهر «الاتّجار المعرفي» اليوم في صور عديدة، لعلّ أبرزها «المؤتمرات والملتقيات التدريبية والأكاديمية» التي تُقام بأسماء لامعة وشعارات براقة، يدفع فيها الحضور مبالغ طائلة تحت وعودٍ بالمحتوى النوعي والتبادل العلمي، ثم لا يخرج منها المشاركون إلا بأوراق تذكارية وصورٍ للمنصات! وهنا «العجيب من ذلك، والأغرب من ذلك»، أنك حين تتأمل هذه الملتقيات، تجدها تحمل أربعة أو خمسة شعارات لمؤسساتٍ وجهاتٍ مختلفة، لكنها في الحقيقة «تعود إلى نفس المالك أو الجهة التجارية ذاتها»، تُدار بأسماء متعدّدة لتُعطي انطباعًا بالتنوّع والمصداقية، بينما الهدف الحقيقي هو «تكرار الاستفادة المادية من الجمهور نفسه». هذه الفعاليات كثير منها أصبح سوقًا مفتوحًا للربح السريع، لا للعلم الراسخ؛ تُوزَّع فيها الجوائز بلا معايير، وتُمنح فيها الألقاب بلا استحقاق، وتُقدَّم فيها أوراق بحثية أو عروض تدريبية «مكرّرة، منسوخة، أو بلا أثرٍ معرفي حقيقي». وهذا الشكل من الاتّجار لا يقل خطورة عن سرقة البيانات أو بيع الحقائب التدريبية، لأنه يُفرغ الفضاء الأكاديمي من جوهره، ويُحوّل «الجهد العلمي إلى طقسٍ استعراضي» لا يصنع معرفة ولا يضيف قيمة. فالمعرفة الحقيقية لا تُشترى بتذكرة حضور، ولا تُختزل في شعار مؤتمر، ولا تُقاس بعدد الصور المنشورة في مواقع التواصل. من جهةٍ أخرى، يتخذ الاتّجار بالمعرفة اليوم وجهًا «رقميًا سيبرانيًا أكثر تعقيدًا»؛ إذ تُباع البيانات البحثية والمقررات الإلكترونية في «الأسواق السوداء للمعلومات»، وتُسرق الأفكار عبر المنصات المفتوحة، ويُعاد تسويقها تحت أسماء جديدة دون وعيٍ أو مساءلة. لقد دخلنا مرحلة جديدة من الاتّجار لا تقوم على الجسد، بل على «استغلال العقول»، حيث يُسرق الفكر ويُباع الإبداع تحت غطاء “التعاون الأكاديمي” أو “الفرص البحثية”. ولذلك، فإن الحديث عن «أمن المعرفة» و»السلامة السيبرانية في التعليم والتدريب» لم يعد ترفًا، بل ضرورة وجودية لحماية رأس المال الفكري للأمم. على الجامعات ومراكز التدريب أن تنتقل من مرحلة التباهي بعدد المؤتمرات إلى مرحلة «قياس الأثر المعرفي الحقيقي»، وأن تُحاكم جودة المحتوى لا عدد المشاركين. الاتّجار بالمعرفة جريمة صامتة، لكنها أخطر من كل أشكال الاتّجار الأخرى، لأنها «تسرق الإنسان من داخله»، وتقتل ضميره المهني قبل أن تمس جيبه. وحين تتحوّل الفكرة إلى تجارة، والمعرفة إلى وسيلة للشهرة، يفقد العلم قدسيته، ويصبح المتعلم مستهلكًا للوهم لا حاملًا للنور.
6693
| 27 أكتوبر 2025
المسيرات اليوم تملأ السماء، تحلّق بأجنحةٍ معدنيةٍ تلمع تحت وهج الشمس، تُقاد من بعيدٍ بإشاراتٍ باردةٍ لا تعرف الرحمة. تطير ولا تفكر، تضرب ولا تتردد، تعود أحيانًا أو ربما تنتحر. لا فرحَ بالنصر، ولا ندمَ على الدم. طائراتٌ بلا طيارٍ، ولكنها تذكّرنا بالبشر الذين يسيرون على الأرض بلا وعيٍ ولا بوصلة. لقد صار في الأرض مسيَّراتٌ أخرى، لكنها من لحمٍ ودم، تُدار من وراء الشاشات، وعبر المنصات، حيث تُضغط أزرار العقول وتُعاد برمجتها بصمتٍ وخُبث. كلاهما – الآلة والإنسان – مُسيَّر، غير أن الثانية أخطر، لأنها تغتال العقل قبل الجسد، وتُطفئ الوعي قبل الحياة، وتستهدف الصغير قبل الكبير، لأنه الهدف الأغلى عندها. تحوّل الإنسان المعاصر شيئًا فشيئًا إلى طائرةٍ بشريةٍ بلا طيار، يُقاد من برجٍ افتراضي لا يُرى، اسمه “الخوارزميات”، تُرسل إليه الأوامر في هيئة إشعاراتٍ على هاتفه أو جهازه الذي يعمل عليه، فيغيّر مساره كما تُغيّر الطائرة اتجاهها عند تلقّي الإشارة. يغضب حين يُؤمر، ويُصفّق حين يُطلب منه التصفيق، ويتحدث بلسان غيره وهو يظن أنه صوته. صار نصفه آليًّا ونصفه الآخر بشريًّا، مزيجًا من لحمٍ وإشارة، من شعورٍ مُبرمجٍ وسلوكٍ مُوجَّه. المسيرة حين تُطلِق قذيفتها أو تصطدم تُحدث دمارًا يُرى بالعين، أمّا المسيرة البشرية فحين تُطلِق كلمتها تُحدث دمارًا لا يُرى، ينفجر في القيم والمبادئ، ويترك رمادًا في النفوس، وشظايا في العقول، وركامًا من الفوضى الأخلاقية. إنها تخترق جدران البيوت وتهدم أنفاق الخصوصية، وتصنع من النشء جنودًا افتراضيين بلا أجر، يحملون رايات التدمير وهم يظنون أنهم يصنعون المجد. المسيرة المعدنية تحتاج إلى طاقةٍ لتطير، أمّا المسيرة البشرية فتحتاج فقط إلى “جهلٍ ناعمٍ” يجعل أفئدتها هواءً. ويُخيَّل للمرء أن العالم بأسره قد صار غرفةَ تحكّمٍ واحدة، تُدار بمنهجٍ وفكرٍ وخطة، وأننا جميعًا طائراتٌ صغيرة تدور في مساراتٍ مرسومة، لا تملك حرية رفرفة جناحٍ واحدةٍ خارج هذه الحدود. من يملك الإعلام يملك السماء، ومن يملك البيانات يملك العقول، ومن يملك كليهما، هنا يكمن الخطرُ كلُّه. لكن السؤال الذي يفرض نفسه: كيف نحمي أبناءنا ومجتمعاتنا من أن يصبحوا مسيَّراتٍ بشريةً أخرى؟ كيف نُعيد إليهم جهاز الملاحة الداخلي الذي خُطِف من أيديهم؟ الجواب يبدأ من التربية الواعية التي تُعلّم الطفل أن يسأل قبل أن يُصدّق، وأن يتحقّق قبل أن ينقل، وأن يفكّر قبل أن يحكم. نحتاج إلى مؤسساتٍ وهيئاتٍ تُنمّي مهارة التفكير النقدي، وإعلامٍ يُحرّر لا يُبرمج، وأُسَرٍ تُعلّم أبناءها التمييز بين الصوت الحقيقي وضجيج التقليد، وبين المنابر الحرة والخُطب المصنوعة. فالوعي لا يُوهَب، بل يُصنَع بالتجربة والتأمل والسؤال. ثم تأتي القدوة الحيّة، فالمجتمع لا يتغيّر بالمواعظ فقط، بل بالنماذج. حين يرى الجيل من يفكّر بحرية، ويتحدث بمسؤولية، ويرفض الانقياد الأعمى، سيتعلم أن الحرية ليست في كسر القيود، بل في معرفة من صنعها ولماذا. وأخيرًا، علينا أن نُعلّم أبناءنا أن التحكم في النفس أعظم من التحكم في آلة. فشخصٌ واحد قد يصنع مئات الآلات، ولكن آلاف الآلات لا تصنع إنسانًا واحدًا. ليست كل حربٍ تُخاض بالسلاح، فبعضها تُخاض بالعقول. والمنتصر الحقيقي هو من يبقى ممسكًا بجهاز تحكمه الداخلي، مستقلًّا لا يتأثر بالموجِّهات والمُشوِّشات. إن إنقاذ الجيل لا يكون بإغلاق السماء، بل بتنوير العقول. فحين يتعلم الإنسان كيف يطير بوعيه، لن يستطيع أحد أن يُسيّره بعد اليوم أو يُسقطه.
2754
| 28 أكتوبر 2025
كان المدرج في زمنٍ مضى يشبه قلبًا يخفق بالحياة، تملؤه الأصوات وتشتعل فيه الأرواح حماسةً وانتماء. اليوم، صار صامتًا كمدينةٍ هجرتها أحلامها، لا صدى لهتاف، ولا ظلّ لفرح. المقاعد الباردة تروي بصمتها حكاية شغفٍ انطفأ، والهواء يحمل سؤالًا موجعًا: كيف يُمكن لمكانٍ كان يفيض بالحب أن يتحول إلى ذاكرةٍ تنتظر من يوقظها من سباتها؟ صحيح أن تراجع المستوى الفني لفرق الأندية الجماهيرية، هو السبب الرئيسي في تلك الظاهرة، إلا أن المسؤول الأول هو السياسات القاصرة للأندية في تحفيز الجماهير واستقطاب الناشئة والشباب وإحياء الملاعب بحضورهم. ولنتحدث بوضوح عن روابط المشجعين في أنديتنا، فهي تقوم على أساس تجاري بدائي يعتمد مبدأ المُقايضة، حين يتم دفع مبلغ من المال لشخص أو مجموعة أشخاص يقومون بجمع أفراد من هنا وهناك، ويأتون بهم إلى الملعب ليصفقوا ويُغنّوا بلا روح ولا حماسة، انتظاراً لانتهاء المباراة والحصول على الأجرة التي حُدّدت لهم. على الأندية تحديث رؤاها الخاصة بروابط المشجعين، فلا يجوز أن يكون المسؤولون عنها أفراداً بلا ثقافة ولا قدرة على التعامل مع وسائل الإعلام، ولا كفاءة في إقناع الناشئة والشباب بهم. بل يجب أن يتم اختيارهم بعيداً عن التوفير المالي الذي تحرص عليه إدارات الأندية، والذي يدل على قصور في فهم الدور العظيم لتلك الروابط. إن اختيار أشخاص ذوي ثقافة وطلاقة في الحديث، تُناط بهم مسؤولية الروابط، سيكون المُقدمة للانطلاق إلى البيئة المحلية التي تتواجد فيها الأندية، ليتم التواصل مع المدارس والتنسيق مع إداراتها لعقد لقاءات مع الطلاب ومحاولة اجتذابهم إلى الملاعب من خلال أنشطة يتم خلالها تواجد اللاعبين المعروفين في النادي، وتقديم حوافز عينية. إننا نتحدث عن تكوين جيل من المشجعين يرتبط نفسياً بالأندية، هو جيل الناشئة والشباب الذي لم يزل غضاً، ويمتلك بحكم السن الحماسة والاندفاع اللازمين لعودة الروح إلى ملاعبنا. وأيضاً نلوم إعلامنا الرياضي، وهو إعلام متميز بإمكاناته البشرية والمادية، وبمستواه الاحترافي والمهني الرفيع. فقد لعب دوراً سلبياً في وجود الظاهرة، من خلال تركيزه على التحليل الفني المُجرّد، ومخاطبة المختصين أو الأجيال التي تخطت سن الشباب ولم يعد ممكناً جذبها إلى الملاعب بسهولة، وتناسى إعلامنا جيل الناشئة والشباب ولم يستطع، حتى يومنا، بلورة خطاب إعلامي يلفت انتباههم ويُرسّخ في عقولهم ونفوسهم مفاهيم حضارية تتعلق بالرياضة كروح جماهيرية تدفع بهم إلى ملاعبنا. كلمة أخيرة: نطالب بمبادرة رياضية تعيد الجماهير للمدرجات، تشعل شغف المنافسة، وتحوّل كل مباراة إلى تجربة مليئة بالحماس والانتماء الحقيقي.
2391
| 30 أكتوبر 2025