رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
الأمريكيون هل أصبحوا أكثر تعصباً تجاه المسلمين والعرب؟! لم نفعل سوى القليل لمحاربة الصورة الشائعة المتعلقة بالإرهاب أو شيوخ النفط تضخيم الدور الذي يلعبه اللوبي الإسرائيلي في الولايات المتحدة
المحاولات التي بذلت ولا تزال في تغيير الصورة النمطية المتعلقة بالعرب والمسلمين تصطدم دائما بالواقع المزري الذي تعيشه المنطقة من صراعات وحروب ومعارك دينية ومذهبية وغياب للديمقراطية والتداول على السلطة وحرية الرأي والتعبير والعدل في توزيع الثروة وغياب المجتمع المدني وقضايا حقوق الإنسان، بالإضاقة إلى قضايا تعثر التنمية والفقر والجهل والأمية. والإنسان الذي قدر له العيش في هذه الأجواء لابد أن يحاصر نفسه بسياج سميك من نظرية المؤامرة (Conspiracy Theory)، والتصورات السلبية عن نفسه ومجتمعه ومنطقته وبقية أنحاء العالم، وعوضاً من أن ينهض ويعمل ويتحرك ويغير من وضعه ويفرض واقعاً جديداً لحاضره ومستقبله، يصنع شماعة يعلق عليها خيبته وأخطاءه وعجزه وجهله وكسله؟! شماعة يزداد حملها يوماً بعد الآخر يضع من فوقها وتحتها وعن يمينها وعن شمالها، تراجعه وفشله السياسي والاقتصادي والاجتماعي، والعسكري، والديني، والفكري، والثقافي، والتنموي، والزراعي، والإداري، والتربوي، والقائمة طويلة ولا تنتهي!! في هذا العالم المريض يصبح من الصعب التفكير والتأمل وطرح الأسئلة والإجابة العلمية عليها، أبسطها لماذا تنجح المؤامرات في هذه المنطقة مقارنة بغيرها، وما مدى القابلية في الإيمان بالمؤامرة وتمكينها ونشرها وإقناع الآخرين بها؟! ماذا عن المسؤولية وتحمل الأخطاء والنقد الذاتي والقدر على المواجهة والمجابهة والتغيير؟!.
الدكتور جيمس زغبي الناشط العربي الأمريكي ورئيس المعهد العربي الأمريكي اصدر كتابا حديثا أثار الجدل من جديد حول صورة العرب بعنوان "أصوات عربية" وقد اعتمد فيه على استطلاعات الرأي للوقوف على جوانب العلاقة المتأزمة والمتفاقمة بين العرب وأمريكا. واتفق مع الدكتور محمد عرفة في تحفظه على استخدم كلمة أساطير التي استعان بها زغبي في كتابه ومقالاته فهي لا تقدم المصطلح العلمي المطلوب في وصف الحالة في نظرة أمريكا للعرب أو العكس والتعويض عنها بمصطلح أوهام أو التصورات الخاطئة في النظر كل منهما إلى الآخر. لا شك في أن هناك العديد من الجهل وافتقاد المعلومات الضرورية في الحكم على التصرفات والمواقف الظواهر المختلفة التي تبرز على السطح من وقت إلى آخر، وعن أسباب الجهل في النظرة الأمريكية يشير زغبي إلى أن أمريكا تعيش في عالم من الصور النمطية فهي قارة تفصل بينها وبين العوالم الأخرى محيطات ونتج عن ذلك نظرة اختزالية للآخرين، حيث يتم وضع صور الآخر في قوالب نمطية سواء (اللاتينو) القادمون من أمريكا الجنوبية أو الأفارقة أو الفرنسيون أو الأيرلنديون في صور نمطية، وصورة العربي وكذلك المسلم أيضا. ولقد نجح الكثير من الجاليات الأمريكية المهاجرة في كسر معظم تلك الصور النمطية السلبية مثل إن كل الأيرلنديين ليسوا مخمورين، أو أن (اللاتينو) ليسوا كلهم كسالى أو السود ليسوا مجرمين وغيرهم ولكن صورة العرب لم تتغير لأن العرب لم يفعلوا سوى القليل لمحاربة الصورة، بالإضافة إلى ذلك هناك مجموعة معروفة وهي جماعات المصالح "اللوبي"، التي نجحت في ترسيخ ونشر تلك الصورة وهي عالقة في الأذهان فإذا نظرت إلى الثقافة الشعبية تجد أن العربي هو إما الإرهابي أو من شيوخ النفط، نحن نسأل الأمريكيين في استطلاعاتنا ما هو أول شيء يخطر ببالكم عندما تفكرون في عربي؟ إجابتان طاغيتان، النفط والعنف. وهناك تصور آخر يشير إلى إنهم كلهم غاضبون ويكرهوننا فهم ينامون الليل ويستيقظون في الصباح وهم يكرهون أمريكا وإسرائيل ويقضون يومهم في الكراهية، يشاهدون الأخبار في التلفزيون أو يذهبون إلى الجوامع ليستمعوا إلى الوعاظ الدينيين الذين يؤججون ذلك الغضب. ويشاهد الأمريكي في الأخبار شخصاً ملتحياً يرسل شريطاً صوتياً من كهف في أفغانستان ويستمع إليه الأمريكيون ويقولون يا إلهي أنهم العرب! انه شخص يعيش في كهف ويرسل شريط كاسيت؟!
ولكن ماذا عن التصورات النمطية التي تحكمنا في عالمنا أيضا؟! من الأفكار التي عرضها زغبي انه بنفس الطريقة التي تظلل فيها تصورات خاطئة الفهم الأمريكي تجاه العرب، توجد تصورات كثيرة تشوه فهم العرب لأمريكا والشعب الأمريكي. ومنها الاعتقاد السائد لدى العرب بأن عملية صياغة السياسة الأمريكية إنما تتم على نحو تشاوري بالاعتماد على فهم عقلاني للمشاكل المطروحة وإدراك جيد للنتائج المترتبة عليها، والحال أن هذا من الأساطير المضللة التي تفسح المجال أمام ازدهار نظريات المؤامرة. أما الأخرى التي تحظى بانتشار واسع في الأوساط العربية فهي المتمثلة في الدور المبالغ فيه للوبي الإسرائيلي أو الطائفة اليهودية في أمريكا وسيطرتها على جميع مفاصل القوة والنفوذ في الولايات المتحدة، والحال أن الجزء الأكبر من الثروة والنجاح والنفوذ الموجود في أمريكا، حتى وإن كان اليهود قد حققوا بالفعل نجاحات مهمة في جميع مناحي الحياة، تبقى في أيدي الشرائح التقليدية في أمريكا من البروتستانت البيض الأنجلو - ساكسونيين. وهناك تصور أخرى يرى العرب أن الأمريكيين أصبحوا أكثر تعصباً تجاه المسلمين والعرب، وأن أمريكا لم تعد المكان المتسامح الذي يستطيعون فيه ممارسة حريتهم الدينية، والحقيقة عكس ذلك تماماً، فرغم التصاعد الملحوظ في جرائم الكراهية تجاه المسلمين في السنوات الأخيرة، فإن ذلك يبهت مقارنة بتلك التي تستهدف اليهود ومعاداة السامية.
النصيحة التي يقدمها زغبي للعرب والمسلمين هي التأهب والمواجهة، ورفع الأصوات عالياً، وضرورة أن التنظيم والتخطيط وتغيير الواقع وليس التذمر فقط، فالتذمر والشكوى ليسا استراتيجية، الاستراتيجية هي التنظيم من أجل الفوز.
Aljaberzoon@gmail.com
Aljaberzoon.blogspot.com
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية




مساحة إعلانية
ليش ما يمديك؟! بينما ممداني زهران، الشاب ذو الأصول الأوغندية، صار اليوم عمدة نيويورك. لم يولد هناك، بل جاءها مهاجرًا يحمل حلمه في حقيبة سفر، بلا جنسية ولا انتماء رسمي. حصل على الجنسية الأمريكية عام 2018، وبعد سبع سنوات فقط أصبح نائبًا في برلمان ولاية نيويورك وأحد أبرز الأصوات الشابة في المشهد السياسي الأمريكي. عمره اليوم 34 سنة فقط، لكنه أصبح نموذجًا يُثبت أن الإرادة حين تتجذر في النفس وتُروّى بالجد والاجتهاد، تصنع المعجزات.ولا حاجة لأن احكي عن معاناة شابٍ مهاجرٍ في مدينةٍ كـنيويورك، بكل ما تحمله من صعوباتٍ وتحدياتٍ اجتماعية واقتصادية. والآن ماذا عنك أنت؟ ما الذي ينقصك؟ هل تفتقد التعليم؟ قطر وفّرت لك واحدًا من أفضل أنظمة التعليم في الشرق الأوسط والعالم، وجلبت إليك أرقى الجامعات العالمية تخدمك من امام عتبة بيتك، بينما آلاف الشباب في نيويورك يدفعون مبالغ طائلة فقط ليحصلوا على مقعد جامعي… وربما لا يجدونه. هل تفتقد الأمان؟ قطر تُعد من أكثر دول العالم أمانًا وفقًا لمؤشرات الأمن الدولية لعام 2025، بينما تسجّل نيويورك معدلات جريمة مرتفعة تجعل من الحياة اليومية تحديًا حقيقيًا. هل تفتقد جودة الحياة؟ قطر من أنظف وأجمل دول العالم، ببنية تحتية حديثة، وطرق ذكية، ومترو متطور يربط المدن بدقة ونظام. أما نيويورك، فتعاني من ازدحامٍ وضوضاءٍ وتراجعٍ في الخدمات العامة، والفرق يُرى بالعين المجردة. هل تفتقد الدعم والرعاية؟ قطر من أعلى دول العالم في متوسط دخل الفرد، بينما في شوارع نيويورك ترى المشردين والمدمنين ينامون على الأرصفة. أما في قطر، فالدعم لا يقتصر على الجانب المادي فقط، بل يمتد إلى الرعاية الصحية المتقدمة التي أصبحت من الأفضل عالميًا. فالنظام الصحي القطري يُعد من الأكثر تطورًا في المنطقة، بمستشفياتٍ حديثةٍ ومعايير طبيةٍ عالمية، ورقمنةٍ شاملةٍ للخدمات الصحية تسهّل وصول كل مواطنٍ ومقيمٍ إلى العلاج بأعلى جودة وفي أسرع وقت. وتُعد مؤسسة حمد الطبية ومستشفى سدرة للطب ومراكز الأبحاث والمراكز الصحية المنتشرة في كل مدينة نموذجًا لاهتمام الدولة بصحة الإنسان باعتبارها أولوية وطنية. إنها دولة تجعل من كرامة الإنسان وصحته وتعليمه أساسًا للتنمية، لا ترفًا أما الفرص، فحدّث ولا حرج. بلدك تستثمر في شبابها بلا حدود وتفتح لهم كل الأبواب داخلياً وخارجياً في كل مؤسسات الدولة وقطاعاتها. وهذا ليس كلاماً نظرياً بل هناك تطبيق عملي وقدوة حاضرة. فقطر أميرها شاب، ووزيرها شباب، وأركان دولتها شباب محاطون بالخبرات والكفاءات. أما هناك، في نيويورك، فالشباب يقاتلون وسط منافسة شرسة لا ترحم، فقط ليجدوا لأنفسهم مكانًا… أو فرصةً ليتنفسوا الهواء. فما هو عذرك إذًا؟ ممداني نجح لأنه عمل على نفسه، ولأن أسرته زرعت فيه حب المسؤولية والاجتهاد. أما أنت، فأنت اليوم في وطنٍ منحك ( الجنة التي في الأرض ) وكل ما يتمناه غيرك: الأمن والأمان والرغد في العيش والتعليم والرعاية الصحية والبنية التحتية التي تُحلم بها شعوب الأرض. الفرق ليس في الظروف، بل في القرار. هو قرر أن يبدأ… وأنت ما زلت تنتظر “اللحظة المناسبة”. لا تنتظر الغد، فالغد لا يصنعه إلا من بدأ اليوم. لا تقول ما أمداني.. لأنه لن يمديك بعد هذا كله.. وإذا تقاعست نفسك تذكر ممداني الحقيقي.
16845
| 11 نوفمبر 2025
ماذا يعني أن يُفاجأ أولياء أمور بقرار مدارس أجنبية رائدة في الدوحة بزيادة تتراوح بين 30% و75% أُعلن عنها في تاريخ 20 أكتوبر الماضي ويجب تطبيقها في الفصل الدراسي الثاني على وجه السرعة؟! ماذا يعني أن يجد هؤلاء الآباء أنفسهم أمام قرار لا يساعدهم على نقل أبنائهم لمدارس أجنبية أخرى في الفصل الدراسي الثاني ومن المفترض أن يدفعوا مبلغ 17 ألف ريال قطري عوضا عن سبعة آلاف ريال كانت تدفع بجانب الكوبون التعليمي لكل طالب قطري الذي يُقدّر بـ 28 ألف ريال وباتت زيادة العشرة آلاف ريال تمثل عبئا على رب الأسرة فجأة بعد أن أصبحت 17 ألف ريال ودون إشعار مسبق؟! ولم هذا القرار والطلاب على وشك إنهاء الفصل الأول وإدارات هذه المدارس تعلم بأن الآباء سوف يمتثلون في النهاية لهذا القرار غير المبرر له لصعوبة إلحاق أبنائهم إلى مدارس أجنبية أخرى أقل في التكاليف التي زادت فجأة ودون إنذار مسبق لطلب الزيادة في مخالفة واضحة للتعميم رقم (21/2023) وكأنها تلزم الآباء إما أن تدفعوا أو اتركوا أبناءكم في البيوت في هذا الوقت الحرج مع بداية الفصل الثاني رغم أن هذه المدرسة قامت بمخالفة تنظيمية كونها لم تنشر جدول الرسوم المعتمدة للسنة الدراسية كاملة مخالفة لتعميم رقم (11/2025) وفرضت رسوما إضافية غير معتمدة عند تقديم التسجيل أو الاختبارات أو التسجيل والموارد كما فرضت رسوما غير قانونية على اختبارات قبول مرحلتي الروضة والتمهيدي مخالفة لتعميم عام 2022؟!. كل ما قيل أعلاه هي مجموعة شكاوى كثيرة وعاجلة من أولياء الأمور تقدموا بها لوزارة التربية والتعليم بعد أن قامت مدارس عالمية أجنبية في قطر بفرض هذه الزيادة في الرسوم بواقع 17 ألفا يجب أن يدفعها كل ولي أمر من حر ماله بجانب ما يُصرف للطالب من كوبون تعليمي بقيمة 28 ألف ريال بعد أن كان يدفع سبعة آلاف ريال فقط بجانب الكوبون كل عام فهل هذا معقول؟! وبات السؤال الأكبر الذي يعلق عليه أولياء الأمور هل بات التعليم مجانيا فعلا لأبنائنا في ظل هذه التجاوزات التي تمارسها إدارات المدارس الأجنبية التي تحظى بعدد كبير من الطلبة القطريين ولم اختارت أن تكون هذه الزيادة في منتصف السنة الدراسية رغم علمها بأن هذا الأمر يربك الآباء ويضعهم في دائرة سوء التخطيط من حيث إيجاد مدارس بديلة في هذا الوقت الحرج من العام الدراسي ناهيكم عن إرباكهم بدفع 17 ألف ريال لكل طالب بعد أن كانت سبعة آلاف ريال فقط بينما كان مبلغ الكوبون التعليمي من الدولة يسد بباقي الرسوم المطلوبة؟! أنا شخصيا أجد الأمر مربكا للغاية وإصرار هيئات هذه الإدارات على أنها حصلت على موافقة الوزارة على هذه الزيادات في الرسوم يزيد الحيرة لدينا أكثر خصوصا وأنه لم يخرج مصدر رسمي من الوزارة ليرد على هذه الشكاوى التي وصلت لإدارات هذه المدارس بجانب ما يتم نشره على وسائل التواصل الاجتماعي من أسئلة تنتظر إجابات من المعنيين في الوزارة وعلى رأسها سعادة السيدة لولوة الخاطر التي تلقى احتراما وتقديرا لها ولجهودها التي بذلتها منذ استلامها هذا المنصب القدير بشخصية مثلها. ولذا فإننا نأمل من سعادتها أن تجد حلا سريعا وناجعا لفحوى هذه المشكلة التي تؤرق بيوت كثير من المواطنين القطريين الذين يلتحق أبناؤهم بهذه المدارس التي تقع تحت مظلة الوزارة من قريب ومن بعيد وهي ليست بالمشكلة التي يجب أن تنتظر لأن مستقبل الأبناء يقف على قرار يطيح بقرارات الزيادة غير المسبوقة والتي لم يتم إخطار الآباء بها قبل بدء العام الدراسي لترتيب أوراق أبنائهم قبل التحاقهم بهذه المدارس الماضية في قراراتها الفجائية وغير مبالية بكم الاعتراض الذي تواجهه بصورة يومية من الآباء وعليه فإننا على ثقة بأن وزارة التربية والتعليم سوف تعطي زخما إيجابيا للشكاوى كما نأمل بإذن الله.
7755
| 11 نوفمبر 2025
العلاقة العضوية بين الحلم الإسرائيلي والحلم الأمريكي تجعل من تهاوي الحلم الإسرائيلي سبباً في انهيار الحلم الأمريكي في حال لم يفصل بينهما، فمن الحلم تُشتق السردية، وانهيار الحلم يؤدي إلى تلاشي السردية، وهذا بدوره يمس مفهوم الوجودية. تحطّم الحلم الإسرائيلي أدى إلى اختراق الدستور الأمريكي، من حرية التعبير إلى الولاء لأمريكا، وحتى سنِّ القوانين التي تناقض الدستور الأمريكي، ومن الملاحقات إلى عدم القدرة على الحديث، إلى تراجع الديمقراطية وفقدان الولاء للدولة من قبل السياسيين. لقد انتقلت الحرب من الشرق الأوسط بين المقاومة الفلسطينية وقوات الاحتلال الإسرائيلي إلى الولايات المتحدة الأمريكية والعاصمة واشنطن، ما بين المواطنين الامريكان الذين ولاؤهم لأمريكا وشعارهم «أمريكا أولاً»، وبين الامريكان الذين يدينون بالولاء لإسرائيل وشعارهم «إسرائيل أولاً». هكذا صار الطوفان يطرق أبواب الداخل الأمريكي، كاشفاً هشاشة السردية وانقسام الحلم ذاته. وفي خضم تشكل نظام عالمي جديد في طور النشوء، سعى الرئيس الأمريكي ترامب لتموضع أمريكي في أفضل صيغة ممكنة وذلك من خلال شخصيته ومن خلال رؤيته الخاصة التي ترى أن الوقت قد حان لأمريكا لان تكون علاقاتها مباشرة بالعالم العربي والعالم الإسلامي وبقية العالم كما حدث في زيارته للخليج وآسيا وعلاقاته بالصين. لم تعد الحسابات التقليدية التي نشأت من مخلفات الاستعمار وما بعد الحرب العالمية الثانية قادرة على استيعاب التغيرات الكبيرة والمتلاحقة في المنطقة أو على المستوى الدولي والعالمي، فأوروبا في تراجع صناعي ولم تعد قادرة على منافسة الصين لا تقنيا ولا صناعيا، والولايات المتحدة لم تعد قادرة على القيام بدور شرطي العالم. لقد كبر العالم وأصبحت أمريكا جزءًا من النظام العالمي بعد أن كانت تهيمن عليه. وفي حالة التحول هذه، تبحث أمريكا عن الإجابات، والإجابات الحاضرة اليوم هي إجابات السيد ترامب. فهو يرى أن العلاقة المباشرة أصبحت هي الأساس، سواء في مواجهة الصين سياسياً واقتصادياً أو تقنياً، ولم يعد الكيان قادراً على القيام بما وُكِّل إليه من قبل الدول الاستعمارية في مرحلة سايكس بيكو وما بعد الحرب العالمية الثانية، فالمكانة الاقتصادية ومشاريع التنمية تجاوز قدرات الكيان واصبح من مصلحة أمريكا العلاقات المباشرة. ومع تيقن أمريكا بعدم القدرة على إعادة تشكيل الشرق الأوسط ما بعد سايكس بيكو، وبعد الفشل في سوريا وليبيا والعراق ولبنان وقطاع غزة، ومع عدم قدرة الكيان على الهيمنة أو السيطرة، أصبح هذا الكيان منتجاً لعدم الاستقرار ومضرّاً بمصالح أمريكا وبمصلحته في حد ذاته. لذلك أصبح تدخل صانع القرار الأمريكي ضرورة لتجاوز مهمة الكيان الوظيفية التي وُكِّلت إليه أمراً حتمياً لتمكين أمريكا من إعادة تشكيل تموضعها في النظام العالمي القادم. ومن هنا نرى أهمية زيارة ترامب لدول الخليج والحديث عن التريليونات في تعبير واضح لعدم حاجة أمريكا لوكيل أو وسيط مع دول المنطقة مع بروز حاجتها لدولة قطر وعلاقاتها الحميمة بأمير قطر ورئيس مجلس الوزراء، وقدرة قطر على أن تكون ضابط الأمن والسلم الدولي والعالمي والمحور الرئيس لاقطاب المنطقة تركيا ايران والفاعلين في المنطقة من المقاومة وحتى سوريا، سواء على مستوى النزاعات الدولية من أفغانستان إلى إيران إلى القرن الإفريقي وإلى غزة. فقد أصبحت دولة قطر مركز حراك الولايات المتحدة ومركز اهتمامها، خاصة في بناء دور امريكا القادم في علاقاتها مع العرب، ومع الدول الخليجية، ومع تركيا، وحتى مستقبلاً مع إيران والشعب الفلسطيني، ومن أجل حماية أوروبا والغرب واستمرار تدفق الطاقة والطاقة النظيفة واستمرار تدفق الاستثمارات، خاصة من الصناديق السيادية، والقدرة على الولوج إلى الأسواق الخليجية، وهذا أصبح أولوية بالنسبة لصانع القرار في الولايات المتحدة. ان قوة ومكانة دول الخليج ومستويات التنمية جعلت من ترامب مؤمنا بأن علاقات مباشرة مع العرب وبالخصوص مع دول الخليج من مصلحة أمريكا وتتجاوز إسرائيل.
5061
| 10 نوفمبر 2025