رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
بلغ متوسط أسعار نفط خام الإشارة برنت 110.8 دولار للبرميل خلال شهر ديسمبر 2013، وانخفض المتوسط ليصل إلى 108.3 دولار للبرميل خلال شهر يناير 2014 وهي مستويات تؤكد بقاء الأسعار فوق المائة دولار للبرميل في ظل معطيات تدعم مستويات الاسعار خلال عام 2014، وعموم التوقعات تضع أسعار النفط الخام خلال عام 2014 ما بين 100 – 110 دولار للبرميل.
وتقدم مؤشرات إيجابية عن أداء اقتصادات البلدان الصناعية، والذي انعكس على أداء البورصات، زخم قد يدعم تنامي اقتصادات الأسواق الواعدة، وهو ما يخفف من الضغوط على الأسواق المالية، وتدني مستوى المخزون النفطي، ووسط استمرار العوامل الجيوسياسية في التصعيد، فإن ذلك يعطل عودة النفط الليبي إلى السوق، كذلك الحال بالنسبة للإنتاج من إيران ونيجيريا فإن دواعي استمرار إنتاج الأوبك حول 30 مليون برميل يومياً تظل قوية، وهو ما يعني الحاجة إلى بقاء إنتاج عدد من الدول عند المستويات الحالية ومن بينها إنتاج النفط الخام من السعودية ليدعم أسعار نفط خام الإشارة برنت ليفوق 100 دولار للبرميل، ومع ذلك فإنه من المتوقع ضعف الأسعار خلال الأشهر القادمة لتعكس ضعف الطلب وبناء المخزون النفطي، ذلك أن الطلب العالمي على النفط عموماً يشهد ضعفا خلال الربع الثاني، مع دخول العديد من المصافي حول العالم برامج الصيانة، ولكن يجب التأكيد على أن العوامل الجيوسياسية لن تؤثر في دعم أسعار النفط الخام.
تذكر المصادر أن دخول حقل شيبة في برامج الصيانة خلال شهري فبراير ومارس 2014 بالإضافة إلى زيادة في الطلب الصيني خلال الربع الأول من عام 2014 لبناء المخزون قد تسهم في تأثير ارتفاع المعروض في السوق وبالتالي تدعم الأسعار.
ومازال الغموض يسود السوق حول حجم النفط الإيراني الذي سيعود إلى السوق النفطية وتوقيته، وإن كان هناك توافق حول تصريفه إلى آسيا، كذلك فإن حجم الزيادة ربما يكون محدودا لا يتجاوز 200 ألف برميل يومياً.
ومن المتوقع أن يرتفع إنتاج العراق من حقل قرنة 2 ، حيث يبدأ بمتوسط 120 ألف برميل يوميا مع نهاية شهر إبريل 2014، ثم يرتفع ليصل الإجمالي إلى 400 ألف برميل يوميا إضافية خلال الربع الرابع من عام 2014.
وهناك ثلاثة أمور مرتبطة بالصين، ومتعلقة بالإصلاح الاقتصادي، تشمل مخاوف من تباطؤ في وتيرة تنامي الاقتصاد الصيني نتيجة تدخل الحكومة الصينية من أجل تخفيف اعتماد الاقتصاد الصيني على الاستثمار، وتباطؤ في وتيرة زيادة واردات النفط الخام إلى الصين خلال السنوات الماضية، والتي ارتفعت من 5 ملايين برميل يومياً في عام 2011، ووصلت 5.4 مليون برميل يومياً في عام 2012، ثم إلى 5.6 مليون برميل يوميا في عام 2013، وتدعو الخطة الخمسية للحكومة الصينية وتضع أرقاماً مستهدفة لتطور إجمالي استهلاك الصين من الطاقة خلال السنوات القادمة، وهو ما قد يؤثر في توقعات معدل تزايد استهلاك الصين من النفط، ومما تجدر الإشارة إليه فإن استهلاك الصين قد بلغ 10.1 مليون برميل يوميا في عام 2013 وسيرتفع ليصل إلى 10.5 مليون برميل يوميا في عام 2014، ثم إلى 10.9 مليون برميل يوميا في عام 2015، ولمّا كان استهلاك الصين على الصين مِؤثر في السوق النفطية كذلك حجم الاقتصاد الصيني، فإن الديون الصينية ممكن أن تكون سبباً في آثار سلبيه على الاقتصاد العالمي، ولكن ما زالت الحكومة الصينية تضبط الأمور في هذا السياق، ويعتقد المراقبون أن أجواء التفاؤل حول الاقتصاد الصيني، ستعود من جديد إذا ما أثبت القطاع الصناعي قوة في زيادة التصنيع والتصدير، وهو مؤشر يجب متابعته خلال الأشهر القادمة.
وفي إطار أهمية السوق الآسيوية، يأتي أهميه التعرف على الخطط الخمسية لمختلف البلدان ومن بينها الروسية والتي تستهدف تحقيق رفع حصة مبيعاتها من المنتجات والنفط الروسي من حالياً 12% لتصل إلى 23% بحلول عام 2035 من إجمالي مبيعات روسيا من النفط الخام والمنتجات البترولية إلى مختلف الأسواق، وهنا إشارتان الأولى أهمية السوق الآسيويه لمختلف المنتجين في العالم، والثانية ارتفاع حدة التنافس المتوقعة في المستقبل، وهي تصب في صالح الزبائن ولكن تؤكد أهمية التنسيق ما بين المنتجين وأهميه امتلاك مختلف وأنواع المرونة التي تجعل الشركة التي تود تسويق نفطها ومنتجاتها لديها الأولوية والسبق لاكتساب السوق الآسيوية.
على صعيد آخر، لا يزال خفض العملات لعدد من الدول ومنها الأرجنتين الهند البرازيل وتركيا يلقي بظلال الشك حول أداء اقتصادات هذه البلدان، ولكن بالرغم من ذلك، فهناك مؤشرات إيجابية مثل سجل الاقتصاد الأمريكي تنامياً بنسبه 3.7% خلال النصف الثاني من عام 2013، كذلك فإن السمة الغالبة على أجواء الصناعة في أوروبا، تدعم حالة التفاؤل بصفة عامة.
من الأمور التي تم ملاحظتها خلال عام 2013 هي سحوبات كبيرة من المخزون النفطي خلال الربع الرابع من عام 2013، ليجعل مستوى المخزون أقل من أدنى مستوى سجّله في عام 1999، ويسود الاعتقاد أن مستوى المخزون يقدم دعما لأسعار النفط خلال الأشهر القادمة في عام 2014، لتبقى تفوق 100 دولار للبرميل.
وتتوقع الشركات الخدماتية النفطية – شالمبرجير، هاليبيرتون، وبيكر هيوز- أن يشهد الطلب على خدماتها ارتفاعا كبيرا في أسواق الشرق مع توقعات زيادة نشاط الاستكشاف والتنقيب والإنتاج في بلدان كثيرة ومن بينها العراق، السعودية، الإمارات، الكويت ومستقبلاً إيران والتي لا تزال تتفاوض مع عدد من الشركات العالمية من أجل ضمان تطوير قطاع الإنتاج في إيران.
تجارة الديزل تحتل أهمية كبيرة حيث تتنافس المصافي لرفع حجم هذا المنتج في السوق والذي يمثل نسبه كبيره من إجمالي الاستهلاك العالمي من المنتجات البترولية ويستمر في التنامي، ولذلك فالديزل من المنتجات ذات القيمة العالية والمردود الممتاز للمصافي، ولكن تبدو الصورة ربما يشوبها بعض المحاذير بدءًا من عام 2014 حيث من المتوقع تشغيل مصفاة جبيل السعودية خلال شهر إبريل 2014، ثم مصفاة ينبع في شهر سبتمبر 2014 وتنتج المصفاتين ديزل بمواصفات أوروبية يقل فيها المحتوى الكبريتي إلى حد كبير، كذلك فإن مصفاتين جديدتين في الصين تبدأ العمل في الربع الأول من عام 2014، وتمتلك القدرات على إنتاج الديزل بمواصفات عالمية، إن تشغيل المصافي يعني وفرة في منتج الديزل في السوق في توقيت تشهد اقتصادات آسيا تباطؤا، وهو ما يؤثر سلباً في سوق الديزل في عام 2014 وهو أمر يمكن ملاحظة تأثيره من خلال المفاوضات القادمة حول تجديد عقود الديزل في عام 2014، كذلك ارتفاع المتوفر من منتج الديزل في السوق الفورية وهو ما سيؤثر في هوامش أرباح المصافي بصفة عامة.
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية




مساحة إعلانية
نعم، أصبحنا نعيش زمنًا يُتاجر فيه بالفكر كما يُتاجر بالبضائع، تُباع فيه الشهادات كما تُباع السلع، وتُؤجّر فيه المنصات التدريبية كما تُؤجّر القاعات لحفلات المناسبات. هو زمنٌ تحوّلت فيه «المعرفة إلى سلعة» تُسعَّر، لا رسالة تُؤدَّى. تتجلّى مظاهر «الاتّجار المعرفي» اليوم في صور عديدة، لعلّ أبرزها «المؤتمرات والملتقيات التدريبية والأكاديمية» التي تُقام بأسماء لامعة وشعارات براقة، يدفع فيها الحضور مبالغ طائلة تحت وعودٍ بالمحتوى النوعي والتبادل العلمي، ثم لا يخرج منها المشاركون إلا بأوراق تذكارية وصورٍ للمنصات! وهنا «العجيب من ذلك، والأغرب من ذلك»، أنك حين تتأمل هذه الملتقيات، تجدها تحمل أربعة أو خمسة شعارات لمؤسساتٍ وجهاتٍ مختلفة، لكنها في الحقيقة «تعود إلى نفس المالك أو الجهة التجارية ذاتها»، تُدار بأسماء متعدّدة لتُعطي انطباعًا بالتنوّع والمصداقية، بينما الهدف الحقيقي هو «تكرار الاستفادة المادية من الجمهور نفسه». هذه الفعاليات كثير منها أصبح سوقًا مفتوحًا للربح السريع، لا للعلم الراسخ؛ تُوزَّع فيها الجوائز بلا معايير، وتُمنح فيها الألقاب بلا استحقاق، وتُقدَّم فيها أوراق بحثية أو عروض تدريبية «مكرّرة، منسوخة، أو بلا أثرٍ معرفي حقيقي». وهذا الشكل من الاتّجار لا يقل خطورة عن سرقة البيانات أو بيع الحقائب التدريبية، لأنه يُفرغ الفضاء الأكاديمي من جوهره، ويُحوّل «الجهد العلمي إلى طقسٍ استعراضي» لا يصنع معرفة ولا يضيف قيمة. فالمعرفة الحقيقية لا تُشترى بتذكرة حضور، ولا تُختزل في شعار مؤتمر، ولا تُقاس بعدد الصور المنشورة في مواقع التواصل. من جهةٍ أخرى، يتخذ الاتّجار بالمعرفة اليوم وجهًا «رقميًا سيبرانيًا أكثر تعقيدًا»؛ إذ تُباع البيانات البحثية والمقررات الإلكترونية في «الأسواق السوداء للمعلومات»، وتُسرق الأفكار عبر المنصات المفتوحة، ويُعاد تسويقها تحت أسماء جديدة دون وعيٍ أو مساءلة. لقد دخلنا مرحلة جديدة من الاتّجار لا تقوم على الجسد، بل على «استغلال العقول»، حيث يُسرق الفكر ويُباع الإبداع تحت غطاء “التعاون الأكاديمي” أو “الفرص البحثية”. ولذلك، فإن الحديث عن «أمن المعرفة» و»السلامة السيبرانية في التعليم والتدريب» لم يعد ترفًا، بل ضرورة وجودية لحماية رأس المال الفكري للأمم. على الجامعات ومراكز التدريب أن تنتقل من مرحلة التباهي بعدد المؤتمرات إلى مرحلة «قياس الأثر المعرفي الحقيقي»، وأن تُحاكم جودة المحتوى لا عدد المشاركين. الاتّجار بالمعرفة جريمة صامتة، لكنها أخطر من كل أشكال الاتّجار الأخرى، لأنها «تسرق الإنسان من داخله»، وتقتل ضميره المهني قبل أن تمس جيبه. وحين تتحوّل الفكرة إلى تجارة، والمعرفة إلى وسيلة للشهرة، يفقد العلم قدسيته، ويصبح المتعلم مستهلكًا للوهم لا حاملًا للنور.
6678
| 27 أكتوبر 2025
المسيرات اليوم تملأ السماء، تحلّق بأجنحةٍ معدنيةٍ تلمع تحت وهج الشمس، تُقاد من بعيدٍ بإشاراتٍ باردةٍ لا تعرف الرحمة. تطير ولا تفكر، تضرب ولا تتردد، تعود أحيانًا أو ربما تنتحر. لا فرحَ بالنصر، ولا ندمَ على الدم. طائراتٌ بلا طيارٍ، ولكنها تذكّرنا بالبشر الذين يسيرون على الأرض بلا وعيٍ ولا بوصلة. لقد صار في الأرض مسيَّراتٌ أخرى، لكنها من لحمٍ ودم، تُدار من وراء الشاشات، وعبر المنصات، حيث تُضغط أزرار العقول وتُعاد برمجتها بصمتٍ وخُبث. كلاهما – الآلة والإنسان – مُسيَّر، غير أن الثانية أخطر، لأنها تغتال العقل قبل الجسد، وتُطفئ الوعي قبل الحياة، وتستهدف الصغير قبل الكبير، لأنه الهدف الأغلى عندها. تحوّل الإنسان المعاصر شيئًا فشيئًا إلى طائرةٍ بشريةٍ بلا طيار، يُقاد من برجٍ افتراضي لا يُرى، اسمه “الخوارزميات”، تُرسل إليه الأوامر في هيئة إشعاراتٍ على هاتفه أو جهازه الذي يعمل عليه، فيغيّر مساره كما تُغيّر الطائرة اتجاهها عند تلقّي الإشارة. يغضب حين يُؤمر، ويُصفّق حين يُطلب منه التصفيق، ويتحدث بلسان غيره وهو يظن أنه صوته. صار نصفه آليًّا ونصفه الآخر بشريًّا، مزيجًا من لحمٍ وإشارة، من شعورٍ مُبرمجٍ وسلوكٍ مُوجَّه. المسيرة حين تُطلِق قذيفتها أو تصطدم تُحدث دمارًا يُرى بالعين، أمّا المسيرة البشرية فحين تُطلِق كلمتها تُحدث دمارًا لا يُرى، ينفجر في القيم والمبادئ، ويترك رمادًا في النفوس، وشظايا في العقول، وركامًا من الفوضى الأخلاقية. إنها تخترق جدران البيوت وتهدم أنفاق الخصوصية، وتصنع من النشء جنودًا افتراضيين بلا أجر، يحملون رايات التدمير وهم يظنون أنهم يصنعون المجد. المسيرة المعدنية تحتاج إلى طاقةٍ لتطير، أمّا المسيرة البشرية فتحتاج فقط إلى “جهلٍ ناعمٍ” يجعل أفئدتها هواءً. ويُخيَّل للمرء أن العالم بأسره قد صار غرفةَ تحكّمٍ واحدة، تُدار بمنهجٍ وفكرٍ وخطة، وأننا جميعًا طائراتٌ صغيرة تدور في مساراتٍ مرسومة، لا تملك حرية رفرفة جناحٍ واحدةٍ خارج هذه الحدود. من يملك الإعلام يملك السماء، ومن يملك البيانات يملك العقول، ومن يملك كليهما، هنا يكمن الخطرُ كلُّه. لكن السؤال الذي يفرض نفسه: كيف نحمي أبناءنا ومجتمعاتنا من أن يصبحوا مسيَّراتٍ بشريةً أخرى؟ كيف نُعيد إليهم جهاز الملاحة الداخلي الذي خُطِف من أيديهم؟ الجواب يبدأ من التربية الواعية التي تُعلّم الطفل أن يسأل قبل أن يُصدّق، وأن يتحقّق قبل أن ينقل، وأن يفكّر قبل أن يحكم. نحتاج إلى مؤسساتٍ وهيئاتٍ تُنمّي مهارة التفكير النقدي، وإعلامٍ يُحرّر لا يُبرمج، وأُسَرٍ تُعلّم أبناءها التمييز بين الصوت الحقيقي وضجيج التقليد، وبين المنابر الحرة والخُطب المصنوعة. فالوعي لا يُوهَب، بل يُصنَع بالتجربة والتأمل والسؤال. ثم تأتي القدوة الحيّة، فالمجتمع لا يتغيّر بالمواعظ فقط، بل بالنماذج. حين يرى الجيل من يفكّر بحرية، ويتحدث بمسؤولية، ويرفض الانقياد الأعمى، سيتعلم أن الحرية ليست في كسر القيود، بل في معرفة من صنعها ولماذا. وأخيرًا، علينا أن نُعلّم أبناءنا أن التحكم في النفس أعظم من التحكم في آلة. فشخصٌ واحد قد يصنع مئات الآلات، ولكن آلاف الآلات لا تصنع إنسانًا واحدًا. ليست كل حربٍ تُخاض بالسلاح، فبعضها تُخاض بالعقول. والمنتصر الحقيقي هو من يبقى ممسكًا بجهاز تحكمه الداخلي، مستقلًّا لا يتأثر بالموجِّهات والمُشوِّشات. إن إنقاذ الجيل لا يكون بإغلاق السماء، بل بتنوير العقول. فحين يتعلم الإنسان كيف يطير بوعيه، لن يستطيع أحد أن يُسيّره بعد اليوم أو يُسقطه.
2751
| 28 أكتوبر 2025
كان المدرج في زمنٍ مضى يشبه قلبًا يخفق بالحياة، تملؤه الأصوات وتشتعل فيه الأرواح حماسةً وانتماء. اليوم، صار صامتًا كمدينةٍ هجرتها أحلامها، لا صدى لهتاف، ولا ظلّ لفرح. المقاعد الباردة تروي بصمتها حكاية شغفٍ انطفأ، والهواء يحمل سؤالًا موجعًا: كيف يُمكن لمكانٍ كان يفيض بالحب أن يتحول إلى ذاكرةٍ تنتظر من يوقظها من سباتها؟ صحيح أن تراجع المستوى الفني لفرق الأندية الجماهيرية، هو السبب الرئيسي في تلك الظاهرة، إلا أن المسؤول الأول هو السياسات القاصرة للأندية في تحفيز الجماهير واستقطاب الناشئة والشباب وإحياء الملاعب بحضورهم. ولنتحدث بوضوح عن روابط المشجعين في أنديتنا، فهي تقوم على أساس تجاري بدائي يعتمد مبدأ المُقايضة، حين يتم دفع مبلغ من المال لشخص أو مجموعة أشخاص يقومون بجمع أفراد من هنا وهناك، ويأتون بهم إلى الملعب ليصفقوا ويُغنّوا بلا روح ولا حماسة، انتظاراً لانتهاء المباراة والحصول على الأجرة التي حُدّدت لهم. على الأندية تحديث رؤاها الخاصة بروابط المشجعين، فلا يجوز أن يكون المسؤولون عنها أفراداً بلا ثقافة ولا قدرة على التعامل مع وسائل الإعلام، ولا كفاءة في إقناع الناشئة والشباب بهم. بل يجب أن يتم اختيارهم بعيداً عن التوفير المالي الذي تحرص عليه إدارات الأندية، والذي يدل على قصور في فهم الدور العظيم لتلك الروابط. إن اختيار أشخاص ذوي ثقافة وطلاقة في الحديث، تُناط بهم مسؤولية الروابط، سيكون المُقدمة للانطلاق إلى البيئة المحلية التي تتواجد فيها الأندية، ليتم التواصل مع المدارس والتنسيق مع إداراتها لعقد لقاءات مع الطلاب ومحاولة اجتذابهم إلى الملاعب من خلال أنشطة يتم خلالها تواجد اللاعبين المعروفين في النادي، وتقديم حوافز عينية. إننا نتحدث عن تكوين جيل من المشجعين يرتبط نفسياً بالأندية، هو جيل الناشئة والشباب الذي لم يزل غضاً، ويمتلك بحكم السن الحماسة والاندفاع اللازمين لعودة الروح إلى ملاعبنا. وأيضاً نلوم إعلامنا الرياضي، وهو إعلام متميز بإمكاناته البشرية والمادية، وبمستواه الاحترافي والمهني الرفيع. فقد لعب دوراً سلبياً في وجود الظاهرة، من خلال تركيزه على التحليل الفني المُجرّد، ومخاطبة المختصين أو الأجيال التي تخطت سن الشباب ولم يعد ممكناً جذبها إلى الملاعب بسهولة، وتناسى إعلامنا جيل الناشئة والشباب ولم يستطع، حتى يومنا، بلورة خطاب إعلامي يلفت انتباههم ويُرسّخ في عقولهم ونفوسهم مفاهيم حضارية تتعلق بالرياضة كروح جماهيرية تدفع بهم إلى ملاعبنا. كلمة أخيرة: نطالب بمبادرة رياضية تعيد الجماهير للمدرجات، تشعل شغف المنافسة، وتحوّل كل مباراة إلى تجربة مليئة بالحماس والانتماء الحقيقي.
2352
| 30 أكتوبر 2025