رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
التحيز ضد الإسلام -على عكس التحيز ضد السود، اللاتينيين، المرأة، الشواذ- يبدو أمراً مقبولاً في الولايات المتحدة. ولذا جاءت تصريحات المرشحين الجمهوريين للانتخابات الرئاسية بخصوص الإسلام والمسلمين متجاوزة للحدود الطبيعية في النقد. فعلى العكس من حملة التزلف لليهود التي تسبق أي موسم انتخابي، تبدأ حملة موازية من الانتقادات الموجهة للإسلام والمسلمين كطقس ثابت ودوري، وبدلاً من تقديم الوعود الانتخابية للمسلمين، يتباري المرشحون في توجيه أكبر كم من الانتقادات لهم ولدينهم الذي يعتنقونه. نستعرض في هذا المقال تصريحات ستة من هؤلاء المرشحين (ليس من بينهم جيب بوش وتيد كروز اللذان استعرضنا طرفا من خطابهم السياسي في مقالات سابقة).
في سياق الملاحظات السلبية عن الإسلام عادة ما يأتي المرشح الجمهوري ليندساي جراهام في المقدمة، إذ يحمل هذا المرشح موقفا سلبيا من الشرق الأوسط بشكل عام، ولكنه يركز عداءه تجاه من وصفهم بالجماعات الإسلامية المتشددة، ممن يريدون أن يكون لدينهم السيادة على العالم. ويعتقد جراهام أن ما تواجهه الولايات المتحدة هو حرب دينية تستهدف قتل كل المسيحيين وتدمير إسرائيل، ولهذا يتعين "التصدي لها بالقوة المناسبة". ويؤكد جراهام، على أن هذه الحرب الدينية، لم تبدأها الولايات المتحدة ولكن سيتعين عليها إنهاءها.
ويعتبر جراهام أن الوقت هو وقت الحرب، وأنه لا مكان للسلام في المنطقة، "فالمنظمات الإرهابية صارت أعدادها أضخم، وإمكاناتها أعقد، وأصبحت تعمل بحرية أكبر"، ويرى أن دوره يتمثل في إبقاء الحرب بعيدا عن الولايات المتحدة، وذلك بمهاجمة الإرهابيين في عقر دارهم، قبل أن يتسنى لهم مهاجمة الولايات المتحدة على أراضيها، فهدفه أن ينقب عمن يهددون الولايات المتحدة وقتلهم "لأنه لا بديل سوى ذلك".
المرشح الثاني على قائمة الأشرار هو ريك سانتوروم عضو مجلس الشيوخ ومنتج الأفلام الدينية. يؤيد سانتوروم التدخل والعقوبات الاقتصادية ضد الدول الراعية للإرهاب. ويلخص الصراع في الشرق الأوسط بأنه نتاج معركة قديمة بين الغرب وأولئك الذين يرون العالم بطريقة "مختلفة جذريا"— يقصد المسلمين. وخلال كلمته أمام تجمع من أنصاره أوضح سانتوروم عن قناعته بوجود خط فارق بين "العالم الإسلامي" و"العالم الغربي"، معتبرا أن صراع أمريكا الحالي مع الدولة الإسلامية في العراق وسوريا يعكس "صراعا أكبر بين الحضارات"، ويعتقد سانتوروم "أن المسيحية قد تجاوزت العنف الذي تمارسه الجماعات الإسلامية. فرغم أن سانتوروم يقر بأن"المسيحية قد انتشرت بحد السيف، إلا أنه يستدرك "إن هذا لم يعد يحدث حالياً" فوفقا له.. "لم يعد هناك مسيحي يخرج من أجل الجهاد"، ويضيف سانتوروم "إن العالم الغربي أصبح مرادفا للحرية الدينية وحرية الضمير، وبات الغربيون مقتنعين أن التفاهم هو السبيل لنشر الدين، أما في الإسلام فإن ثمة مشكلة تأسيسية تجاه قضايا الحرية الدينية وحرية الرأي بشكل عام، "فقيم مثل المساواة لم تنبع من الإسلام وإنما من إله إبراهيم وإسحاق ويعقوب"!
المرشح من أصل هندي "بوبي جندال" انضم إلى قائمة المهاجمين، من زاوية انتقاد قوانين الهجرة الحالية، معتبرا أن ما يقوم به بعض المهاجرين المسلمين (من عمليات إرهابية) لا يمكن أن يصنف تحت بند الهجرة ولكن الغزو، ومؤكداً أن بعض المسلمين يأتون إلى أمريكا لتغيير قيم الأمريكيين وثقافتهم، فيما يشكل احتلالاً للأراضي والقيم الأمريكية، وطالب من ثَمَّ بتشديد قوانين الهجرة لفرز من يصل إلى أمريكا منهم. معتبرا أنه لا بأس من ممارسة بعض التمييز السلبي إزاء المهاجرين المسلمين. ولم تتوقف ملاحظات جيندال السلبية على المهاجرين، ولكنه تعداها للمسلمين عبر العالم، مطالبا هؤلاء بأن يدينوا بالقول والفعل الإرهاب الذي يتم باسم الدين، وإلا أصبحوا شركاء فيه.
المرشح دونالد ترمب بدوره، يعتبر أن هناك مشكلة تخص الإسلام من حيث هو دين، ويرى أن هناك طاقة كراهية هائلة بداخله، ولا يصدق أن اللاجئين المسلمين يتدفقون إلى الولايات المتحدة بسهولة تفوق تلك التي يتدفق بها اللاجئون من المسيحيين، معتبرا هذا أمرا يجب عكسه فورا.
أما المرشح ماركو روبيو فيقترح منع منح أي تأشيرات دخول جديدة للمسلمين خصوصا من الشباب، على اعتبار أنه إذا كان الوقت لا يسمح بالتعامل مع كل المسلمين الذين دخلوا بالفعل واستقروا في الولايات المتحدة فإن أقل شيء أن يمنع أي مسلمين جدد من دخول الأراضي الأمريكية.
المرشح السادس على القائمة السوداء هو مايك هاكابي، الذي انتقد أوباما لكون "كل شيء يفعله هو ضد المسيحيين، واليهود في إسرائيل. وفي صالح المسلمين". ومما يأخذه هاكابي على أوباما أنه في كل مرة يدين فيها أفعال الجماعات الإسلامية المتشددة فإنه يقارنها بما فعله المسيحيون أثناء الحملات الصليبية. وعندما أعلنت مدينة نيويورك أن المدارس العامة ستغلق في أعياد المسلمين، اعترض هاكابي بالقول إنه ليس بمستبعد على المسلمين أن يمارسوا العنف حتى في أعيادهم.
البعض يرى أن العداء الجمهوري (الذي تنضح به عبارات هؤلاء المرشحين) ضد الإسلام والمسلمين والذي يفوق ما كان سائدا في أعقاب هجمات الحادي عشر من سبتمبر يرجع بالأساس إلى ميراث "الحرب على الإرهاب" التي بدأها بوش الابن. فالجمهوريون من أنصار نظرية العدو الضروري، يتوجهون، بعد انهيار الاتحاد السوفيتي، بطاقة الكراهية التي يحملونها للإسلام ومعتنقيه. فيما يرى آخرون أن ميراث العداء يسبق ذلك التاريخ، وأنه انتظر السياق المناسب لكي يفصح عن نفسه. وأيا ما كان الأمر فإن الخطير بحق أن تكون تلك الانتقادات المتلاحقة من المرشحين المحتملين مقدمة لحملة مكارثية جديدة لا تطال فقط مسلمي الشرق الأوسط ولكن أيضا مسلمي الولايات المتحدة، وذلك إذا ما نجح أحد هؤلاء المتطرفين من الوصول إلى المكتب البيضاوي في يناير القادم.
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية




مساحة إعلانية
المسيرات اليوم تملأ السماء، تحلّق بأجنحةٍ معدنيةٍ تلمع تحت وهج الشمس، تُقاد من بعيدٍ بإشاراتٍ باردةٍ لا تعرف الرحمة. تطير ولا تفكر، تضرب ولا تتردد، تعود أحيانًا أو ربما تنتحر. لا فرحَ بالنصر، ولا ندمَ على الدم. طائراتٌ بلا طيارٍ، ولكنها تذكّرنا بالبشر الذين يسيرون على الأرض بلا وعيٍ ولا بوصلة. لقد صار في الأرض مسيَّراتٌ أخرى، لكنها من لحمٍ ودم، تُدار من وراء الشاشات، وعبر المنصات، حيث تُضغط أزرار العقول وتُعاد برمجتها بصمتٍ وخُبث. كلاهما – الآلة والإنسان – مُسيَّر، غير أن الثانية أخطر، لأنها تغتال العقل قبل الجسد، وتُطفئ الوعي قبل الحياة، وتستهدف الصغير قبل الكبير، لأنه الهدف الأغلى عندها. تحوّل الإنسان المعاصر شيئًا فشيئًا إلى طائرةٍ بشريةٍ بلا طيار، يُقاد من برجٍ افتراضي لا يُرى، اسمه “الخوارزميات”، تُرسل إليه الأوامر في هيئة إشعاراتٍ على هاتفه أو جهازه الذي يعمل عليه، فيغيّر مساره كما تُغيّر الطائرة اتجاهها عند تلقّي الإشارة. يغضب حين يُؤمر، ويُصفّق حين يُطلب منه التصفيق، ويتحدث بلسان غيره وهو يظن أنه صوته. صار نصفه آليًّا ونصفه الآخر بشريًّا، مزيجًا من لحمٍ وإشارة، من شعورٍ مُبرمجٍ وسلوكٍ مُوجَّه. المسيرة حين تُطلِق قذيفتها أو تصطدم تُحدث دمارًا يُرى بالعين، أمّا المسيرة البشرية فحين تُطلِق كلمتها تُحدث دمارًا لا يُرى، ينفجر في القيم والمبادئ، ويترك رمادًا في النفوس، وشظايا في العقول، وركامًا من الفوضى الأخلاقية. إنها تخترق جدران البيوت وتهدم أنفاق الخصوصية، وتصنع من النشء جنودًا افتراضيين بلا أجر، يحملون رايات التدمير وهم يظنون أنهم يصنعون المجد. المسيرة المعدنية تحتاج إلى طاقةٍ لتطير، أمّا المسيرة البشرية فتحتاج فقط إلى “جهلٍ ناعمٍ” يجعل أفئدتها هواءً. ويُخيَّل للمرء أن العالم بأسره قد صار غرفةَ تحكّمٍ واحدة، تُدار بمنهجٍ وفكرٍ وخطة، وأننا جميعًا طائراتٌ صغيرة تدور في مساراتٍ مرسومة، لا تملك حرية رفرفة جناحٍ واحدةٍ خارج هذه الحدود. من يملك الإعلام يملك السماء، ومن يملك البيانات يملك العقول، ومن يملك كليهما، هنا يكمن الخطرُ كلُّه. لكن السؤال الذي يفرض نفسه: كيف نحمي أبناءنا ومجتمعاتنا من أن يصبحوا مسيَّراتٍ بشريةً أخرى؟ كيف نُعيد إليهم جهاز الملاحة الداخلي الذي خُطِف من أيديهم؟ الجواب يبدأ من التربية الواعية التي تُعلّم الطفل أن يسأل قبل أن يُصدّق، وأن يتحقّق قبل أن ينقل، وأن يفكّر قبل أن يحكم. نحتاج إلى مؤسساتٍ وهيئاتٍ تُنمّي مهارة التفكير النقدي، وإعلامٍ يُحرّر لا يُبرمج، وأُسَرٍ تُعلّم أبناءها التمييز بين الصوت الحقيقي وضجيج التقليد، وبين المنابر الحرة والخُطب المصنوعة. فالوعي لا يُوهَب، بل يُصنَع بالتجربة والتأمل والسؤال. ثم تأتي القدوة الحيّة، فالمجتمع لا يتغيّر بالمواعظ فقط، بل بالنماذج. حين يرى الجيل من يفكّر بحرية، ويتحدث بمسؤولية، ويرفض الانقياد الأعمى، سيتعلم أن الحرية ليست في كسر القيود، بل في معرفة من صنعها ولماذا. وأخيرًا، علينا أن نُعلّم أبناءنا أن التحكم في النفس أعظم من التحكم في آلة. فشخصٌ واحد قد يصنع مئات الآلات، ولكن آلاف الآلات لا تصنع إنسانًا واحدًا. ليست كل حربٍ تُخاض بالسلاح، فبعضها تُخاض بالعقول. والمنتصر الحقيقي هو من يبقى ممسكًا بجهاز تحكمه الداخلي، مستقلًّا لا يتأثر بالموجِّهات والمُشوِّشات. إن إنقاذ الجيل لا يكون بإغلاق السماء، بل بتنوير العقول. فحين يتعلم الإنسان كيف يطير بوعيه، لن يستطيع أحد أن يُسيّره بعد اليوم أو يُسقطه.
2856
| 28 أكتوبر 2025
كان المدرج في زمنٍ مضى يشبه قلبًا يخفق بالحياة، تملؤه الأصوات وتشتعل فيه الأرواح حماسةً وانتماء. اليوم، صار صامتًا كمدينةٍ هجرتها أحلامها، لا صدى لهتاف، ولا ظلّ لفرح. المقاعد الباردة تروي بصمتها حكاية شغفٍ انطفأ، والهواء يحمل سؤالًا موجعًا: كيف يُمكن لمكانٍ كان يفيض بالحب أن يتحول إلى ذاكرةٍ تنتظر من يوقظها من سباتها؟ صحيح أن تراجع المستوى الفني لفرق الأندية الجماهيرية، هو السبب الرئيسي في تلك الظاهرة، إلا أن المسؤول الأول هو السياسات القاصرة للأندية في تحفيز الجماهير واستقطاب الناشئة والشباب وإحياء الملاعب بحضورهم. ولنتحدث بوضوح عن روابط المشجعين في أنديتنا، فهي تقوم على أساس تجاري بدائي يعتمد مبدأ المُقايضة، حين يتم دفع مبلغ من المال لشخص أو مجموعة أشخاص يقومون بجمع أفراد من هنا وهناك، ويأتون بهم إلى الملعب ليصفقوا ويُغنّوا بلا روح ولا حماسة، انتظاراً لانتهاء المباراة والحصول على الأجرة التي حُدّدت لهم. على الأندية تحديث رؤاها الخاصة بروابط المشجعين، فلا يجوز أن يكون المسؤولون عنها أفراداً بلا ثقافة ولا قدرة على التعامل مع وسائل الإعلام، ولا كفاءة في إقناع الناشئة والشباب بهم. بل يجب أن يتم اختيارهم بعيداً عن التوفير المالي الذي تحرص عليه إدارات الأندية، والذي يدل على قصور في فهم الدور العظيم لتلك الروابط. إن اختيار أشخاص ذوي ثقافة وطلاقة في الحديث، تُناط بهم مسؤولية الروابط، سيكون المُقدمة للانطلاق إلى البيئة المحلية التي تتواجد فيها الأندية، ليتم التواصل مع المدارس والتنسيق مع إداراتها لعقد لقاءات مع الطلاب ومحاولة اجتذابهم إلى الملاعب من خلال أنشطة يتم خلالها تواجد اللاعبين المعروفين في النادي، وتقديم حوافز عينية. إننا نتحدث عن تكوين جيل من المشجعين يرتبط نفسياً بالأندية، هو جيل الناشئة والشباب الذي لم يزل غضاً، ويمتلك بحكم السن الحماسة والاندفاع اللازمين لعودة الروح إلى ملاعبنا. وأيضاً نلوم إعلامنا الرياضي، وهو إعلام متميز بإمكاناته البشرية والمادية، وبمستواه الاحترافي والمهني الرفيع. فقد لعب دوراً سلبياً في وجود الظاهرة، من خلال تركيزه على التحليل الفني المُجرّد، ومخاطبة المختصين أو الأجيال التي تخطت سن الشباب ولم يعد ممكناً جذبها إلى الملاعب بسهولة، وتناسى إعلامنا جيل الناشئة والشباب ولم يستطع، حتى يومنا، بلورة خطاب إعلامي يلفت انتباههم ويُرسّخ في عقولهم ونفوسهم مفاهيم حضارية تتعلق بالرياضة كروح جماهيرية تدفع بهم إلى ملاعبنا. كلمة أخيرة: نطالب بمبادرة رياضية تعيد الجماهير للمدرجات، تشعل شغف المنافسة، وتحوّل كل مباراة إلى تجربة مليئة بالحماس والانتماء الحقيقي.
2487
| 30 أكتوبر 2025
حينَ شقَّ الاستعمار جسدَ الأمة بخطوطٍ من حديد وحدودٍ من نار، انقطعت شرايين الأخوة التي كانت تسقي القلوب قبل أن تربط الأوطان. تمزّقت الخريطة، وتبعثرت القلوب، حتى غدا المسلم يسأل ببرودٍ مريب: ما شأني بفلسطين؟! أو بالسودان ؟! أو بالصين ؟! ونَسِيَ أنَّ تعاطُفَه عبادةٌ لا عادة، وإيمانٌ لا انفعال، وأنّ مَن لم يهتمّ بأمر المسلمين فليس منهم. لقد رسم الاستعمار حدودهُ لا على الورق فحسب، بل في العقول والضمائر، فزرعَ بين الإخوة أسوارا من وهم، وأوقد في الصدورِ نارَ الأحقادِ والأطماع. قسّم الأرضَ فأضعفَ الروح، وأحيا العصبيةَ فقتلَ الإنسانية. باتَ المسلمُ غريبًا في أرضه، باردًا أمام جراح أمّته، يشاهدُ المجازرَ في الفاشر وغزّة وفي الإيغور وكأنها لقطات من كوكب زحل. ألا يعلم أنَّ فقدَ الأرضِ يسهلُ تعويضُه، أمّا فقد الأخِ فهلاكٌ للأمّة؟! لقد أصبح الدينُ عند كثيرين بطاقة تعريفٍ ثانوية بعدَ المذهبِ والقبيلةِ والوطن، إنّ العلاجَ يبدأُ من إعادةِ بناءِ الوعي، من تعليمِ الجيلِ أنّ الإسلام لا يعرف حدودًا ولا يسكنُ خرائطَ صمّاء، وأنّ نُصرةَ المظلومِ واجبٌ شرعيٌّ، لا خِيارٌا مزاجيّا. قال النبي صلى الله عليه وسلم (مثلُ المؤمنين في توادِّهم وتراحمِهم «وتعاطُفِهم» كمثلِ الجسدِ الواحد، إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائرُ الجسدِ بالسهرِ والحمّى). التعاطف عبادة، التعاطف مطلب، التعاطف غاية، التعاطف هدف، التعاطف إنسانية وفطرة طبيعية، لذلك فلننهضْ بإعلامٍ صادقٍ يذكّرُ الأمةَ أنّها جسدٌ واحدٌ لا أطرافا متناحرة، وبعمل جماعي يترجمُ الأخوّةَ إلى عطاءٍ، والتكافلَ إلى فعلٍ لا شعار. حين يعودُ قلبُ المسلم يخفقُ في المغربِ فيسقي عروقَه في المشرق، وتنبضُ روحهُ في الشمالِ فتلهم الجنوبَ، حينئذٍ تُهدَمُ حدودُ الوهم، وتُبعثُ روحُ الأمةِ من رمادِ الغفلة، وتستعيدُ مجدَها الذي هو خير لها وللناس جميعاً قال تعالى (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ). عندها لن تبقى للأمّة خرائط تُفرّقها،. وتغدو حدود وخطوط أعدائنا التي علينا سرابًا تذروه الرياح، وتتقطع خيوطُ العنكبوتِ التي سحروا أعيننا بوهم قيودها التي لا تنفك. فإذا استيقظَ الوجدان تعانقَ المشرقُ والمغربُ في جسدٍ واحد يهتفُ بصوتٍ واحد فداك أخي.
2061
| 04 نوفمبر 2025