رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
يمكن النظر إلى العلاقة بين الجسد والوطن من أكثر من زاوية، فالوطن هو ذلك الجسد المعنوى، والجسد هو ذلك الوطن المادي، الوطن هو الوجود الممتد، والجسد هو الوجود الضيق. وتنعكس على الجسد كل معالم وثقافة وخصائص وملامح الوطن الكبير، فالإنسان يدرك الوطن من خلال ذاته، قبل أن يدخل فى أي علاقات مع الآخرين، وقبل أن يتحمل بالالتزامات أو يكتسب الحقوق التي يخوله إياها انتماؤه إلى وطن بعينه.
والترادف بين الوطن والجسد يبدو أمرا مألوفا، وبخاصة فى أوقات الحروب، فانتهاك أجساد المواطنين يمثل فعلاً مقصودا من قبل "العدو" لتحطيم كبريائهم الوطني، أو لتحطيم رمزية الوطن الذي يمثلونه أو ينتمون إليه، ولذا كان الصهاينة يحرصون على تصوير أسراهم من العرب في أوضاع مهينة ومخجلة، ليحطموا معنى الوطن في نفوسهم من ناحية، ويزعزعوا الأوطان التي ينتمون إليها من ناحية ثانية، وذلك على اعتبار أن انتهاك الأجساد بالأسر والتعذيب والقتل والتشويه هو بمعنى من المعاني إذلال للوطن الذي ينتمي إليه هؤلاء.
ولا يعنى ما سبق أن الجسد المعبر عن الوطن هو فقط جسد الجندي بما يرمز إليه من قوة وبسالة، ولكن كذلك جسد الفرد العادي، بضعفه وهشاشته، جسد الفرد الذي قدر له ان يحيا على أرض بعينها فى زمن بعينه. بحيث يمكن القول إن انتهاك جسد أضعف مواطن هو انتهاك للوطن بأكمله، وان إهانة جسد أقل الناس شأنا هي إهانة لدولته التي ينتمي إليها. ومن هنا نفهم حرص الدول الغربية على كرامة مواطنيها فى أوقات السلم وفي أوقات الحرب، وتدخلها فورا لإزالة أى انتهاك او امتهان قد يتعرضون له.
أما في أوطاننا فالأمر الغريب أن يأتي انتهاك وامتهان الأفراد على يد مواطنيهم، وبواسطة المؤسسات التي أنشئت في الأصل لتحافظ عليهم، والتي كان يفترض فيها ألا تستبيح أجساد أبنائها، فتنتزع بذلك معاني الوطنية من نفوسهم، أو تحدث انفصاما بلا رجعة في قلوبهم بين ثنائية الوطن والجسد، فلا يعودوا يشعرون بما يربطهم بأوطانهم من وشائج وصلات.
لقد أدركت الأنظمة الأكثر رقيا أهمية هذه الثنائية فأقلعت عن معظم العقوبات المهينة للكرامة والمحطمة لمعاني الانتماء، وانصرف تركيزها على تأكيد حتمية العقوبة لتحقيق الردع، كما توقفت عن اعتبار الإسراف فى العنف تأكيد للقدرة الباطشة للدولة، فتم الاستعاضة عنه بالعقوبات القانونية المجردة التي ترمي إلى تحقيق الانضباط الجسدي. بحيث لم يعد إيقاع العذاب بالأفراد تعبيرا عن قوة الدولة أو هيبتها، وإنما أصبح ينظر إليه على أنه خصم منهما معا.
وعلى العكس يشهد عالمنا العربي توسعا في اللجوء إلى إجراءات الانتهاك الجسدي للمواطنين بالاعتقال، والتعذيب، والإيذاء النفسي، وهدم المنازل، والتجريم على أساس الهويات السياسية، وانتهاء بإصدار أحكام قضائية تجافي العدالة والمنطق، كيما تضفي غلالة واهية من القانون على قرارات تسلبهم حرياتهم وحياتهم. حتى تحولت العديد من أوطاننا إلى سجون كبيرة، يدور النقاش فيها حول شروط الحبس، وظروف الاعتقال، وليس حول عدالة أو قانونية أي منهما، حتى سمعنا أحد الأكاديميين المعروفين مؤخرا يوصي بعزل المعتقلين من الشباب المقبوض عليهم لأسباب سياسية، عن المجرمين الجنائيين، على افتراض أن هذا أفضل ما يمكن أن يقدم لهؤلاء، أما مناقشة عدالة الاعتقال نفسه، آو عدالة الأحكام التي تصدر بحق هؤلاء الشباب فلم تعد تشغل بال الكثيرين. على الرغم من تأثيرها الكارثي عليهم.
إن انتهاك الأجساد هو نزع بطيء لمواطنية الأفراد، وقطع للرباط الذي يربطهم بأوطانهم، وانتهاجه كسياسة لن يسفر إلا عن نتائج كارثية، فهو كما يحرم الفرد من مزايا الانتماء إلى وطنه، فإنه يحرم الوطن من الاستفادة بولاء أبنائه وانتمائهم له، عندما يحتاج إلى اصطفافهم للدفاع عنه أو للذود عن وجوده ومصالحه.
لقد ضاقت الكثير من أوطاننا بأهلها، وأصبحت علاقتها بمواطنيها علاقة التزام من طرف واحد، فهي تحملهم بالواجبات من دون أن تمنحهم حقوقا، الأمر الذي دفع بالكثيرين إلى الانصراف إلى الاهتمام بأمنهم الشخصي وسلامة كيانهم المادي، فالأمن الجسدي، هو آخر ما تبقى لهؤلاء من معاني المواطنة. ولكن أن تتردى الأوضاع إلى حد حرمان الأفراد حتى من أمنهم الشخصي وسلامتهم الجسدية، فإن هذا ينذر بموجة جديدة من الثورات، التي لن تكون كسابقتها؛ تبتغي الحرية والعدالة والمساواة، ولكنها تبحث عما هو أكثر أولية من ذلك، وهو حماية الكينونة الشخصية والحق في الحياة.
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية




مساحة إعلانية
 
نعم، أصبحنا نعيش زمنًا يُتاجر فيه بالفكر كما يُتاجر بالبضائع، تُباع فيه الشهادات كما تُباع السلع، وتُؤجّر فيه المنصات التدريبية كما تُؤجّر القاعات لحفلات المناسبات. هو زمنٌ تحوّلت فيه «المعرفة إلى سلعة» تُسعَّر، لا رسالة تُؤدَّى. تتجلّى مظاهر «الاتّجار المعرفي» اليوم في صور عديدة، لعلّ أبرزها «المؤتمرات والملتقيات التدريبية والأكاديمية» التي تُقام بأسماء لامعة وشعارات براقة، يدفع فيها الحضور مبالغ طائلة تحت وعودٍ بالمحتوى النوعي والتبادل العلمي، ثم لا يخرج منها المشاركون إلا بأوراق تذكارية وصورٍ للمنصات! وهنا «العجيب من ذلك، والأغرب من ذلك»، أنك حين تتأمل هذه الملتقيات، تجدها تحمل أربعة أو خمسة شعارات لمؤسساتٍ وجهاتٍ مختلفة، لكنها في الحقيقة «تعود إلى نفس المالك أو الجهة التجارية ذاتها»، تُدار بأسماء متعدّدة لتُعطي انطباعًا بالتنوّع والمصداقية، بينما الهدف الحقيقي هو «تكرار الاستفادة المادية من الجمهور نفسه». هذه الفعاليات كثير منها أصبح سوقًا مفتوحًا للربح السريع، لا للعلم الراسخ؛ تُوزَّع فيها الجوائز بلا معايير، وتُمنح فيها الألقاب بلا استحقاق، وتُقدَّم فيها أوراق بحثية أو عروض تدريبية «مكرّرة، منسوخة، أو بلا أثرٍ معرفي حقيقي». وهذا الشكل من الاتّجار لا يقل خطورة عن سرقة البيانات أو بيع الحقائب التدريبية، لأنه يُفرغ الفضاء الأكاديمي من جوهره، ويُحوّل «الجهد العلمي إلى طقسٍ استعراضي» لا يصنع معرفة ولا يضيف قيمة. فالمعرفة الحقيقية لا تُشترى بتذكرة حضور، ولا تُختزل في شعار مؤتمر، ولا تُقاس بعدد الصور المنشورة في مواقع التواصل. من جهةٍ أخرى، يتخذ الاتّجار بالمعرفة اليوم وجهًا «رقميًا سيبرانيًا أكثر تعقيدًا»؛ إذ تُباع البيانات البحثية والمقررات الإلكترونية في «الأسواق السوداء للمعلومات»، وتُسرق الأفكار عبر المنصات المفتوحة، ويُعاد تسويقها تحت أسماء جديدة دون وعيٍ أو مساءلة. لقد دخلنا مرحلة جديدة من الاتّجار لا تقوم على الجسد، بل على «استغلال العقول»، حيث يُسرق الفكر ويُباع الإبداع تحت غطاء “التعاون الأكاديمي” أو “الفرص البحثية”. ولذلك، فإن الحديث عن «أمن المعرفة» و»السلامة السيبرانية في التعليم والتدريب» لم يعد ترفًا، بل ضرورة وجودية لحماية رأس المال الفكري للأمم. على الجامعات ومراكز التدريب أن تنتقل من مرحلة التباهي بعدد المؤتمرات إلى مرحلة «قياس الأثر المعرفي الحقيقي»، وأن تُحاكم جودة المحتوى لا عدد المشاركين. الاتّجار بالمعرفة جريمة صامتة، لكنها أخطر من كل أشكال الاتّجار الأخرى، لأنها «تسرق الإنسان من داخله»، وتقتل ضميره المهني قبل أن تمس جيبه. وحين تتحوّل الفكرة إلى تجارة، والمعرفة إلى وسيلة للشهرة، يفقد العلم قدسيته، ويصبح المتعلم مستهلكًا للوهم لا حاملًا للنور.
6621
| 27 أكتوبر 2025
في زمنٍ تتسارع فيه التكنولوجيا وتتصارع فيه المفاهيم، باتت القيم المجتمعية في كثيرٍ من المجتمعات العربية أقرب إلى «غرفة الإنعاش» منها إلى الحياة الطبيعية. القيم التي كانت نبض الأسرة، وعماد التعليم، وسقف الخطاب الإعلامي، أصبحت اليوم غائبة أو في أحسن الأحوال موجودة بلا ممارسة. والسؤال الذي يفرض نفسه: من يُعلن حالة الطوارئ لإنقاذ القيم قبل أن تستفحل الأزمات؟ أولاً: التشخيص: القيم تختنق بين ضجيج المظاهر وسرعة التحول: لم يعد ضعف القيم مجرد ظاهرة تربوية؛ بل أزمة مجتمعية شاملة فنحن أمام جيلٍ محاط بالإعلانات والمحتوى السريع، لكنه يفتقد النماذج التي تجسّد القيم في السلوك الواقعي. ثانياً: الأدوار المتداخلة: من المسؤول؟ إنها مسؤولية تكاملية: - وزارة التربية والتعليم: إعادة بناء المناهج والأنشطة اللاصفية على قيم العمل والانتماء والمسؤولية، وربط المعرفة بالسلوك. - وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية: تجديد الخطاب الديني بلغة العصر وتحويل المساجد إلى منصات توعية مجتمعية. - وزارة الثقافة: تحويل الفنون والمهرجانات إلى رسائل تُنعش الوعي وتُعيد تعريف الجمال بالقيمة لا بالمظهر. - وزارة الإعلام: ضبط المحتوى المرئي والرقمي بما يرسّخ الوعي الجمعي ويقدّم نماذج حقيقية. - وزارة التنمية الاجتماعية: تمكين المجتمع المدني، ودعم المبادرات التطوعية، وترسيخ احترام التنوع الثقافي باعتباره قيمة لا تهديدًا. ثالثاً: الحلول: نحو حاضنات وطنية للقيم: إن مواجهة التراجع القيمي لا تكون بالشعارات، بل بإنشاء حاضنات للقيم الوطنية تعمل مثل حاضنات الأعمال، لكنها تستثمر في الإنسان لا في المال. هذه الحاضنات تجمع التربويين والإعلاميين والمثقفين وخبراء التنمية لتصميم برامج عملية في المدارس والجامعات ومراكز الشباب تُترجم القيم إلى ممارسات يومية، وتنتج مواد تعليمية وإعلامية قابلة للتكرار والقياس. كما يمكن إطلاق مؤشر وطني للقيم يُقاس عبر استطلاعات وسلوكيات مجتمعية، لتصبح القيم جزءًا من تقييم الأداء الوطني مثل الاقتصاد والتعليم. رابعا: تكامل الوزارات:غرفة عمليات مشتركة للقيم: لا بد من إطار حوكمة ؛ • إنشاء مجلس وطني للقيم يُمثّل الوزارات والجهات الأهلية، يضع سياسة موحّدة وخطة سنوية ملزِمة. مؤشرات أداء مشتركة • تُدرج في اتفاقيات الأداء لكل وزارة • منصة بيانات موحّدة لتبادل المحتوى والنتائج تُعلن للناس لتعزيز الشفافية. • حملات وطنية متزامنة تُبث في المدارس والمساجد والمنصات الرقمية والفنون، بشعار واحد ورسائل متناسقة. • عقود شراكة مع القطاع الخاص لرعاية حاضنات القيم وبرامج القدوة، وربط الحوافز الضريبية أو التفضيلية بحجم الإسهام القيمي. الختام..... من يُعلن حالة الطوارئ؟ إنقاذ القيم لا يحتاج خطابًا جديدًا بقدر ما يحتاج إرادة جماعية وإدارة محترفة. المطلوب اليوم حاضنات قيم، ومجلس تنسيقي، ومؤشرات قياس، وتمويل مستدام. عندها فقط سننقل القيم من شعارات تُرفع إلى سلوك يُمارس، ومن دروس تُتلى إلى واقع يُعاش؛ فيحيا المجتمع، وتموت الأزمات قبل أن تولد.
6489
| 24 أكتوبر 2025
المسيرات اليوم تملأ السماء، تحلّق بأجنحةٍ معدنيةٍ تلمع تحت وهج الشمس، تُقاد من بعيدٍ بإشاراتٍ باردةٍ لا تعرف الرحمة. تطير ولا تفكر، تضرب ولا تتردد، تعود أحيانًا أو ربما تنتحر. لا فرحَ بالنصر، ولا ندمَ على الدم. طائراتٌ بلا طيارٍ، ولكنها تذكّرنا بالبشر الذين يسيرون على الأرض بلا وعيٍ ولا بوصلة. لقد صار في الأرض مسيَّراتٌ أخرى، لكنها من لحمٍ ودم، تُدار من وراء الشاشات، وعبر المنصات، حيث تُضغط أزرار العقول وتُعاد برمجتها بصمتٍ وخُبث. كلاهما – الآلة والإنسان – مُسيَّر، غير أن الثانية أخطر، لأنها تغتال العقل قبل الجسد، وتُطفئ الوعي قبل الحياة، وتستهدف الصغير قبل الكبير، لأنه الهدف الأغلى عندها. تحوّل الإنسان المعاصر شيئًا فشيئًا إلى طائرةٍ بشريةٍ بلا طيار، يُقاد من برجٍ افتراضي لا يُرى، اسمه “الخوارزميات”، تُرسل إليه الأوامر في هيئة إشعاراتٍ على هاتفه أو جهازه الذي يعمل عليه، فيغيّر مساره كما تُغيّر الطائرة اتجاهها عند تلقّي الإشارة. يغضب حين يُؤمر، ويُصفّق حين يُطلب منه التصفيق، ويتحدث بلسان غيره وهو يظن أنه صوته. صار نصفه آليًّا ونصفه الآخر بشريًّا، مزيجًا من لحمٍ وإشارة، من شعورٍ مُبرمجٍ وسلوكٍ مُوجَّه. المسيرة حين تُطلِق قذيفتها أو تصطدم تُحدث دمارًا يُرى بالعين، أمّا المسيرة البشرية فحين تُطلِق كلمتها تُحدث دمارًا لا يُرى، ينفجر في القيم والمبادئ، ويترك رمادًا في النفوس، وشظايا في العقول، وركامًا من الفوضى الأخلاقية. إنها تخترق جدران البيوت وتهدم أنفاق الخصوصية، وتصنع من النشء جنودًا افتراضيين بلا أجر، يحملون رايات التدمير وهم يظنون أنهم يصنعون المجد. المسيرة المعدنية تحتاج إلى طاقةٍ لتطير، أمّا المسيرة البشرية فتحتاج فقط إلى “جهلٍ ناعمٍ” يجعل أفئدتها هواءً. ويُخيَّل للمرء أن العالم بأسره قد صار غرفةَ تحكّمٍ واحدة، تُدار بمنهجٍ وفكرٍ وخطة، وأننا جميعًا طائراتٌ صغيرة تدور في مساراتٍ مرسومة، لا تملك حرية رفرفة جناحٍ واحدةٍ خارج هذه الحدود. من يملك الإعلام يملك السماء، ومن يملك البيانات يملك العقول، ومن يملك كليهما، هنا يكمن الخطرُ كلُّه. لكن السؤال الذي يفرض نفسه: كيف نحمي أبناءنا ومجتمعاتنا من أن يصبحوا مسيَّراتٍ بشريةً أخرى؟ كيف نُعيد إليهم جهاز الملاحة الداخلي الذي خُطِف من أيديهم؟ الجواب يبدأ من التربية الواعية التي تُعلّم الطفل أن يسأل قبل أن يُصدّق، وأن يتحقّق قبل أن ينقل، وأن يفكّر قبل أن يحكم. نحتاج إلى مؤسساتٍ وهيئاتٍ تُنمّي مهارة التفكير النقدي، وإعلامٍ يُحرّر لا يُبرمج، وأُسَرٍ تُعلّم أبناءها التمييز بين الصوت الحقيقي وضجيج التقليد، وبين المنابر الحرة والخُطب المصنوعة. فالوعي لا يُوهَب، بل يُصنَع بالتجربة والتأمل والسؤال. ثم تأتي القدوة الحيّة، فالمجتمع لا يتغيّر بالمواعظ فقط، بل بالنماذج. حين يرى الجيل من يفكّر بحرية، ويتحدث بمسؤولية، ويرفض الانقياد الأعمى، سيتعلم أن الحرية ليست في كسر القيود، بل في معرفة من صنعها ولماذا. وأخيرًا، علينا أن نُعلّم أبناءنا أن التحكم في النفس أعظم من التحكم في آلة. فشخصٌ واحد قد يصنع مئات الآلات، ولكن آلاف الآلات لا تصنع إنسانًا واحدًا. ليست كل حربٍ تُخاض بالسلاح، فبعضها تُخاض بالعقول. والمنتصر الحقيقي هو من يبقى ممسكًا بجهاز تحكمه الداخلي، مستقلًّا لا يتأثر بالموجِّهات والمُشوِّشات. إن إنقاذ الجيل لا يكون بإغلاق السماء، بل بتنوير العقول. فحين يتعلم الإنسان كيف يطير بوعيه، لن يستطيع أحد أن يُسيّره بعد اليوم أو يُسقطه.
2670
| 28 أكتوبر 2025
