رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
من رحمة الله تعالى بأمة الإسلام أن جعل الحق والخير فيها موصولين إلى يوم القيامة ومن دلائل ذلك أنه لم يحرمها على طول تاريخها ممن يقوم بالحق ويصبر عليه ويدافع عنه وإن دفع في سبيل ذلك حياته٠
وكان للعلماء من ذلك حظ وافر وكانت وما زالت تضحيات هؤلاء الأعلام وثبات أولئك الرجال من أهم أسباب وصول عقيدة التوحيد وشرائع الإسلام إلينا سالمة من كل عيب مبرأة من أي تحريف ٠
فقد شهدت السجون على مدى التاريخ الإسلامي وقفات إسلامية صلبة وشجاعة كان لها دور حاسم في تقرير العقيدة الصحيحة وهزيمة البدع وكل صور الانحراف عن العقيدة وقد ضحى عدد من العلماء ببعض أعمارهم في سبيل ذلك خلف جدران السجون ومات بعضهم في الحديد رافضا التراجع ورافضا كل أشكال المساومات.
وكان ممن قضى نحبه خلف جدران السجون من العلماء "محمد بن نوح" و"نعيم بن حماد" و"ابن تيمية" وغيرهم رحمهم الله جميعا.
ومن الأئمة في هذا الطريق وعلى هذا الدرب الإمام "البويطى" الذي عاش في القرن الثالث الهجري زمن فتنة القول بخلق القرآن تلك الفتنة التي لا يمكن مقارنتها بحال بفتنة الحكم العلماني الذي ابتليت به الأمة في العصر الحديث ومع ذلك فقد رأي بعض أهل العلم الوقوف لها والتضحية بحياتهم في سبيل دفع شرها عن الأمة وعن الأجيال التي لم تولد بعد٠
وكان ثبات وتضحيات هؤلاء الشوامخ هو أبلغ وأنصع وأقوى رد في مواجهة تلك الفتنة العمياء التي أرادت أن تأكل الأخضر واليابس وأن تحصد في طريقها كل من يقف لها٠
كان إماما جليلا عابدا زاهدا لم يكن يمر عليه يوم وليلة دون أن يختم القرآن وكان يقضي غالب أوقاته في الذكر والتشاغل بالعلم وغالب ليله في التهجد والتلاوة وكان من فرط شفقته ورقته سريع الدمعة٠
قال عنه الربيع: ما رأيت البويطي بعد ما فطنت له إلا رأيت شفتيه تتحركان بذكر أو قراءة ٠
وقال أبو الوليد بن أبي الجارود: كان البويطي جاري، وما انتبهت ساعة من الليل إلا سمعته يقرأ ويصلى، وكان فقيها عظيما ومناظرا بارعا فكان جبلا من جبال العلم والدين أكرمه الله تعالى بالتفقه على الشافعي كما اختص بصحبته وحدث عنه٠
كانت له مكانة كبيرة عند الشافعي حتى قال عنه الربيع: كان أبو يعقوب من الشافعي بمكان مكين.. وقال عنه: وكان له من الشافعي منزلة، فكان الرجل ربما سأل الشافعي مسألة فيقول: سل أبا يعقوب، فإذا أجابه أخبره فيقول: هو كما قال.
سعى بالبويطي من يحسده وكتب فيه إلى ابن أبي دؤاد بالعراق فكتب إلى والي مصر أن يمتحنه في فتنة ذلك العصر فامتحنه في خلق القرآن فلم يجب وكان الوالي حسن الرأي فيه فقال له قل فيما بيني وبينك أي قل ما يوافق السلطان حتى أرفعه فتعافى من السجن فرفض قائلا له: إنه يقتدي بي مائة ألف ولا يدرون المعنى.
ولم يكن هناك بد من أن يحمل إلى بغداد في أربعين رطلا من الحديد وهو مقيد به في قدميه مغلولا من عنقه٠
قال الربيع: لقد رأيته على بغل وفي عنقه غل وفي رجليه قيد وبين الغل والقيد سلسلة حديد وهو يقول: إنما خلق الله الخلق بـ{كن} فإذا كانت مخلوقة فكأن مخلوقا خلق بمخلوق ولئن أدخلت عليه لأصدقنه (يعني الواثق) ولأموتن في حديدي هذا حتى يأتي قوم يعلمون أنه قد مات في هذا الشأن قوم في حديدهم٠
وفي السجن لم تكن تمر صلاة الجمعة على البويطي إلا وشعر بمرارة الحرمان من أداء الشعيرة فكان يغتسل كل جمعة ويتطيب ويغسل ثيابه فإذا سمع النداء خرج إلى باب السجن فيرده السجان ويقول ارجع رحمك الله فيقول البويطي: اللهم إني أجبت داعيك فمنعوني٠
ولما قيدوه بالحديد في سجنه لم يتألم من قسوة السجان ولا من ثقل الحديد ولا لما أصابه من عنت ومشقة لضيقها وإنما آلمه تعذر القيام للوضوء والصلاة!!
قال أبو عمرو المستملي: حضرنا مجلس محمد بن يحيى الذهلي فقرأ علينا كتاب البويطي إليه وإذا فيه "وإني أسألك أن تعرض حالي على إخواننا أهل الحديث لعل الله يخلصني بدعائهم فإني في الحديد وقد عجزت عن أداء الفرائض من الطهارة والصلاة".. فضج الناس بالبكاء والدعاء له٠
هكذا عاش الإمام البويطي واستمر على ذلك حتى توفاه الله تعالى في سجنه مكبلا بالحديد في سنة إحدى وثلاثين ومائتين من الهجرة.
تفرس الشافعي في أصحابه يوما فقال للربيع: أنت تموت في الحديث وقال للبويطي وأنت تموت في الحديد.
وصدقت فراسة الشافعي فما كان لأبي يعقوب البويطي إلا أن يموت في الحديد حتى يترك لنا هذا الموقف الخالد وهذه السيرة العطرة التي تطوق الصادقين في كل عصر وتطارد المؤمنين أينما ظهروا فلا سبيل أمامهم ولا طريق إلا سبيل وطريق أبي يعقوب٠
فلقد خلق الله للثبات رجالا وانتدبهم للتضحية في سبيله حتى تظل راية الحق عالية خفاقة تشهد لله بالوحدانية وتشهد لهم بأنهم صدقوا ما عاهدوا الله عليه.
العقد الاجتماعي
«بكم تعلو ومنكم تنتظر» كلمات تكتب بماء الذهب من سمو الأمير حفظه الله تعالى وسدد خطاه ووفقه لكل... اقرأ المزيد
222
| 14 ديسمبر 2025
قطر لن تدفع فاتورة إعمار ما دمرته إسرائيل
-إعمار غزة بين التصريح الصريح والموقف الصحيح - دول المنطقة ليست «الممول الرسمي» لمخططات الغرب المنحاز لإسرائيل -... اقرأ المزيد
318
| 14 ديسمبر 2025
التمويل الحلال الآمن لبناء الثروة
في عالمٍ تتسارع فيه الأرقام وتتناثر فيه الفرص كشراراتٍ في ليلٍ طويل، يقف رائد الأعمال أمام أول سؤال... اقرأ المزيد
276
| 14 ديسمبر 2025
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية




مساحة إعلانية
لم يكن خروج العنابي من بطولة كأس العرب مجرد خيبة رياضية عابرة، بل كانت صدمة حقيقية لجماهير كانت تنتظر ظهوراً مشرفاً يليق ببطل آسيا وبمنتخب يلعب على أرضه وبين جماهيره. ولكن ما حدث في دور المجموعات كان مؤشراً واضحاً على أزمة فنية حقيقية، أزمة بدأت مع اختيارات المدرب لوبيتيغي قبل أن تبدأ البطولة أصلاً، وتفاقمت مع كل دقيقة لعبها المنتخب بلا هوية وبلا روح وبلا حلول! من غير المفهوم إطلاقاً كيف يتجاهل مدرب العنابي أسماء خبرة صنعت حضور المنتخب في أكبر المناسبات! أين خوخي بوعلام و بيدرو؟ أين كريم بوضياف وحسن الهيدوس؟ أين بسام الراوي وأحمد سهيل؟ كيف يمكن الاستغناء عن أكثر اللاعبين قدرة على ضبط إيقاع الفريق وقراءة المباريات؟ هل يعقل أن تُستبعد هذه الركائز دفعة واحدة دون أي تفسير منطقي؟! الأغرب أن المنتخب لعب البطولة وكأنه فريق يُجرَّب لأول مرة، لا يعرف كيف يبني الهجمة، ولا يعرف كيف يدافع، ولا يعرف كيف يخرج بالكرة من مناطقه. ثلاث مباريات فقط كانت كفيلة بكشف حجم الفوضى: خمسة أهداف استقبلتها الشباك مقابل هدف يتيم سجله العنابي! هل هذا أداء منتخب يلعب على أرضه في بطولة يُفترض أن تكون مناسبة لتعزيز الثقة وإعادة بناء الهيبة؟! المؤلم أن المشكلة لم تكن في اللاعبين الشباب أنفسهم، بل في كيفية إدارتهم داخل الملعب. لوبيتيغي ظهر وكأنه غير قادر على استثمار طاقات عناصره، ولا يعرف متى يغيّر، وكيف يقرأ المباراة، ومتى يضغط، ومتى يدافع. أين أفكاره؟ أين أسلوبه؟ أين بصمته التي قيل إنها ستقود المنتخب إلى مرحلة جديدة؟! لم نرَ سوى ارتباك مستمر، وخيارات غريبة، وتبديلات بلا معنى، وخطوط مفككة لا يجمعها أي رابط فني. المنتخب بدا بلا تنظيم دفاعي على الإطلاق. تمريرات سهلة تخترق العمق، وأطراف تُترك بلا رقابة، وتمركز غائب عند كل هجمة. أما الهجوم، فقد كان حاضراً بالاسم فقط؛ لا حلول، لا جرأة، لا انتقال سريع، ولا لاعب قادر على صناعة الفارق. كيف يمكن لفريق بهذا الأداء أن ينافس؟ وكيف يمكن لجماهيره أن تثق بأنه يسير في الطريق الصحيح؟! الخروج من دور المجموعات ليس مجرد نتيجة سيئة، بل مؤشر مخيف! فهل يدرك الجهاز الفني حجم ما حدث؟ هل يستوعب لوبيتيغي أنه أضاع هوية منتخب بطل آسيا؟ وهل يتعلم من أخطاء اختياراته وإدارته؟ أم أننا سننتظر صدمة جديدة في استحقاقات أكبر؟! كلمة أخيرة: الأسئلة كثيرة، والإجابات حتى الآن غائبة، لكن من المؤكّد أن العنابي بحاجة إلى مراجعة عاجلة وحقيقية قبل أن تتكرر الخيبة مرة أخرى.
2292
| 10 ديسمبر 2025
عندما يصل شاب إلى منصب قيادي مبكرًا، فهذا لا يعني بالضرورة أنه الأفضل والأذكى والأكثر كفاءة، بل قد تكون الظروف والفرص قد أسهمت في وصوله. وهذه ليست انتقاصًا منه، بل فرصة يجب أن تُستثمر بحكمة. ومن الطبيعي أن يواجه القائد الشاب تحفظات أو مقاومة ضمنية من أصحاب الخبرة والكفاءات. وهنا يظهر أول اختبار له: هل يستفيد من هذه الخبرات أم يتجاهلها ؟ وكلما استطاع القائد الشاب احتواء الخبرات والاستفادة منها، ازداد نضجه القيادي، وتراجع أثر الفجوة العمرية، وتحوّل الفريق إلى قوة مشتركة بدل أن يكون ساحة تنافس خفي. ومن الضروري أن يدرك القائد الشاب أن أي مؤسسة يتسلّمها تمتلك تاريخًا مؤسسيًا وإرثًا طويلًا، وأن ما هو قائم اليوم هو حصيلة جهود وسياسات وقرارات صاغتها أجيال متعاقبة عملت تحت ظروف وتحديات قد لا يدرك تفاصيلها. لذلك، لا ينبغي أن يبدأ بهدم ما مضى أو السعي لإلغائه؛ فالتطوير والبناء على ما تحقق سابقًا هو النهج الأكثر نضجًا واستقرارًا وأقل كلفة. وهو وحده ما يضمن استمرارية العمل ويُجنّب المؤسسة خسائر الهدم وإعادة البناء. وإذا أراد القائد الشاب أن يرد الجميل لمن منحه الثقة، فعليه أن يعي أن خبرته العملية لا يمكن أن تضاهي خبرات من سبقه، وهذا ليس نقصًا بل فرصة للتعلّم وتجنّب الوقوع في وهم الغرور أو الاكتفاء بالذات. ومن هنا تأتي أهمية إحاطة نفسه بدائرة من أصحاب الخبرة والكفاءة والمشورة الصادقة، والابتعاد عن المتسلقين والمجاملين. فهؤلاء الخبراء هم البوصلة التي تمنعه من اتخاذ قرارات متسرّعة قد تكلّف المؤسسة الكثير، وهم في الوقت ذاته إحدى ركائز نجاحه الحقيقي ونضجه القيادي. وأي خطأ إداري ناتج عن حماس أو عناد قد يربك المسار الاستراتيجي للمؤسسة. لذلك، ينبغي أن يوازن بين الحماس ورشادة القرار، وأن يتجنب الارتجال والتسرع. ومن واجبات القائد اختيار فريقه من أصحاب الكفاءة (Competency) والخبرة (Experience)، فنجاحه لا يتحقق دون فريق قوي ومتجانس من حوله. أما الاجتماعات والسفرات، فالأصل أن تُعقَد معظم الاجتماعات داخل المؤسسة (On-Site Meetings) ليبقى القائد قريبًا من فريقه وواقع عمله. كما يجب الحدّ من رحلات العمل (Business Travel) إلا للضرورة؛ لأن التواجد المستمر يعزّز الانضباط، ويمنح القائد فهمًا أعمق للتحديات اليومية، ويُشعر الفريق بأن قائده معهم وليس منعزلًا عن بيئة عملهم. ويمكن للقائد الشاب قياس نجاحه من خلال مؤشرات أداء (KPIs) أهمها هل بدأت الكفاءات تفكر في المغادرة؟ هل ارتفع معدل دوران الموظفين (Turnover Rate)؟ تُمثل خسارة الكفاءات أخطر تهديد لاستمرارية المؤسسة، فهي أشد وطأة من خسارة المناقصات أو المشاريع أو أي فرصة تجارية عابرة. وكتطبيق عملي لتعزيز التناغم ونقل المعرفة بين الأجيال، يُعدّ تشكيل لجنة استشارية مشتركة بين أصحاب الخبرة الراسخة والقيادات الصاعدة آلية ذات جدوى مضاعفة. فإلى جانب ضمانها اتخاذ قرارات متوازنة ومدروسة ومنع الاندفاع أو التفرد بالرأي، فإن وجود هذه اللجنة يُغني المؤسسة عن اللجوء المتكرر للاستشارات العالمية المكلفة في كثير من الخطط والأهداف التي يمكن بلورتها داخليًا بفضل الخبرات المتراكمة. وفي النهاية، تبقى القيادة الشابة مسؤولية قبل أن تكون امتيازًا، واختبارًا قبل أن تكون لقبًا. فالنجاح لا يأتي لأن الظروف منحت القائد منصبًا مبكرًا، بل لأنه عرف كيف يحوّل تلك الظروف والفرص إلى قيمة مضافة، وكيف يبني على خبرات من سبقه، ويستثمر طاقات من حوله.
1200
| 09 ديسمبر 2025
في عالمٍ يزداد انقسامًا، وفي إقليم عربي مثقل بالتحزّبات والصراعات والاصطفافات، اختارت قطر أن تقدّم درسًا غير معلن للعالم: أن الرياضة يمكن أن تكون مرآة السياسة حين تكون السياسة نظيفة، عادلة، ومحلّ قبول الجميع واحترام عند الجميع. نجاح قطر في استضافة كأس العرب لم يكن مجرد تنظيم لبطولة رياضية، بل كان حدثًا فلسفيًا عميقًا، ونقلاً حياً ومباشراً عن واقعنا الراهن، وإعلانًا جديدًا عن شكلٍ مختلف من القوة. قوة لا تفرض نفسها بالصوت العالي، ولا تتفاخر بالانحياز، ولا تقتات على تفتيت الشعوب، بل على القبول وقبول الأطراف كلها بكل تناقضاتها، هكذا تكون عندما تصبح مساحة آمنة، وسطٌ حضاري، لا يميل، لا يخاصم، ولا يساوم على الحق. لطالما وُصفت الدوحة بأنها (وسيط سياسي ناجح ) بينما الحقيقة أكبر من ذلك بكثير. الوسيط يمكن أن يُستَخدم، يُستدعى، أو يُستغنى عنه. أما المركز فيصنع الثقل، ويعيد التوازن، ويصبح مرجعًا لا يمكن تجاوزه. ما فعلته قطر في كأس العرب كان إثباتاً لهذه الحقيقة: أن الدولة الصغيرة جغرافيًا، الكبيرة حضاريًا، تستطيع أن تجمع حولها من لا يجتمع. ولم يكن ذلك بسبب المال، ولا بسبب البنية التحتية الضخمة، بل بسبب رأس مال سياسي أخلاقي حضاري راكمته قطر عبر سنوات، رأس مال نادر في منطقتنا. لأن البطولة لم تكن مجرد ملاعب، فالملاعب يمكن لأي دولة أن تبنيها. فالروح التي ظهرت في كأس العرب روح الضيافة، الوحدة، الحياد، والانتماء لكل القضايا العادلة هي ما لا يمكن فعله وتقليده. قطر لم تنحز يومًا ضد شعب. لم تتخلّ عن قضية عادلة خوفًا أو طمعًا. لم تسمح للإعلام أو السياسة بأن يُقسّما ضميرها، لم تتورّط في الظلم لتكسب قوة، ولم تسكت عن الظلم لتكسب رضا أحد. لذلك حين قالت للعرب: حيهم إلى كأس العرب، جاؤوا لأنهم يأمنون، لأنهم يثقون، لأنهم يعلمون أن قطر لا تحمل أجندة خفية ضد أحد. في المدرجات، اختلطت اللهجات كما لم تختلط من قبل، بلا حدود عسكرية وبلا قيود أمنية، أصبح الشقيق مع الشقيق لأننا في الأصل والحقيقة أشقاء فرقتنا خيوط العنكبوت المرسومة بيننا، في الشوارع شعر العربي بأنه في بلده، فلا يخاف من رفع علم ولا راية أو شعار. نجحت قطر مرة أخرى ولكن ليس كوسيط سياسي، نجحت بأنها أعادت تعريف معنى «العروبة» و»الروح المشتركة» بطريقة لم تستطع أي دولة أخرى فعلها. لقد أثبتت أن الحياد العادل قوة. وأن القبول العام سياسة. وأن الاحترام المتبادل أكبر من أي خطاب صاخب. الرسالة كانت واضحة: الدول لا تُقاس بمساحتها، بل بقدرتها على جمع المختلفين. أن النفوذ الحقيقي لا يُشترى، بل يُبنى على ثقة الشعوب. أن الانحياز للحق لا يخلق أعداء، بل يصنع احترامًا. قطر لم تنظّم بطولة فقط، قطر قدّمت للعالم نموذج دولة تستطيع أن تكون جسرًا لا خندقًا، ومساحة لقاء لا ساحة صراع، وصوتًا جامعًا لا صوتًا تابعًا.
786
| 10 ديسمبر 2025