رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
انعقد أسبوع سيرا هذا العام 2014 في مدينة هيوستن في ولاية تكساس الأمريكية في الفترة 3 - 7 مارس، وسط متغيرات تؤثر في مسار السوق النفطية لعقود قادمة، ولعل أهميه هذا الحدث أن أبرز المتغيرات والتقدم التكنولوجي يحدث فعليّاً في الولايات المتحدة الأمريكية، ولذلك فإن الإحاطة بآخر المستجدات مهمة يسعى إليها كلّ مُراقب.
من المستجدات التي كان لها نصيب في نقاشات المؤتمر، هو التوجه العام لشركات النفط العالمية ببيع بعض أصولها في العديد من البلدان خصوصا في قطاع إنتاج النفط والغاز، مع توقع ضعف تدريجي في الأسعار، أو ثبات في أسعار النفط واستمرار في ارتفاع تكاليف التنقيب والاستكشاف والإنتاج للبرميل الواحد، الأمر الذي يعني تقلص عوائد الشركات، ولذلك تتبنى هذه الشركات سياسات متعددة للمحافظة على وضع استراتيجي أفضل تستطيع معه الاستمرار في التفوق في عملياتها وأنشطتها، وتحقيق رضا المساهمين فيها، وذلك عن طريق تحقيق خفض كبير في تكاليف مختلف أنشطه هذه الشركات بقصد المحافظة على عوائد جيده، وطبعا هذه تمثل فرصا ثمينة لاقتناصها من قبل شركات النفط الوطنية بعد دراستها وتقييمها والتحقق من مواءمتها مع أهداف تلك الشركات الوطنية الإستراتيجية.
هناك توافق أن الطلب العالمي على الطاقة سيرتفع بمقدار 40% عما كان عليه في عام 2013 وسيكون مدعوما بتحسن الأوضاع الاقتصادية في العالم وعلاج مشكلات حرمان العديد من سكان الأرض من التمتع بالطاقة والكهرباء وإن الاعتماد على الوقود الأحفوري (الغاز والنفط والفحم) مستمر حيث تشكل غالب الطاقة في المستقبل.
رغم نجاح تطوير النفط الصخري في أمريكا بشكل كبير، حيث إن الزيادة الفعلية تفوق التوقعات وهذا التوجه يستمر في المستقبل لسنوات قادمة بحيث يستمر النفط وسوائل الغاز والمكثفات من خارج الأوبك يغطي معدل الزيادة في الطلب العالمي على النفط، وهو ما يقيد الطلب في نهاية المطاف على نفط الأوبك، إلا أن ذلك لا يعني أن تطوير الإنتاج من النفط الصخري من خارج الولايات المتحدة الأمريكية سيكون بهذه السهولة لأن الظروف والأجواء المتوفرة في أمريكا غير متوفرة في أي مكان في العالم، وبالتالي هذا يعني أن هذا التطوير، يحتاج إلى وقت طويل، وهو أمر يحتاج إدخاله في التوقعات لسم استراتيجيات صحيحة، وقامت بعض الشركات النفطية باستحداث إدارة متخصصة يكون وظيفتها واهتمامها في تطوير الإنتاج في مجال النفط والغاز الصخري.
آفاق تطوير إنتاج الغاز الطبيعي ثابتة ومستمرة وتدعم الاستثمارات في التوسع في صناعه البتروكيماويات في الولايات المتحدة الأمريكية، كذلك من المتوقع أن يتم السماح بتصدير الغاز الطبيعي إلى خارج الولايات المتحدة الأمريكية بشكل كبير بعد عام 2020، ولكن هذا لن يؤثر بشكل كبير في أسعار الغاز في الأسواق المختلفة، كما التطرق إلى إمكانية توسع في المعروض من الغاز الطبيعي في المستقبل يعزز تطور الأسواق الفورية ويشكل ضغوط على الأسعار بشكل عام وهذا الأمر ممكن توقعه خلال سنوات وليس بشكل آني.
هناك حديث كبير عن ضرورة السماح بتصدير النفط الخام الصخري الأمريكي إلى خارج الولايات المتحدة وان ذلك يدعم صناعه النفط هناك ذلك أن حجم التصدير لن يكون كبيرا وسيشمل النفط الخام الأمريكي القريب من نوعيه المكثفات الخفيفة جداً وبالتالي لن يؤثر على أسعار نفط خام الإشارة برنت بصفه عامة.
التعامل مع أية تطورات جديدة في صناعة النفط لن يكون سهلا خصوصا إذا كان يعني خفض في إنتاج النفط الخام من السوق، ذلك أن كثيرا من مناطق الإنتاج في العالم يعاني فعلياً من انقطاع في إنتاج النفط لسبب او لآخر ويشمل ذلك السودان، سوريا، ليبيا، وإيران وغيرها بالإضافة إلى تدهور الأوضاع في فنزويلا وقرب الانتخابات الرئاسية في نيجيريا، وهو ما يعني كذلك دعم مستويات عالية لأسعار النفط، وكذلك يجعل التعامل مع الملف الروسي الأوكراني صعب وليس سهلاً.
وقد اخذ الملف الروسي الأوكراني نصيبا كبيرا في النقاش، حيث من المعروف او أوروبا تعتمد على روسيا في تغطيه 30% من حاجتها للغاز الطبيعي وهي تشمل 50% منها أو 15% من احتياجات أوروبا من الغاز يتم إيصاله إلى أوروبا عن طريق أوكرانيا، وحاليا لا يبدو أن هناك انقطاع لمبيعات الغاز إلى أوروبا ولكنه تطور ممكن حدوثه في المستقبل، والبحث عن مصادر للغاز إلى أوروبا من خرج روسيا لن يكون رخيصا، وهناك بعض الأفكار المطروحة حاليا لتعزيز الموقف الأوروبي حول إمكانية قيام أمريكا بتصدير الغاز إلى أوروبا بدءاً من عام 2016، كما أن كان احتلال روسيا إلى شبه جزيرة القرم وقع مع نهاية فصل الشتاء والحاجة إلى الغاز، وتقدر المصادر أن أوروبا لديها 275 مليار دولار في شكل قروض وتسهيلات للشركات الروسية بنما قامت روسيا بتصدير مواد هيدروكربونية إلى الجانب الأوروبي خلال عام 2012 عند 162 مليار دولار.
تم الحديث عن عمليه الإصلاح في صناعه النفط والغاز في المكسيك والتي تنتج حاليا 2.5 مليون برميل يوميا من النفط الخام، وان هناك تساؤلات عديده ربما تتضح خلال السنوات القادمة ومن بينها ما هو شكل الشراكة مع الشركة الوطنية المكسيكية بيمكس، رغم الأجواء الإيجابية فإن هناك قضايا تحتاج إلى وضوح.
رغم التحديات التي يواجهها رفع الإنتاج في منطقة الخليج العربي والشمال الإفريقي وصعوبة التوقعات بسبب تطورات جيوسياسية وأيضا عوامل تقنيه، تقيد تحسن الإنتاج في العراق وإيران وليبيا وغيرها
ويعتقد الكثير من المشاركين أن أوروبا أضاعت البوصلة بامتياز من خلال عدم وضوح الرؤية والسياسة الإستراتيجية الخاصة بالطاقة ما بين الاستدامة والنمو ومتطلبات الازدهار الاقتصادي من جهة وما بين المحافظة على البيئة وهي أمور تسببت في الأوضاع الحالية في أوروبا من خلال القيود المعقدة لتطوير الثروات المتوفرة.
أسواق المنتجات البترولية تقابل تحديات كبيره تحتم مراقبتها وذلك في ضوء تطورات تحول العديد من البلدان والشركات إلى تصدير المنتجات وفي مقدمتها الولايات المتحدة الأمريكية، وكذلك الصين وان كان لتحقيق توازن التكرير والسوق في الداخل كذلك الأمر بالنسبة لليابان وكوريا، وكذلك بسبب موجه المصافي الجديدة في مناحي العالم وهو مما أيضاً يقلص من الأسواق ويجعلها في إفريقيا وأوروبا وأمريكا اللاتينية، ولكن هناك تطور يبدأ في عام 2015 وهو خفض في محتوى الكبريت المطلوب في وقود السفن وهو ما يفتح آفاق وفرص أمام ارتفاع الطلب على الديزل في المستقبل وتيسير تصريفه وتسويقه.
كذلك تم الحديث عن وسائل التواصل الاجتماعي في صناعه النفط وأنها وسيله فعاله في تطوير التواصل وبناء جسور الثقة وضمان الشفافية مع المساهمين ومن لهم مصالح في صناعه النفط والغاز من خلال المشاركة في الأرقام والحقائق والتطورات.
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية




مساحة إعلانية
نعم، أصبحنا نعيش زمنًا يُتاجر فيه بالفكر كما يُتاجر بالبضائع، تُباع فيه الشهادات كما تُباع السلع، وتُؤجّر فيه المنصات التدريبية كما تُؤجّر القاعات لحفلات المناسبات. هو زمنٌ تحوّلت فيه «المعرفة إلى سلعة» تُسعَّر، لا رسالة تُؤدَّى. تتجلّى مظاهر «الاتّجار المعرفي» اليوم في صور عديدة، لعلّ أبرزها «المؤتمرات والملتقيات التدريبية والأكاديمية» التي تُقام بأسماء لامعة وشعارات براقة، يدفع فيها الحضور مبالغ طائلة تحت وعودٍ بالمحتوى النوعي والتبادل العلمي، ثم لا يخرج منها المشاركون إلا بأوراق تذكارية وصورٍ للمنصات! وهنا «العجيب من ذلك، والأغرب من ذلك»، أنك حين تتأمل هذه الملتقيات، تجدها تحمل أربعة أو خمسة شعارات لمؤسساتٍ وجهاتٍ مختلفة، لكنها في الحقيقة «تعود إلى نفس المالك أو الجهة التجارية ذاتها»، تُدار بأسماء متعدّدة لتُعطي انطباعًا بالتنوّع والمصداقية، بينما الهدف الحقيقي هو «تكرار الاستفادة المادية من الجمهور نفسه». هذه الفعاليات كثير منها أصبح سوقًا مفتوحًا للربح السريع، لا للعلم الراسخ؛ تُوزَّع فيها الجوائز بلا معايير، وتُمنح فيها الألقاب بلا استحقاق، وتُقدَّم فيها أوراق بحثية أو عروض تدريبية «مكرّرة، منسوخة، أو بلا أثرٍ معرفي حقيقي». وهذا الشكل من الاتّجار لا يقل خطورة عن سرقة البيانات أو بيع الحقائب التدريبية، لأنه يُفرغ الفضاء الأكاديمي من جوهره، ويُحوّل «الجهد العلمي إلى طقسٍ استعراضي» لا يصنع معرفة ولا يضيف قيمة. فالمعرفة الحقيقية لا تُشترى بتذكرة حضور، ولا تُختزل في شعار مؤتمر، ولا تُقاس بعدد الصور المنشورة في مواقع التواصل. من جهةٍ أخرى، يتخذ الاتّجار بالمعرفة اليوم وجهًا «رقميًا سيبرانيًا أكثر تعقيدًا»؛ إذ تُباع البيانات البحثية والمقررات الإلكترونية في «الأسواق السوداء للمعلومات»، وتُسرق الأفكار عبر المنصات المفتوحة، ويُعاد تسويقها تحت أسماء جديدة دون وعيٍ أو مساءلة. لقد دخلنا مرحلة جديدة من الاتّجار لا تقوم على الجسد، بل على «استغلال العقول»، حيث يُسرق الفكر ويُباع الإبداع تحت غطاء “التعاون الأكاديمي” أو “الفرص البحثية”. ولذلك، فإن الحديث عن «أمن المعرفة» و»السلامة السيبرانية في التعليم والتدريب» لم يعد ترفًا، بل ضرورة وجودية لحماية رأس المال الفكري للأمم. على الجامعات ومراكز التدريب أن تنتقل من مرحلة التباهي بعدد المؤتمرات إلى مرحلة «قياس الأثر المعرفي الحقيقي»، وأن تُحاكم جودة المحتوى لا عدد المشاركين. الاتّجار بالمعرفة جريمة صامتة، لكنها أخطر من كل أشكال الاتّجار الأخرى، لأنها «تسرق الإنسان من داخله»، وتقتل ضميره المهني قبل أن تمس جيبه. وحين تتحوّل الفكرة إلى تجارة، والمعرفة إلى وسيلة للشهرة، يفقد العلم قدسيته، ويصبح المتعلم مستهلكًا للوهم لا حاملًا للنور.
6678
| 27 أكتوبر 2025
المسيرات اليوم تملأ السماء، تحلّق بأجنحةٍ معدنيةٍ تلمع تحت وهج الشمس، تُقاد من بعيدٍ بإشاراتٍ باردةٍ لا تعرف الرحمة. تطير ولا تفكر، تضرب ولا تتردد، تعود أحيانًا أو ربما تنتحر. لا فرحَ بالنصر، ولا ندمَ على الدم. طائراتٌ بلا طيارٍ، ولكنها تذكّرنا بالبشر الذين يسيرون على الأرض بلا وعيٍ ولا بوصلة. لقد صار في الأرض مسيَّراتٌ أخرى، لكنها من لحمٍ ودم، تُدار من وراء الشاشات، وعبر المنصات، حيث تُضغط أزرار العقول وتُعاد برمجتها بصمتٍ وخُبث. كلاهما – الآلة والإنسان – مُسيَّر، غير أن الثانية أخطر، لأنها تغتال العقل قبل الجسد، وتُطفئ الوعي قبل الحياة، وتستهدف الصغير قبل الكبير، لأنه الهدف الأغلى عندها. تحوّل الإنسان المعاصر شيئًا فشيئًا إلى طائرةٍ بشريةٍ بلا طيار، يُقاد من برجٍ افتراضي لا يُرى، اسمه “الخوارزميات”، تُرسل إليه الأوامر في هيئة إشعاراتٍ على هاتفه أو جهازه الذي يعمل عليه، فيغيّر مساره كما تُغيّر الطائرة اتجاهها عند تلقّي الإشارة. يغضب حين يُؤمر، ويُصفّق حين يُطلب منه التصفيق، ويتحدث بلسان غيره وهو يظن أنه صوته. صار نصفه آليًّا ونصفه الآخر بشريًّا، مزيجًا من لحمٍ وإشارة، من شعورٍ مُبرمجٍ وسلوكٍ مُوجَّه. المسيرة حين تُطلِق قذيفتها أو تصطدم تُحدث دمارًا يُرى بالعين، أمّا المسيرة البشرية فحين تُطلِق كلمتها تُحدث دمارًا لا يُرى، ينفجر في القيم والمبادئ، ويترك رمادًا في النفوس، وشظايا في العقول، وركامًا من الفوضى الأخلاقية. إنها تخترق جدران البيوت وتهدم أنفاق الخصوصية، وتصنع من النشء جنودًا افتراضيين بلا أجر، يحملون رايات التدمير وهم يظنون أنهم يصنعون المجد. المسيرة المعدنية تحتاج إلى طاقةٍ لتطير، أمّا المسيرة البشرية فتحتاج فقط إلى “جهلٍ ناعمٍ” يجعل أفئدتها هواءً. ويُخيَّل للمرء أن العالم بأسره قد صار غرفةَ تحكّمٍ واحدة، تُدار بمنهجٍ وفكرٍ وخطة، وأننا جميعًا طائراتٌ صغيرة تدور في مساراتٍ مرسومة، لا تملك حرية رفرفة جناحٍ واحدةٍ خارج هذه الحدود. من يملك الإعلام يملك السماء، ومن يملك البيانات يملك العقول، ومن يملك كليهما، هنا يكمن الخطرُ كلُّه. لكن السؤال الذي يفرض نفسه: كيف نحمي أبناءنا ومجتمعاتنا من أن يصبحوا مسيَّراتٍ بشريةً أخرى؟ كيف نُعيد إليهم جهاز الملاحة الداخلي الذي خُطِف من أيديهم؟ الجواب يبدأ من التربية الواعية التي تُعلّم الطفل أن يسأل قبل أن يُصدّق، وأن يتحقّق قبل أن ينقل، وأن يفكّر قبل أن يحكم. نحتاج إلى مؤسساتٍ وهيئاتٍ تُنمّي مهارة التفكير النقدي، وإعلامٍ يُحرّر لا يُبرمج، وأُسَرٍ تُعلّم أبناءها التمييز بين الصوت الحقيقي وضجيج التقليد، وبين المنابر الحرة والخُطب المصنوعة. فالوعي لا يُوهَب، بل يُصنَع بالتجربة والتأمل والسؤال. ثم تأتي القدوة الحيّة، فالمجتمع لا يتغيّر بالمواعظ فقط، بل بالنماذج. حين يرى الجيل من يفكّر بحرية، ويتحدث بمسؤولية، ويرفض الانقياد الأعمى، سيتعلم أن الحرية ليست في كسر القيود، بل في معرفة من صنعها ولماذا. وأخيرًا، علينا أن نُعلّم أبناءنا أن التحكم في النفس أعظم من التحكم في آلة. فشخصٌ واحد قد يصنع مئات الآلات، ولكن آلاف الآلات لا تصنع إنسانًا واحدًا. ليست كل حربٍ تُخاض بالسلاح، فبعضها تُخاض بالعقول. والمنتصر الحقيقي هو من يبقى ممسكًا بجهاز تحكمه الداخلي، مستقلًّا لا يتأثر بالموجِّهات والمُشوِّشات. إن إنقاذ الجيل لا يكون بإغلاق السماء، بل بتنوير العقول. فحين يتعلم الإنسان كيف يطير بوعيه، لن يستطيع أحد أن يُسيّره بعد اليوم أو يُسقطه.
2751
| 28 أكتوبر 2025
كان المدرج في زمنٍ مضى يشبه قلبًا يخفق بالحياة، تملؤه الأصوات وتشتعل فيه الأرواح حماسةً وانتماء. اليوم، صار صامتًا كمدينةٍ هجرتها أحلامها، لا صدى لهتاف، ولا ظلّ لفرح. المقاعد الباردة تروي بصمتها حكاية شغفٍ انطفأ، والهواء يحمل سؤالًا موجعًا: كيف يُمكن لمكانٍ كان يفيض بالحب أن يتحول إلى ذاكرةٍ تنتظر من يوقظها من سباتها؟ صحيح أن تراجع المستوى الفني لفرق الأندية الجماهيرية، هو السبب الرئيسي في تلك الظاهرة، إلا أن المسؤول الأول هو السياسات القاصرة للأندية في تحفيز الجماهير واستقطاب الناشئة والشباب وإحياء الملاعب بحضورهم. ولنتحدث بوضوح عن روابط المشجعين في أنديتنا، فهي تقوم على أساس تجاري بدائي يعتمد مبدأ المُقايضة، حين يتم دفع مبلغ من المال لشخص أو مجموعة أشخاص يقومون بجمع أفراد من هنا وهناك، ويأتون بهم إلى الملعب ليصفقوا ويُغنّوا بلا روح ولا حماسة، انتظاراً لانتهاء المباراة والحصول على الأجرة التي حُدّدت لهم. على الأندية تحديث رؤاها الخاصة بروابط المشجعين، فلا يجوز أن يكون المسؤولون عنها أفراداً بلا ثقافة ولا قدرة على التعامل مع وسائل الإعلام، ولا كفاءة في إقناع الناشئة والشباب بهم. بل يجب أن يتم اختيارهم بعيداً عن التوفير المالي الذي تحرص عليه إدارات الأندية، والذي يدل على قصور في فهم الدور العظيم لتلك الروابط. إن اختيار أشخاص ذوي ثقافة وطلاقة في الحديث، تُناط بهم مسؤولية الروابط، سيكون المُقدمة للانطلاق إلى البيئة المحلية التي تتواجد فيها الأندية، ليتم التواصل مع المدارس والتنسيق مع إداراتها لعقد لقاءات مع الطلاب ومحاولة اجتذابهم إلى الملاعب من خلال أنشطة يتم خلالها تواجد اللاعبين المعروفين في النادي، وتقديم حوافز عينية. إننا نتحدث عن تكوين جيل من المشجعين يرتبط نفسياً بالأندية، هو جيل الناشئة والشباب الذي لم يزل غضاً، ويمتلك بحكم السن الحماسة والاندفاع اللازمين لعودة الروح إلى ملاعبنا. وأيضاً نلوم إعلامنا الرياضي، وهو إعلام متميز بإمكاناته البشرية والمادية، وبمستواه الاحترافي والمهني الرفيع. فقد لعب دوراً سلبياً في وجود الظاهرة، من خلال تركيزه على التحليل الفني المُجرّد، ومخاطبة المختصين أو الأجيال التي تخطت سن الشباب ولم يعد ممكناً جذبها إلى الملاعب بسهولة، وتناسى إعلامنا جيل الناشئة والشباب ولم يستطع، حتى يومنا، بلورة خطاب إعلامي يلفت انتباههم ويُرسّخ في عقولهم ونفوسهم مفاهيم حضارية تتعلق بالرياضة كروح جماهيرية تدفع بهم إلى ملاعبنا. كلمة أخيرة: نطالب بمبادرة رياضية تعيد الجماهير للمدرجات، تشعل شغف المنافسة، وتحوّل كل مباراة إلى تجربة مليئة بالحماس والانتماء الحقيقي.
2352
| 30 أكتوبر 2025