رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
خرج الحسن والحسين - رضي الله عنهما- وعبدالله بن جعفر حجاجاً، وفي الطريق تذكرا أنهم نسوا زادهم، فجاعوا وعطشوا، فمروا بعجوز في خباء لها فقال لها أحدهم: هل من شراب؟ قالت: نعم، فأناخوا إليها وليس لها إلا شاة، فقالت: احلبوها واشربوا لبنها ففعلوا، ثم قالوا لها: هل من طعام؟ قالت: لا إلا هذه الشاة فليذبحها أحدكم حتى أهيئ لكم منها ما تأكلون، فقام إليها أحدهم فذبحها وسلخها، ثم هيأت لهم طعاما فأكلوا وأقاموا حتى شبعوا، فلما ارتحلوا قالوا لها: نحن نفر من قريش ثم ارتحلوا، وأقبل زوجها فأخبرته بخبر القوم والشاة فغضب، وقال: ويحك تذبحين شاتي لقوم لا تعرفينهم ثم تقولين نفر من قريش!.
ثم بعد مدة سافرت الحاجة وزوجها إلى المدينة، وجعلا ينقلان البعر ويبيعانه، ويعيشان بثمنه، فمرت العجوز في بعض سكك المدينة فإذا الحسن بن علي - رضي الله عنه - على باب داره جالس، فعرف العجوز وهي له منكرة، فبعث إليها غلامه، فدعا بها، فقال لها: يا أمة الله أتعرفينني؟ قالت: لا، قال: أنا ضيفك يوم كذا وفعلتِ معنا كذا، قالت: بأبي أنت وأمي، ثم أمر فاشترى لها من شياه الصدقة ألف شاة، وأمر لها معها بألف دينار، وبعث بها مع غلامه إلى الحسين، رضي الله عنه، فقال لها الحسين: بكم وصلك أخي؟ قالت: بألف شاة وألف دينار، فأمر لها الحسين أيضا بمثل ذلك، ثم بعث بها الحسين مع غلامه إلى عبدالله بن جعفر، فقال لها: بكم وصلك الحسن والحسين؟ قالت: بألفي شاة وألفي دينار، وقال لها: لو بدأت بي لأتعبتهما في العطاء، فأمر لها عبدالله بألفي شاة وألفي دينار، فرجعت العجوز إلى زوجها بأربعة آلاف دينار وأربعة آلاف شاة.
جزاء المعروف
حبانا الله في بلدنا الحبيب بالخير الوفير وجعل فيه البركة نحمده كثيراً على هذا العطاء، استهللت مقالي هذا الأسبوع بالقصة الرائعة التي وردت في قصص الأثر لهؤلاء الصحابة الكرام رضي الله عنهم وأرضاهم، وهي قصة يجب ان نستلهم منها كثيرا من العبر والحكم في الكرم والعطاء، ولا نبخس من أي معروف نملكه ولو كان قليلاً فغيرنا يحتاجه وقد نراه بسيطاً ويراه غيرنا ثميناً، فمن يصنع أي معروف يجده أمامه طال الزمن أو قصر، أحيانا نجد في بيوتنا ثيابا قديمة لا نستعملها او بعض قطع الأثاث التي استغنينا عنها ولسنا في حاجة بها، تصدق بها ولا تدري الأقدار قد تكون صنعت معروفاً تلقى جزاءه في ضيق فرجه الله لك بسبب ما قمت به من معروف، وقال رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم (لأن يتصدق المرء في حياته بدرهم خير له من أن يتصدق بمائة عند موته) وقال صلى الله عليه وسلم (إن الصدقة لتطفئ غضب الرب وتدفع ميتة السوء).
ما يتمناه المرء عند موته
خص الله الصدقة على وجه الخصوص وجعلها من أفضل الأعمال والعبادات، والواحد منا عند قرب نهايته من هذه الدنيا حينما لا يستطيع أن يقوم بأي عمل صالح يتطلب منه مجهودا فوق قدرته لضعفه في تلك اللحظات، يرجو من الله أن يؤخره ولو لوقت قصير قبل أن يقبض روحه لا لشىء سوى أن يتصدق أو يعمل معروفاً لأي عبد من العباد، وجاء هذا التخصيص لهذه العبادة دون غيرها في قوله تعالى: (وَأَنفِقُوا مِمَّا رَزَقْنَاكُم مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ مِنَ الصَّالِحِينَ) الآية 11 (المنافقون)، باستطاعة أي فرد منا أن يكون من الصالحين كما أمرنا الله تعالى بعمل بسيط يقوم به وهو معروف تقدمه لأي شخص وليس شرطا أن يكون هذا المعروف مادياً فقط فهناك جبر الخواطر اذا جاءك المهموم اسمع، وإذا جاء المعتذر اصفح.. واذا ناداك صاحب الحاجة انفع.
لن يضيع جميلٌ أينما زُرع
قال الله تعالى: (لَن تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّىٰ تُنفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ ۚ وَمَا تُنفِقُوا مِن شَيْءٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ) الآية 92 آل عمران، العبرة التي اخذناها من قصة الصحابة رضوان الله عليهم أن العجوز لن تنفق ما زاد عن حاجتها بل أنفقت في شيء لا تملك غيره أي شيء ثمين تملكه وتحبه، لذلك الانفاق لا يكون إلا في شيء نحبه وبه ننال البر وهو الجنة والنجاة من العذاب، يعني في الأصل من أخلاق ديننا ان ننفق ونتصدق ولكن أعلى درجات الانفاق هو أن ننفق ونتصدق مما نحبه، قال الشاعر:
ازرع جميلاً ولو في غير موضعه
فلن يضيع جميل أينما صنع
إن الجميل إذا طال الزمان به
فليس يحصده إلا الذي زرع
كسرة أخيرة
في إحدى القرى كان هناك مزارع فقير في أحد الأيام سمع هذا المزارع صوت استغاثة قادما من مستنقع مجاور لحقله، فما كان منه إلا أن ترك عمله راكضاً باتجاه الصوت ليجد صبياً يوشك على الغرق ويتخبط خوفاً من الغرق، وبلا تردد أنقذ المزارع ذلك الصبي وعاد فرحاً بما صنع في ذلك اليوم، في صباح اليوم التالي توقفت عربة فاخرة عند كوخ المزارع الفقير، ونزل منها رجل أنيق قائلاً للمزارع: أريد مكافأتك على الخير الذي أسديته لي فقد أنقذت حياة ابني مقدماً له كيساً من المال، لكن المزارع رفض المال المقدم له مقابل ما فعل، فما كان من ذلك الغني إلا أن طلب من المزارع أن يقبل هدية أخرى وكانت الهدية فرصة تعليمية لابنه، وهذا ما فعله ذلك الغني بالفعل إذ أرسل ابن المزارع إلى أفضل المدارس ليتخرج من مشفى سانت ماري الطبية، ويصبح طبيباً مشهوراً وليكتشف "العالم ألكسندر فيليمنغ" البنسلين، والعجيب في الأمر أن الطفل الذي كاد أن يغرق في المستنقع وهو صغير (ابن الغني) أُصيب بمرض ذات الرئة، والذي أنقذ حياته مرة أخرى كان: البنسلين، والعبرة من هذه القصة أن نفعل المعروف لأي شخص كان ولو لم نعرفه وفي أي وقت.
falghazal33@gmail.com
قراءة أولية لسيناريوهات الفائدة
في الأسابيع التي سبقت اجتماع مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي هذا الأسبوع، شهدت التوقعات تقلبات غير معتادة. فقد تأرجحت... اقرأ المزيد
66
| 07 ديسمبر 2025
الإسلام منهج إصلاح لا استبدال
يُتهم الإسلام زورًا وبهتانًا بأنه جاء ليهدم الدنيا ويبنيها من جديد، أو أنه جاء ليسبح بالبشرية عكس اتجاه... اقرأ المزيد
180
| 07 ديسمبر 2025
توم باراك والهندسة الخفية لإعادة ترتيب النفوذ - 1
في عالمٍ تتزاحم فيه القوى الدولية فوق خرائطنا، وتتداخل فيه خيوط الاقتصاد والسياسة والأمن في نسيجٍ واحد، لا... اقرأ المزيد
63
| 07 ديسمبر 2025
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية




مساحة إعلانية
في الساعات المبكرة من صباح السبت، ومع أول شعاع يلامس مياه الخليج الهادئة، من المعتاد أن أقصد شاطئ الوكرة لأجد فيه ملاذا هادئا بعد صلاة الفجر. لكن ما شهده الشاطئ اليوم لم يكن منظرا مألوفا للجمال، بل كان صدمة بصرية مؤسفة، مخلفات ممتدة على طول الرمال النظيفة، تحكي قصة إهمال وتعدٍ على البيئة والمكان العام. شعرت بالإحباط الشديد عند رؤية هذا المنظر المؤسف على شاطئ الوكرة في هذا الصباح. إنه لأمر محزن حقا أن تتحول مساحة طبيعية جميلة ومكان للسكينة إلى مشهد مليء بالمخلفات. الذي يصفه الزوار بأنه «غير لائق» بكل المقاييس، يثير موجة من التساؤلات التي تتردد على ألسنة كل من يرى المشهد. أين الرقابة؟ وأين المحاسبة؟ والأهم من ذلك كله ما ذنب عامل النظافة المسكين؟ لماذا يتحمل عناء هذا المشهد المؤسف؟ صحيح أن تنظيف الشاطئ هو من عمله الرسمي، ولكن ليس هو المسؤول. والمسؤول الحقيقي هو الزائر أولا وأخيرا، ومخالفة هؤلاء هي ما تصنع هذا الواقع المؤلم. بالعكس، فقد شاهدت بنفسي جهود الجهات المختصة في المتابعة والتنظيم، كما لمست جدية وجهد عمال النظافة دون أي تقصير منهم. ولكن للأسف، بعض رواد هذا المكان هم المقصرون، وبعضهم هو من يترك خلفه هذا الكم من الإهمال. شواطئنا هي وجهتنا وواجهتنا الحضارية. إنها المتنفس الأول للعائلات، ومساحة الاستمتاع بالبيئة البحرية التي هي جزء أصيل من هويتنا. أن نرى هذه المساحات تتحول إلى مكب للنفايات بفعل فاعل، سواء كان مستخدما غير واعٍ هو أمر غير مقبول. أين الوعي البيئي لدى بعض رواد الشاطئ الذين يتجردون من أدنى حس للمسؤولية ويتركون وراءهم مخلفاتهم؟ يجب أن يكون هناك تشديد وتطبيق صارم للغرامات والعقوبات على كل من يرمي النفايات في الأماكن غير المخصصة لها، لجعل السلوك الخاطئ مكلفا ورادعا.
3693
| 05 ديسمبر 2025
بات الذكاء الاصطناعي اليوم واقعاً لا يمكن تجاهله في ميادين العمل القانوني، حيث بدأت العديد من مكاتب المحاماة في مختلف الدول تستعين بتطبيقاته. غير أن هذه الاستعانة قد تثير، في بعض الأحيان، إشكالات قانونية حول مدى الاستخدام المنضبط لهذه التقنيات، ولا سيما عند الاعتماد على مخرجاتها دون التحقق من صحتها ودقتها، وهو ما تجلى بوضوح في حكم حديث صادر عن محكمة قطر الدولية، حيث تصدت فيه المحكمة لهذه المسألة للمرة الأولى في نطاق قضائها. فقد صدر مؤخراً حكم عن الدائرة الابتدائية بالمحكمة المدنية والتجارية لمركز قطر للمال، (المعروفة رسمياً باسم محكمة قطر الدولية)، في القضية رقم: [2025] QIC (F) 57 بتاريخ 9 نوفمبر 2025، بشأن الاستخدام غير المنضبط وسوء توظيف أدوات الذكاء الاصطناعي في العمل القانوني. وقد ورد في حيثيات الحكم أن أحد المترافعين أمام المحكمة، وهو محامٍ يعمل لدى أحد مكاتب المحاماة المقيدة خارج دولة قطر، كما هو واضح في الحكم، قد استند في دفاعه إلى أحكام وسوابق قضائية نسبها إلى المحكمة المدنية والتجارية لمركز قطر للمال. غير أن المحكمة، وبعد أن باشرت فحص المستندات والتحقق من الوقائع، تبين لها أن تلك السوابق لا وجود لها في سجلاتها الرسمية، ولم تصدر عن أي من دوائرها، وأن ما استند إليه المترافع إنما كان من مخرجات غير دقيقة صادرة عن أحد تطبيقات الذكاء الاصطناعي المدمجة في أحد محركات البحث الإلكترونية المعروفة، والتي عرضت أحكاما وسوابق قضائية وهمية لا أصل لها في الواقع أو في القضاء.وقد بينت المحكمة في حيثيات حكمها أن السلوك الذي صدر عن المحامي، وإن بدا في ظاهره خطأ غير مقصود، إلا أنه في جوهره يرقى إلى السلوك العمدي لما انطوى عليه من تقديم معلومات غير صحيحة تمثل ازدراء للمحكمة. وقد أشارت المحكمة إلى أنه كان بوسع المحامي أن يتحقق من صحة السوابق والأحكام القضائية التي استند إليها لو أنه بذل العناية الواجبة والتزم بأدنى متطلبات التحقق المهني، لا سيما وأن جميع أحكام المحكمة متاحة ومتوفرة عبر موقعها الإلكتروني الرسمي. وانتهت المحكمة إلى أن ما صدر عن المحامي يُشكل مخالفة صريحة لأحكام المادة (35.2.5) من القواعد والإجراءات المتبعة أمام المحكمة المدنية والتجارية لمركز قطر للمال لسنة 2025، والتي نصت على أن إعطاء معلومات خاطئة أو مضللة يُعد مخالفة تستوجب المساءلة والجزاء. كما أوضحت المحكمة أن استخدام أدوات الذكاء الاصطناعي، بوجه عام، في ميدان التقاضي هو أمر مرحب به لما يوفره من نفقات على أطراف الدعوى، ويُسهم في رفع كفاءة الأداء متى تم في إطاره المنضبط وتحت رقابة بشرية واعية. إذ إن الاعتماد عليه دون تحقق أو مراجعة دقيقة قد يفضي إلى نتائج غير محمودة. وقد أشارت المحكمة إلى أنها المرة الأولى التي يُستأنس فيها أمامها بأحكام منسوبة إليها لم تصدر عنها في الأصل، غير أنها أوضحت في الوقت ذاته أنّ مثل هذه الظاهرة قد ظهرت في عدد من الدول على خلفية التوسع في استخدام تطبيقات الذكاء الاصطناعي في المجال القانوني. وفي هذا الإطار، أشارت المحكمة إلى ما قضت به محكمة بولاية نيويورك في قضية Mata v. Avianca Inc (2023)، إذ تبين أن أحد المحامين قدم مذكرات قانونية اشتملت على أحكام وسوابق مختلقة تولدت عن استخدام غير دقيق لتقنيات الذكاء الاصطناعي. كما أشارت المحكمة إلى حكم آخر صادر عن محكمة بالمملكة المتحدة في قضية Ayinde v. Haringey (2025)، والذي أكد على وجوب المراجعة البشرية الدقيقة لأي نص قانوني أو سابقة قضائية يُنتجها الذكاء الاصطناعي قبل الاستناد إليها أمام القضاء، باعتبار ذلك التزاماً مهنياً وأخلاقياً لا يجوز التهاون فيه.كما لفتت المحكمة إلى أن ظواهر مماثلة قد لوحظت في بعض القضايا المنظورة أمام المحاكم في كندا وأستراليا، ويُظهر ذلك اتساع نطاق هذه الظاهرة وضرورة إحاطتها بضوابط مهنية دقيقة تكفل صون نزاهة الممارسة القانونية واستقلالها. وقد بينت المحكمة أنها بصدد إصدار توجيه إجرائي يقضي بأن الاستناد والإشارة إلى أي قضية أو مرجع أمام المحكمة في المستقبل دون التحقق من صحته أو من مصدره يُعد مخالفة تستوجب الجزاء، وقد يمتد أثرها إلى إعلان اسم المحامي ومكتبه في قرار المحكمة. وفي تقديرنا، يُعد هذا التوجه خطوة تُعزز مبادئ الشفافية، وتُكرس الانضباط المهني، وتُسهم في ردع أي ممارسات قد تمس بنزاهة الإجراءات القضائية وسلامة العمل القانوني. وفي الختام، نرى أن حكم محكمة قطر الدولية يُشكل رسالة مفادها أن الذكاء الاصطناعي سلاح ذو حدين، فإن أُحسن توظيفه كان عوناً في البحث والتحليل والاستدلال، أما إذا أُطلق دون رقابة أو وعي مهني، فقد يُقوض نزاهة التقاضي بين الخصوم ويُعد مساساً بمكانة المحكمة ووقارها.
2664
| 30 نوفمبر 2025
فجعت محافل العلم والتعليم في بلاد الحرمين الشريفين برحيل معالي الأستاذ الدكتور الشيخ محمد بن علي العقلا، أحد أشهر من تولى رئاسة الجامعة الإسلامية في المدينة المنورة، والحق أنني ما رأيت أحدًا أجمعت القلوب على حبه في المدينة المنورة لتواضعه ودماثة أخلاقه، كما أجمعت على حب الفقيد الراحل، تغمده الله بواسع رحماته، وأسكنه روضات جناته، اللهم آمين. ولد الشيخ العقلا عليه الرحمة في مكة المكرمة عام 1378 في أسرة تميمية النسب، قصيمية الأصل، برز فيها عدد من الأجلاء الذين تولوا المناصب الرفيعة في المملكة العربية السعودية منذ تأسيس الدولة. وقد تولى الشيخ محمد بن علي نفسه عمادة كلية الشريعة بجامعة أم القرى، ثم تولى رئاسة الجامعة الإسلامية في المدينة المنورة عام 1428، فكان مكتبه عامرا بالضيوف والمراجعين مفتوحًا للجميع وجواله بالمثل، وكان دأبه الرد على الرسائل في حال لم يتمكن من إجابة الاتصالات لأشغاله الكثيرة، ويشارك في الوقت نفسه جميع الناس في مناسباتهم أفراحهم وأتراحهم. خرجنا ونحن طلاب مع فضيلته في رحلة إلى بر المدينة مع إمام الحرم النبوي وقاضي المدينة العلامة الشيخ حسين بن عبد العزيز آل الشيخ وعميد كلية أصول الدين الشيخ عبد العزيز بن صالح الطويان ونائب رئيس الجامعة الشيخ أحمد كاتب وغيرهم، فكان رحمه الله آية في التواضع وهضم الذات وكسر البروتوكول حتى أذاب سائر الحواجز بين جميع المشاركين في تلك الرحلة. عرف رحمه الله بقضاء حوائج الناس مع ابتسامة لا تفارق محياه، وقد دخلت شخصيا مكتبه رحمه الله تعالى لحاجة ما، فاتصل مباشرة بالشخص المسؤول وطلب الإسراع في تخليص الأمر الخاص بي، فكان لذلك وقع طيب في نفسي وزملائي من حولي. ومن مآثره الحسان التي طالما تحدث بها طلاب الجامعة الإسلامية أن أحد طلاب الجامعة الإسلامية الأفارقة اتصل بالشيخ في منتصف الليل وطلب منه أن يتدخل لإدخال زوجته الحامل إلى المستشفى، وكانت في حال المخاض، فحضر الشيخ نفسه إليه ونقله وزوجته إلى المستشفى، وبذل جاهه في سبيل تيسير إدخال المرأة لتنال الرعاية اللازمة. شرفنا رحمه الله وأجزل مثوبته بالزيارة إلى قطر مع أهل بيته، وكانت زيارة كبيرة على القلب وتركت فينا أسنى الأثر، ودعونا فضيلته للمشاركة بمؤتمر دولي أقامته جامعة الزيتونة عندما كنت مبتعثًا من الدولة إليها لكتابة أطروحة الدكتوراه مع عضويتي بوحدة السنة والسيرة في الزيتونة، فكانت رسالته الصوتية وشكره أكبر داعم لنا، وشارك يومها من المملكة معالي وزير التعليم الأسبق والأمين العام لرابطة العالم الإسلامي الوالد الشيخ عبدالله بن صالح العبيد بورقة علمية بعنوان «جهود المملكة العربية السعودية في خدمة السنة النبوية» ومعالي الوالد الشيخ قيس بن محمد آل الشيخ مبارك، العضو السابق بهيئة كبار العلماء في المملكة، وقد قرأنا عليه أثناء وجوده في تونس من كتاب الوقف في مختصر الشيخ خليل، واستفدنا من عقله وعلمه وأدبه. وخلال وجودنا بالمدينة أقيمت ندوة لصاحب السمو الملكي الأمير نواف بن فيصل بن فهد آل سعود حضرها أمير المدينة يومها الأمير المحبوب عبد العزيز بن ماجد وعلماء المدينة وكبار مسؤوليها، وحينما حضرنا جعلني بعض المرافقين للشيخ العقلا بجوار المستشارين بالديوان الملكي، كما جعلوا الشيخ جاسم بن محمد الجابر بجوار أعضاء مجلس الشورى. وفي بعض الفصول الدراسية زاملنا ابنه الدكتور عقيل ابن الشيخ محمد بن علي العقلا فكان كأبيه في الأدب ودماثة الأخلاق والسعي في تلبية حاجات زملائه. ودعانا مرة معالي الشيخ العلامة سعد بن ناصر الشثري في الحرم المكي لتناول العشاء في مجلس الوجيه القطان بمكة، وتعرفنا يومها على رئيس هيئات مكة المكرمة الشيخ فراج بن علي العقلا، الأخ الأكبر للشيخ محمد، فكان سلام الناس عليه دليلا واضحا على منزلته في قلوبهم، وقد دعانا إلى زيارة مجلسه، جزاه الله خيرا. صادق العزاء وجميل السلوان نزجيها إلى أسرة الشيخ ومحبيه وطلابه وعموم أهلنا الكرام في المملكة العربية السعودية، ولا نقول إلا ما يرضي ربنا، اللهم تقبله في العلماء الأتقياء الأنقياء العاملين الصالحين من أمة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم. «إنا لله وإنا إليه راجعون».
1680
| 04 ديسمبر 2025