رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
الوطن يجب أن يكون حاضراً في كل أوجه حياتنا..
365 يوماً لا نعيش في وطن فحسب بل الوطن يعيش فينا
نحتفل لكي يكون هذا اليوم ملهماً لنا في كل شيء.. في القيم والأخلاق.. في التضحية والفداء.. في العطاء والولاء.. في البذل والانتماء..
" ليست المواطنة مجموعة من الامتيازات، بل هي أولا وقبل كل شيء انتماء للوطن، ويترتب على هذا الانتماء منظومة من الحقوق والواجبات تجاه المجتمع والدولة. المواطنة مسؤولية أيضاً، من حق المواطن أن يستفيد من ثروة بلاده، ولكن يفترض أن يسأل المواطن نفسه من حين لآخر: ماذا أعطيت أنا لبلدي ومجتمعي؟ وما أفضل السبل لأكون مفيداً؟ وماذا أفعل لكي أساهم في ثروة بلادي الوطنية، بحيث تستفيد الاجيال القادمة ايضا؟" تميم بن حمد آل ثاني بهذا المقطع المهم من خطاب سمو الأمير المفدى — حفظه الله ورعاه — خلال افتتاح دور الانعقاد العادي لمجلس الشورى في نوفمبر الماضي، ابدأ مقالي اليوم، الذي يتزامن مع احتفالات اليوم الوطني. نتحدث دائماً وكثيراً عن الوطن والمواطنة.. جميل.. نتغنى بالوطن.. جميل.. نكتب القصائد والمقالات في حب الوطن.. جميل.. جميل.. جميل.. لكن ماذا عملنا للوطن؟؟ هذا السؤال الذي يجب أن يلح علينا ليل نهار.. هذا السؤال الذي يجب أن يصاحبنا في حلنا وترحالنا.. هذا السؤال يجب أن يكون نصب أعيننا.. كيف يمكن أن نخرج من دائرة القول الى دائرة الفعل؟.. الفعل الذي يترجم أعمالا تخدم الوطن، وتنميه وترتقي به الى مصاف الدول المتقدمة، وتحدث فارقاً بين إنسانين: إنسان هذا الوطن، وإنسان آخر يعيش في أوطان اخرى.. هذا هو التحدي الحقيقي، أن نعي جيداً أننا لم نخلق لنعيش على هامش الحياة، إنما خلقنا لكي نكون صناعاً للحياة.. بناة للوطن.. في كل يوم تشرق فيه الشمس، تكون لنا بصمة إيجابية في مسيرة هذا الوطن.. نحمل هذا الوطن في كل سكنة من سكناتنا، وكل حركة من حركاتنا، وكل خطوة نخطوها.. وكل عمل نؤديه.. الوطن ليس احتفالات تقام في يوم، ثم ينتهي كل شيء.. الوطن يجب أن يكون حاضراً في كل أوجه حياتنا.. 365 يوماً لا نعيش في وطن فحسب، بل الوطن يعيش فينا.. ملحمة البناء تتشكل من عرق التضحية، وجهد العطاء، وبذل بلا حدود، وأفعال، يكون الوطن الحاضر الأول والأخير فيها.. أفعال تستلهم قيماً غرست في هذا الجيل، لينقلها إلى الجيل القادم بكل أمانة وإخلاص وصدق.. لتكون ركيزة في بناء المستقبل.. احتفالية اليوم الوطني، تشحذ الهمم، وتذكي الروح، وتجدد الطاقات لبدء مرحلة جديدة من العطاء والبناء.. نحن لا نحتفل لمجرد الاحتفال باليوم الوطني، ولا نحصر الوطن في هذه اللحظات الجميلة، بل نحتفل لكي يكون هذا اليوم ملهماً لنا في كل شيء.. في القيم والأخلاق.. في التضحية والفداء.. في العطاء والولاء.. في البذل والانتماء.. نحتفل ليكون دافعاً لنا لمواصلة السير على نهج خطى المؤسس المغفور له إن شاء الله الشيخ جاسم بن محمد بن ثاني، وسار على أثره من أتى من بعده، من قيادات هذا الوطن ورجالاته، إلى يومنا هذا، الذي يحمل فيه لواء الوطن شامخاً حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى، الذي تسلم الراية خفاقة من حضرة صاحب السمو الأمير الوالد الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني — حفظهما الله ورعاهما — حيث كان الوطن والارتقاء به، وتقدمه ونهضته.. هاجسهما الأول، وشغلهما الشاغل، ولا يألوان جهدا في سبيل ذلك إلا وبذلاه؛ من أجل هذا الوطن ورفاهية مواطنيه. إن ملحمة البناء التي قادتها قيادة هذا الوطن، وأهل قطر على مر التاريخ، هي اليوم بحاجة إلى عطاءاتنا بالعمل الجاد والمخلص، لنحقق بذلك المواطنة الحقة، التي تعرف واجباتها قبل أن تطالب بحقوقها، المواطنة التي تبحث في كل يوم عن ماذا يمكن أن تقدمه لهذا الوطن، لكي تتعزز مسيرة البناء، بتحقيق إنجازات ومكاسب جديدة.. نريد أن نحقق المفهوم الحقيقي للانتماء إلى الوطن على أرض الواقع، من خلال أعمال تتحدث عنا، أينما كنا، في داخل الوطن أو خارجه.. نريد إنسان هذه الأرض متميزاً بفكره وخلقه ودينه وقيمه وعاداته وعطاءاته.. التي لا ينتظر من ورائها جزاءً او شكوراً.. الدول اليوم تقاس بتمايز أبنائها عن غيرها من الدول، وبقدر ما كنا مميزين ومتميزين بالعمل، سنتمايز عن الآخرين، وسنكون شامة بيضاء بين الأمم. الأوطان لا تبنى بالشعارات، إنما بالعمل كل في مجاله أيا كان والعطاءات، التي لا تعرف حدوداَ.. إننا ونحن نحتفل بيوم الوطن، مطالبون بأن تكون أولوية منظومة الواجبات تجاه الوطن هي المقدمة على كل شيء، وأن يكون العمل هو الشعار الذي نتخذه في سبيل نهضة وتقدم وازدهار دولتنا ومجتمعنا. إن الوطن الذي حمل "كعبة المضيوم"، وأصبح لمواقفه المنتصرة للمظلوم علامة فارقة، ولا تزال لـ "هداتنا يفرح بها كل مغبون" صدى يتردد في كل مكان، سيظل كذلك بفضل من الله أولاً، ثم بفضل قيادته المنحازة لقضايا الأمة. يوم الوطن.. تجديد للولاء والانتماء بالعمل الذي يسبق القول.. بالانتصار لمصلحة الوطن العليا على مصالحنا الشخصية الضيقة.. بالإبداع في إنجاز العمل الموكل إلينا.. بأداء الأمانة التي ائتمنا عليها.. بتحمل المسؤولية التي قبلنا تحملها.. وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قال "إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملاً أن يتقنه". آخر كلمة.. اللهم احفظ هذا الوطن قيادة وشعباً.. أرضاً وسماءً وبحراً.. من كل مكروه، واحرسه بعينك التي لا تنام، واجعل الدائرة تدور على من يريد به شراً.. اللهم ارزقه أمناً وأماناً واستقراراً وازدهاراً.. رب اجعل هذا البلد آمناً..
لماذا تفشل أنظمتنا؟ البحث عن «البركة» في أوراق الحوكمة
هل سبق لك أن جلست في اجتماع عمل، ونظرت إلى اللوائح المعقدة المعلقة على الحائط، أو التقارير الدورية... اقرأ المزيد
309
| 12 نوفمبر 2025
ثقافة إيجابية الأخطاء
في بيئتنا الإدارية العربية، ما زال الخطأ يُعامَل كجريمة مهنية لا كمحطة تعلّم. يخاف الموظف من المجازفة لأن... اقرأ المزيد
324
| 12 نوفمبر 2025
الذكاء الاصطناعي في المدارس
أصبح الذكاء الاصطناعي اليوم جزءًا لا يتجزأ من حياتنا اليومية، ومع مرور الوقت تحوَّل إلى لغة العصر في... اقرأ المزيد
270
| 12 نوفمبر 2025
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية


مساحة إعلانية
ليش ما يمديك؟! بينما ممداني زهران، الشاب ذو الأصول الأوغندية، صار اليوم عمدة نيويورك. لم يولد هناك، بل جاءها مهاجرًا يحمل حلمه في حقيبة سفر، بلا جنسية ولا انتماء رسمي. حصل على الجنسية الأمريكية عام 2018، وبعد سبع سنوات فقط أصبح نائبًا في برلمان ولاية نيويورك وأحد أبرز الأصوات الشابة في المشهد السياسي الأمريكي. عمره اليوم 34 سنة فقط، لكنه أصبح نموذجًا يُثبت أن الإرادة حين تتجذر في النفس وتُروّى بالجد والاجتهاد، تصنع المعجزات.ولا حاجة لأن احكي عن معاناة شابٍ مهاجرٍ في مدينةٍ كـنيويورك، بكل ما تحمله من صعوباتٍ وتحدياتٍ اجتماعية واقتصادية. والآن ماذا عنك أنت؟ ما الذي ينقصك؟ هل تفتقد التعليم؟ قطر وفّرت لك واحدًا من أفضل أنظمة التعليم في الشرق الأوسط والعالم، وجلبت إليك أرقى الجامعات العالمية تخدمك من امام عتبة بيتك، بينما آلاف الشباب في نيويورك يدفعون مبالغ طائلة فقط ليحصلوا على مقعد جامعي… وربما لا يجدونه. هل تفتقد الأمان؟ قطر تُعد من أكثر دول العالم أمانًا وفقًا لمؤشرات الأمن الدولية لعام 2025، بينما تسجّل نيويورك معدلات جريمة مرتفعة تجعل من الحياة اليومية تحديًا حقيقيًا. هل تفتقد جودة الحياة؟ قطر من أنظف وأجمل دول العالم، ببنية تحتية حديثة، وطرق ذكية، ومترو متطور يربط المدن بدقة ونظام. أما نيويورك، فتعاني من ازدحامٍ وضوضاءٍ وتراجعٍ في الخدمات العامة، والفرق يُرى بالعين المجردة. هل تفتقد الدعم والرعاية؟ قطر من أعلى دول العالم في متوسط دخل الفرد، بينما في شوارع نيويورك ترى المشردين والمدمنين ينامون على الأرصفة. أما في قطر، فالدعم لا يقتصر على الجانب المادي فقط، بل يمتد إلى الرعاية الصحية المتقدمة التي أصبحت من الأفضل عالميًا. فالنظام الصحي القطري يُعد من الأكثر تطورًا في المنطقة، بمستشفياتٍ حديثةٍ ومعايير طبيةٍ عالمية، ورقمنةٍ شاملةٍ للخدمات الصحية تسهّل وصول كل مواطنٍ ومقيمٍ إلى العلاج بأعلى جودة وفي أسرع وقت. وتُعد مؤسسة حمد الطبية ومستشفى سدرة للطب ومراكز الأبحاث والمراكز الصحية المنتشرة في كل مدينة نموذجًا لاهتمام الدولة بصحة الإنسان باعتبارها أولوية وطنية. إنها دولة تجعل من كرامة الإنسان وصحته وتعليمه أساسًا للتنمية، لا ترفًا أما الفرص، فحدّث ولا حرج. بلدك تستثمر في شبابها بلا حدود وتفتح لهم كل الأبواب داخلياً وخارجياً في كل مؤسسات الدولة وقطاعاتها. وهذا ليس كلاماً نظرياً بل هناك تطبيق عملي وقدوة حاضرة. فقطر أميرها شاب، ووزيرها شباب، وأركان دولتها شباب محاطون بالخبرات والكفاءات. أما هناك، في نيويورك، فالشباب يقاتلون وسط منافسة شرسة لا ترحم، فقط ليجدوا لأنفسهم مكانًا… أو فرصةً ليتنفسوا الهواء. فما هو عذرك إذًا؟ ممداني نجح لأنه عمل على نفسه، ولأن أسرته زرعت فيه حب المسؤولية والاجتهاد. أما أنت، فأنت اليوم في وطنٍ منحك ( الجنة التي في الأرض ) وكل ما يتمناه غيرك: الأمن والأمان والرغد في العيش والتعليم والرعاية الصحية والبنية التحتية التي تُحلم بها شعوب الأرض. الفرق ليس في الظروف، بل في القرار. هو قرر أن يبدأ… وأنت ما زلت تنتظر “اللحظة المناسبة”. لا تنتظر الغد، فالغد لا يصنعه إلا من بدأ اليوم. لا تقول ما أمداني.. لأنه لن يمديك بعد هذا كله.. وإذا تقاعست نفسك تذكر ممداني الحقيقي.
8298
| 11 نوفمبر 2025
ماذا يعني أن يُفاجأ أولياء أمور بقرار مدارس أجنبية رائدة في الدوحة بزيادة تتراوح بين 30% و75% أُعلن عنها في تاريخ 20 أكتوبر الماضي ويجب تطبيقها في الفصل الدراسي الثاني على وجه السرعة؟! ماذا يعني أن يجد هؤلاء الآباء أنفسهم أمام قرار لا يساعدهم على نقل أبنائهم لمدارس أجنبية أخرى في الفصل الدراسي الثاني ومن المفترض أن يدفعوا مبلغ 17 ألف ريال قطري عوضا عن سبعة آلاف ريال كانت تدفع بجانب الكوبون التعليمي لكل طالب قطري الذي يُقدّر بـ 28 ألف ريال وباتت زيادة العشرة آلاف ريال تمثل عبئا على رب الأسرة فجأة بعد أن أصبحت 17 ألف ريال ودون إشعار مسبق؟! ولم هذا القرار والطلاب على وشك إنهاء الفصل الأول وإدارات هذه المدارس تعلم بأن الآباء سوف يمتثلون في النهاية لهذا القرار غير المبرر له لصعوبة إلحاق أبنائهم إلى مدارس أجنبية أخرى أقل في التكاليف التي زادت فجأة ودون إنذار مسبق لطلب الزيادة في مخالفة واضحة للتعميم رقم (21/2023) وكأنها تلزم الآباء إما أن تدفعوا أو اتركوا أبناءكم في البيوت في هذا الوقت الحرج مع بداية الفصل الثاني رغم أن هذه المدرسة قامت بمخالفة تنظيمية كونها لم تنشر جدول الرسوم المعتمدة للسنة الدراسية كاملة مخالفة لتعميم رقم (11/2025) وفرضت رسوما إضافية غير معتمدة عند تقديم التسجيل أو الاختبارات أو التسجيل والموارد كما فرضت رسوما غير قانونية على اختبارات قبول مرحلتي الروضة والتمهيدي مخالفة لتعميم عام 2022؟!. كل ما قيل أعلاه هي مجموعة شكاوى كثيرة وعاجلة من أولياء الأمور تقدموا بها لوزارة التربية والتعليم بعد أن قامت مدارس عالمية أجنبية في قطر بفرض هذه الزيادة في الرسوم بواقع 17 ألفا يجب أن يدفعها كل ولي أمر من حر ماله بجانب ما يُصرف للطالب من كوبون تعليمي بقيمة 28 ألف ريال بعد أن كان يدفع سبعة آلاف ريال فقط بجانب الكوبون كل عام فهل هذا معقول؟! وبات السؤال الأكبر الذي يعلق عليه أولياء الأمور هل بات التعليم مجانيا فعلا لأبنائنا في ظل هذه التجاوزات التي تمارسها إدارات المدارس الأجنبية التي تحظى بعدد كبير من الطلبة القطريين ولم اختارت أن تكون هذه الزيادة في منتصف السنة الدراسية رغم علمها بأن هذا الأمر يربك الآباء ويضعهم في دائرة سوء التخطيط من حيث إيجاد مدارس بديلة في هذا الوقت الحرج من العام الدراسي ناهيكم عن إرباكهم بدفع 17 ألف ريال لكل طالب بعد أن كانت سبعة آلاف ريال فقط بينما كان مبلغ الكوبون التعليمي من الدولة يسد بباقي الرسوم المطلوبة؟! أنا شخصيا أجد الأمر مربكا للغاية وإصرار هيئات هذه الإدارات على أنها حصلت على موافقة الوزارة على هذه الزيادات في الرسوم يزيد الحيرة لدينا أكثر خصوصا وأنه لم يخرج مصدر رسمي من الوزارة ليرد على هذه الشكاوى التي وصلت لإدارات هذه المدارس بجانب ما يتم نشره على وسائل التواصل الاجتماعي من أسئلة تنتظر إجابات من المعنيين في الوزارة وعلى رأسها سعادة السيدة لولوة الخاطر التي تلقى احتراما وتقديرا لها ولجهودها التي بذلتها منذ استلامها هذا المنصب القدير بشخصية مثلها. ولذا فإننا نأمل من سعادتها أن تجد حلا سريعا وناجعا لفحوى هذه المشكلة التي تؤرق بيوت كثير من المواطنين القطريين الذين يلتحق أبناؤهم بهذه المدارس التي تقع تحت مظلة الوزارة من قريب ومن بعيد وهي ليست بالمشكلة التي يجب أن تنتظر لأن مستقبل الأبناء يقف على قرار يطيح بقرارات الزيادة غير المسبوقة والتي لم يتم إخطار الآباء بها قبل بدء العام الدراسي لترتيب أوراق أبنائهم قبل التحاقهم بهذه المدارس الماضية في قراراتها الفجائية وغير مبالية بكم الاعتراض الذي تواجهه بصورة يومية من الآباء وعليه فإننا على ثقة بأن وزارة التربية والتعليم سوف تعطي زخما إيجابيا للشكاوى كما نأمل بإذن الله.
6864
| 11 نوفمبر 2025
في السودان الجريح، لا تشتعل النيران في أطراف تلك الجغرافيا فحسب، بل تمتد لتأكل الكيان العربي وضميره الخامل، فهذا الوطن العريق الغني بالثروات الطبيعية والبشرية أنهكته الصراعات حتى غدت أجهزته كجسدٍ بلا رأس، تتنازعها الصراعات وتعدد الولاءات وتتقاذفها الأهواء والامزجة، ومن يتأمل المشهد اليوم يدرك أن الأزمة في السودان لم تكن وليدة صدفة، بل نتيجة حتمية لتراكم طويل من الخلل والضعف المنبثق ابتداءً من الصراعات السياسية في القرن العشرين حتى اليوم حيث الصراع بين الشرعية و قوات الدعم السريع. فالأزمة السودانية ليست خلافًا محليًا على سلطة أو موارد، بل هي صورة مكبّرة لأزمة أوسع تضرب الجسد العربي كله، فعلاً هي أزمة في العقل العربي، فما زال بعض الأطراف ذو العلاقة بالأزمة والتأثير الإقليمي يتعامل مع السودان بوصفها غنيمة، لا منظومة عربية تحتاج الى استقرار، فعندما يفشل العقل العربي الجمعي في الترويج والسعي الى بناء مؤسسات عربية حقيقية، نجد أن البعض يُقصي الكفاءات لحساب الولاءات السياسية، ويتّخذ القرار الاستراتيجي من موقع الانفعال والمزاجية والحقد الدفين لا من منطق التخطيط السليم، فإنه بذلك يزرع بذور الفوضى في كل أرض عربية، والسودان اليوم إحدى ثمار تلك البذور. لذلك فإنّ ما يحدث في السودان ليس معزولًا عن السياق العربي العام وصراعاته، بل هو امتداد لنمطٍ مألوف من الإخفاق العربي في احتواء الأزمات والسعي الى بناء الدولة وحماية السلطة والشرعية، فالأزمة هناك ليست صراعًا داخليًا فقط، بل نتاج تداخل إراداتٍ خارجيةٍ تحاول إعادة إنتاج الفوضى في السودان والعالم العربي. فلقد تحوّل السودان، في لحظةٍ مأساوية، إلى ساحة تصفية حساباتٍ إقليمية، يُدفع ثمنها من دم المدنيين وأشلاء الأبرياء، والمدافع تُطلق في السودان، لكن العقول التي تُحرّكها تقيم في عواصم أخرى، تلك التي تملك المال والإعلام والسلاح، وتتوهم أن تفكيك السودان سيمنحها دورًا أكبر في الإقليم الشرق أوسطي. ومع الأسف فإنّ بعض الأنظمة أو الإدارات العربية ما زالت غارقة في تراث الحكم الغريزي الثأري، فلا تفكر بمنطق الدولة الحديثة المبنية على تصدير الايجابي من العلاقات المثمرة مع الدول الأخرى، بل تفكر بمنطق الهيمنة القديمة، فترى في ضعف السودان فرصةً لمرادها، وفي فوضاه مجالًا لتوسيع نفوذها ولو كان ذلك بإشعال نار الفتن، وهنا تكمن المأساة الأكبر حين تتحول بعض الإدارات العربية إلى غرف تحكمٍ لأزمات الآخرين بدل أن تكون منصاتٍ للحلول وإحلال السلام والتآخي، وحين ينسى بعض القادة أن دعم الشرعية في السودان ليس خيارًا سياسيًا، بل واجب أخلاقي وإنساني لحماية فكرة الدولة العربية نفسها. والمذابح التي يشهدها السودان جريمة ضد الإنسانية، وإن الصمت العربي عنها جريمة ضد الوعي والتاريخ، لأنّ من يترك دولةً عربية تسقط دون أن يساند شرعيتها، يوقّع من حيث لا يدري على سقوط القيم العربية المشتركة. فلتكن نصرة السودان اليوم دفاعًا عن الدولة والضمير الانساني لا عن الأشخاص، ودفاعاً عن الشرعية، وعن العقل العربي الذي آن له أن يخرج من أسر الصراعات والحقد الدفين إلى وعيٍ إداريٍ جديدٍ يؤمن أن قوة الأمة العربية تبدأ من وحدة مؤسساتها لا من هدم البلاد والعباد.
3105
| 05 نوفمبر 2025