رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
لم تنتظر الإدارة الأمريكية طويلا، لتعلن مجددا معارضتها لعودة العرب، وفي القلب منهم الفلسطينيون، إلى مجلس الأمن لاستصدار قرار جديد ينص على إنهاء الاحتلال الإسرائيلي للأراضي المحتلة، وفق جدول زمني وذلك في ضوء قرار مجلس الجامعة العربية، في اجتماعه الطارئ الذي عقد يوم الخميس الماضي على مستوى وزراء الخارجية، بعد أن أخفق المجلس في تمرير مشروع القرار خلال الشهر الماضي، بسبب مناورات أو بالأحرى مؤامرات واشنطن والكيان الصهيوني، وشخصيا لا أملك قدرا كبيرا من التفاؤل بنجاح المحاولة الجديدة للتوجه إلى مجلس الأمن، رغم انضمام خمس دول ضمن أعضائه غير الدائمين يصنفون ضمن دائرة المؤيدين للقضية الفلسطينية، لأن المعضلة لم تعد في الحصول على تسعة أصوات لتمرير مشروع القرار العربي، وإنما تكمن بالأساس في الانقضاض الأمريكي عليه، عبر استخدام حق النقض "الفيتو" وهو السلاح الذي استخدمته حوالي 44 مرة خلال سنوات الصراع العربي الصهيوني،
ومع ذلك، لا أدعو إلى التوقف عن المحاولة ولكن لتكن الأخيرة، إذا ما انقضت واشنطن على مشروع القرار الجديد بالفيتو، فعندئذ سيبدو العرب والفلسطينيون في وضعية الحريص على الشرعية الدولية ولكنها لم تتمكن من الاستجابة لمطالبهم وهي بالأساس لم تخرج عن أطر ومحددات هذه الشرعية التي لا يمكن أن تبقي شعبا تحت الاحتلال كل هذه السنوات وهي ما يجردها من مصداقيتها التي تآكلت بالفعل على مدى يقترب من السبعة عقود منذ الإعلان عن الكيان الصهيوني في المنطقة العربية ولكن هل ثمة بدائل؟.
الرئيس محمود عباس – أبو مازن، كان واقعيا في مداخلته المهمة أمام الاجتماع الطارئ لوزراء الخارجية العرب، فقد طرح خيارين، أولهما بلورة حل دولي، ولكنه استدرك قائلا: بالأحرى حل أمريكي، مبديا مراهنته على قدرات واشنطن إذا ما استيقظ ضميرها بإمكانية ممارسة الضغوط على حكومة الكيان، معيدا إلى الذاكرة موقف الرئيس ايزنهاور إبان العدوان الثلاثي على مصر في العام 1956، فعندما اقتنع بعدم موضوعية أهداف العدوان لسبب أو لآخر طلب من رئيس وزراء الكيان آنذاك بن جوريون بسحب قواته من سيناء، وفي اليوم التالي سأله ماذا كان قد استجاب للطلب، فنفى ذلك، فبادر بقوله له: سأنتظرك خلال ساعة تبلغني في نهايتها ببدء انسحاب القوات، وهو ما تم بالفعل، وإن كنت أعزي موقف إيزنهاور إلى أنه لم يشأ أن يدخل بلاده في حرب كونية جديدة، بعد تهديد الاتحاد السوفيتي الشهير للكيان باستخدام الصورايخ الطويلة المدى.
صحيح أن ثمة تحولات مهمة جرت في المشهد الدولي، فلم يعد هناك الاتحاد السوفيتي القوة المناوئة للولايات المتحدة، التي باتت القطب الأوحد في النظام العالمي القائم، رغم كل محاولات الرئيس الروسي الحالي فلاديمير بوتين لإبقاء موسكو، رقما مهما في المعادلة الدولية الراهنة، وبالتالي فإن المراهنة الفلسطينية - وللأسف العربية - على الدور الأمريكي، والتي أطلق شرارتها الرئيس المصري الراحل أنور السادات، عندما روج لمقولة إن 99 في المائة من أوراق القضية في يد واشنطن، "لا تبدو مجدية أو مفيدة على المدى المنظور، إلا إذا وقع تغيير جوهري في أسس وجوهر التعاطي الأمريكي مع القضية الفلسطينية، الأمر يتطلب جهدا عربيا وإسلاميا استثنائيا لدفع النخب السياسية في الولايات المتحدة للاقتناع بالحقوق العربية والفلسطينية والتي لا تحظى باهتمام هذه النخب التي تربت سياسيا وإعلاميا على وفرة من الدعايات والأكاذيب الصهيونية، التي تستخدم كل الوسائل للوصول إلى المتلقي، بما في ذلك أسلحة المال والإعلام، وتشكيل قوى الضغط القادرة على اختراق مؤسسات صناعة القرار، وفقا لما يتيحه القانون الأمريكي، بينما العرب والفلسطينيون -رغم كثرتهم العددية في الولايات المتحدة وقدراتهم المالية بدولهم - لم يسعوا إلى ممارسة أي ضغوط أو القيام بتحركات جدية، باتجاه تغيير قناعات هذه النخب والتي تمتد من الكونجرس بمجلسيه، أو داخل البيت الأبيض أو وزارة الخارجية أو البنتاجون أو مراكز البحوث التي تمتلك تأثيرات واضحة في صياغة القرارات المهمة للإدارة ومؤسساتها، إضافة إلى رجال المال والإعلام والفن.
إن مجلس الأمن لا يمثل نهاية المطاف بالنسبة للقضية الفلسطينية، التي لم يحسن التعامل معها، من فرط هيمنة واشنطن على مساراته إلى الدرجة التي يرى البعض أنه بات منذ سنوات خاصة منذ السقوط المدوي للاتحاد السوفيتي في مطلع تسعينيات القرن الفائت، أشبه بالذراع الدولية لسياستها الخارجية، فمن خلاله تحقق أهدافها وهو ما تجلى في استصدار قرار منه يبيح شرعية الغزو الأمريكي للعراق في 2003 على سبيل المثال لا الحصر، فضلا عن ذلك، فإن ثمة بعدا أخطر في المسألة عبر عنه الدكتور نبيل العربي الأمين العام للجامعة العربية في كلمته أمام الاجتماع الوزاري الطارئ، عندما لفت إلى أن المشكلة لا تكمن في أن يصدر مجلس الأمن قرارا جديدا لصالح الفلسطينيين فحسب، ولكن في القدرة على فرض تنفيذه، فكم من القرارات التي أصدرها -وبعضها لو طبق في حينه لتغيرت مسارات القضية الفلسطينية لم تدخل أبداً خانة التنفيذ، فالكيان الصهيوني، مدعوما بقوة من الولايات المتحدة ، كان – وما زال - يقف بالمرصاد دون ترجمتها على الأرض، وأظن أن قرارات الشرعية الدولية بالنسبة للقضية الفلسطينية لم تختبر على صعيد الواقع، وهي إشكالية أخرى في النظام الدولي، والذي يقدر على تطبيق قراراته بالنسبة لمختلف القضايا والأزمات، لكنه يعجز تماما عن قراراته التي تتعارض مع رغبة الكيان وأهداف مشروعه الاستعماري والاستيطاني، وهو ما ينبغي أن يركز التحرك العربي المرتقب في المرحلة الحالية والذي بدأ أمس من قبل أمين عام الجامعة العربية بزيارة بروكسل للالتقاء بقيادات الاتحاد والبرلمان الأوروبي، لإقناعهم بحشد جهودهم وراء مشروع القرار العربي الجديد لمجلس الأمن، مستغلا في ذلك حالة الحراك الإيجابي التي تجلت مؤخرا في اعتراف بعض الحكومات والبرلمانات الأوروبية بدولة فلسطين، بيد أن الأمر ما زال يستوجب مواجهة دبلوماسية مع الإدارة الأمريكية، من خلال التوظيف الصحيح لربط مصالح الولايات المتحدة في المنطقة بمدى نجاحها في تحقيق مطالب الشعب الفلسطيني في دولة مستقلة، وهو أمر أقرته منذ الرئيس السابق جورج بوش من خلال الإعلان عن حل الدولتين، وفي تقديري أن ثمة أوراق ضغط يمتلكها الطرف العربي، يمكن التلويح بها لو أحسنوا استخدامها ووحدوا مواقفهم تجاهها، سواء سياسيا أو اقتصاديا أو إستراتيجيا، وهي معروفة لصناع القرار والنخب السياسية، غير أنها في حاجة إلى إيقاظ وتفعيل والتوافق بشأنها.
السطر الأخير:
أنت يا الله، من يفك ضفائر وجعنا
ويعيد العافية لصيرورتنا
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية




مساحة إعلانية
ماذا يعني أن يُفاجأ أولياء أمور بقرار مدارس أجنبية رائدة في الدوحة بزيادة تتراوح بين 30% و75% أُعلن عنها في تاريخ 20 أكتوبر الماضي ويجب تطبيقها في الفصل الدراسي الثاني على وجه السرعة؟! ماذا يعني أن يجد هؤلاء الآباء أنفسهم أمام قرار لا يساعدهم على نقل أبنائهم لمدارس أجنبية أخرى في الفصل الدراسي الثاني ومن المفترض أن يدفعوا مبلغ 17 ألف ريال قطري عوضا عن سبعة آلاف ريال كانت تدفع بجانب الكوبون التعليمي لكل طالب قطري الذي يُقدّر بـ 28 ألف ريال وباتت زيادة العشرة آلاف ريال تمثل عبئا على رب الأسرة فجأة بعد أن أصبحت 17 ألف ريال ودون إشعار مسبق؟! ولم هذا القرار والطلاب على وشك إنهاء الفصل الأول وإدارات هذه المدارس تعلم بأن الآباء سوف يمتثلون في النهاية لهذا القرار غير المبرر له لصعوبة إلحاق أبنائهم إلى مدارس أجنبية أخرى أقل في التكاليف التي زادت فجأة ودون إنذار مسبق لطلب الزيادة في مخالفة واضحة للتعميم رقم (21/2023) وكأنها تلزم الآباء إما أن تدفعوا أو اتركوا أبناءكم في البيوت في هذا الوقت الحرج مع بداية الفصل الثاني رغم أن هذه المدرسة قامت بمخالفة تنظيمية كونها لم تنشر جدول الرسوم المعتمدة للسنة الدراسية كاملة مخالفة لتعميم رقم (11/2025) وفرضت رسوما إضافية غير معتمدة عند تقديم التسجيل أو الاختبارات أو التسجيل والموارد كما فرضت رسوما غير قانونية على اختبارات قبول مرحلتي الروضة والتمهيدي مخالفة لتعميم عام 2022؟!. كل ما قيل أعلاه هي مجموعة شكاوى كثيرة وعاجلة من أولياء الأمور تقدموا بها لوزارة التربية والتعليم بعد أن قامت مدارس عالمية أجنبية في قطر بفرض هذه الزيادة في الرسوم بواقع 17 ألفا يجب أن يدفعها كل ولي أمر من حر ماله بجانب ما يُصرف للطالب من كوبون تعليمي بقيمة 28 ألف ريال بعد أن كان يدفع سبعة آلاف ريال فقط بجانب الكوبون كل عام فهل هذا معقول؟! وبات السؤال الأكبر الذي يعلق عليه أولياء الأمور هل بات التعليم مجانيا فعلا لأبنائنا في ظل هذه التجاوزات التي تمارسها إدارات المدارس الأجنبية التي تحظى بعدد كبير من الطلبة القطريين ولم اختارت أن تكون هذه الزيادة في منتصف السنة الدراسية رغم علمها بأن هذا الأمر يربك الآباء ويضعهم في دائرة سوء التخطيط من حيث إيجاد مدارس بديلة في هذا الوقت الحرج من العام الدراسي ناهيكم عن إرباكهم بدفع 17 ألف ريال لكل طالب بعد أن كانت سبعة آلاف ريال فقط بينما كان مبلغ الكوبون التعليمي من الدولة يسد بباقي الرسوم المطلوبة؟! أنا شخصيا أجد الأمر مربكا للغاية وإصرار هيئات هذه الإدارات على أنها حصلت على موافقة الوزارة على هذه الزيادات في الرسوم يزيد الحيرة لدينا أكثر خصوصا وأنه لم يخرج مصدر رسمي من الوزارة ليرد على هذه الشكاوى التي وصلت لإدارات هذه المدارس بجانب ما يتم نشره على وسائل التواصل الاجتماعي من أسئلة تنتظر إجابات من المعنيين في الوزارة وعلى رأسها سعادة السيدة لولوة الخاطر التي تلقى احتراما وتقديرا لها ولجهودها التي بذلتها منذ استلامها هذا المنصب القدير بشخصية مثلها. ولذا فإننا نأمل من سعادتها أن تجد حلا سريعا وناجعا لفحوى هذه المشكلة التي تؤرق بيوت كثير من المواطنين القطريين الذين يلتحق أبناؤهم بهذه المدارس التي تقع تحت مظلة الوزارة من قريب ومن بعيد وهي ليست بالمشكلة التي يجب أن تنتظر لأن مستقبل الأبناء يقف على قرار يطيح بقرارات الزيادة غير المسبوقة والتي لم يتم إخطار الآباء بها قبل بدء العام الدراسي لترتيب أوراق أبنائهم قبل التحاقهم بهذه المدارس الماضية في قراراتها الفجائية وغير مبالية بكم الاعتراض الذي تواجهه بصورة يومية من الآباء وعليه فإننا على ثقة بأن وزارة التربية والتعليم سوف تعطي زخما إيجابيا للشكاوى كما نأمل بإذن الله.
4071
| 11 نوفمبر 2025
حينَ شقَّ الاستعمار جسدَ الأمة بخطوطٍ من حديد وحدودٍ من نار، انقطعت شرايين الأخوة التي كانت تسقي القلوب قبل أن تربط الأوطان. تمزّقت الخريطة، وتبعثرت القلوب، حتى غدا المسلم يسأل ببرودٍ مريب: ما شأني بفلسطين؟! أو بالسودان ؟! أو بالصين ؟! ونَسِيَ أنَّ تعاطُفَه عبادةٌ لا عادة، وإيمانٌ لا انفعال، وأنّ مَن لم يهتمّ بأمر المسلمين فليس منهم. لقد رسم الاستعمار حدودهُ لا على الورق فحسب، بل في العقول والضمائر، فزرعَ بين الإخوة أسوارا من وهم، وأوقد في الصدورِ نارَ الأحقادِ والأطماع. قسّم الأرضَ فأضعفَ الروح، وأحيا العصبيةَ فقتلَ الإنسانية. باتَ المسلمُ غريبًا في أرضه، باردًا أمام جراح أمّته، يشاهدُ المجازرَ في الفاشر وغزّة وفي الإيغور وكأنها لقطات من كوكب زحل. ألا يعلم أنَّ فقدَ الأرضِ يسهلُ تعويضُه، أمّا فقد الأخِ فهلاكٌ للأمّة؟! لقد أصبح الدينُ عند كثيرين بطاقة تعريفٍ ثانوية بعدَ المذهبِ والقبيلةِ والوطن، إنّ العلاجَ يبدأُ من إعادةِ بناءِ الوعي، من تعليمِ الجيلِ أنّ الإسلام لا يعرف حدودًا ولا يسكنُ خرائطَ صمّاء، وأنّ نُصرةَ المظلومِ واجبٌ شرعيٌّ، لا خِيارٌا مزاجيّا. قال النبي صلى الله عليه وسلم (مثلُ المؤمنين في توادِّهم وتراحمِهم «وتعاطُفِهم» كمثلِ الجسدِ الواحد، إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائرُ الجسدِ بالسهرِ والحمّى). التعاطف عبادة، التعاطف مطلب، التعاطف غاية، التعاطف هدف، التعاطف إنسانية وفطرة طبيعية، لذلك فلننهضْ بإعلامٍ صادقٍ يذكّرُ الأمةَ أنّها جسدٌ واحدٌ لا أطرافا متناحرة، وبعمل جماعي يترجمُ الأخوّةَ إلى عطاءٍ، والتكافلَ إلى فعلٍ لا شعار. حين يعودُ قلبُ المسلم يخفقُ في المغربِ فيسقي عروقَه في المشرق، وتنبضُ روحهُ في الشمالِ فتلهم الجنوبَ، حينئذٍ تُهدَمُ حدودُ الوهم، وتُبعثُ روحُ الأمةِ من رمادِ الغفلة، وتستعيدُ مجدَها الذي هو خير لها وللناس جميعاً قال تعالى (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ). عندها لن تبقى للأمّة خرائط تُفرّقها،. وتغدو حدود وخطوط أعدائنا التي علينا سرابًا تذروه الرياح، وتتقطع خيوطُ العنكبوتِ التي سحروا أعيننا بوهم قيودها التي لا تنفك. فإذا استيقظَ الوجدان تعانقَ المشرقُ والمغربُ في جسدٍ واحد يهتفُ بصوتٍ واحد فداك أخي.
4050
| 04 نوفمبر 2025
8 آلاف مشارك بينهم رؤساء دولوحكومات وقادة منظمات في قمة التنمية.. العالــــم فــي قطـــر ■قطر والأمم المتحدة شراكة دائمة ومستمرة نحو الأهداف المشتركة ■قمة التنمية ترسخ ثقة المجتمع الدولي بقدرات قطر ■الحدث الدولي الكبير باستضافة قمة التنمية موضع فخر واعتزاز ■حضور بارز لدولة قطر في جميع برامج الأمم المتحدة التنموية والإنسانية ■قمة الدوحة ستبقى علامة فارقة في مسيرة التنمية الاجتماعية ■«إعلان الدوحة للتنمية» سيكون بصمة تاريخية في سجلات الأمم المتحدة ■ترسيخ مكانة الدوحة كعاصمة للحوار والشراكة الدولية من أجل التنمية ترحب الدوحة بالعالم في قمة العالم الثانية للتنمية الاجتماعية التي تعقد بموجب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة، وذلك بعد مرور ثلاثين عاماً على القمة الأولى التي عُقدت عام 1995، مما يضفي على قمة الدوحة أهمية استثنائية، فالدوحة عاصمة عالمية للفعاليات الكبرى، وقد استعدت بكل إمكاناتها لتوفير مقومات النجاح لبرامج القمة وجداول أعمالها وأنشطتها. ترحب الدوحة بكل المشاركين في قمة التنمية الاجتماعية الثانية التي تعقد على مستوى رؤساء دول وحكومات وصناع قرار وكبار المسؤولين وقادة المنظمات الإنسانية بهدف معالجة الثغرات بشأن التنمية الاجتماعية التي أصبحت الشغل الشاغل لدول العالم، حيث إن أرقام الفقر والجوع ما زالت مرتفعة، فضلا عن الدول الخارجة من الحروب والأزمات والصراعات، مما يضاعف الحاجة إلى تجديد التزام دول العالم بدفع عجلة التنمية الاجتماعية. ومن المؤكد أن قمة الدوحة ستكون علامة فارقة في مسيرة التنمية الاجتماعية، ومثلما نجحت الدوحة في استضافة الفعاليات الكبرى من رياضية وسياسية واقتصادية وثقافية فإن قطر ستقدم للعالم أفضل نسخة من القمة العالمية للتنمية الاجتماعية. إن انعقاد قمة التنمية الثانية في الدوحة تعكس ثقة المجتمع الدولي بدور قطر وجهودها لتعزيز السلام والعدالة الاجتماعية والتنمية المستدامة بوصفها شريكا دائما للأمم المتحدة، وكما أشار حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى، حفظه الله ورعاه، في كلمته الترحيبية على صفحة القمة: «إن قطر استضافت على مر السنين العديد من المؤتمرات الرفيعة المستوى التابعة للأمم المتحدة، ما وفر منصة للحوار والتعاون بشأن أبرز التحديات العالمية، وتعكس هذه الجهود التزامنا الدائم بقيم وأهداف الأمم المتحدة ورؤيتنا لعالم يتاح فيه الازدهار للجميع». الشراكة بين قطر والأمم المتحدة تمتد لعقود وهي شراكة متجذرة في المبادئ والأهداف المشتركة الإنسانية والتنموية والتعليمية وحفظ الأمن والسلم الدوليين وتعزيز حقوق الإنسان، وتقديم المساعدة الإنسانية، والمشاركة في العمل الجماعي بهدف التصدي للتحديات القائمة والناشئة التي تواجه العالم. وأصبحت دولة قطر حاضرة بقوة في أغلب أنشطة الأمم المتحدة، وفي برامجها الإنسانية والتنموية. لطالما كانت قطر سباقة بدعم أهداف الأمم المتحدة للتنمية المستدامة، خاصة في مجالات مكافحة الفقر والصحة والتعليم من خلال مساعدات خارجية بلغت قيمتها نحو 4.8 مليار دولار منذ عام 2020، خصص 90% منها للدول الأقل نموا. كما حرص سمو الأمير المفدى على تتويج المساعدات القطرية بمبادرات وتبرعات أعلنها في كثير من الفعاليات الأممية، كان أبرزها تبرع سموه عام 2019 بمبلغ 100 مليون دولار لصالح الدول الجزرية والأقل نموا. كما توجت قطر شراكتها مع المنظمة الأممية بافتتاح بيت الأمم المتحدة في مارس 2023 ويُعد الأول من نوعه في المنطقة بصفته مقرا يجري فيه تنسيق المهام الإقليمية لعدة منظمات من ضمنها: منظمة العمل الدولية واليونسكو ومفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان ومفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين وصندوق الأمم المتحدة الدولي للطفولة (اليونيسيف) ومكتب الأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي ومنظمة الصحة العالمية. وفي إطار الشراكة مع الأمم المتحدة تحضر أيضا مبادرات صاحبة السمو الشيخة موزا بنت ناصر، لحماية التعليم في مناطق النزاعات عبر مؤسسة التعليم فوق الجميع، وعبر برنامج «علم طفلا» الذي نجح في إعادة 10 ملايين طفل إلى المدارس، فيما تسعى مؤسسة «صلتك» لتوفير فرص عمل لأكثر من خمسة ملايين شاب. وفي هذا السياق تعتبر استضافة الدوحة للقمة العالمية الثانية للتنمية الاجتماعية رصيدا إضافيا يعزز مكانة قطر المرموقة على الساحة الدولية، ويعكس إيمانها العميق بأهمية التعاون متعدد الأطراف في معالجة التحديات الاجتماعية والاقتصادية التي تواجه المجتمعات، خصوصا في ظل التحولات العالمية المتسارعة التي أنتجت وقائع جديدة ترزح تحت أعبائها شعوب كثيرة، مما يزيد الحاجة لتحقيق العدالة الاجتماعية، وتكافؤ الفرص، وتمكين الفئات الضعيفة من المشاركة الفاعلة في التنمية. إن هذا الحدث الدولي المهم المتمثل بانعقاد القمة التاريخية في الدوحة موضع فخر واعتزاز لدولة قطر وجميع أبناء الشعب القطري، فقد أثبتت قطر للعالم أنها المكان المثالي والنموذجي لاستضافة القمة بعد ثلاثين عاما على انعقاد القمة الأولى في كوبنهاغن. كما أن قطر أثبتت قدرتها وجاهزيتها اللوجستية والدبلوماسية والتنظيمية لاستضافة أكثر من 8 آلاف مشارك من مختلف دول العالم، بينهم رؤساء دول وحكومات وصناع قرار وكبار مسؤولين وقادة منظمات دولية وإنسانية وتنفيذ جدول وبرامج القمة التي أعدتها الأمم المتحدة بجدارة وإتقان. ولعل السمة التاريخية لهذه القمة تستند إلى عدة عناصر أبرزها «إعلان الدوحة السياسي» الذي ستعتمده القمة وتصدره الأمم المتحدة، مما يجعل اسم الدوحة مسطرا في سجلات الأمم المتحدة وفي ذاكرة كل شعوب العالم المعنية بالتنمية وسيكون إعلان الدوحة مرجعا لكل باحث وخبير بشأن التنمية العالمية. ويعتبر «إعلان الدوحة للتنمية» تعهدا جماعيا للمشاركين لإحياء التعددية وتسريع التنمية الاجتماعية دون أن يتخلف أحد عن الركب، ومن بين أهدافه الالتزام بـ»تعزيز الحلول المبتكرة والتعاون الدولي الشامل لترجمة التزامات إعلان وبرنامج عمل كوبنهاغن، والبعد الاجتماعي لأجندة 2030، إلى إجراءات ملموسة لتحقيق التنمية الاجتماعية للجميع، لا سيما لفائدة البلدان النامية». ومن الجوانب المهمة أن استضافة قطر لقمة التنمية الاجتماعية تعكس التزامها الراسخ بتعزيز التنمية الاجتماعية الشاملة والمستدامة ودعم العمل المتعدد الأطراف لتحقيق العدالة الاجتماعية والرفاهية لجميع الشعوب، كما تمثل فرصة محورية لتعزيز الحوار الدولي حول قضايا التنمية الاجتماعية وتسريع تنفيذ خطة التنمية المستدامة لعام 2030. وقد عبر سمو الأمير المفدى عن هذا الالتزام بأبلغ الكلام حين قال: «تلتزم دولة قطر دوماً بالتنمية المرتكزة على الإنسان، سواء على المستوى الوطني أو العالمي. ومن خلال الاستثمار في التعليم، والصحة، والحماية الاجتماعية، وتعزيز فرص العمل المنتج والعمل اللائق للجميع، نواصل تعزيز العدالة الاجتماعية وترسيخ الشمول. كما أننا دافعنا عن تكامل السياسات الاجتماعية والاقتصادية والبيئية، من خلال اعتماد نهج يشمل الحكومة والمجتمع بأسره، ويضع الإنسان في صميم عملية التنمية». لقد أكدت دولة قطر أن التنمية الاجتماعية لا تتحقق إلا من خلال الاستثمار في الإنسان، وتعزيز قيم العدالة والتضامن، ودعم المبادرات التي تكرس التعاون الدولي وتستجيب لتطلعات الشعوب نحو مستقبل أكثر استقرارا وازدهارا، وهذا ما أكده سمو الأمير المفدى في مختلف المناسبات أن الارتقاء بالإنسان يحقق التنمية المستدامة باعتبار الإنسان محور التنمية وغايتها الأساسية. لقد نجحت مسيرة قطر في تحقيق إنجازات نوعية وغير مسبوقة في عالم التنمية وصولا إلى رؤية قطر الوطنية 2030 وها هي اليوم تضع جهودها وخبراتها بتصرف العالم لبلورة رؤية وبرامج عمل لتحقيق التنمية التي تتطلع لها شعوب العالم. وذلك من خلال العمل الجاد والدؤوب مع الدول الأعضاء في القمة والمنظمات الدولية والإنسانية المشاركة لرسم المسار العملي لتحقيق أهداف التنمية. ولن تتوانى دولة قطر عن تقديم كل الدعم وبذل كل الجهود لوصول القمة إلى أفضل النتائج التي تحقق تطلعات شعوب العالم بالتنمية المستدامة وفقا لأهداف الأمم المتحدة، وترسيخ مكانة الدوحة كعاصمة للحوار والشراكة الدولية من أجل التنمية الاجتماعية المستدامة، وتعزيز ثقة المجتمع الدولي بقدرات قطر على تحقيق وإنجاز ما يعجز عنه الآخرون.
2187
| 04 نوفمبر 2025