رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
عاد الإرهاب ليضرب من جديد في تونس، وهذه المرّة، حصل في معتدمية قبلاط الريفية التابعة لمحافظة باجة (شمال غربي تونس) التي تبعد مائة كيلومتر عن العاصمة،حين قامت مجموعة مسلحة بمباغتة ثلاثة عناصر من الحرس الوطني كانوا بصدد التثبت من معلومة بشأن وجود مجموعة مسلحة في منزل في المنطقة، وأطلقت النار عليهم، فقتل اثنان من قوات الحرس الوطني وجرح ثالث خلال المواجهة المسلحة. وتأتي هذه العملية بعد يوم من عملية مشابهة في محافظة جندوبة (شمال غربي البلاد) المحاذية للجزائر، حيث أطلق مسلحون النار على مركز لقوات الحرس الوطني الحدودي مع الجزائر، كما هاجم عدد آخر من المسلحين المركز الحدودي "فج حسين" التابع لمدينة "غار الدماء" الحدودية من المحافظة نفسها وتبادلوا إطلاق النار مع العناصر الأمنية هناك قبل أن يتحصنوا بالفرار.
وفي ظل تنامي الإرهاب في تونس، واستمرار تدفق الأسلحة، وغياب الرقابة الصارمة من جانب القوى الأمنية التي أتمر بأوامر الحكومة التي يقودها القيادي من حركة النهضة السيد علي العريض، وجهت الجزائر رسالة واضحة إلى الحكومة التونسية، تفيد أن عملية تهريب كبرى للسلاح يتم التحضير لها انطلاقا من الأراضي الليبية باتجاه الجزائر أو تونس، الأمر الذي جعلت الجيش الجزائري يستنفر قواته على الحدود مع ليبيا وتونس، مستخدما الطائرات العسكرية لتوسيع مجال المراقبة ولمنع أي محاولة اختراق لجماعات إرهابية قد تستغل الأوضاع لتنفيذ مخططها، لاسيَّما أن محققين من تونس والجزائر تمكنوا من جمع أدلة كثيرة تدين " كتيبة الملثمين والموقعين بالدم "التي يقودها مختار بالمختار القيادي السابق في تنظيم "القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي "، الذي أشرف على تدريب مقاتلين سلفيين جهاديين من تونس وإرسالهم إلى الأراضي التونسية.
ويعود السؤال القديم الجديد إلى الواجهة في المشهد السياسي التونسي، هل ستنتصر الديمقراطية على الإرهاب في بلد مفجر ثورات الربيع العربي؟
هذا الأمر مرهن بنجاح الحوار الوطني الجاري في تحقيق انتظارات الشعب التونسي، لاسيَّما إسقاط حكومة الترويكا الحالية التي تقودها حركة النهضة المتواطئة والمتخاذلة في محاربة الإرهاب، لأن صقور النهضة متحالفون مع تنظيم "أنصار الشريعة"و التيارات السلفية الأخرى، لأسباب عديدة، أهمها: المرجعية الإسلامية الأصولية القبطية،و اعتبار المعارضة اليسارية والقومية والليبرالية عدوة،و العمل على تحطيم الدولة التونسية الحديثة ما بعد الاستقلال،لأن هذه القوى الإسلامية سواء المعتدلة منها أو الأصولية والتكفيرية جميعها، لا تؤمن ببناء الدولة الديمقراطية التعددية.
فمحاربة الإرهاب في تونس، تتطلب انتهاج طريق وطنية تقوم على تشكيل حكومة كفاءات وطنية ذات إستراتيجية وطنية واضحة، تحترم سيادة المبادئ العامة والشاملة، كالديمقراطية،و الحرية،و المساواة بين الجنسين،و احترام حقوق الإنسان بغض النظر عن جنسيته وديانته التي ينتمي إليها، وتعمل على إعادة بناء أجهزة أمنية تحترم قيم الجمهورية، وتقضي على الأجهزة الأمنية الموازية التي أصبحت تشكل الحصن الأمني والسياسي الذي يحمي ويتستر على الإرهاب السلفي التكفيري، وتخضع كل الجمعيات الدينية غير المرخص بها، وحتى المرخصة للمحاسبة القانونية الصارمة،لاسيَّما فيما يتعلق بمصادر تمويلها، وطبيعة أنشطتها، وتمنع أدلجة الخطاب الديني داخل المساجد، ومنع هذه الأخيرة من أن تتحول إلى فضاءات جماهيرية تخدم مصلحة حركة النهضة والتيارات السلفية التكفيرية، ووضع خطة وطنية للتنمية المستدامة للمحافظات الفقيرة، وللمناطق الشعبية في أحزمة المدن التونسية، ولاسيَّما في العاصمة، باعتبار أن الإرهاب انتشر من جراء غياب التنمية في المناطق المهمشة في المدن والأرياف.، لاسيَّما الحدودية في الشمال الغربي، وفي الوسط الغربي، وفي الجنوب التونسي.
إن محاربة الإرهاب يقتضي وجود حكومة وطنية صارمة في الذهاب بعيدا في تفعيل قانون مكافحة الإرهاب، والعمل على سيادة القانون، واحترام السلطة القضائية والحيلولة دون خضوعها للحسابات السياسية، والعمل على حماية القضاة المتعهدين بالقضايا الإرهابية وعائلاتهم، ومداهمة أوكار جميع الإرهابيين وجمع أسلحتهم من قبل الفرق المختصة بمكافحة الجريمة الإرهابية.
ولأن الحرب ضد الإرهاب أيضا.التي تخاض حصريا على الصعيد العسكري. والاستخبارات. والتجسس. والحرب السرية، وبأهداف منتقاة من الأجهزة الأمنية التونسية الجمهورية، هي بالضرورة حرب تفكيك وتصفية للبنية التنظيمية واللوجيستية لتنظيم "أنصار الشريعة". إلا أن مناداة حركة النهضة بالديمقراطية وإقامة تحالفات مع الإرهابيين من تنظيم "أنصار الشريعة" والتيارات السلفية الأخرى، يجعل من الحكومة الحالية بادعائها الكاذب أنها تخوض الحرب ضد الإرهاب أمر فيه الكثير من التناقض ويثير السخرية، لأنها حكومة لا تتسم بالصدقية فيما تقول، وهي حكومة متواطئة مع الإرهاب.
إن البحث عن الأمن من جانب حكومة علي العرض، ودعم التيارات السلفية التكفيرية المفروضة بالعنف والتعسف على الشعب التونسي، مسألتان متناقضتان وتهيئان الأجواء لمزيد من العنف والتعسف لتصبح أكثر ملائمة لكافة أنواع التجارة غير المشروعة من جهة كتجارة الأسلحة والمخدرات وغير ذلك. وبالتالي تعمل على تغذية التطرف والإرهاب من جهة ثانية.
إن الحكومة الحالية التي تقودها حركة النهضة تتجاهل كثيرا العالم، بل إنها تعتقد أنها صاحبة فضيلة، وترفض رفضا قاطعا معالجة الأسباب التي قادت وتقود إلى مراكمة جميع أنواع الإرهاب المصدر لنا من الخارج، لاسيَّما من ليبيا التي تحولت إلى قاعدة خلفية لتجارة الإرهاب نحو بلدان شمال إفريقيا والساحل الإفريقي.
وإذا أرادت الديمقراطية أن تنتصر على الإرهاب فعلى حكومة الترويكا بلا استثناء أن تسعى إلى تطبيق المبادئ الديمقراطية على أنفسها أولا، لأن الحكومة التي يقودها علي العريض لا تحترم القانون، ولا القيم والمبادئ والديمقراطية وتستخدم المعايير المزدوجة، وتدير ظهرها للتعاون الإقليمي والدولي لمكافحة الإرهاب، لاسيَّما مع الشقيقة الجزائر التي أصبحت لها خبرة كبيرة في مكافحة الإرهاب.
من الناحية المنطقية والعقلية، الإرهاب التكفيري هو الظاهرة المرضية أفرزتها عقود الاستبداد التي كرستها الأنظمة التسلطية العربية، وهو يسافر من دون جواز سفر من أجل الاستقرار في الدول الفاشلة، كالصومال، والعراق، وليبيا، واليمن، والآن تونس. إنه فوق – قومي، عالمي، وبنفس الدرجة مثل الشركات المتعددة الجنسية: بيبسي كولا، أو كوكا كولا..".القاعدة" وأخواتها" أنصار الشريعة" في تونس، وليبيا، واليمن الخ. وإذا لاقى الإرهاب بعض ا لصعوبات، فإنه يرحل، ويأخذ معه " مصانعه " إلى بلد توفر له أفضليات جديدة، أبدا مثل الشركات المتعددة الجنسيات.
الإرهاب بوصفه ظاهرة عالمية لا يمكن القضاء عليه، لكن من أجل السيطرة عليه، يجب على حركة النهضة الإسلامية أن تعي جيدا، وتعترف بضرورة بناء دولة القانون، وتقاسم السلطة مع المعارضة في هذه المرحلة الانتقالية، واحترام نمط المجتمع التونسي والمحافظة عليه، وعدم اللجوء إلى تغييره.
إذا أرادت حركة النهضة أن تبذل جهودا كبيرة من أجل أن تفهم وتتصرف بشكل أفضل حول تنامي الإرهاب، عليها أن تقوم بمراجعة نقدية لكل سياساتها وأطروحاتها الأيديولوجية، وبالأخص منها، إعادة النظر في مقاربتها لقضية بناء الدولة المدنية، وفي القلب منها دولة القانون وفصل السياسي عن الديني، وتحقيق أهداف الثورة التونسية في إقرار دستور ديمقراطي يليق بها، وتحقيق العدالة الاجتماعية، وعدم الانخراط في تحالفات إقليمية ودولية بقيادة الولايات المتحدة يحتل فيه الكيان الصهيوني مركز الصدارة، وصولا إلى إثبات قدرتها على فتح الطريق لبناء الدولة الديمقراطية التعددية التي تقر وتحترم وتضمن مبدأ المواطنة الحقة، ومبدأ الفصل بين السلطات بلا مواربة، ومبدأ التداول السلمي للسلطة نظرا لانعدام الديمقراطية في هذه المنطقة العربية.
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية


مساحة إعلانية
ماذا يعني أن يُفاجأ أولياء أمور بقرار مدارس أجنبية رائدة في الدوحة بزيادة تتراوح بين 30% و75% أُعلن عنها في تاريخ 20 أكتوبر الماضي ويجب تطبيقها في الفصل الدراسي الثاني على وجه السرعة؟! ماذا يعني أن يجد هؤلاء الآباء أنفسهم أمام قرار لا يساعدهم على نقل أبنائهم لمدارس أجنبية أخرى في الفصل الدراسي الثاني ومن المفترض أن يدفعوا مبلغ 17 ألف ريال قطري عوضا عن سبعة آلاف ريال كانت تدفع بجانب الكوبون التعليمي لكل طالب قطري الذي يُقدّر بـ 28 ألف ريال وباتت زيادة العشرة آلاف ريال تمثل عبئا على رب الأسرة فجأة بعد أن أصبحت 17 ألف ريال ودون إشعار مسبق؟! ولم هذا القرار والطلاب على وشك إنهاء الفصل الأول وإدارات هذه المدارس تعلم بأن الآباء سوف يمتثلون في النهاية لهذا القرار غير المبرر له لصعوبة إلحاق أبنائهم إلى مدارس أجنبية أخرى أقل في التكاليف التي زادت فجأة ودون إنذار مسبق لطلب الزيادة في مخالفة واضحة للتعميم رقم (21/2023) وكأنها تلزم الآباء إما أن تدفعوا أو اتركوا أبناءكم في البيوت في هذا الوقت الحرج مع بداية الفصل الثاني رغم أن هذه المدرسة قامت بمخالفة تنظيمية كونها لم تنشر جدول الرسوم المعتمدة للسنة الدراسية كاملة مخالفة لتعميم رقم (11/2025) وفرضت رسوما إضافية غير معتمدة عند تقديم التسجيل أو الاختبارات أو التسجيل والموارد كما فرضت رسوما غير قانونية على اختبارات قبول مرحلتي الروضة والتمهيدي مخالفة لتعميم عام 2022؟!. كل ما قيل أعلاه هي مجموعة شكاوى كثيرة وعاجلة من أولياء الأمور تقدموا بها لوزارة التربية والتعليم بعد أن قامت مدارس عالمية أجنبية في قطر بفرض هذه الزيادة في الرسوم بواقع 17 ألفا يجب أن يدفعها كل ولي أمر من حر ماله بجانب ما يُصرف للطالب من كوبون تعليمي بقيمة 28 ألف ريال بعد أن كان يدفع سبعة آلاف ريال فقط بجانب الكوبون كل عام فهل هذا معقول؟! وبات السؤال الأكبر الذي يعلق عليه أولياء الأمور هل بات التعليم مجانيا فعلا لأبنائنا في ظل هذه التجاوزات التي تمارسها إدارات المدارس الأجنبية التي تحظى بعدد كبير من الطلبة القطريين ولم اختارت أن تكون هذه الزيادة في منتصف السنة الدراسية رغم علمها بأن هذا الأمر يربك الآباء ويضعهم في دائرة سوء التخطيط من حيث إيجاد مدارس بديلة في هذا الوقت الحرج من العام الدراسي ناهيكم عن إرباكهم بدفع 17 ألف ريال لكل طالب بعد أن كانت سبعة آلاف ريال فقط بينما كان مبلغ الكوبون التعليمي من الدولة يسد بباقي الرسوم المطلوبة؟! أنا شخصيا أجد الأمر مربكا للغاية وإصرار هيئات هذه الإدارات على أنها حصلت على موافقة الوزارة على هذه الزيادات في الرسوم يزيد الحيرة لدينا أكثر خصوصا وأنه لم يخرج مصدر رسمي من الوزارة ليرد على هذه الشكاوى التي وصلت لإدارات هذه المدارس بجانب ما يتم نشره على وسائل التواصل الاجتماعي من أسئلة تنتظر إجابات من المعنيين في الوزارة وعلى رأسها سعادة السيدة لولوة الخاطر التي تلقى احتراما وتقديرا لها ولجهودها التي بذلتها منذ استلامها هذا المنصب القدير بشخصية مثلها. ولذا فإننا نأمل من سعادتها أن تجد حلا سريعا وناجعا لفحوى هذه المشكلة التي تؤرق بيوت كثير من المواطنين القطريين الذين يلتحق أبناؤهم بهذه المدارس التي تقع تحت مظلة الوزارة من قريب ومن بعيد وهي ليست بالمشكلة التي يجب أن تنتظر لأن مستقبل الأبناء يقف على قرار يطيح بقرارات الزيادة غير المسبوقة والتي لم يتم إخطار الآباء بها قبل بدء العام الدراسي لترتيب أوراق أبنائهم قبل التحاقهم بهذه المدارس الماضية في قراراتها الفجائية وغير مبالية بكم الاعتراض الذي تواجهه بصورة يومية من الآباء وعليه فإننا على ثقة بأن وزارة التربية والتعليم سوف تعطي زخما إيجابيا للشكاوى كما نأمل بإذن الله.
6663
| 11 نوفمبر 2025
ليش ما يمديك؟! بينما ممداني زهران، الشاب ذو الأصول الأوغندية، صار اليوم عمدة نيويورك. لم يولد هناك، بل جاءها مهاجرًا يحمل حلمه في حقيبة سفر، بلا جنسية ولا انتماء رسمي. حصل على الجنسية الأمريكية عام 2018، وبعد سبع سنوات فقط أصبح نائبًا في برلمان ولاية نيويورك وأحد أبرز الأصوات الشابة في المشهد السياسي الأمريكي. عمره اليوم 34 سنة فقط، لكنه أصبح نموذجًا يُثبت أن الإرادة حين تتجذر في النفس وتُروّى بالجد والاجتهاد، تصنع المعجزات.ولا حاجة لأن احكي عن معاناة شابٍ مهاجرٍ في مدينةٍ كـنيويورك، بكل ما تحمله من صعوباتٍ وتحدياتٍ اجتماعية واقتصادية. والآن ماذا عنك أنت؟ ما الذي ينقصك؟ هل تفتقد التعليم؟ قطر وفّرت لك واحدًا من أفضل أنظمة التعليم في الشرق الأوسط والعالم، وجلبت إليك أرقى الجامعات العالمية تخدمك من امام عتبة بيتك، بينما آلاف الشباب في نيويورك يدفعون مبالغ طائلة فقط ليحصلوا على مقعد جامعي… وربما لا يجدونه. هل تفتقد الأمان؟ قطر تُعد من أكثر دول العالم أمانًا وفقًا لمؤشرات الأمن الدولية لعام 2025، بينما تسجّل نيويورك معدلات جريمة مرتفعة تجعل من الحياة اليومية تحديًا حقيقيًا. هل تفتقد جودة الحياة؟ قطر من أنظف وأجمل دول العالم، ببنية تحتية حديثة، وطرق ذكية، ومترو متطور يربط المدن بدقة ونظام. أما نيويورك، فتعاني من ازدحامٍ وضوضاءٍ وتراجعٍ في الخدمات العامة، والفرق يُرى بالعين المجردة. هل تفتقد الدعم والرعاية؟ قطر من أعلى دول العالم في متوسط دخل الفرد، بينما في شوارع نيويورك ترى المشردين والمدمنين ينامون على الأرصفة. أما في قطر، فالدعم لا يقتصر على الجانب المادي فقط، بل يمتد إلى الرعاية الصحية المتقدمة التي أصبحت من الأفضل عالميًا. فالنظام الصحي القطري يُعد من الأكثر تطورًا في المنطقة، بمستشفياتٍ حديثةٍ ومعايير طبيةٍ عالمية، ورقمنةٍ شاملةٍ للخدمات الصحية تسهّل وصول كل مواطنٍ ومقيمٍ إلى العلاج بأعلى جودة وفي أسرع وقت. وتُعد مؤسسة حمد الطبية ومستشفى سدرة للطب ومراكز الأبحاث والمراكز الصحية المنتشرة في كل مدينة نموذجًا لاهتمام الدولة بصحة الإنسان باعتبارها أولوية وطنية. إنها دولة تجعل من كرامة الإنسان وصحته وتعليمه أساسًا للتنمية، لا ترفًا أما الفرص، فحدّث ولا حرج. بلدك تستثمر في شبابها بلا حدود وتفتح لهم كل الأبواب داخلياً وخارجياً في كل مؤسسات الدولة وقطاعاتها. وهذا ليس كلاماً نظرياً بل هناك تطبيق عملي وقدوة حاضرة. فقطر أميرها شاب، ووزيرها شباب، وأركان دولتها شباب محاطون بالخبرات والكفاءات. أما هناك، في نيويورك، فالشباب يقاتلون وسط منافسة شرسة لا ترحم، فقط ليجدوا لأنفسهم مكانًا… أو فرصةً ليتنفسوا الهواء. فما هو عذرك إذًا؟ ممداني نجح لأنه عمل على نفسه، ولأن أسرته زرعت فيه حب المسؤولية والاجتهاد. أما أنت، فأنت اليوم في وطنٍ منحك ( الجنة التي في الأرض ) وكل ما يتمناه غيرك: الأمن والأمان والرغد في العيش والتعليم والرعاية الصحية والبنية التحتية التي تُحلم بها شعوب الأرض. الفرق ليس في الظروف، بل في القرار. هو قرر أن يبدأ… وأنت ما زلت تنتظر “اللحظة المناسبة”. لا تنتظر الغد، فالغد لا يصنعه إلا من بدأ اليوم. لا تقول ما أمداني.. لأنه لن يمديك بعد هذا كله.. وإذا تقاعست نفسك تذكر ممداني الحقيقي.
6618
| 11 نوفمبر 2025
في السودان الجريح، لا تشتعل النيران في أطراف تلك الجغرافيا فحسب، بل تمتد لتأكل الكيان العربي وضميره الخامل، فهذا الوطن العريق الغني بالثروات الطبيعية والبشرية أنهكته الصراعات حتى غدت أجهزته كجسدٍ بلا رأس، تتنازعها الصراعات وتعدد الولاءات وتتقاذفها الأهواء والامزجة، ومن يتأمل المشهد اليوم يدرك أن الأزمة في السودان لم تكن وليدة صدفة، بل نتيجة حتمية لتراكم طويل من الخلل والضعف المنبثق ابتداءً من الصراعات السياسية في القرن العشرين حتى اليوم حيث الصراع بين الشرعية و قوات الدعم السريع. فالأزمة السودانية ليست خلافًا محليًا على سلطة أو موارد، بل هي صورة مكبّرة لأزمة أوسع تضرب الجسد العربي كله، فعلاً هي أزمة في العقل العربي، فما زال بعض الأطراف ذو العلاقة بالأزمة والتأثير الإقليمي يتعامل مع السودان بوصفها غنيمة، لا منظومة عربية تحتاج الى استقرار، فعندما يفشل العقل العربي الجمعي في الترويج والسعي الى بناء مؤسسات عربية حقيقية، نجد أن البعض يُقصي الكفاءات لحساب الولاءات السياسية، ويتّخذ القرار الاستراتيجي من موقع الانفعال والمزاجية والحقد الدفين لا من منطق التخطيط السليم، فإنه بذلك يزرع بذور الفوضى في كل أرض عربية، والسودان اليوم إحدى ثمار تلك البذور. لذلك فإنّ ما يحدث في السودان ليس معزولًا عن السياق العربي العام وصراعاته، بل هو امتداد لنمطٍ مألوف من الإخفاق العربي في احتواء الأزمات والسعي الى بناء الدولة وحماية السلطة والشرعية، فالأزمة هناك ليست صراعًا داخليًا فقط، بل نتاج تداخل إراداتٍ خارجيةٍ تحاول إعادة إنتاج الفوضى في السودان والعالم العربي. فلقد تحوّل السودان، في لحظةٍ مأساوية، إلى ساحة تصفية حساباتٍ إقليمية، يُدفع ثمنها من دم المدنيين وأشلاء الأبرياء، والمدافع تُطلق في السودان، لكن العقول التي تُحرّكها تقيم في عواصم أخرى، تلك التي تملك المال والإعلام والسلاح، وتتوهم أن تفكيك السودان سيمنحها دورًا أكبر في الإقليم الشرق أوسطي. ومع الأسف فإنّ بعض الأنظمة أو الإدارات العربية ما زالت غارقة في تراث الحكم الغريزي الثأري، فلا تفكر بمنطق الدولة الحديثة المبنية على تصدير الايجابي من العلاقات المثمرة مع الدول الأخرى، بل تفكر بمنطق الهيمنة القديمة، فترى في ضعف السودان فرصةً لمرادها، وفي فوضاه مجالًا لتوسيع نفوذها ولو كان ذلك بإشعال نار الفتن، وهنا تكمن المأساة الأكبر حين تتحول بعض الإدارات العربية إلى غرف تحكمٍ لأزمات الآخرين بدل أن تكون منصاتٍ للحلول وإحلال السلام والتآخي، وحين ينسى بعض القادة أن دعم الشرعية في السودان ليس خيارًا سياسيًا، بل واجب أخلاقي وإنساني لحماية فكرة الدولة العربية نفسها. والمذابح التي يشهدها السودان جريمة ضد الإنسانية، وإن الصمت العربي عنها جريمة ضد الوعي والتاريخ، لأنّ من يترك دولةً عربية تسقط دون أن يساند شرعيتها، يوقّع من حيث لا يدري على سقوط القيم العربية المشتركة. فلتكن نصرة السودان اليوم دفاعًا عن الدولة والضمير الانساني لا عن الأشخاص، ودفاعاً عن الشرعية، وعن العقل العربي الذي آن له أن يخرج من أسر الصراعات والحقد الدفين إلى وعيٍ إداريٍ جديدٍ يؤمن أن قوة الأمة العربية تبدأ من وحدة مؤسساتها لا من هدم البلاد والعباد.
2919
| 05 نوفمبر 2025