رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
بعد إقرار وثيقة أولويات حكومة الوحدة الوطنية في قصر قرطاج الأسبوع الماضي، اعتقد العديد من التونسيين أن أزمة تشكيل الحكومة الجديدة في طريقها إلى الحل، لكن برزت عقبة رئيس الحكومة الحالي السيد الحبيب الصيد الذي رفض تقديم استقالته رغم الضغوطات التي مورست عليه. وكان الصيد قد أعلن الإثنين الماضي إثر لقائه الأسبوعي مع الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي أنه اتفق معه على اللجوء إلى البرلمان لحسم المسألة، وعلى التسريع في العملية ولكن عبر البرلمان. ويزيد إصرار رئيس الحكومة الحبيب الصيد على الاحتكام للبرلمان لفض خلافه مع رئيس الجمهورية، في تعطيل إنجاح مبادرة الباجي قائد السبسي المتعلّقة بحكومة الوحدة الوطنية، ويدفع بها نحو أزمة دستورية وسياسية جديدة ستكون لها تداعيات على المشهد السياسي الوطني، مؤسسات وأحزابا، ولاسيَّما على مستقبل العلاقة بين مؤسستي الرئاسة والحكومة الجديدة وأحزاب الائتلاف.
وهناك إجماع لدى الطبقة السياسية الحاكمة في تونس، ولدى أساتذة القانون الدستوري، أن الوضع في البلاد بصفة عامة يتجه إلى حصول تعقيدات ومأزق داخل نظام الحكم، وداخل المنظومة القائمة ككل، لأن إقالة حكومة الحبيب الصيد، أو الإبقاء عليها، لا يمكن أن يتم إلا من خلال إجراء منح الثقة من عدمه الذي أقره الفصل 98 من الدستور، وهو إجراء أقل تعقيدًا ويقتضي 109 أصوات، وهو قابل للتحقيق بشرط أن يتقدم رئيس الحكومة بمطلب إلى مجلس نواب الشعب حول إعادة منح الثقة لحكومته من عدمه، وهو ما لم يقم به الحبيب الصيد.
إضافة إلى ذلك، فإنه من الصعب جدًا تقديم لائحة لوم ضد حكومة الحبيب الصيد، بسبب إعلان حالة الطوارئ في البلاد، بدءًا من يوم 21 يوليو الجاري وفق ما أعلنته رئاسة الجمهورية التونسية يوم الثلاثاء الماضي. ويمنع إعلان حالة الطوارئ توجيه لائحة لوم ضد حكومة الحبيب الصيد، عملًا بما جاء في الفقرة الثانية من الفصل 80 من الدستور التونسي، حيث أتاح هذا الفصل لرئيس الجمهورية أن يتخذ التدابير التي تحتملها الحالة الاستثنائية التي تمر بها البلاد، ويمثل اختيار رئيس الجمهورية لنظام حالة الطوارئ أحد التدابير الاستثنائية التي سبق وأن اتخذها ومدّد العمل بها. والحال هكذا، لا يجوز تقديم لائحة لوم ضد حكومة الصيد، وهو ما يؤكده أيضًا الفصل 48 من النظام الداخلي لمجلس نواب الشعب، لاسيَّما أن رئيس الحكومة رفض تقديم استقالته، وتخيّر اللجوء إلى مجلس نواب الشعب للتصويت على منح الثقة لحكومته، لكي تواصل نشاطها بحسب الفصل 98 من الدستور، وهي وسيلة ممكنة في الأنظمة البرلمانية.
وقد قدم رئيس الحكومة الحبيب الصيد يوم الأربعاء الماضي الموافق 20 يوليو بشكل رسمي مراسلة طلب موعد عقد جلسة تجديد الثقة في حكومته إلى مكتب مجلس نواب الشعب، رافضا بذلك دعوته الحضور إلى جلسة يوم الجمعة22 يوليو الجاري كما كان مقررا. وينص الفصل 150 على أنه "إذا كان طلب التصويت على الثقة في مواصلة الحكومة نشاطها صادرًا عن رئيس الحكومة، فإن رئيس المجلس يدعو للجلسة رئيس الحكومة وكامل أعضائها".
ويذكر الفصل 151 أنه "إذا كان طلب التصويت على الثقة في مواصلة الحكومة نشاطها صادرًا عن رئيس الجمهورية، فإن رئيس المجلس يدعو للجلسة رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة وكامل أعضائها. ويفتتح رئيس المجلس الجلسة العامة بعرض موجز لموضوع الجلسة وبالتذكير بمقتضيات الفقرة الأولى من الفصل 99 من الدستور، الذي يمنح رئيس الجمهورية مثل هذه الصلاحية لـ"أن يطلب من مجلس الشعب التصويت على الثقة في مواصلة الحكومة لنشاطها مرّتين على الأكثر خلال كامل المدّة الرئاسية. ويتم التصويت بالأغلبية المطلقة لأعضاء مجلس نواب الشعب. فإن لم يجدّد المجلس الثقة اعتبرت مستقيلة. وفي حالة تجديد الثقة في المرتين يعتبر رئيس الجمهورية مستقيلا".
من الواضح أن رئيس الحكومة السيد الحبيب الصيد يريد من مثوله أمام البرلمان أن يؤكد على بعض الحقائق الدستورية والسياسية للمشهد السياسي التونسي بكل تفصيلاته:
أولها، أنه يعود للمؤسسة التي منحته الثقة، ويرفض أن يُقال من رئيس الجمهورية، ليقطع نهائيًا مفهوم "الوزير الأول" في النظام الرئاسي، ويذكّر الجميع بأنه رئيس مؤسسة دستورية تستمد شرعيتها من نواب الشعب، وليس من التزكية الرئاسية.
وثانيها، أنه يوجه رسالة إلى أحزاب الائتلاف الحاكم، التي ينتظر أن تكون محرجة للغاية أمام الكتل المعارضة لأنها ستضطر لسحب الثقة من الرجل الذي دافعت عنه مرارًا، وستكون مجبرة على صياغة خطاب سياسي لا يسقطها في التناقض.
وثالثها، إن قرار الحبيب الصيد رغم تداعياته واستتباعاته هذه، لا يعني بالضرورة أنه بهذه الخطوة سيقتطع "تذكرة" تمكنه من تمديد إقامته في قصر الحكومة بالقصبة، أو إعادة الروح إلى حكومته التي يدرك هو قبل غيره أن صفحتها قد طويت منذ لحظة الإعلان عن مبادرة حكومة الوحدة الوطنية. لكن الرجل أراد بذلك صون كرامته والدفاع عن إنجازات حكومته حتى وإن كانت محدودة ومعدومة. فضلًا عن أن الصيد يريد أن يكشف للرأي العام أن هناك لوبيات ومافيات من الفساد، محمية من قبل أحزاب الائتلاف الحاكم أو لا تريد مواجهتها، كانت تعرقل سير عمل حكومته.
حدود العنكبوت
حينَ شقَّ الاستعمار جسدَ الأمة بخطوطٍ من حديد وحدودٍ من نار، انقطعت شرايين الأخوة التي كانت تسقي القلوب... اقرأ المزيد
2061
| 04 نوفمبر 2025
إذا رغبت الحياة.. فاهجر ضفافك!
ثمّة نداءات خفية خافتة عن الأسماع، ظاهرة على الأفئدة، تُستشعر حين تضيق على النفس الأرض بما رحبت، وتنقبض... اقرأ المزيد
318
| 04 نوفمبر 2025
نظم في قطر
انطلقت أمس مباريات بطولة كأس العالم للناشئين في ملاعب أسباير لتعيد إلى الأذهان ذكرى مونديال 2022 للكبار، الذي... اقرأ المزيد
321
| 04 نوفمبر 2025
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية




مساحة إعلانية
المسيرات اليوم تملأ السماء، تحلّق بأجنحةٍ معدنيةٍ تلمع تحت وهج الشمس، تُقاد من بعيدٍ بإشاراتٍ باردةٍ لا تعرف الرحمة. تطير ولا تفكر، تضرب ولا تتردد، تعود أحيانًا أو ربما تنتحر. لا فرحَ بالنصر، ولا ندمَ على الدم. طائراتٌ بلا طيارٍ، ولكنها تذكّرنا بالبشر الذين يسيرون على الأرض بلا وعيٍ ولا بوصلة. لقد صار في الأرض مسيَّراتٌ أخرى، لكنها من لحمٍ ودم، تُدار من وراء الشاشات، وعبر المنصات، حيث تُضغط أزرار العقول وتُعاد برمجتها بصمتٍ وخُبث. كلاهما – الآلة والإنسان – مُسيَّر، غير أن الثانية أخطر، لأنها تغتال العقل قبل الجسد، وتُطفئ الوعي قبل الحياة، وتستهدف الصغير قبل الكبير، لأنه الهدف الأغلى عندها. تحوّل الإنسان المعاصر شيئًا فشيئًا إلى طائرةٍ بشريةٍ بلا طيار، يُقاد من برجٍ افتراضي لا يُرى، اسمه “الخوارزميات”، تُرسل إليه الأوامر في هيئة إشعاراتٍ على هاتفه أو جهازه الذي يعمل عليه، فيغيّر مساره كما تُغيّر الطائرة اتجاهها عند تلقّي الإشارة. يغضب حين يُؤمر، ويُصفّق حين يُطلب منه التصفيق، ويتحدث بلسان غيره وهو يظن أنه صوته. صار نصفه آليًّا ونصفه الآخر بشريًّا، مزيجًا من لحمٍ وإشارة، من شعورٍ مُبرمجٍ وسلوكٍ مُوجَّه. المسيرة حين تُطلِق قذيفتها أو تصطدم تُحدث دمارًا يُرى بالعين، أمّا المسيرة البشرية فحين تُطلِق كلمتها تُحدث دمارًا لا يُرى، ينفجر في القيم والمبادئ، ويترك رمادًا في النفوس، وشظايا في العقول، وركامًا من الفوضى الأخلاقية. إنها تخترق جدران البيوت وتهدم أنفاق الخصوصية، وتصنع من النشء جنودًا افتراضيين بلا أجر، يحملون رايات التدمير وهم يظنون أنهم يصنعون المجد. المسيرة المعدنية تحتاج إلى طاقةٍ لتطير، أمّا المسيرة البشرية فتحتاج فقط إلى “جهلٍ ناعمٍ” يجعل أفئدتها هواءً. ويُخيَّل للمرء أن العالم بأسره قد صار غرفةَ تحكّمٍ واحدة، تُدار بمنهجٍ وفكرٍ وخطة، وأننا جميعًا طائراتٌ صغيرة تدور في مساراتٍ مرسومة، لا تملك حرية رفرفة جناحٍ واحدةٍ خارج هذه الحدود. من يملك الإعلام يملك السماء، ومن يملك البيانات يملك العقول، ومن يملك كليهما، هنا يكمن الخطرُ كلُّه. لكن السؤال الذي يفرض نفسه: كيف نحمي أبناءنا ومجتمعاتنا من أن يصبحوا مسيَّراتٍ بشريةً أخرى؟ كيف نُعيد إليهم جهاز الملاحة الداخلي الذي خُطِف من أيديهم؟ الجواب يبدأ من التربية الواعية التي تُعلّم الطفل أن يسأل قبل أن يُصدّق، وأن يتحقّق قبل أن ينقل، وأن يفكّر قبل أن يحكم. نحتاج إلى مؤسساتٍ وهيئاتٍ تُنمّي مهارة التفكير النقدي، وإعلامٍ يُحرّر لا يُبرمج، وأُسَرٍ تُعلّم أبناءها التمييز بين الصوت الحقيقي وضجيج التقليد، وبين المنابر الحرة والخُطب المصنوعة. فالوعي لا يُوهَب، بل يُصنَع بالتجربة والتأمل والسؤال. ثم تأتي القدوة الحيّة، فالمجتمع لا يتغيّر بالمواعظ فقط، بل بالنماذج. حين يرى الجيل من يفكّر بحرية، ويتحدث بمسؤولية، ويرفض الانقياد الأعمى، سيتعلم أن الحرية ليست في كسر القيود، بل في معرفة من صنعها ولماذا. وأخيرًا، علينا أن نُعلّم أبناءنا أن التحكم في النفس أعظم من التحكم في آلة. فشخصٌ واحد قد يصنع مئات الآلات، ولكن آلاف الآلات لا تصنع إنسانًا واحدًا. ليست كل حربٍ تُخاض بالسلاح، فبعضها تُخاض بالعقول. والمنتصر الحقيقي هو من يبقى ممسكًا بجهاز تحكمه الداخلي، مستقلًّا لا يتأثر بالموجِّهات والمُشوِّشات. إن إنقاذ الجيل لا يكون بإغلاق السماء، بل بتنوير العقول. فحين يتعلم الإنسان كيف يطير بوعيه، لن يستطيع أحد أن يُسيّره بعد اليوم أو يُسقطه.
2856
| 28 أكتوبر 2025
كان المدرج في زمنٍ مضى يشبه قلبًا يخفق بالحياة، تملؤه الأصوات وتشتعل فيه الأرواح حماسةً وانتماء. اليوم، صار صامتًا كمدينةٍ هجرتها أحلامها، لا صدى لهتاف، ولا ظلّ لفرح. المقاعد الباردة تروي بصمتها حكاية شغفٍ انطفأ، والهواء يحمل سؤالًا موجعًا: كيف يُمكن لمكانٍ كان يفيض بالحب أن يتحول إلى ذاكرةٍ تنتظر من يوقظها من سباتها؟ صحيح أن تراجع المستوى الفني لفرق الأندية الجماهيرية، هو السبب الرئيسي في تلك الظاهرة، إلا أن المسؤول الأول هو السياسات القاصرة للأندية في تحفيز الجماهير واستقطاب الناشئة والشباب وإحياء الملاعب بحضورهم. ولنتحدث بوضوح عن روابط المشجعين في أنديتنا، فهي تقوم على أساس تجاري بدائي يعتمد مبدأ المُقايضة، حين يتم دفع مبلغ من المال لشخص أو مجموعة أشخاص يقومون بجمع أفراد من هنا وهناك، ويأتون بهم إلى الملعب ليصفقوا ويُغنّوا بلا روح ولا حماسة، انتظاراً لانتهاء المباراة والحصول على الأجرة التي حُدّدت لهم. على الأندية تحديث رؤاها الخاصة بروابط المشجعين، فلا يجوز أن يكون المسؤولون عنها أفراداً بلا ثقافة ولا قدرة على التعامل مع وسائل الإعلام، ولا كفاءة في إقناع الناشئة والشباب بهم. بل يجب أن يتم اختيارهم بعيداً عن التوفير المالي الذي تحرص عليه إدارات الأندية، والذي يدل على قصور في فهم الدور العظيم لتلك الروابط. إن اختيار أشخاص ذوي ثقافة وطلاقة في الحديث، تُناط بهم مسؤولية الروابط، سيكون المُقدمة للانطلاق إلى البيئة المحلية التي تتواجد فيها الأندية، ليتم التواصل مع المدارس والتنسيق مع إداراتها لعقد لقاءات مع الطلاب ومحاولة اجتذابهم إلى الملاعب من خلال أنشطة يتم خلالها تواجد اللاعبين المعروفين في النادي، وتقديم حوافز عينية. إننا نتحدث عن تكوين جيل من المشجعين يرتبط نفسياً بالأندية، هو جيل الناشئة والشباب الذي لم يزل غضاً، ويمتلك بحكم السن الحماسة والاندفاع اللازمين لعودة الروح إلى ملاعبنا. وأيضاً نلوم إعلامنا الرياضي، وهو إعلام متميز بإمكاناته البشرية والمادية، وبمستواه الاحترافي والمهني الرفيع. فقد لعب دوراً سلبياً في وجود الظاهرة، من خلال تركيزه على التحليل الفني المُجرّد، ومخاطبة المختصين أو الأجيال التي تخطت سن الشباب ولم يعد ممكناً جذبها إلى الملاعب بسهولة، وتناسى إعلامنا جيل الناشئة والشباب ولم يستطع، حتى يومنا، بلورة خطاب إعلامي يلفت انتباههم ويُرسّخ في عقولهم ونفوسهم مفاهيم حضارية تتعلق بالرياضة كروح جماهيرية تدفع بهم إلى ملاعبنا. كلمة أخيرة: نطالب بمبادرة رياضية تعيد الجماهير للمدرجات، تشعل شغف المنافسة، وتحوّل كل مباراة إلى تجربة مليئة بالحماس والانتماء الحقيقي.
2487
| 30 أكتوبر 2025
حينَ شقَّ الاستعمار جسدَ الأمة بخطوطٍ من حديد وحدودٍ من نار، انقطعت شرايين الأخوة التي كانت تسقي القلوب قبل أن تربط الأوطان. تمزّقت الخريطة، وتبعثرت القلوب، حتى غدا المسلم يسأل ببرودٍ مريب: ما شأني بفلسطين؟! أو بالسودان ؟! أو بالصين ؟! ونَسِيَ أنَّ تعاطُفَه عبادةٌ لا عادة، وإيمانٌ لا انفعال، وأنّ مَن لم يهتمّ بأمر المسلمين فليس منهم. لقد رسم الاستعمار حدودهُ لا على الورق فحسب، بل في العقول والضمائر، فزرعَ بين الإخوة أسوارا من وهم، وأوقد في الصدورِ نارَ الأحقادِ والأطماع. قسّم الأرضَ فأضعفَ الروح، وأحيا العصبيةَ فقتلَ الإنسانية. باتَ المسلمُ غريبًا في أرضه، باردًا أمام جراح أمّته، يشاهدُ المجازرَ في الفاشر وغزّة وفي الإيغور وكأنها لقطات من كوكب زحل. ألا يعلم أنَّ فقدَ الأرضِ يسهلُ تعويضُه، أمّا فقد الأخِ فهلاكٌ للأمّة؟! لقد أصبح الدينُ عند كثيرين بطاقة تعريفٍ ثانوية بعدَ المذهبِ والقبيلةِ والوطن، إنّ العلاجَ يبدأُ من إعادةِ بناءِ الوعي، من تعليمِ الجيلِ أنّ الإسلام لا يعرف حدودًا ولا يسكنُ خرائطَ صمّاء، وأنّ نُصرةَ المظلومِ واجبٌ شرعيٌّ، لا خِيارٌا مزاجيّا. قال النبي صلى الله عليه وسلم (مثلُ المؤمنين في توادِّهم وتراحمِهم «وتعاطُفِهم» كمثلِ الجسدِ الواحد، إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائرُ الجسدِ بالسهرِ والحمّى). التعاطف عبادة، التعاطف مطلب، التعاطف غاية، التعاطف هدف، التعاطف إنسانية وفطرة طبيعية، لذلك فلننهضْ بإعلامٍ صادقٍ يذكّرُ الأمةَ أنّها جسدٌ واحدٌ لا أطرافا متناحرة، وبعمل جماعي يترجمُ الأخوّةَ إلى عطاءٍ، والتكافلَ إلى فعلٍ لا شعار. حين يعودُ قلبُ المسلم يخفقُ في المغربِ فيسقي عروقَه في المشرق، وتنبضُ روحهُ في الشمالِ فتلهم الجنوبَ، حينئذٍ تُهدَمُ حدودُ الوهم، وتُبعثُ روحُ الأمةِ من رمادِ الغفلة، وتستعيدُ مجدَها الذي هو خير لها وللناس جميعاً قال تعالى (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ). عندها لن تبقى للأمّة خرائط تُفرّقها،. وتغدو حدود وخطوط أعدائنا التي علينا سرابًا تذروه الرياح، وتتقطع خيوطُ العنكبوتِ التي سحروا أعيننا بوهم قيودها التي لا تنفك. فإذا استيقظَ الوجدان تعانقَ المشرقُ والمغربُ في جسدٍ واحد يهتفُ بصوتٍ واحد فداك أخي.
2061
| 04 نوفمبر 2025