رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
للمرة الثانية على التوالي يسبقنا أشقاؤنا الأتراك إلى نجدة المسلمين، فمن رأى مشاهد زوجة رئيس وزراء تركيا رجب طيب أردوغان وهي تجهش بالبكاء خلال تفقدها لأحوال مسلمي بورما (مسلمي الروهينجا) الذين يعيشون ظروفا صعبة بعد تعرضهم لحملة إبادة عرقية على أيدي جماعات بوذية متطرفة تحميها الحكومة، يصاب بحالة من الاكتئاب. لم تقف زوجة رئيس وزراء تركيا بعيدة ولكنها آثرت الذهاب إلى مكان المعاناة لتكون قريبة وشاهدة حقيقية على وقائع الظلم والقمع والاضطهاد. ولقد رآها كثيرون في أحد مقاطع اليوتيوب المنشورة على الإنترنت، ضمن وفد يقوده وزير خارجية تركيا أحمد داود أوغلو، ودموعها تملأ عينيها من هول ما شاهدته. وأوضحت المشاهد الأوضاع المأساوية التي يعيشها مسلمو بورما من جوع ومعاناة دون أن يجد هؤلاء المسلمين من يساعدهم وينهي مشكلاته المستمرة مع الحكومات المتعاقبة في بورما.. وأعتقد أن جميعنا يتذكر ما فعله أردوغان وزوجته ووزير خارجيته ومعهم أكمل أوغلو أمين عام منظمة التعاون الإسلامي عندما زاروا الصومال العام الماضي في سابقة لم يفعلها زعيم عربي أو حتى مجرد مسؤول من جامعة الدول العربية.. ولكن فعلها الأتراك الغيورين على دينهم وعلى المسلمين في شتى بقاع الأرض.
وللأسف الشديد.. فإذا كانت أخبار قمع مسلمي بورما قد هاجمتنا في شهر رمضان الماضي، فإن هذه المأساة تعود إلى عام 1948 أي منذ استقلال بورما أو ميانمار وهو الاسم الجديد لبورما التي عرفها العالم حديثا بأيقونة المعارضة هناك داو اونج سان سوتشي والتي كرمها العالم بمنحها جائزة نوبل للسلام. ويتذكر التاريخ جيدا محنة المسلمين في بورما، فهي ليست جديدة في قسوتها ولا في تجاهل العالم لها، رغم أن تاريخ المسلمين في تلك المنطقة يعود إلى عام 1430 حين أقيمت أول مملكة إسلامية في ولاية أركان أوراخين بقيادة سليمان شاه.. وكان معظم رعايا هذه المملكة من المسلمين البنغال والهنود والتجار العرب الذين تزاوجوا عبر القرون مع البورميين من سكان المنطقة (وهو ما أعطى مسلمي بورما سحنة مختلفة عن سكان بورما الأصليين).
واستمر الحكم الإسلامي لثلاثة قرون قبل أن تدمرها مملكة البورميين المجاورة عام 1784. وفي عام 1824 دخلت بورما تحت الحكم البريطاني فزاد عدد المسلمين بفضل الجنود الذين جلبهم البريطانيون من الهند للسيطرة على بورما (وكان أكثر من نصفهم مسلمين). وبعد استقلال بورما عام 1948 فشل المسلمون في إنشاء دولة مستقلة بولاية أركان أو (آرخين)، كما فعل الهنود المسلمون في الهند الذين استقلوا بدولة باكستان. وهكذا تحولوا إلى أقلية مضطهدة بين أكثرية بوذية وحكومات عسكرية غير محايدة.. وزادت أعمال القمع تجاههم بعد استيلاء الشيوعيين على السلطة (عام 1962) وتطبيق خطط مدروسة لتهجيرهم أو تذويبهم في المجتمع البوذي.
وتؤكد الوقائع التاريخية أن من الممارسات التي مورست ضدهم، هدم المساجد وإغلاق المدارس ومصادرة الأراضي ومنع ذبح الأبقار (في عيد الأضحى).. وفي عام 1982 أصدرت الحكومة الماركسية قرارا يقضي بحرمان المسلمين (من عرقية الروهينجا) من حقوق المواطنة والجنسية البورمية واعتبرتهم منذ ذلك التاريخ مهاجرين بنغاليين غير مرغوب فيهم (رغم أن بورما نفسها تتضمن 120 عرقا معترفا بها).
وفي كل مرة يندلع فيها الصراع كانت الحكومة تقف بجانب الأغلبية البوذية وتستغل الصراع لتنزع من المسلمين أراضيهم وتحولهم إلى مشردين أو لاجئين دوليين.. وهكذا تم تهجير مليون ونصف المليون مسلم إلى بلدان عديدة في تواريخ مختلفة (ذهب القسم الأكبر منهم إلى بنغلاديش المجاورة).
ولم يجد مسلمو بورما أحدا من العرب يتحدث عنهم ويشير إلى واقعهم الأليم، ولكنهم وجدوا خبيرة دولية تدعي باما اثريا متخصصة في سرد تاريخ المجازر الإنسانية.. فالمولى عز وجل أرسل إليهم هذه الخبيرة لتوقظ ضمير العالم إلى قضيتهم ووصفتهم بأنهم أكثر أقلية مضطهدة في العالم. ولم تتوقف اتهامات اثريا العضو النشط في منظمة الاتحاد لإنهاء الإبادة الجماعية على حكومة بورما، وإنما طالت اتهاماتها أيضاً حكومة بنجلادش بصفتها تساعد حكام دولة بورما في اضطهاد الأقليات من خلال عدم استقبال اللاجئين المسلمين. وفضحت الخبيرة الدولية المجتمع الدولي بمسلميه ومسيحييه، لأنها كشفت للجميع أن المساعدات الإنسانية الدولية لا تصل إلى المسلمين في بورما، مطالبة المجتمع الدولي بالسرعة في تقديم المساعدات والأموال لضحايا العنف في بورما.
يأتي ذلك في وقت حاولت بورما احتواء غضب العالم الإسلامي بتوجيه دعوة مشوشة لإرسال لجنة إلى هناك، وقطعا ستذهب اللجنة إلى مناطق غير تلك التي يلقى فيها المسلمون أعتى أنواع العذاب. ثم ماذا فعل هذا العالم الإسلامي سوى إدراج قضية مسلمي بورما على جدول أعمال القمة الإسلامية الأخيرة وتخصيص بضعة ملايين من الدولارات لمساعدتهم وقتيا وليس لإنهاء محنتهم بصورة كلية وفاعلة بحيث يصلون لاتفاق مع حكومة بورما لوضع حد لاضطهادهم ودراسة أحوالهم وإدراجهم في الحياة المدنية هناك والحصول على كافة حقوقهم المهدرة. لقد اكتفت منظمة التعاون الإسلامية بإرسال بعثة إلى مسلمي بورما بعد دعوات من عدة حكومات عربية للتحقيق في الاضطرابات، ولكن مثل هذه البعثات لن تنهي أعمال القمع والتطهير العرقي التي تمارسها الحكومة البورمية ضد الروهينجا المسلمين.
ولكن رغم استيائي من تصرف الحكومات العربية والإسلامية حيال تلك القضية الخطيرة، إلا أنني انحني لفئة الشباب التي انحازت لإخوانها المسلمين في بورما ودشنت المواقع العديدة للتعريف بقضيتهم ومحنتهم، وهي مواقع جذبت الآلاف من العرب والمسلمين. على الأقل قرأ هؤلاء عن معاناة مسلمي الروهينجا المضطهدين من قبل الجماعات البوذية وتعرضهم لجحيم لم يشهد له التاريخ الإنساني مثيلا له. وحسنا فعلت تلك المواقع من توجيه نداءات للشباب العربي والمسلم بضرورة الإسراع لنجدة مسلمي الروهينجا والتضامن معهم والوقوف إلى جانبهم محنتهم ونصرتهم.
كيف يُساهم المجتمع في بناء نفسه؟
اهتمت الدول الغربية بنظام الوقف، وقد ساهم ذلك بفعالية في بناء المجتمع واستقلاله في إدارة شؤونه عن الدولة؛... اقرأ المزيد
84
| 08 ديسمبر 2025
اليوم الوطني.. مسيرة بناء ونهضة
أيام قليلة تفصلنا عن واحدٍ من أجمل أيام قطر، يومٌ تتزيّن فيه الدوحة وكل مدن البلاد بالأعلام والولاء... اقرأ المزيد
174
| 08 ديسمبر 2025
أنصاف مثقفين!
حسناً.. الجاهل لا يخدع، ولا يلبس أثواب الحكمة، ولا يطالبك بأن تصفق له. أما نصف المثقف فيقف بينك... اقرأ المزيد
213
| 08 ديسمبر 2025
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية




مساحة إعلانية
في الساعات المبكرة من صباح السبت، ومع أول شعاع يلامس مياه الخليج الهادئة، من المعتاد أن أقصد شاطئ الوكرة لأجد فيه ملاذا هادئا بعد صلاة الفجر. لكن ما شهده الشاطئ اليوم لم يكن منظرا مألوفا للجمال، بل كان صدمة بصرية مؤسفة، مخلفات ممتدة على طول الرمال النظيفة، تحكي قصة إهمال وتعدٍ على البيئة والمكان العام. شعرت بالإحباط الشديد عند رؤية هذا المنظر المؤسف على شاطئ الوكرة في هذا الصباح. إنه لأمر محزن حقا أن تتحول مساحة طبيعية جميلة ومكان للسكينة إلى مشهد مليء بالمخلفات. الذي يصفه الزوار بأنه «غير لائق» بكل المقاييس، يثير موجة من التساؤلات التي تتردد على ألسنة كل من يرى المشهد. أين الرقابة؟ وأين المحاسبة؟ والأهم من ذلك كله ما ذنب عامل النظافة المسكين؟ لماذا يتحمل عناء هذا المشهد المؤسف؟ صحيح أن تنظيف الشاطئ هو من عمله الرسمي، ولكن ليس هو المسؤول. والمسؤول الحقيقي هو الزائر أولا وأخيرا، ومخالفة هؤلاء هي ما تصنع هذا الواقع المؤلم. بالعكس، فقد شاهدت بنفسي جهود الجهات المختصة في المتابعة والتنظيم، كما لمست جدية وجهد عمال النظافة دون أي تقصير منهم. ولكن للأسف، بعض رواد هذا المكان هم المقصرون، وبعضهم هو من يترك خلفه هذا الكم من الإهمال. شواطئنا هي وجهتنا وواجهتنا الحضارية. إنها المتنفس الأول للعائلات، ومساحة الاستمتاع بالبيئة البحرية التي هي جزء أصيل من هويتنا. أن نرى هذه المساحات تتحول إلى مكب للنفايات بفعل فاعل، سواء كان مستخدما غير واعٍ هو أمر غير مقبول. أين الوعي البيئي لدى بعض رواد الشاطئ الذين يتجردون من أدنى حس للمسؤولية ويتركون وراءهم مخلفاتهم؟ يجب أن يكون هناك تشديد وتطبيق صارم للغرامات والعقوبات على كل من يرمي النفايات في الأماكن غير المخصصة لها، لجعل السلوك الخاطئ مكلفا ورادعا.
4116
| 05 ديسمبر 2025
فجعت محافل العلم والتعليم في بلاد الحرمين الشريفين برحيل معالي الأستاذ الدكتور الشيخ محمد بن علي العقلا، أحد أشهر من تولى رئاسة الجامعة الإسلامية في المدينة المنورة، والحق أنني ما رأيت أحدًا أجمعت القلوب على حبه في المدينة المنورة لتواضعه ودماثة أخلاقه، كما أجمعت على حب الفقيد الراحل، تغمده الله بواسع رحماته، وأسكنه روضات جناته، اللهم آمين. ولد الشيخ العقلا عليه الرحمة في مكة المكرمة عام 1378 في أسرة تميمية النسب، قصيمية الأصل، برز فيها عدد من الأجلاء الذين تولوا المناصب الرفيعة في المملكة العربية السعودية منذ تأسيس الدولة. وقد تولى الشيخ محمد بن علي نفسه عمادة كلية الشريعة بجامعة أم القرى، ثم تولى رئاسة الجامعة الإسلامية في المدينة المنورة عام 1428، فكان مكتبه عامرا بالضيوف والمراجعين مفتوحًا للجميع وجواله بالمثل، وكان دأبه الرد على الرسائل في حال لم يتمكن من إجابة الاتصالات لأشغاله الكثيرة، ويشارك في الوقت نفسه جميع الناس في مناسباتهم أفراحهم وأتراحهم. خرجنا ونحن طلاب مع فضيلته في رحلة إلى بر المدينة مع إمام الحرم النبوي وقاضي المدينة العلامة الشيخ حسين بن عبد العزيز آل الشيخ وعميد كلية أصول الدين الشيخ عبد العزيز بن صالح الطويان ونائب رئيس الجامعة الشيخ أحمد كاتب وغيرهم، فكان رحمه الله آية في التواضع وهضم الذات وكسر البروتوكول حتى أذاب سائر الحواجز بين جميع المشاركين في تلك الرحلة. عرف رحمه الله بقضاء حوائج الناس مع ابتسامة لا تفارق محياه، وقد دخلت شخصيا مكتبه رحمه الله تعالى لحاجة ما، فاتصل مباشرة بالشخص المسؤول وطلب الإسراع في تخليص الأمر الخاص بي، فكان لذلك وقع طيب في نفسي وزملائي من حولي. ومن مآثره الحسان التي طالما تحدث بها طلاب الجامعة الإسلامية أن أحد طلاب الجامعة الإسلامية الأفارقة اتصل بالشيخ في منتصف الليل وطلب منه أن يتدخل لإدخال زوجته الحامل إلى المستشفى، وكانت في حال المخاض، فحضر الشيخ نفسه إليه ونقله وزوجته إلى المستشفى، وبذل جاهه في سبيل تيسير إدخال المرأة لتنال الرعاية اللازمة. شرفنا رحمه الله وأجزل مثوبته بالزيارة إلى قطر مع أهل بيته، وكانت زيارة كبيرة على القلب وتركت فينا أسنى الأثر، ودعونا فضيلته للمشاركة بمؤتمر دولي أقامته جامعة الزيتونة عندما كنت مبتعثًا من الدولة إليها لكتابة أطروحة الدكتوراه مع عضويتي بوحدة السنة والسيرة في الزيتونة، فكانت رسالته الصوتية وشكره أكبر داعم لنا، وشارك يومها من المملكة معالي وزير التعليم الأسبق والأمين العام لرابطة العالم الإسلامي الوالد الشيخ عبدالله بن صالح العبيد بورقة علمية بعنوان «جهود المملكة العربية السعودية في خدمة السنة النبوية» ومعالي الوالد الشيخ قيس بن محمد آل الشيخ مبارك، العضو السابق بهيئة كبار العلماء في المملكة، وقد قرأنا عليه أثناء وجوده في تونس من كتاب الوقف في مختصر الشيخ خليل، واستفدنا من عقله وعلمه وأدبه. وخلال وجودنا بالمدينة أقيمت ندوة لصاحب السمو الملكي الأمير نواف بن فيصل بن فهد آل سعود حضرها أمير المدينة يومها الأمير المحبوب عبد العزيز بن ماجد وعلماء المدينة وكبار مسؤوليها، وحينما حضرنا جعلني بعض المرافقين للشيخ العقلا بجوار المستشارين بالديوان الملكي، كما جعلوا الشيخ جاسم بن محمد الجابر بجوار أعضاء مجلس الشورى. وفي بعض الفصول الدراسية زاملنا ابنه الدكتور عقيل ابن الشيخ محمد بن علي العقلا فكان كأبيه في الأدب ودماثة الأخلاق والسعي في تلبية حاجات زملائه. ودعانا مرة معالي الشيخ العلامة سعد بن ناصر الشثري في الحرم المكي لتناول العشاء في مجلس الوجيه القطان بمكة، وتعرفنا يومها على رئيس هيئات مكة المكرمة الشيخ فراج بن علي العقلا، الأخ الأكبر للشيخ محمد، فكان سلام الناس عليه دليلا واضحا على منزلته في قلوبهم، وقد دعانا إلى زيارة مجلسه، جزاه الله خيرا. صادق العزاء وجميل السلوان نزجيها إلى أسرة الشيخ ومحبيه وطلابه وعموم أهلنا الكرام في المملكة العربية السعودية، ولا نقول إلا ما يرضي ربنا، اللهم تقبله في العلماء الأتقياء الأنقياء العاملين الصالحين من أمة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم. «إنا لله وإنا إليه راجعون».
1740
| 04 ديسمبر 2025
في كل يوم، ينظر الإنسان إلى ما ينقصه أكثر مما ينظر إلى ما يملكه. ينشغل الإنسان بأمنياته المؤجلة، وأحلامه البعيدة ينشغل بما ليس في يده، بينما يتجاهل أعظم ما منحه الله إياه وهي موهبته الخاصة. ومثلما سأل الله موسى عليه السلام: ﴿وَمَا تِلْكَ بِيَمِينِكَ يَا مُوسَى﴾، فإن السؤال ذاته موجّه لكل إنسان اليوم ولكن بطريقة أخرى: ما هي موهبتك؟ وما عصاك التي بيدك؟ جوهر الفكرة ان لكل إنسان عصا. الفكرة الجوهرية لهذا المفهوم بسيطة وعميقة، لا يوجد شخص خُلق بلا قدرة وبلا موهبة وبلا شيء يتميز به، ولا يوجد إنسان وصل الدنيا فارغ اليدين. كل فرد يحمل (عصاه) الخاصة التي وهبه الله ليتكئ عليها، ويصنع بها أثره. المعلم يحمل معرفته. المثقف يحمل لغته. الطبيب يحمل علمه. الرياضي يحمل قوته. الفنان يحمل إبداعه. والأمثلة لا تنتهي ….. وحتى أبسط الناس يحملون حكمة، أو صبرًا، أو قدرة اجتماعية، أو مهارة عملية قد تغيّر حياة أشخاص آخرين. الموهبة ليست مجرد ميزة… إنها مسؤولية في عالم الإعلام الحديث، تُقدَّم المواهب غالبًا كوسيلة للشهرة أو الدخل المادي، لكن الحقيقة أن الموهبة قبل كل شيء أمانة ومسؤولية. الله لا يمنح إنسانًا قدرة إلا لسبب، ولا يضع في يدك عصا إلا لتفعل بها ما يليق بك وبها. والسؤال هنا: هل نستخدم مواهبنا لصناعة القيمة، وترك الأثر الجميل والمفيد أم نتركها مدفونة ؟ تشير الملاحظات المجتمعية إلى أن عددًا كبيرًا من الناس يهملون مواهبهم لعدة أسباب، وليس ذلك مجرد انطباع؛ فبحسب تقارير عالمية خلال عام 2023 فإن نحو 80% من الأشخاص لا يستخدمون مواهبهم الطبيعية في حياتهم أو أعمالهم، مما يعني أن أغلب البشر يعيشون دون أن يُفعّلوا العصا التي في أيديهم. ولعل أهم أسباب ذلك هو التقليل من قيمة الذات، ومقارنة النفس بالآخرين، والخوف من الفشل، وأحيانا عدم إدراك أن ما يملكه الشخص قد يكون مهمًا له ولغيره، بالإضافة إلى الاعتقاد الخاطئ بأن الموهبة يجب أن تكون شيئًا كبيرًا أو خارقًا. هذه الأسباب تحوّل العصا من أداة قوة… إلى مجرد منحوتة معلقة على جدار الديوان. إن الرسالة التي يقدمها هذا المقال بسيطة ومباشرة، استخدم موهبتك فيما يخدم الناس. ليس المطلوب أن تشق البحر، بل أن تشقّ طريقًا لنفسك أو لغيرك. ليس المطلوب أن تصنع معجزة، بل أن تصنع فارقًا. وما أكثر الفروق الصغيرة التي تُحدث أثرًا طويلًا، تعلُم وتعليم، أو دعم محتاج، خلق فكرة، مشاركة خبرة، حل مشكلة… كلها أعمال نبيلة تُجيب على السؤال الإلهي حين يُسأل الإنسان ماذا فعلت بما أعطيتك ومنحتك؟ عصاك لا تتركها تسقط، ولا تؤجل استخدامها. فقد تكون أنت سبب تغيير في حياة شخص لا تعرفه، وقد تكون موهبتك حلًّا لعُقدة لا يُحلّها أحد سواك. ارفع عصاك اليوم… فقد آن لموهبتك أن تعمل.
1593
| 02 ديسمبر 2025