رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
من أجل غزة العزة وما يصيبها من تدمير شامل تداعت الدول لتبرئة ذمتها مما يحيق بقطاع غزة من حرب ابادة شاملة شملت الانسان والحيوان والنبات، تشنها القوات المسلحة الإسرائيلية بدعم أمريكي فاضح، من اجل ذلك عقدت المؤتمرات ( منظمة العمل الاسلامي، مجلس التعاون الخليجي ومنظمة آسيان، مؤتمر قمة عقد في القاهرة جمع جميع المتناقضات « قمم قمم م. ض. لها نغم « كما قال مظفر النواب، القيت في هذه المؤتمرات خطابات تلهب المشاعر، تلاها اصدار بيانات ختامية بلغة منمقة جيدة الصياغة لكنها بلا مضمون. قمة مجلس التعاون والآسيان تدعو لوقف دائم لاطلاق النار في غزة، كما اعربوا عن بالغ قلقهم حيال تطور الأوضاع قي غزة ومنطقة الشرق الأوسط، وطالبوا بالافراج عن المعتقلين المدنيين. منظمة التعاون الإسلامي على المستوى الوزاري انعقد في جدة في 19 /10 بيانه الختامي تضمن تنديدا بالحصانة الممنوحة لـ « إسرائيل « وتدعو لمحاسبتها على جرائم الحرب المرتكبة في غزة. من يا ترى يحاسب إسرائيل اذا كان اكثر من خمسين دولة عربية وإسلامية لم يستطيعوا اتخاذ قرار بمعاقبة إسرائيل وأضعف قرار يمكن اتخاذه منع مرور الطائرات الإسرائيلية في اجواء دول منظمة التعاون الإسلامي وسحب سفراء الدول المطبعة مع إسرائيل وطرد سفراء إسرائيل في تلك الدول. والحق انها رعود صوتية غير مجدية لا نفع فيها كرعود وبروق لا تسقط المطر.
قمة القاهرة المنعقدة في 21 /10 وشارك فيه وزراء خارجية من دول أوروبية ولم يصدر بيان عن ذلك المؤتمر، لان الأوروبيين وامريكا اصروا على ادانة حماس على ما تفعل كما تقول الاخبار المسربة، كان بودي ان يقتطع الرئيس المصري بضع دقائق من وقت المؤتمر لعرض فيلم عن الجرائم الإسرائيلية ضد الانسان في الضفة وغزة العزة ليشاهد الوزراء الأجانب بام أعينهم ما تفعله إسرائيل بالمدنيين الفلسطينيين.
(2)
يلاحظ من كل التصريحات الرسمية العربية وكذلك الصادرة عن مؤتمرات أو اجتماعات ثنائية بين زعيم عربي وأجنبي الإصرار على اطلاق سراح المدنيين والمعتقلين فورا وبدون شروط ــ والمقصود بذلك الذين تتحفظ عليهم حركة حماس في غزة ــ لم تذكر البيانات الختامية العربية والإسلامية والسلطة العباسية في رام الله أي كلمة عن المدنيين الذين اعتقلتهم إسرائيل في الضفة الغربية وقد بلغ عددهم اكثر من الف انسان فلسطيني منذ السابع من أكتوبر الحالي وحتى هذا اليوم، كما ان البيانات العربية والإسلامية لا تذكر ان إسرائيل تعتقل اكثر من 4000 اسير فلسطيني منهم شباب دون سن الرشد ونساء وشيوخ ولا احد يذكرهم في بياناته.
الملاحظ أيضا في جميع البيانات العربية والإسلامية وكذلك الثنائية التي تصدر عن لقاء زعماء عرب بقيادات اجنبية انها تدين بعض الاعمال التي تقوم بها إسرائيل والصحيح ان تدين الفاعل وهي دولة إسرائيل وليس ادانة الفعل وشتان بين النصين ادانة الفعل وليس الفاعل.
(3)
عندما حدث النزاع المسلح بين الاتحاد الروسي وأوكرانيا في 2022 تداعت الدول الغربية دون استثناء الى جانب الولايات المتحدة الامريكية لنصرة أوكرانيا وارسلت تلك الدول الغربية مساعدات عسكرية عالية التقنية لمواجهة الآلة العسكرية الروسية، وقدمت أموالا ضخمة لحكومة أوكرانيا بينما الاعتداء على الشعب الفلسطيني في غزة والضفة الغربية لم يهز العواصم العربية ولم يستثر النخوة العربية والإسلامية فتُرك الشعب الفلسطيني يواجه مصيره بمفرده حتى ان السلطة العباسية في رام الله تأخذ توجيهاتها من وزير الخارجية الأمريكي بلينكن «بضبط الضفة الغربية بالتعاون مع الجيش الإسرائيلي « ووُعِد عباس بانه بعد الحرب الحالية على غزة ستعيد أمريكا بحث القضية الفلسطينية « وهذا يذكرنا بما فعل المبعوث الأمريكي فلب حبيب مع ياسر عرفات ابان حصار بيروت عام 1982 وما نتج عن وعوده أَخْرِجوا الفلسطينيين من لبنان وشتتوا شملهم خارج جغرافية بلاد الشام.
اليوم تمارس الدول الغربية والولايات المتحدة الامريكية ضغوطهم على مصر والأردن والعراق على قبول تهجير الفلسطينيين « اهل غزة» الى سيناء والانبار والأردن على ان تسدد ديون مصر كلها ويتم تمويل عملية التهجير والتوطين في تلك البقع الجغرافية من قبل الدول الخليجية يقابل ذلك ممانعة ولا أقول الرفض العربي المطلق لمشروع التهجير الى خارج حدود قطاع غزة. يقول الرئيس المصري السيسي يمكن لإسرائيل تهجير الفلسطينيين الى صحراء النقب التي تسيطر عليها إسرائيل الى ان تتم تصفية المقاومة في غزة ثم اعادتهم الى غزة مرة أخرى. السؤال هل يليق بزعيم اكبر دولة عربية جمهورية مصر ان يقول بهذا الكلام ؟!!
(4)
الآلام تعتصر قلوبنا والاحزان تمزقنا على الخسائر البشرية والمادية التي تلحق بأهلنا في غزة والضفة الغربية جراء العدوان الصهيو/ امريكي والتأييد الغربي لذلك العدوان، لكن هذا قدرنا فنيل الحرية والاستقلال ودحر العدوان وحماية الأوطان تحتاج الى تضحيات، الجزائر مثلا كي تنال استقلالها وتحرير ارضها كانت تضحيات الشعب الجزائري كبيرة الى جانب استشهاد مليون جزائري هناك خسائر مادية وجراح عميقة بعضها ما برح ماثلا للعيان، تحرير فيتنام 1975م كانت خسائر الشعب الفيتنامي 2 مليون قتيل، و3 ملايين جريح و12 مليون لاجيء وكان النصر للشعب الفيتنامي، نال استقلاله وحريته. تحرير روسيا من الاحتلال النازي وقع اكثر من 50 مليون قتيل. ما اقصده في هذا العرض ان تحرير الأوطان ونيل استقلالها يحتاج الى تضحيات فلا شماتة باهلنا في غزة واستدعي من الذاكرة قول الشاعر العربي
فلا يشمت الأعداء بي *** فلربما وصلت لما ارجوه مما احاذر
فقد يستقيم الأمر بعد اعوجاجه *** وتنهض بالمرء الجدود العواثر
آخر القول: لتخرس ألسنة المثبطين ومروجي اليأس والانهزاميين ودعاة التطبيع. ونيل الحرية والاستقلال والعزة والكرامة لا بد لها من التضحيات والنصر من عند الله قريب والأيام بيننا يا دعاة الهزيمة والانحناء.
«يومنا الوطني».. احتفال قومي لكل العرب
هنا.. يرفرف العلم «الأدعم» خفاقاً، فوق سطور مقالي، ويخفق عالياً فوق جميع السواري، على إيقاعات «العرضة»، وأهازيجها الوطنية،... اقرأ المزيد
216
| 18 ديسمبر 2025
وللوطن جمال
نعم للوطن جمال بما تحمله كلمة الجمال من معانٍ ومساحات وأفراح وأشواق، إنها فطرة فطر الله تعالى الإنسان... اقرأ المزيد
165
| 18 ديسمبر 2025
اختتمت قبل أيام في الدوحة، النسخة التاسعة من جائزة الشيخ تميم بن حمد آل ثاني الدولية للتميز في... اقرأ المزيد
105
| 18 ديسمبر 2025
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية




مساحة إعلانية
لم يكن ما فعلته منصة (إكس) مؤخرًا مجرّد تحديثٍ تقني أو خطوةٍ إدارية عابرة، بل كان دون مبالغة لحظةً كاشفة. فحين سمحت منصة (إكس) بقرارٍ مباشر من مالكها إيلون ماسك، بظهور بيانات الهوية الجغرافية للحسابات، لم تنكشف حسابات أفرادٍ فحسب، بل انكشفت منظوماتٌ كاملة، دولٌ وغرف عمليات، وشبكات منظمة وحسابات تتحدث بلسان العرب والمسلمين، بينما تُدار من خارجهم. تلك اللحظة أزاحت الستار عن مسرحٍ رقميٍّ ظلّ لسنوات يُدار في الخفاء، تُخاض فيه معارك وهمية، وتُشعل فيه نيران الفتنة بأيدٍ لا نراها، وبأصواتٍ لا تنتمي لما تدّعيه. وحين كُشفت هويات المستخدمين، وظهرت بلدان تشغيل الحسابات ومواقعها الفعلية، تبيّن بوضوحٍ لا يحتمل التأويل أن جزءًا كبيرًا من الهجوم المتبادل بين العرب والمسلمين لم يكن عفويًا ولا شعبيًا، بل كان مفتعلًا ومُدارًا ومموّلًا. حساباتٌ تتكلم بلهجة هذه الدولة، وتنتحل هوية تلك الطائفة، وتدّعي الغيرة على هذا الدين أو ذاك الوطن، بينما تُدار فعليًا من غرفٍ بعيدة، خارج الجغرافيا. والحقيقة أن المعركة لم تكن يومًا بين الشعوب، بل كانت ولا تزال حربًا على وعي الشعوب. لقد انكشفت حقيقة مؤلمة، لكنها ضرورية: أن كثيرًا مما نظنه خلافًا شعبيًا لم يكن إلا وقودًا رقميًا لسياسات خارجية، وأجندات ترى في وحدة المسلمين خطرًا، وفي تماسكهم تهديدًا، وفي اختلافهم فرصةً لا تُفوّت. فتُضخ التغريدات، وتُدار الهاشتاقات، ويُصنع الغضب، ويُعاد تدوير الكراهية، حتى تبدو وكأنها رأي عام، بينما هي في حقيقتها رأيٌ مُصنَّع. وما إن سقط القناع، حتى ظهر التناقض الصارخ بين الواقع الرقمي والواقع الإنساني الحقيقي. وهنا تتجلى حقيقة أعترف أنني لم أكن أؤمن بها من قبل، حقيقة غيّرت فكري ونظرتي للأحداث الرياضية، بعد ابتعادي عنها وعدم حماسي للمشاركة فيها، لكن ما حدث في قطر، خلال كأس العرب، غيّر رأيي كليًا. هنا رأيت الحقيقة كما هي: رأيت الشعوب العربية تتعانق لا تتصارع، وتهتف لبعضها لا ضد بعضها. رأيت الحب، والفرح، والاحترام، والاعتزاز المشترك، بلا هاشتاقات ولا رتويت، بلا حسابات وهمية، ولا جيوش إلكترونية. هناك في المدرجات، انهارت رواية الكراهية، وسقط وهم أن الشعوب تكره بعضها، وتأكد أن ما يُضخ في الفضاء الرقمي لا يمثل الشعوب، بل يمثل من يريد تفريق الأمة وتمزيق لُحمتها. فالدوحة لم تكن بطولة كرة قدم فحسب، بل كانت استفتاءً شعبيًا صامتًا، قال فيه الناس بوضوح: بلادُ العُرب أوطاني، وكلُّ العُربِ إخواني. وما حدث على منصة (إكس) لا يجب أن يمرّ مرور الكرام، لأنه يضع أمامنا سؤالًا مصيريًا: هل سنظل نُستدرج إلى معارك لا نعرف من أشعلها، ومن المستفيد منها؟ لقد ثبت أن الكلمة قد تكون سلاحًا، وأن الحساب الوهمي قد يكون أخطر من طائرةٍ مُسيّرة، وأن الفتنة حين تُدار باحتراف قد تُسقط ما لا تُسقطه الحروب. وإذا كانت بعض المنصات قد كشفت شيئًا من الحقيقة، فإن المسؤولية اليوم تقع علينا نحن، أن نُحسن الشك قبل أن نُسيء الظن، وأن نسأل: من المستفيد؟ قبل أن نكتب أو نشارك أو نرد، وأن نُدرك أن وحدة المسلمين ليست شعارًا عاطفيًا، بل مشروع حياة، يحتاج وعيًا، وحماية، ودراسة. لقد انفضحت الأدوات، وبقي الامتحان. إما أن نكون وقود الفتنة أو حُرّاس الوعي ولا خيار ثالث لمن فهم الدرس والتاريخ.. لا يرحم الغافلين
771
| 16 ديسمبر 2025
هناك ظاهرة متنامية في بعض بيئات العمل تجعل التطوير مجرد عنوان جميل يتكرر على الورق، لكنه لا يعيش على الأرض (غياب النضج المهني) لدى القيادات. وهذا الغياب لا يبقى وحيدًا؛ بل ينمو ويتحوّل تدريجيًا إلى ما يمكن وصفه بالتحوّذ المؤسسي، حالة تبتلع القرار، وتحدّ من المشاركة، وتقصي العقول التي يُفترض أن تقود التطوير. تبدأ القصة من نقطة صغيرة: مدير يطلب المقترحات، يجمع الآراء، يفتح الباب للنقاش… ثم يُغلقه فجأة. يُسلَّم له كل شيء، لكنه لا يعيد شيئًا، مقترحات لا يُرد عليها، أفكار لا تُناقش، وملاحظات تُسجَّل فقط لتكملة المشهد، لا لتطبيقها. هذا السلوك ليس مجرد إهمال، بل علامة واضحة على غياب النضج المهني في إدارة الحوار والمسؤولية. ومع الوقت، يصبح هذا النمط قاعدة: يُطلب من المختصين أن يقدموا رؤاهم، لكن دون أن يكونوا جزءًا من القرار. يُستدعون في مرحلة السماع، ويُستبعدون في مرحلة الفعل. ثم تتساءل القيادات لاحقًا: لماذا لا يتغير شيء؟ الجواب بسيط: التطوير لا يتحقق بقرارات تُصاغ في غرف مغلقة، بل بمنظومة تشاركية حقيقية. أحد أكثر المظاهر خطورة هو إصدار أنظمة تطوير بلا آلية تنفيذ، تظهر اللوائح كأحلام مشرقة، لكنها تُترك دون أدوات تطبيق، ودون تدريب، ودون خط سير واضح. تُلزم بها الجهات، لكن لا أحد يعرف “كيف”، ولا “من”، ولا “متى”. وهنا، يتحول النظام إلى حِمل إضافي بدل أن يكون حلاً تنظيميًا. في كثير من الحالات، تُنشر أنظمة جديدة، ثم يُترك فريق العمل ليخمن طريقة تطبيقها، وعندما يتعثر التطبيق، يُحمَّل المنفذون المسؤولية وتصاغ خطابات الإنذار. هذا المشهد لا يدل فقط على غياب النضج المهني، بل على عدم فهم عميق لطبيعة التطوير المؤسسي الحقيقي. ثم يأتي الوجه الأوضح للخلل: المركزية المفرطة، مركزية لا تُعلن، لكنها تُمارس بصمت. كل خطوة تحتاج موافقة عليا، كل فكرة يجب أن تُصفّى، وكل مقترح يمر عبر «فلترة» شخصية، لا منهجية. في هذا المناخ، يفقد الناس الرغبة في المبادرة، لأن المبادرة تصبح مخاطرة، لا قيمة. وهنا تتحول المركزية تدريجيًا إلى تحوّذ مؤسسي كامل. القرار محتكر. المبادرات محجوزة. المعرفة مقيّدة. والنظام الإداري يُدار بعقلية الاستحواذ، لا بعقلية التمكين. التحوّذ المؤسسي هو الفخ الذي تقع فيه الإدارات حين يغيب عنها النضج. يبدأ من عقلية مدير، ثم ينتقل إلى أسلوب إدارة، ثم يتحول إلى ثقافة صامتة في المؤسسة. والنتيجة؟ - تجميد للأفكار. - هروب للعقول. - فقدان للروح المهنية. - تطوير شكلي لا يترك أثرًا. أخطر ما في التحوّذ أنه يرتدي ثياب التنظيم والجودة واللوائح، بينما هو في جوهره خوف مؤسسي من المشاركة، ومن نجاح الآخرين، ومن توزيع الصلاحيات. القيادة غير الناضجة ترى الأفكار تهديدًا، وترى الكفاءات منافسة، وترى التغيير خطرًا، لذلك تفضّل أن تُبقي كل شيء في يدها حتى لو تعطلت المؤسسة بأكملها. القيادة الناضجة لا تعمل بهذه الطريقة. القيادة الناضجة تستنير بالعقول، لا تستبعدها. تسأل لتبني، لا لتجمّل المشهد. تُصدر القرار بعد فهم كامل لآلية تطبيقه. وتعرف أن التطوير المؤسسي الحقيقي لا يقوم على السيطرة، بل على الثقة، والتفويض، والوضوح، وبناء أنظمة تعيش بعد القائد لا معه فقط. ويبقى السؤال الذي يجب أن يُطرح بصراحة لا تخلو من الجرأة: هل ما نراه هو تطوير مؤسسي حقيقي… أم تحوّذ إداري مغطّى بشعارات التطوير؟ المؤسسات التي تريد أن ترتقي عليها أن تراجع النضج المهني لقياداتها قبل أن تراجع خططها، لأن الخطط يمكن تعديلها… لكن العقليات هي التي تُبقي المؤسسات في مكانها أو تنهض بها.
717
| 11 ديسمبر 2025
تمتاز المراحل الإنسانية الضبابية والغامضة، سواء على مستوى الدول أو الأفراد، بظهور بعض الشخصيات والحركات، المدنية والمسلحة، التي تحاول القيام بأدوار إيجابية أو سلبية، وخصوصا في مراحل بناء الدول وتأسيسها. ومنطقيا ينبغي على مَن يُصَدّر نفسه للقيام بأدوار عامة أن يمتاز ببعض الصفات الشخصية والإنسانية والعملية والعلمية الفريدة لإقناع غالبية الناس بدوره المرتقب. ومن أخطر الشخصيات والكيانات تلك التي تتعاون مع الغرباء ضد أبناء جلدتهم، وهذا ما حدث في غزة خلال «طوفان الأقصى» على يَد «ياسر أبو شباب» وأتباعه!. و»أبو شباب» فلسطيني، مواليد 1990، من مدينة رفح بغزة، وَمَسيرته، وفقا لمصادر فلسطينية، لا تُؤهّله للقيام بدور قيادي ما!. ومَن يقرأ بعض صفحات تاريخ «أبو شباب»، الذي ينتمي لعائلة «الترابية» المستقرة في النقب وسيناء وجنوبي غزة، يجد أنه اعتُقِل في عام 2015، في غزة، حينما كان بعمر 25 سنة، بتهمة الاتّجار بالمخدّرات وترويجها، وحكم عليه بالسجن 25 سنة. وخلال مواجهات «الطوفان» القاسية والهجمات الصهيونية العشوائية على غزة هَرَب «أبو شباب» من سجنه بغزة، بعدما أمضى فيه أكثر من ثماني سنوات، وشكّل، لاحقا، «القوات الشعبية» بتنسيق مع الشاباك «الإسرائيلي»، ولم يلتفت إليها أحد بشكل ملحوظ بسبب ظروف الحرب والقتل والدمار والفوضى المنتشرة بالقطاع!. وبمرور الأيام بَرَزَ الدور التخريبي لهذه الجماعة، الذي لم يتوقف عند اعترافها بالتعاون مع أجهزة الأمن «الإسرائيلية» بل بنشر التخريب الأمني، والفتن المجتمعية، وقطع الطرق واعتراض قوافل المساعدات الإنسانية ونهبها!. وأبو شباب أكد مرارًا أن جماعته تَتَلقّى الدعم «دعماً من الجيش الإسرائيلي»، وأنهم عازمون على «مواصلة قتال حماس حتى في فترات التهدئة»!. وهذا يعني أنهم مجموعة من الأدوات الصهيونية والجواسيس الذين صورتهم بعض وسائل الإعلام العبرية كأدوات بديلة لتخفيف «خسائر الجيش الإسرائيلي باستخدامهم في مهام حسّاسة بدل الاعتماد المباشر على القوات النظامية»!. ويوم 4 كانون الأول/ ديسمبر 2025 أُعلن عن مقتل «أبو شباب» على يد عائلة «أبو سنيمة»، التي أعلنت مسؤوليتها عن الحادث: وأنهم «واجهوا فئة خارجة عن قيم المجتمع الفلسطيني». وبحيادية، يمكن النظر لهذا الكيان السرطاني، الذي أسندت قيادته بعد مقتل «أبو شباب» إلى رفيقه «غسان الدهيني» من عِدّة زوايا، ومنها: - الخيانة نهايتها مأساوية لأصحابها، وماذا يَتوقّع أن تكون نهايته مَن يَتفاخر بعلاقته مع الاحتلال «الإسرائيلي»؟ - دور جماعة «أبو شباب» التخريبي على المستويين الأمني والإغاثي دفنهم وهم أحياء، مِمّا جعل مقتل «أبو شباب» مناسبة قُوْبِلت بالترحيب من أكثرية الفلسطينيين وغيرهم. - مقتل «أبو شباب» يؤكد فشل الخطة «الإسرائيلية» بجعل مجموعته المُتَحكِّم بمدينة «رفح» وجعلها منطقة «حكم ذاتي» خارج سيطرة المقاومة، وبهذا فهي ضربة أمنية كبيرة «لإسرائيل» التي كانت تُعوّل عليهم بعمليات التجسّس والتخريب. - قد تكون «إسرائيل» تَخلّصت منه، قبل إرغامها، بضغوط أمريكية، على المضي بالمرحلة الثانية من اتّفاق وقف إطلاق النار وذلك بتركه ليواجه مصيره كونه قُتِل بمنطقة سيطرة جيشها!. - الحادثة كانت مناسبة لدعم دور المقاومة على أرض غزة، ونقلت هيئة البثّ «الإسرائيلية»، الأحد الماضي، عن مصادر فلسطينية أن «مسلحين ينتمون لمليشيات عشائرية معارضة لحماس سَلّموا أنفسهم طواعية لأجهزة (حماس) الأمنية في غزة». منطقيًا، لو كانت جماعة «أبو شباب» جماعة فلسطينية خالصة ومنافسة بعملها، السياسي والعسكري، للآخرين بشفافية وصدق لأمكن قبول تشكيلها، والتعاطي معه على أنه جزء من المشاريع الهادفة لخدمة القطاع، ولكن حينما تَبرز خيوط مؤكدة، وباعترافات واضحة، بارتباط هذا الكيان وشخوصه بالاحتلال «الإسرائيلي» فهنا تكون المعضلة والقشّة التي تَقصم ظهر الكيان لأن التعاون مع المحتل جريمة لا يُمكن تبريرها بأيّ عذر من الأعذار. مقتل «أبو شباب» كان متوقعا، وهي النهاية الحتمية والسوداء للخونة والعملاء الذين لا يَجدون مَن يُرحب بهم من مواطنيهم، ولا مَن يَحْتَرِمهم من الأعداء، ولهذا هُم أموات بداية، وإن كانوا يمشون على الأرض، لأنهم فقدوا ارتباطهم بأهلهم وقضيتهم وإنسانيتهم.
648
| 12 ديسمبر 2025