رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
حقق إنتاج الولايات المتحدة الأمريكية ارتفاعاً خلال شهر فبراير 2015، ليصل إلى 9.3 مليون برميل يومياً، أو بنسبة 14.5%، حسب أرقام إدارة معلومات الطاقة الأمريكية، كما أن الإنتاج ارتفع ليصل إلى 9.4 مليون برميل يوميا خلال الأسبوع المنتهي في 20 مارس 2015، وهو ما يشير إلى أن هبوط أسعار النفط لم يؤثر إلى الآن في إنتاج النفط الصخري، وإن كانت التوقعات تشير إلى أن التأثير يبدأ في النصف الثاني من عام 2015، لتبدأ مسيرة التعافي في أسعار النفط، وتتوقع الإدارة في تقرير لها أن إنتاج النفط الصخري لن يشهد أي ارتفاع بداية من شهر أبريل 2015، وهو مؤشر إيجابي لصالح أسعار السوق، خصوصا إذا ما تحقق فعلياً.
ويشهد المخزون الأمريكي من النفط ارتفاعاً كبيراً يؤثر على مجريات معطيات السوق، ويؤكد اختلال الميزان باستمرار الفائض، ويشجع ضعف أسعار النفط إلى زيادة المخزونات، وتقوم الصين والهند بتسريع وتيرة ملء مخزون النفط الخام، وارتفاع معدلات المخزون يعتبر مؤشراً لوفرة في السوق وبالتالي يشكل ضغوطا على أسعار النفط، كما يزيد من ذلك الأنباء أن إيران قد قامت مؤخرا بتخزين 30 مليون برميل يومياً في ناقلات نفط عملاقة مستأجرة "المخزون العائم".
ولكن من الصعب الجزم باتجاه مسار الأسعار في الوقت الحالي على الأقل في ضوء مخاوف من تأثير الأسعار على الاستثمار في تطوير نفط جديد وبالتالي يؤثر على المعروض في المستقبل.
إن التصعيد السياسي في مناطق الإنتاج وحالة عدم اليقين السائدة، والتقلبات المرتبطة بسلوك المضاربين، وما يصاحب ذلك من انطباعات نفسية، تظل تلعب دوراً في دعم أسعار النفط، رغم وفرة المعروض واستمرار الفائض في سوق النفط.
كما أن تذبذب إنتاج النفط الليبي واستمرار الحظر على مبيعات النفط الإيراني، والتحديات التي يمثلها هبوط أسعار النفط أمام عدد من الدول المنتجة للنفط للتسريع في مشاريع تطوير الإنتاج، سواء في فنزويلا أو في نيجيريا أو روسيا أو الجزائر.
كما يوضح تقرير صدر عن وكالة الطاقة مؤخراً حول التوقعات خلال السنوات الخمس القادمة، يمثل بلا شك، وضعاً لازدياد المخاوف حول إمدادات النفط في المستقبل وبالتالي دعما لأسعار النفط ودعما من مخاطر ارتفاع درجة حدة التذبذب والتقلب في أسعار النفط وهي أمور ليست في صالح استقرار السوق أو التخطيط لمشاريع المستقبل، سواء للشركات النفطية أو الدول.
وتنقل الأنباء أن إنتاج كولومبيا بدأ يتأثر سلبا نتيجة تعثر بعض مشاريع التطوير وأنه لن يرتفع عن مليون برميل يومياً خلال السنوات القادمة.
كما تواجه بعض الدول مصاعب في تصريف نفوطها حالياً وهو ما يعني، رغم الفائض، أن حالة السوق غير مستقرة، ويعتزم العراق بيع نوعية جديدة من النفط في شهر مايو 2015، باسم خام البصرة الثقيل (الوزن النوعي 24) وتقدر الكميات بـ450 ألف برميل يومياً إلى 800 ألف برميل يومياً، وهذه الخطوة تأتي بعد أن قرر بعض الزبائن، كما تذكر التقارير عدم تحميل نفط بصرة لعدم انتظام الوزن النوعي وبلغ بعضها أقل من الوزن النوعي 27.
وعلى صعيد آخر تحذر بعض الأوساط في سوق النفط من أن طاقة التكرير الجديدة في الأسواق الشرق الآسيوية وفي منطقة الخليج العربي، سواء في السعودية أو في الإمارات، تعني تحديا كبيرا أمام المعروض من الديزل في السوق النفطية خصوصاً أنها نوعية فائقة، وربما تواجه أسواق النفط تخمة في المستقبل القريب تحمل في طياتها ذات المخاطر التي تسبب فيها الفائض من النفط الخام في الربع الأخير من عام 2014.
وأخيراً فإنه لا يمكن عزل ما يجري عن أسواق الأسهم والمال، خصوصا إذا كان مرتبطاً بحدث رئيسي مثل هبوط أسعار النفط، علماً بأن دول الخليج العربي تعتمد بشكل رئيسي على النفط، كما أن أي انكماش للاقتصاد في أسواق العالم يؤثر في أسواقنا، وتكون له تبعات كما حدث في فتراث سابقة مثل 1997 – 1998.
وتعتبر أسواق السلع ومن أهمها النفط، بالإضافة إلى سوق المال الأمريكية، المحرك الرئيسي لأسواق المال في العالم ومن البديهي أن تكون الأسواق الخليجية هي الأكثر تأثرا.
تعتبر أسواق الأسهم مؤشرا لحالة الاقتصاد، حالة المشاريع، الاستثمار، ونشاط الشركات والقطاع الخاص والصناعات والخدمات.
إن هبوط أسعار النفط يوفر مناخاً للقلق والمخاوف على تباطؤ في معدل تنامي الاقتصاد، وبالتالي تباطؤ وتيرة تنفيذ المشاريع، وكذلك تحفظ البنوك على الإقراض، وبالتالي يعني تأثر ثقة المستثمر، ويغذي في نهاية المطاف مخاوف القطاع الخاص للقيام بدوره في بناء الاقتصاد.
ويُعزا سبب تأثر البورصات الخليجية بهبوط أسعار النفط المستمر: (1) ارتباط القطاع الخاص في دول الخليج بالإنفاق الحكومي، والذي يرتبط هو الآخر بإيرادات النفط، (2) ثقل شركات قطاع النفط في المؤشر العام لهذه البورصات، إذ إن تراجع أرباح الأخيرة جراء هبوط أسعار النفط يجد صداه بسرعة في أداء مؤشر الأسهم، وينظر الناس لأسعار الأسهم يومياً على أنها مؤشر للثقة ومؤشر على ما سيكون عليه الإنفاق.
وأختم المقالة بأن التحول في صناعة النفط والغاز خلال السنوات القادمة يعتمد على معطيات، من بينها: (1) خفض عدد أبراج ومنصات الحفر في الإنتاج والتي تؤثر في معدل تنامي إنتاج النفط الصخري في النصف الثاني من عام ٢٠١٥، (2) إعلان الشركات النفطية، على اختلافها، وبعض الدول النفطية تأجيل بعض المشاريع والاستثمار في قطاع الاستكشاف والتنقيب خلال السنوات القادمة وتصل نسبة الخفض إلى ٣٠٪، وهذا يعني أنه سيكون هناك تأثير على إمدادات النفط الجديدة وهو يَصب في مصلحة تعزيز دور منظمة الأوبك في تنظيم إيقاع ميزان الطلب والعرض في المستقبل، (3) كما يصرح بعض رؤساء الشركات النفطية بأن إستراتيجيتهم في المرحلة الحالية ليست الاستحواذ، رغم توفر الفرص، ولكن ضمان تنفيذ المشاريع الإستراتيجية القائمة لتلك الشركات في ضوء ضعف أسعار النفط الخام.
الســـودان القضيــة التي ماتت
عام 2025 يوشك على الانتهاء بعد شهرين من الآن وأزمة السودان التي تفجرت منذ 15 أبريل 2023 تتفاقم... اقرأ المزيد
177
| 02 نوفمبر 2025
الذكاء الاصطناعي.. من يقرر ملامح الحقيقة القادمة؟
لم يعد سؤال الهيمنة في عصر الذكاء الاصطناعي مجرّد منافسة تقنية على أدوات السيطرة، بل تحوّلًا بنيويًا في... اقرأ المزيد
138
| 02 نوفمبر 2025
زمن الشهرة الزائفة
لم يعد التغيير الذي أصاب النفوس البشرية خفيًّا أو محدودًا، بل أصبح واضحًا لكل من يتأمل طبيعة العلاقات... اقرأ المزيد
234
| 02 نوفمبر 2025
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية




مساحة إعلانية
نعم، أصبحنا نعيش زمنًا يُتاجر فيه بالفكر كما يُتاجر بالبضائع، تُباع فيه الشهادات كما تُباع السلع، وتُؤجّر فيه المنصات التدريبية كما تُؤجّر القاعات لحفلات المناسبات. هو زمنٌ تحوّلت فيه «المعرفة إلى سلعة» تُسعَّر، لا رسالة تُؤدَّى. تتجلّى مظاهر «الاتّجار المعرفي» اليوم في صور عديدة، لعلّ أبرزها «المؤتمرات والملتقيات التدريبية والأكاديمية» التي تُقام بأسماء لامعة وشعارات براقة، يدفع فيها الحضور مبالغ طائلة تحت وعودٍ بالمحتوى النوعي والتبادل العلمي، ثم لا يخرج منها المشاركون إلا بأوراق تذكارية وصورٍ للمنصات! وهنا «العجيب من ذلك، والأغرب من ذلك»، أنك حين تتأمل هذه الملتقيات، تجدها تحمل أربعة أو خمسة شعارات لمؤسساتٍ وجهاتٍ مختلفة، لكنها في الحقيقة «تعود إلى نفس المالك أو الجهة التجارية ذاتها»، تُدار بأسماء متعدّدة لتُعطي انطباعًا بالتنوّع والمصداقية، بينما الهدف الحقيقي هو «تكرار الاستفادة المادية من الجمهور نفسه». هذه الفعاليات كثير منها أصبح سوقًا مفتوحًا للربح السريع، لا للعلم الراسخ؛ تُوزَّع فيها الجوائز بلا معايير، وتُمنح فيها الألقاب بلا استحقاق، وتُقدَّم فيها أوراق بحثية أو عروض تدريبية «مكرّرة، منسوخة، أو بلا أثرٍ معرفي حقيقي». وهذا الشكل من الاتّجار لا يقل خطورة عن سرقة البيانات أو بيع الحقائب التدريبية، لأنه يُفرغ الفضاء الأكاديمي من جوهره، ويُحوّل «الجهد العلمي إلى طقسٍ استعراضي» لا يصنع معرفة ولا يضيف قيمة. فالمعرفة الحقيقية لا تُشترى بتذكرة حضور، ولا تُختزل في شعار مؤتمر، ولا تُقاس بعدد الصور المنشورة في مواقع التواصل. من جهةٍ أخرى، يتخذ الاتّجار بالمعرفة اليوم وجهًا «رقميًا سيبرانيًا أكثر تعقيدًا»؛ إذ تُباع البيانات البحثية والمقررات الإلكترونية في «الأسواق السوداء للمعلومات»، وتُسرق الأفكار عبر المنصات المفتوحة، ويُعاد تسويقها تحت أسماء جديدة دون وعيٍ أو مساءلة. لقد دخلنا مرحلة جديدة من الاتّجار لا تقوم على الجسد، بل على «استغلال العقول»، حيث يُسرق الفكر ويُباع الإبداع تحت غطاء “التعاون الأكاديمي” أو “الفرص البحثية”. ولذلك، فإن الحديث عن «أمن المعرفة» و»السلامة السيبرانية في التعليم والتدريب» لم يعد ترفًا، بل ضرورة وجودية لحماية رأس المال الفكري للأمم. على الجامعات ومراكز التدريب أن تنتقل من مرحلة التباهي بعدد المؤتمرات إلى مرحلة «قياس الأثر المعرفي الحقيقي»، وأن تُحاكم جودة المحتوى لا عدد المشاركين. الاتّجار بالمعرفة جريمة صامتة، لكنها أخطر من كل أشكال الاتّجار الأخرى، لأنها «تسرق الإنسان من داخله»، وتقتل ضميره المهني قبل أن تمس جيبه. وحين تتحوّل الفكرة إلى تجارة، والمعرفة إلى وسيلة للشهرة، يفقد العلم قدسيته، ويصبح المتعلم مستهلكًا للوهم لا حاملًا للنور.
6693
| 27 أكتوبر 2025
المسيرات اليوم تملأ السماء، تحلّق بأجنحةٍ معدنيةٍ تلمع تحت وهج الشمس، تُقاد من بعيدٍ بإشاراتٍ باردةٍ لا تعرف الرحمة. تطير ولا تفكر، تضرب ولا تتردد، تعود أحيانًا أو ربما تنتحر. لا فرحَ بالنصر، ولا ندمَ على الدم. طائراتٌ بلا طيارٍ، ولكنها تذكّرنا بالبشر الذين يسيرون على الأرض بلا وعيٍ ولا بوصلة. لقد صار في الأرض مسيَّراتٌ أخرى، لكنها من لحمٍ ودم، تُدار من وراء الشاشات، وعبر المنصات، حيث تُضغط أزرار العقول وتُعاد برمجتها بصمتٍ وخُبث. كلاهما – الآلة والإنسان – مُسيَّر، غير أن الثانية أخطر، لأنها تغتال العقل قبل الجسد، وتُطفئ الوعي قبل الحياة، وتستهدف الصغير قبل الكبير، لأنه الهدف الأغلى عندها. تحوّل الإنسان المعاصر شيئًا فشيئًا إلى طائرةٍ بشريةٍ بلا طيار، يُقاد من برجٍ افتراضي لا يُرى، اسمه “الخوارزميات”، تُرسل إليه الأوامر في هيئة إشعاراتٍ على هاتفه أو جهازه الذي يعمل عليه، فيغيّر مساره كما تُغيّر الطائرة اتجاهها عند تلقّي الإشارة. يغضب حين يُؤمر، ويُصفّق حين يُطلب منه التصفيق، ويتحدث بلسان غيره وهو يظن أنه صوته. صار نصفه آليًّا ونصفه الآخر بشريًّا، مزيجًا من لحمٍ وإشارة، من شعورٍ مُبرمجٍ وسلوكٍ مُوجَّه. المسيرة حين تُطلِق قذيفتها أو تصطدم تُحدث دمارًا يُرى بالعين، أمّا المسيرة البشرية فحين تُطلِق كلمتها تُحدث دمارًا لا يُرى، ينفجر في القيم والمبادئ، ويترك رمادًا في النفوس، وشظايا في العقول، وركامًا من الفوضى الأخلاقية. إنها تخترق جدران البيوت وتهدم أنفاق الخصوصية، وتصنع من النشء جنودًا افتراضيين بلا أجر، يحملون رايات التدمير وهم يظنون أنهم يصنعون المجد. المسيرة المعدنية تحتاج إلى طاقةٍ لتطير، أمّا المسيرة البشرية فتحتاج فقط إلى “جهلٍ ناعمٍ” يجعل أفئدتها هواءً. ويُخيَّل للمرء أن العالم بأسره قد صار غرفةَ تحكّمٍ واحدة، تُدار بمنهجٍ وفكرٍ وخطة، وأننا جميعًا طائراتٌ صغيرة تدور في مساراتٍ مرسومة، لا تملك حرية رفرفة جناحٍ واحدةٍ خارج هذه الحدود. من يملك الإعلام يملك السماء، ومن يملك البيانات يملك العقول، ومن يملك كليهما، هنا يكمن الخطرُ كلُّه. لكن السؤال الذي يفرض نفسه: كيف نحمي أبناءنا ومجتمعاتنا من أن يصبحوا مسيَّراتٍ بشريةً أخرى؟ كيف نُعيد إليهم جهاز الملاحة الداخلي الذي خُطِف من أيديهم؟ الجواب يبدأ من التربية الواعية التي تُعلّم الطفل أن يسأل قبل أن يُصدّق، وأن يتحقّق قبل أن ينقل، وأن يفكّر قبل أن يحكم. نحتاج إلى مؤسساتٍ وهيئاتٍ تُنمّي مهارة التفكير النقدي، وإعلامٍ يُحرّر لا يُبرمج، وأُسَرٍ تُعلّم أبناءها التمييز بين الصوت الحقيقي وضجيج التقليد، وبين المنابر الحرة والخُطب المصنوعة. فالوعي لا يُوهَب، بل يُصنَع بالتجربة والتأمل والسؤال. ثم تأتي القدوة الحيّة، فالمجتمع لا يتغيّر بالمواعظ فقط، بل بالنماذج. حين يرى الجيل من يفكّر بحرية، ويتحدث بمسؤولية، ويرفض الانقياد الأعمى، سيتعلم أن الحرية ليست في كسر القيود، بل في معرفة من صنعها ولماذا. وأخيرًا، علينا أن نُعلّم أبناءنا أن التحكم في النفس أعظم من التحكم في آلة. فشخصٌ واحد قد يصنع مئات الآلات، ولكن آلاف الآلات لا تصنع إنسانًا واحدًا. ليست كل حربٍ تُخاض بالسلاح، فبعضها تُخاض بالعقول. والمنتصر الحقيقي هو من يبقى ممسكًا بجهاز تحكمه الداخلي، مستقلًّا لا يتأثر بالموجِّهات والمُشوِّشات. إن إنقاذ الجيل لا يكون بإغلاق السماء، بل بتنوير العقول. فحين يتعلم الإنسان كيف يطير بوعيه، لن يستطيع أحد أن يُسيّره بعد اليوم أو يُسقطه.
2754
| 28 أكتوبر 2025
كان المدرج في زمنٍ مضى يشبه قلبًا يخفق بالحياة، تملؤه الأصوات وتشتعل فيه الأرواح حماسةً وانتماء. اليوم، صار صامتًا كمدينةٍ هجرتها أحلامها، لا صدى لهتاف، ولا ظلّ لفرح. المقاعد الباردة تروي بصمتها حكاية شغفٍ انطفأ، والهواء يحمل سؤالًا موجعًا: كيف يُمكن لمكانٍ كان يفيض بالحب أن يتحول إلى ذاكرةٍ تنتظر من يوقظها من سباتها؟ صحيح أن تراجع المستوى الفني لفرق الأندية الجماهيرية، هو السبب الرئيسي في تلك الظاهرة، إلا أن المسؤول الأول هو السياسات القاصرة للأندية في تحفيز الجماهير واستقطاب الناشئة والشباب وإحياء الملاعب بحضورهم. ولنتحدث بوضوح عن روابط المشجعين في أنديتنا، فهي تقوم على أساس تجاري بدائي يعتمد مبدأ المُقايضة، حين يتم دفع مبلغ من المال لشخص أو مجموعة أشخاص يقومون بجمع أفراد من هنا وهناك، ويأتون بهم إلى الملعب ليصفقوا ويُغنّوا بلا روح ولا حماسة، انتظاراً لانتهاء المباراة والحصول على الأجرة التي حُدّدت لهم. على الأندية تحديث رؤاها الخاصة بروابط المشجعين، فلا يجوز أن يكون المسؤولون عنها أفراداً بلا ثقافة ولا قدرة على التعامل مع وسائل الإعلام، ولا كفاءة في إقناع الناشئة والشباب بهم. بل يجب أن يتم اختيارهم بعيداً عن التوفير المالي الذي تحرص عليه إدارات الأندية، والذي يدل على قصور في فهم الدور العظيم لتلك الروابط. إن اختيار أشخاص ذوي ثقافة وطلاقة في الحديث، تُناط بهم مسؤولية الروابط، سيكون المُقدمة للانطلاق إلى البيئة المحلية التي تتواجد فيها الأندية، ليتم التواصل مع المدارس والتنسيق مع إداراتها لعقد لقاءات مع الطلاب ومحاولة اجتذابهم إلى الملاعب من خلال أنشطة يتم خلالها تواجد اللاعبين المعروفين في النادي، وتقديم حوافز عينية. إننا نتحدث عن تكوين جيل من المشجعين يرتبط نفسياً بالأندية، هو جيل الناشئة والشباب الذي لم يزل غضاً، ويمتلك بحكم السن الحماسة والاندفاع اللازمين لعودة الروح إلى ملاعبنا. وأيضاً نلوم إعلامنا الرياضي، وهو إعلام متميز بإمكاناته البشرية والمادية، وبمستواه الاحترافي والمهني الرفيع. فقد لعب دوراً سلبياً في وجود الظاهرة، من خلال تركيزه على التحليل الفني المُجرّد، ومخاطبة المختصين أو الأجيال التي تخطت سن الشباب ولم يعد ممكناً جذبها إلى الملاعب بسهولة، وتناسى إعلامنا جيل الناشئة والشباب ولم يستطع، حتى يومنا، بلورة خطاب إعلامي يلفت انتباههم ويُرسّخ في عقولهم ونفوسهم مفاهيم حضارية تتعلق بالرياضة كروح جماهيرية تدفع بهم إلى ملاعبنا. كلمة أخيرة: نطالب بمبادرة رياضية تعيد الجماهير للمدرجات، تشعل شغف المنافسة، وتحوّل كل مباراة إلى تجربة مليئة بالحماس والانتماء الحقيقي.
2391
| 30 أكتوبر 2025