رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

د. م. جاسم عبدالله جاسم ربيعة المالكي

نائب رئيس المجلس البلدي المركزي (سابقاً)

مساحة إعلانية

مقالات

87

د. م. جاسم عبدالله جاسم ربيعة المالكي

هل تُغني الطاقة الشمسية القادمة من الفضاء عن الغاز؟

30 أكتوبر 2025 , 05:14ص

في خطوةٍ وُصفت بالثورية في عالم الطاقة، أعلنت اليابان مؤخرًا عن نجاح تجربة فريدة من نوعها: نقل الطاقة الشمسية من الفضاء إلى الأرض دون أسلاك، باستخدام الموجات الميكروية. هذا الحدث لم يمر مرور الكرام، بل أعاد إلى الواجهة تساؤلًا كبيرًا: هل يمكن أن تُصبح هذه التقنية مستقبلًا بديلًا حقيقيًا للغاز والنفط في توليد الطاقة؟

بين الحلم والواقع، يقف العالم اليوم على أعتاب ثورةٍ جديدة في ميدان الطاقة، عنوانها «الطاقة الشمسية الفضائية»، وفكرتها ببساطة أن نستغلّ ضوء الشمس من الفضاء — حيث لا غيوم ولا ليل — ونرسله إلى الأرض بشكل مستمر عبر موجات دقيقة أو أشعة ليزر، لتتحول إلى كهرباء نظيفة تغذّي المدن والمصانع ليل نهار.

كيف تُنقل الطاقة من الفضاء إلى الأرض؟

الفكرة ليست خيالًا علميًا كما كانت قبل عقود. فالتجارب الأخيرة، خاصة في اليابان والولايات المتحدة، أثبتت أن الطاقة الشمسية يمكن تحويلها إلى موجات ميكروية في الفضاء، ثم تُوجّه نحو محطة استقبال على الأرض مزوّدة بهوائيات ضخمة تُعيد تحويل الموجات إلى كهرباء قابلة للاستخدام.

الميزة الكبرى لهذه التقنية أنها لا تتأثر بالطقس أو دوران الأرض، إذ تلتقط الألواح الشمسية في المدار ضوء الشمس على مدار 24 ساعة، ما يعني إنتاجًا مستمرًا ومستقرًا للطاقة، وهي ميزة لا تستطيع محطات الطاقة الأرضية تحقيقها حاليًا.

لكن الحلم الجميل لا يخلو من العقبات: فالتقنيات الحالية ما زالت في مرحلة التجريب، والتكلفة لا تزال مرتفعة، إذ تتطلب إطلاق محطات ضخمة إلى الفضاء وتركيب أنظمة استقبال معقدة على الأرض.

الغاز… سيد الطاقة الحالي

حتى الآن، لا يزال الغاز الطبيعي المصدر الأهم لتوليد الكهرباء في معظم دول العالم.

فهو طاقة مستقرة وسهلة التخزين والنقل، وتشغّل محطات الكهرباء الحديثة بكفاءة عالية. وفي دول مثل قطر، يُعد الغاز ليس فقط مصدر طاقة، بل ركيزة اقتصادية وصناعية، يعتمد عليها الإنتاج والتصدير والعائدات الوطنية. لكن هذا الاعتماد الكبير على الغاز يواجه اليوم تحديات بيئية وضغوطًا دولية تتعلق بالانبعاثات الكربونية، ما جعل العالم يبحث عن بدائل نظيفة تضمن أمن الطاقة وتحافظ على البيئة في الوقت نفسه. وهنا تبرز الطاقة الشمسية — سواء من الأرض أو من الفضاء — كأملٍ كبير للمستقبل.

اليابان، على سبيل المثال، أنفقت مليارات الينات في أبحاث الطاقة الفضائية منذ سنوات، وتمكّنت بالفعل من نقل نحو 2 كيلوواط من الطاقة الشمسية عبر الهواء لمسافة 50 مترًا.

قد تبدو كمية صغيرة، لكنها بمثابة «الخطوة الأولى على سطح القمر» في عالم الطاقة.

وفي الولايات المتحدة، يعمل معهد كاليفورنيا للتكنولوجيا (Caltech) على مشروع طموح لإطلاق محطة صغيرة في المدار المنخفض لتجربة إرسال الطاقة لاسلكيًا إلى الأرض.

أما الصين، فقد أعلنت نيتها بناء أول محطة فضائية للطاقة الشمسية بحلول عام 2030، في إطار سباق عالمي نحو السماء لتأمين مصادر الطاقة المستقبلية.

ورغم الحماس الكبير، إلا أن الطريق أمام هذه التقنية ما زال طويلاً ومكلفًا.

فمن بين أبرز العقبات:

- تكاليف الإطلاق العالية لبناء محطات فضائية ضخمة.

- خسائر في النقل عند تحويل الطاقة من ضوء إلى موجات ثم إلى كهرباء.

- مخاوف السلامة من توجيه موجات عالية الطاقة نحو الأرض.

- إشكالات قانونية دولية تتعلق بتخصيص المدار الفضائي والمساحات الأرضية للاستقبال.

ورغم ذلك، فإن التقدم السريع في تكنولوجيا الإطلاق (مثل الصواريخ القابلة لإعادة الاستخدام) وانخفاض تكلفة الأقمار الصناعية يجعل هذه العقبات قابلة للحل خلال العقدين القادمين.

لكن هل ستُغني عن الغاز فعلًا؟ الجواب الواقعي هو: ليس قريبًا، ولكن ربما يومًا ما.

فالغاز سيبقى لعقود مقبلة المصدر الأساسي لتوليد الكهرباء، خاصة في الدول الغنية به. لكن الطاقة الشمسية الفضائية يمكن أن تكمل دوره وتخفف الاعتماد عليه تدريجيًا.

فإذا نجحت هذه التقنية في إنتاج طاقة أرخص وأنظف وأكثر استقرارًا، فقد تصبح بحلول عام 2050 خيارًا إستراتيجيًا عالميًا، لا سيما في الدول التي تسعى لتحقيق الحياد الكربوني الكامل. ومع ذلك، لن تختفي الحاجة إلى الغاز بسهولة، لأنه لا يستخدم فقط للكهرباء، بل أيضًا في الصناعة والبتروكيماويات والنقل الثقيل. لذا من الأدق القول إن الطاقة الشمسية القادمة من الفضاء لن «تلغي» الغاز، بل ستشاركه وتقاسمه الدور.

قطر… بين الواقع والطموح

بالنسبة لقطر، التي تعد من أكبر مصدّري الغاز في العالم، فإن دخول عصر الطاقة الشمسية الفضائية لن يُضعف مكانتها، بل قد يمنحها فرصًا جديدة، فبفضل خبرتها في الطاقة، يمكنها الاستثمار مبكرًا في مشاريع الطاقة المتجددة المتقدمة، وتكوين شراكات مع الدول الرائدة في هذا المجال، لتكون جزءًا من صناعة المستقبل لا مجرد مستهلك لها. كما يمكن أن تستفيد من تقنيات نقل الطاقة اللاسلكية لتغذية المناطق البعيدة أو لمشاريع البنية التحتية الضخمة دون الحاجة إلى شبكات أرضية معقدة.

* قبل خمسين عامًا، كان الإنسان يرى الأقمار الصناعية مجرد أدوات بث، أما اليوم فهي تنقل الإنترنت والصور والملاحة. وغدًا، قد تنقل لنا الطاقة نفسها من الشمس إلى الأرض. حينها، قد تتغير معادلات الاقتصاد والسياسة والطاقة في العالم كله. لكن حتى ذلك اليوم، يبقى الغاز هو العمود الفقري للطاقة، والطاقة الشمسية — سواء من الأرض أو من الفضاء — هي الضوء الذي يرشدنا إلى المستقبل.

اقرأ المزيد

alsharq الســـودان القضيــة التي ماتت

عام 2025 يوشك على الانتهاء بعد شهرين من الآن وأزمة السودان التي تفجرت منذ 15 أبريل 2023 تتفاقم... اقرأ المزيد

174

| 02 نوفمبر 2025

alsharq الذكاء الاصطناعي.. من يقرر ملامح الحقيقة القادمة؟

لم يعد سؤال الهيمنة في عصر الذكاء الاصطناعي مجرّد منافسة تقنية على أدوات السيطرة، بل تحوّلًا بنيويًا في... اقرأ المزيد

138

| 02 نوفمبر 2025

alsharq زمن الشهرة الزائفة

لم يعد التغيير الذي أصاب النفوس البشرية خفيًّا أو محدودًا، بل أصبح واضحًا لكل من يتأمل طبيعة العلاقات... اقرأ المزيد

234

| 02 نوفمبر 2025

مساحة إعلانية