رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
في ظل غياب القيم الأخلاقية، تضيع المبادئ، وتُزدوج المعايير، وتختل الموازين، وتختلط بعد ذلك الأمور، وتُغلب المصالح، ويسود الظلم، وتُرمى الاتهامات بالعنف والإرهاب جزافاً، وتُسمى الأشياء بغير أسمائها، فتُسمى المقاومة إرهاباً، والإرهاب المنهجي المنظم دفاعاً عن النفس، ويُمزج بين النازية المقيتة والحق في مقاومة المحتل وتقرير المصير، ويأتي نتيجة لذلك الظلم والجور في محاولات العدو الإسرائيلي وأمريكا والغرب من بعدهما في الربط غير المنطقي بين تنظيمين متضادين هما حماس وداعش. فالمقارنة بين التنظيمين بمثابة المقاربة بين الخير والشر اللذين لا يلتقيان أبداً، فلا داعش ينبغي لها أن تدرك حماس، ولا حماس تقبل أن تُشبه بداعش، وكلٌّ في فلكٍ يسبحون. وفي ضوء طبيعة التنظيمين وخصائصهما الأيديولوجية، وفلستهما الفكرية، والعقيدة القتالية، فيمكن المقارنة من عدة أوجه، فمن حيث المنشأ على سبيل المثال، فقد وُلدت حركة حماس في بيئة مظلمة يسودها الظلم والقهر والمهانة. فالحياة صعبة وقاسية، ولكنها ليست مستحيلة، بل كفيلة بصناعة الرجال، وإثارة التحدي، ومواجهة الأزمات، والتغلب على الصعوبات من خلال التربية والتنشئة السليمة القائمة على مواجهة قسوة الحياة وصعوبتها وتحدياتها، وذلك بترسيخ مبادئ المواجهة وانتزاع الحق المسلوب من العدو الصهيوني الغاصب. ولا يتم ذلك إلا بالعمل الجاد على الخلاص من هذا الظلم والظلمات، والعيش في عزة وكرامة بمقاومة الاضطهاد والظلم والظالم المعتدي، وكسر شوكته بالقوة. ولذا، فشاعت هذه الثقافة، وتشكلت عقيدة حركة حماس الفكرية القائمة على محاربة العدو الإسرائيلي وصد عدوانه بالقوة لأنه لا يعرف سواها، ولا يُقهر ولا ينكسر بغيرها. وبذلك تشكلت هذه الثقافة، وترسخت مبادئها الأخلاقية الموجهة لرد الظالم المحتل عن ظلمه بكل ما أُوتيت من قوة ومن رباط الخيل ترهب به عدو الله وعدوها، متخذةً مبدأً أخلاقياً يقضي بعدم رفع السلاح في وجه أي إنسان غير العدو الإسرائيلي، ومن والاه وأيده في ظلمه وقهره للشعب الفلسطيني. وهذا مشهود للحركة بأنها لم تطلق رصاصة واحدة خارج حدود وطنها فلسطين المحتلة. ولذلك، فكان الهدف الرئيس من تأسيس الحركة هو رد الظلم ومكافحة المحتل بكل أساليب المقاومة العسكرية، وهذا حق تكفله لها كل القوانين والمواثيق الدولية. فحركة حماس ليست إرهابية على الإطلاق، بل هي حركة وطنية عربية إسلامية تمارس حقها المشروع في مقاومة المحتل.
أما تنظيم داعش، فلم يُولد ولادة طبيعية، بل وُجد وصُنع صناعة قصدية، وزُرع في منطقة تضم دول ثورات الربيع العربي بهدف نشر الرعب والإرهاب والظلم والقهر بين العرب والمسلمين المحسوبين على هذه الثورات في المنطقة العربية، والمؤيدين لها. ولم يُزرع هذا التنظيم في المنطقة إلا ليكون حجة وذريعة تتذرع بها أمريكا ومن في كنفها للتدخل العسكري لمحاربة الإرهاب في المنطقة متى ما أرادت. فالتنظيم أُنشئ لإرهاب أبناء المنطقة من العرب والمسلمين، وقتلهم والتنكيل بهم أمام عدسات الكاميرات، وعيون المجتمع الدولي، ولم يتعد هذا الإرهاب بكل أشكاله حسب رؤية المراقب المحايد الشعوب العربية المسلمة في المنطقة إلى شعوب أخرى ودول لم تصلها هذه الثورات، ولذا فداعش تنظيم إرهابي لا علاقة له بالإسلام على الإطلاق، بل زُرع ليحقق غايات وأهدافا غربية أمريكية بشكل خاص، وذلك استشهاداً بما ردده الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب في مناكفته للديمقراطيين أثناء حملته الانتخابية سنة 2016، حين قال «إن تنظيم داعش من صناعة أوباما وهيلاري كلينتون». وربما جاء هذا التنظيم ليكون دعامة من دعائم الفوضى الخلاقة التي تبنتها وأشاعتها الإدارة الأمريكية على لسان وزيرة خارجيتها السيدة/ كوندليزا رايز، والمبنية على إثارة النعرات الطائفية، وإشعال الفتن، وتأجيج الخلافات بين طوائف شعوب المنطقة العربية. ولم تكن هذه العبارة من تأليف ترامب، ولا من وحي خياله، بل من مصادره الخاصة كسياسي متابع لسياسة بلاده الخارجية، ومرشح لرئاستها في تلك الفترة.
كما أن هناك أوجها أخرى للمقارنة، وليست المقاربة بين التنظيمين، مثل الهوية، والحاضنة الشعبية، وغيرهما على سبيل المثال لا الحصر. فمن ناحية الهوية فحماس حركة وطنية فلسطينية، ولها حاضنة شعبية متينة، ولها عمق إستراتيجي في غزة، بينما داعش ليست وطنية، ولا تُعرف لها هوية، ولا انتماء، ولا أصل على الإطلاق، كما أنها تفتقر إلى الحاضنة الشعبية في المنطقة التي زُرعت فيها، فليس لها جذور ولا عمق إستراتيجي يحتويها متى ما دعت الحاجة، فهي عدوة الكل في المنطقة. وبناء على ما سبق، فليس من العدل التشبيه والمقاربة بين حركة حماس وتنظيم داعش، فالمقاربة باطلة، وما التشبيه إلا اتهام باطل لحركة حماس بالإرهاب من الإرهابيين أنفسهم، ومن يشهد لهم التاريخ بممارساتهم الإرهابية في المنطقة العربية والإسلامية.
وقبل الختام هناك سؤالان، لابد من طرحهما، فالأول لأمريكا وإسرائيل حول الإرهابي الحقيقي، فمن هو الإرهابي الحقيقي، هل هو المدافع عن أهله ووطنه السليب، والمتصدي للغزاة المحتلين للأرض، أم هو من يعتدي على الشعوب في أوطانها، ويُرهب الآمنين في بيوتهم ومدنهم كما يحدث في غزة اليوم ومنذ 43 يوما من القتل والهدم والتشريد، والعربدة غير المبررة وهدم المستشفيات، وتجويع الشعب الفلسطيني في غزة العزة والكرامة، أم هو من يُجيش الجيوش لغزو دول أخرى، ويعتدي على سيادة هذه الدول، والعبث فيها وتغيير أنظمة الحكم فيها، وما كلف هذه الدول من خسائر فادحة في الأرواح والعتاد ومصادر الثقافة وغيرها كما حدث لأفغانستان، والعراق.. أليس هذا إرهابا رسميا ممنجهاً دون حجة ولا تبرير؟
والسؤال الثاني يوجه للأنظمة العربية المعادية لحركة حماس، ما الذي يبرر المواقف السلبية من حركة المقاومة الوطنية الفلسطينية (حماس)، مع العلم أنها لم تعتدِ على أحد من هذه الأنظمة، ولم تعبث بأي نظام عربي، ولم تطلق أي طلقة رصاص في أي دولة عربية، بل بالعكس فقد احترمت كل مواقف هذه الدول ولم تعترض على سياسات أي من هذه الأنظمة على الإطلاق، فما المبرر لهذه المواقف. أليست حماس حركة عربية تدافع عن الأمة العربية والإسلامية ضد الحركة الصهيونية العالمية في هذا الزمن، أليست حماس وحركات المقاومة الفلسطينية هي الحصن الحصين المتبقي من النظام العربي المشتت؟ وغيرها من التساؤلات والوقفات مع مواقف الدول العربية غير المفهومة.
النهايات السوداء!
تمتاز المراحل الإنسانية الضبابية والغامضة، سواء على مستوى الدول أو الأفراد، بظهور بعض الشخصيات والحركات، المدنية والمسلحة، التي... اقرأ المزيد
189
| 12 ديسمبر 2025
عام على رحيل الأسد وانتصار الشعب
كان منتدى الدوحة المنعقد يومي 6 و7 ديسمبر الجاري فرصة متاحة للرئيس أحمد الشرع حتى يستخلص العبر من... اقرأ المزيد
69
| 12 ديسمبر 2025
نسيج الإنسان في مدارس قطر
اسمي موناليزا… نعم، أعرف ماذا تفكّرون الآن! مثل اللوحة الإيطالية الشهيرة تمامًا، لكن بيننا فرق بسيط: هي تجلس... اقرأ المزيد
108
| 12 ديسمبر 2025
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
كلية التربية – جامعة قطر
al-saai@qu.edu.qa
مساحة إعلانية




مساحة إعلانية
في الساعات المبكرة من صباح السبت، ومع أول شعاع يلامس مياه الخليج الهادئة، من المعتاد أن أقصد شاطئ الوكرة لأجد فيه ملاذا هادئا بعد صلاة الفجر. لكن ما شهده الشاطئ اليوم لم يكن منظرا مألوفا للجمال، بل كان صدمة بصرية مؤسفة، مخلفات ممتدة على طول الرمال النظيفة، تحكي قصة إهمال وتعدٍ على البيئة والمكان العام. شعرت بالإحباط الشديد عند رؤية هذا المنظر المؤسف على شاطئ الوكرة في هذا الصباح. إنه لأمر محزن حقا أن تتحول مساحة طبيعية جميلة ومكان للسكينة إلى مشهد مليء بالمخلفات. الذي يصفه الزوار بأنه «غير لائق» بكل المقاييس، يثير موجة من التساؤلات التي تتردد على ألسنة كل من يرى المشهد. أين الرقابة؟ وأين المحاسبة؟ والأهم من ذلك كله ما ذنب عامل النظافة المسكين؟ لماذا يتحمل عناء هذا المشهد المؤسف؟ صحيح أن تنظيف الشاطئ هو من عمله الرسمي، ولكن ليس هو المسؤول. والمسؤول الحقيقي هو الزائر أولا وأخيرا، ومخالفة هؤلاء هي ما تصنع هذا الواقع المؤلم. بالعكس، فقد شاهدت بنفسي جهود الجهات المختصة في المتابعة والتنظيم، كما لمست جدية وجهد عمال النظافة دون أي تقصير منهم. ولكن للأسف، بعض رواد هذا المكان هم المقصرون، وبعضهم هو من يترك خلفه هذا الكم من الإهمال. شواطئنا هي وجهتنا وواجهتنا الحضارية. إنها المتنفس الأول للعائلات، ومساحة الاستمتاع بالبيئة البحرية التي هي جزء أصيل من هويتنا. أن نرى هذه المساحات تتحول إلى مكب للنفايات بفعل فاعل، سواء كان مستخدما غير واعٍ هو أمر غير مقبول. أين الوعي البيئي لدى بعض رواد الشاطئ الذين يتجردون من أدنى حس للمسؤولية ويتركون وراءهم مخلفاتهم؟ يجب أن يكون هناك تشديد وتطبيق صارم للغرامات والعقوبات على كل من يرمي النفايات في الأماكن غير المخصصة لها، لجعل السلوك الخاطئ مكلفا ورادعا.
4344
| 05 ديسمبر 2025
-«المتنبي» حاضراً في افتتاح «كأس العرب» - «أبو الطيب» يتألق في نَظْم الشعر.. وفي تنظيم البطولات تتفوق قطر - «بطولة العرب» تجدد شراكة الجذور.. ووحدة الشعور - قطر بسواعد أبنائها وحنكة قادتها تحقق الإنجاز تلو الآخر باستضافتها الناجحة للبطولات - قطر تراهن على الرياضة كقطاع تنموي مجزٍ ومجال حيوي محفز - الحدث العربي ليس مجرد بطولة رياضية بل يشكل حدثاً قومياً جامعاً -دمج الأناشيد الوطنية العربية في نشيد واحد يعبر عن شراكة الجذور ووحدة الشعور لم يكن «جحا»، صاحب النوادر، هو الوحيد الحاضر، حفل افتتاح بطولة «كأس العرب»، قادماً من كتب التراث العربي، وأزقة الحضارات، وأروقة التاريخ، بصفته تعويذة البطولة، وأيقونتها النادرة. كان هناك حاضر آخر، أكثر حضوراً في مجال الإبداع، وأبرز تأثيراً في مسارات الحكمة، وأشد أثرا في مجالات الفلسفة، وأوضح تأثيرا في ملفات الثقافة العربية، ودواوين الشعر والقصائد. هناك في «استاد البيت»، كان من بين الحضور، نادرة زمانه، وأعجوبة عصره، مهندس الأبيات الشعرية، والقصائد الإبداعية، المبدع المتحضر، الشاعر المتفاخر، بأن «الأعمى نظر إلى أدبه، وأسمعت كلماته من به صمم»! وكيف لا يأتي، ذلك العربي الفخور بنفسه، إلى قطر العروبة، ويحضر افتتاح «كأس العرب» وهو المتباهي بعروبته، المتمكن في لغة الضاد، العارف بقواعدها، الخبير بأحكامها، المتدفق بحكمها، الضليع بأوزان الشعر، وهندسة القوافي؟ كيف لا يأتي إلى قطر، ويشارك جماهير العرب، أفراحهم ويحضر احتفالاتهم، وهو منذ أكثر من ألف عام ولا يزال، يلهم الأجيال بقصائده ويحفزهم بأشعاره؟ كيف لا يأتي وهو الذي يثير الإعجاب، باعتباره صاحب الآلة اللغوية الإبداعية، التي تفتّقت عنها ومنها، عبقريته الشعرية الفريدة؟ كيف لا يحضر فعاليات «بطولة العرب»، ذلك العربي الفصيح، الشاعر الصريح، الذي يعد أكثر العرب موهبة شعرية، وأكثرهم حنكة عربية، وأبرزهم حكمة إنسانية؟ كيف لا يحضر افتتاح «كأس العرب»، وهو الشخصية الأسطورية العربية، التي سجلت اسمها في قائمة أساطير الشعر العربي، باعتباره أكثر شعراء العرب شهرة، إن لم يكن أشهرهم على الإطلاق في مجال التباهي بنفسه، والتفاخر بذاته، وهو الفخر الممتد إلى جميع الأجيال، والمتواصل في نفوس الرجال؟ هناك في الاستاد «المونديالي»، جاء «المتنبي» من الماضي البعيد، قادماً من «الكوفة»، من مسافة أكثر من ألف سنة، وتحديداً من العصر العباسي لحضور افتتاح كأس العرب! ولا عجب، أن يأتي «أبو الطيب»، على ظهر حصانه، قادماً من القرن الرابع الهجري، العاشر الميلادي، لمشاركة العرب، في تجمعهم الرياضي، الذي تحتضنه قطر. وما من شك، في أن حرصي على استحضار شخصية «المتنبي» في مقالي، وسط أجواء «كأس العرب»، يستهدف التأكيد المؤكد، بأن هذا الحدث العربي، ليس مجرد بطولة رياضية.. بل هو يشكل، في أهدافه ويختصر في مضامينه، حدثاً قومياً جامعاً، يحتفل بالهوية العربية المشتركة، ويحتفي بالجذور القومية الجامعة لكل العرب. وكان ذلك واضحاً، وظاهراً، في حرص قطر، على دمج الأناشيد الوطنية للدول العربية، خلال حفل الافتتاح، ومزجها في قالب واحد، وصهرها في نشيد واحد، يعبر عن شراكة الجذور، ووحدة الشعور، مما أضاف بعداً قومياً قوياً، على أجواء البطولة. ووسط هذه الأجواء الحماسية، والمشاعر القومية، أعاد «المتنبي» خلال حضوره الافتراضي، حفل افتتاح كأس العرب، إنشاد مطلع قصيدته الشهيرة التي يقول فيها: «على قدر أهل العزم تأتي العزائم» «وتأتي على قدر الكرام المكارم» والمعنى المقصود، أن الإنجازات العظيمة، لا تتحقق إلا بسواعد أصحاب العزيمة الصلبة، والإرادة القوية، والإدارة الناجحة. معبراً عن إعجابه بروعة حفل الافتتاح، وانبهاره، بما شاهده في عاصمة الرياضة. مشيداً بروعة ودقة التنظيم القطري، مشيراً إلى أن هذا النجاح الإداري، يجعل كل بطولة تستضيفها قطر، تشكل إنجازاً حضارياً، وتبرز نجاحاً تنظيمياً، يصعب تكراره في دولة أخرى. وهكذا هي قطر، بسواعد أبنائها، وعزيمة رجالها، وحنكة قادتها تحقق الإنجاز تلو الآخر، خلال استضافتها الناجحة للبطولات الرياضية، وتنظيمها المبهر للفعاليات التنافسية، والأحداث العالمية. وخلال السنوات الماضية، تبلورت في قطر، مرتكزات استراتيجية ثابتة، وتشكلت قناعات راسخة، وهي الرهان على الرياضة، كقطاع تنموي منتج ومجزٍ، ومجال حيوي محفز، قادر على تفعيل وجرّ القطاعات الأخرى، للحاق بركبه، والسير على منواله. وتشغيل المجالات الأخرى، وتحريك التخصصات الأخرى، مثل السياحة، والاقتصاد، والإعلام والدعاية، والترويج للبلاد، على المستوى العالمي، بأرقى حسابات المعيار العالمي. ويكفي تدشينها «استاد البيت»، ليحتضن افتتاح «كأس العرب»، الذي سبق له احتضان «كأس العالم»، وهو ليس مجرد ملعب، بل رمز تراثي، يجسد في تفاصيله الهندسية، معنى أعمق، ورمزا أعرق، حيث يحمل في مدرجاته عبق التراث القطري، وعمل الإرث العربي. وفي سياق كل هذا، تنساب في داخلك، عندما تكون حاضراً في ملاعب «كأس العرب»، نفحات من الروح العربية، التي نعيشها هذه الأيام، ونشهدها في هذه الساعات، ونشاهدها خلال هذه اللحظات وهي تغطي المشهد القطري، من شماله إلى جنوبه، ومن شرقه إلى غربه. وما من شك، في أن تكرار نجاحات قطر، في احتضان البطولات الرياضية الكبرى، ومن بينها بطولة «كأس العرب»، بهذا التميز التنظيمي، وهذا الامتياز الإداري، يشكل علامة فارقة في التنظيم الرياضي. .. ويؤكد نجاح قطر، في ترسيخ مكانتها على الساحة الرياضية، بصفتها عاصمة الرياضة العربية، والقارية، والعالمية. ويعكس قدرتها على تحقيق التقارب، بين الجماهير العربية، وتوثيق الروابط الأخوية بين المشجعين، وتوطيد العلاقات الإنسانية، في أوساط المتابعين! ولعل ما يميز قطر، في مجال التنظيم الرياضي، حرصها على إضافة البعد الثقافي والحضاري، والتاريخي والتراثي والإنساني، في البطولات التي تستضيفها، لتؤكد بذلك أن الرياضة، في المنظور القطري، لا تقتصر على الفوز والخسارة، وإنما تحمل بطولاتها، مجموعة من القيم الجميلة، وحزمة من الأهداف الجليلة. ولهذا، فإن البطولات التي تستضيفها قطر، لها تأثير جماهيري، يشبه السحر، وهذا هو السر، الذي يجعلها الأفضل والأرقى والأبدع، والأروع، وليس في روعتها أحد. ومثلما في الشعر، يتصدر «المتنبي» ولا يضاهيه في الفخر شاعر، فإن في تنظيم البطولات تأتي قطر، ولا تضاهيها دولة أخرى، في حسن التنظيم، وروعة الاستضافة. ولا أكتب هذا مديحاً، ولكن أدوّنه صريحاً، وأقوله فصيحاً. وليس من قبيل المبالغة، ولكن في صميم البلاغة، القول إنه مثلما يشكل الإبداع الشعري في قصائد «المتنبي» لوحات إبداعية، تشكل قطر، في البطولات الرياضية التي تستضيفها، إبداعات حضارية. ولكل هذا الإبداع في التنظيم، والروعة في الاستضافة، والحفاوة في استقبال ضيوف «كأس العرب».. يحق لدولتنا قطر، أن تنشد، على طريقة «المتنبي»: «أنا الذي حضر العربي إلى ملعبي» «وأسعدت بطولاتي من يشجع كرة القدمِ» وقبل أن أرسم نقطة الختام، أستطيع القول ـ بثقة ـ إن هناك ثلاثة، لا ينتهي الحديث عنهم في مختلف الأوساط، في كل الأزمنة وجميع الأمكنة. أولهم قصائد «أبو الطيب»، والثاني كرة القدم باعتبارها اللعبة الشعبية العالمية الأولى، أمــــا ثالثهم فهي التجمعات الحاشدة، والبطولات الناجحة، التي تستضيفها - بكل فخر- «بلدي» قطر.
2262
| 07 ديسمبر 2025
لم يكن خروج العنابي من بطولة كأس العرب مجرد خيبة رياضية عابرة، بل كانت صدمة حقيقية لجماهير كانت تنتظر ظهوراً مشرفاً يليق ببطل آسيا وبمنتخب يلعب على أرضه وبين جماهيره. ولكن ما حدث في دور المجموعات كان مؤشراً واضحاً على أزمة فنية حقيقية، أزمة بدأت مع اختيارات المدرب لوبيتيغي قبل أن تبدأ البطولة أصلاً، وتفاقمت مع كل دقيقة لعبها المنتخب بلا هوية وبلا روح وبلا حلول! من غير المفهوم إطلاقاً كيف يتجاهل مدرب العنابي أسماء خبرة صنعت حضور المنتخب في أكبر المناسبات! أين خوخي بوعلام و بيدرو؟ أين كريم بوضياف وحسن الهيدوس؟ أين بسام الراوي وأحمد سهيل؟ كيف يمكن الاستغناء عن أكثر اللاعبين قدرة على ضبط إيقاع الفريق وقراءة المباريات؟ هل يعقل أن تُستبعد هذه الركائز دفعة واحدة دون أي تفسير منطقي؟! الأغرب أن المنتخب لعب البطولة وكأنه فريق يُجرَّب لأول مرة، لا يعرف كيف يبني الهجمة، ولا يعرف كيف يدافع، ولا يعرف كيف يخرج بالكرة من مناطقه. ثلاث مباريات فقط كانت كفيلة بكشف حجم الفوضى: خمسة أهداف استقبلتها الشباك مقابل هدف يتيم سجله العنابي! هل هذا أداء منتخب يلعب على أرضه في بطولة يُفترض أن تكون مناسبة لتعزيز الثقة وإعادة بناء الهيبة؟! المؤلم أن المشكلة لم تكن في اللاعبين الشباب أنفسهم، بل في كيفية إدارتهم داخل الملعب. لوبيتيغي ظهر وكأنه غير قادر على استثمار طاقات عناصره، ولا يعرف متى يغيّر، وكيف يقرأ المباراة، ومتى يضغط، ومتى يدافع. أين أفكاره؟ أين أسلوبه؟ أين بصمته التي قيل إنها ستقود المنتخب إلى مرحلة جديدة؟! لم نرَ سوى ارتباك مستمر، وخيارات غريبة، وتبديلات بلا معنى، وخطوط مفككة لا يجمعها أي رابط فني. المنتخب بدا بلا تنظيم دفاعي على الإطلاق. تمريرات سهلة تخترق العمق، وأطراف تُترك بلا رقابة، وتمركز غائب عند كل هجمة. أما الهجوم، فقد كان حاضراً بالاسم فقط؛ لا حلول، لا جرأة، لا انتقال سريع، ولا لاعب قادر على صناعة الفارق. كيف يمكن لفريق بهذا الأداء أن ينافس؟ وكيف يمكن لجماهيره أن تثق بأنه يسير في الطريق الصحيح؟! الخروج من دور المجموعات ليس مجرد نتيجة سيئة، بل مؤشر مخيف! فهل يدرك الجهاز الفني حجم ما حدث؟ هل يستوعب لوبيتيغي أنه أضاع هوية منتخب بطل آسيا؟ وهل يتعلم من أخطاء اختياراته وإدارته؟ أم أننا سننتظر صدمة جديدة في استحقاقات أكبر؟! كلمة أخيرة: الأسئلة كثيرة، والإجابات حتى الآن غائبة، لكن من المؤكّد أن العنابي بحاجة إلى مراجعة عاجلة وحقيقية قبل أن تتكرر الخيبة مرة أخرى.
2241
| 10 ديسمبر 2025