كان قسيسا وأسلم، فله أجران كما قال نبي الإسلام، وبعد أن كان يدعو للضلال صار يدعو إلى الهدى والرشاد، فأسلم فهدى الله به كثيرا، لبشاشة وجهه، وحلاوة منطقه، وإخلاصه في تبليغ دعوة الإسلام، إنه يوسف إستس الذي يجوب البلاد طولا وعرضا، لينشر فيها دين الإسلام، مدفوعا بحديث النبي — صلى الله عليه وسلم —: (لأن يهدي الله بك رجلا واحدا خير لك من حمر النعم)، كان لي شرف اللقاء معه وإجراء الحوار الآتي: قرأت من سيرتك الذاتية أنك حاصل على ماجستير في الفنون، وكنت تبيع الأدوات الموسيقية ولك نشاط ملحوظ في الكنيسة، فكيف هداك الله للإسلام؟ هذا سؤال جيد، عندما كنت مسيحيا كنت قاسيا؛ لأني كنت أعتقد أن علي إنقاذ العالم، ونشر الرسالة، ما زلت غريب الأطوار بعض الشيء، فلا تفهمني خطأ، ولكن ليس بالدرجة التي كنت عليها في الماضي، ما وجدته وهذا شيء مهم، ما وجدته كان في الكتاب المقدس أولا، لأني قد اعتدت السفر مع كثير ممن يسمون بالمبشرين المسيحيين، بعض أولئك الذين سافرت معهم لم يكونوا يمثلون المسيحية الحقيقية، لكني سافرت معهم وتعلمت أنه لا يمكن الوثوق بهم، خاصة عندما يلتقطون الكتاب المقدس، ويقولون: قال الكتاب المقدس... قال الكتاب المقدس.. وكنت أقول لهم: الكتاب المقدس لا يقول ذلك، فيقولون: ومن يهتم طالما الناس يصدقون ذلك، وكان ذلك يزعجني كثير، لذا بدأت أقرأ وأدرس عدة نسخ للكتاب المقدس بترجمات مختلفة، ولم أجد تطابقا فيما بينها، فقلت: واضح أن الترجمة ليست النسخة الأصلية، لذا علي تعلم اللغة اليونانية الهلينيستية، كنت أعلم اللاتينية فقد درستها قبل ذلك، وكنت أعلم أن النسخة اللاتينية مجرد ترجمة عن اليونانية الهليتسيتية، فلما ذهبت لتعلم اليونانية وجدتها صعبة جدا، بسبب حروفها التي تسبب ارتباكا وتشوشا، ثم علمت بعد ذلك أن المسيح عليه السلام له من اللهجات الآرامية وهي من اللغات السامية، ولم يكن لديه مفتاح لمعرفتها، لذا بدأت أتعلم العبرية، وأثناء ذلك كان لدي كتاب مقدس فيه ترجمة ما بين السطور، فالترجمة الإنجليزية تحتها ما يقابلها الهليتسيتية، ويخبرك عن الكلمة وجذرها وموقعها من الكتاب المقدس، وفجأة اكتشفت اكتشافا كبيرا، إن هناك إقحامات كثيرة، فالكلمة لها معنى فينسخة ومعنى آخر في نسخة أخرى، وعليه فما ينسبه الناس للكتاب المقدس ليس صحيحا، وكثيرون يستطيعون قراءة القرآن بلغته الأصلية العربية، حتى وإن لم يتكلموا اللغة العربية، لكن كم واحد يستطيع أن يقرأ الإنجيل بلغته الأصلية الآرامية؟! لا يوجد كثير منهم. فكل مسلم على الأرض يقرأ القرآن بالعربية، ويعرف بدايته ونهايته، ومن السهل اكتشاف أي خطأ عند القراءة، وأنا أتحدث عن 1.6 مليار مسلم، وكثيرون يحفظون القرآن أما الإنجيل فلا يحفظه أحد، وقد استغرب مني جمهور في أمريكا عندما سألتهم كم واحد يحفظ الإنجيل؟ فالقرآن حفظه الله تعالى، وهذا موجود في القرآن، ولكني لم أنقله من القرآن، بل نقلته من الإنجيل في الإصحاح 23 آية 19والنص هو: "ليس الله إنسانا فيكذب، ولا ابن إنسان فيندم" وعندما قرأت ذلك قلت تمهل لحظة، إذا قيل هنا إن الله ليس ابن إنسان، فكيف يقال في العهد الجديد: إن الله ابن إنسان؟ كيف يكون إلها؟ ذهبت لأحد أصدقائي المبشرين وقلت له: انظر إلى هذه ما تقولون عنها؟ أتعلمون ماذا قال؟ قال تلك بحرف S كبيرة أما هذه فبحرف S صغيرة. والعربية والآرامية ليس فيها حروف صغيرة أو كبيرة. يعني ذلك أنه كذب مجددا. وقال لي إن النساخ كانوا يعملون على ضوء الشموع وكان ذلك مدعاة للخطأ بسبب صعوبة الرؤية، وكانوا يترجمون وهم يأكلون المكرونة الإيطالية، فسقطت المكرونة فرسمت حرف s على الورق وكانت الكلمة الأصلية وليست السيف، فالمسيح قال جئت بالكلمة، وهذا لا يستقيم لأن الكلمة في اللغة اليونانية تعني لوجوس، فكيف حولوا لوجوس إلى سيف بإسقاط المكرونة عليها، وكلما تحدثت معهم وجدت كذبا ثم كذبا، في النهاية لا أحب أن أكون في دين كله كذب في كذب. هذا فقط هو الذي أقنعك بالإسلام؟ ذلك لم يقنعني بالإسلام بعد، ولكن حين ينظف الإنسان قلبه من الشبهات والأكاذيب والأحكام المسبقة ثم يتوجه إلى الله أن يهديه فسيجد الصواب، وأنا فعلت ذلك، ثم أحسست بعدها برغبة في أن أضع رأسي على الأرض ثم فعلت ذلك، وقلت: "إلهي إن كنت موجودا فاهدني"، ولما رفعت رأسي أدركت شيئا، أدركت أن العيب فيّ أنا وليس في العالم، ومنذ ذلك الوقت أقول اهدنا الصراط المستقيم. ما الذي وجدته في الإسلام؟ وجدت خمس كلمات: الاستسلام والخضوع والطاعة والإخلاص والطمأنينة، وهي مرتبطة ببعضها وتحقق الهداية للإنسان كيف ترى دور قطر في الدعوة إلى الإسلام؟ قطر لها دور دعوي مهم، فعندها فنار ومركز ضيوف قطر وتقيم محاضرات وندوات وتقيم أنشطة تتعدى المحلية إلى كثير من دول العالم، وذلك دور ينبغي أن تزيد فيه؛ لأن عالمية الإسلام تقتضي ألا يجلس أحد في مكانه بل يكون نشيطا في الدعوة، والله قال لرسوله: (وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين)، فكل مسلم مطالب بأن يكون داعية للإسلام بأخلاقه أولا. ما رأيك في مشاهير الدعوة كأحمد ديدات وذاكر نايك؟ بعض الناس كأحمد ديدات — رحمه الله — وذاكر نايك، لديهم الذاكرة الكمبيوترية الهائلة، تمكنهم من تسجيل هذه الأمور في أدمغتهم، ولا أمتلك هذه الذاكرة، وقد سافرت مع ذاكر عدة مرات وأقول لك إنه يستطيع أن يستخدم هذه الذاكرة ببراعة ويستدعي مهاراته في أي وقت، وليس هذا موضوعنا.