استعرض جايسون باك، المذيع والمعلق السياسي والمؤلف لكتب متعلقة بشؤون الشرق الأوسط، أهمية التقارير حول الأدوار القطرية التي لعبتها في الفترة الأخيرة، ما يعكس موقعها الفريد في الشرق الأوسط، والذي تحول إلى مركز مؤثر عالمي، موضحاً أن قطر نجحت بمهارة في وضع نفسها كلاعب محوري في عالم تهيمن عليه الواقعية السياسية كما ترصد الصحف الأمريكية الكبرى، أنه ومن خلال الدبلوماسية الذكية، والتحالفات الإستراتيجية، لم تكتف قطر بحماية مصالحها فحسب، بل عززت أيضاً مكانتها في المنطقة، وفيما ظهرت في الآونة الأخيرة أنباء عن جهود للتفاوض على وقف جزئي لإطلاق النار بين روسيا وأوكرانيا، بوساطة قطر وعلى الرغم من اصطدامها بسبب التقدم الأوكراني في كورسك، روسيا، فإن مجرد احتمال قيام دولة قطر صغيرة المساحة والغنية بالموارد والعلاقات في الشرق الأوسط بدور في صراع جيوسياسي أوروبي هو شهادة على نفوذ قطر المتنامي، ومع ذلك، فإن هذه ليست أول محاولة للدوحة في التفاوض أو الوساطة في حل الأزمات، سواء داخل الشرق الأوسط أو خارجه، وباعتبارها حليفا حاسما لواشنطن، كانت قطر دائمًا في طليعة مبادرات الوساطة البارزة. ولفت باك إلى أن قطر ساعدت في الوساطة مع الولايات المتحدة وإسرائيل في التفاوض على وقف إطلاق نار مؤقت وتأمين صفقة مع حماس للعودة الآمنة لـ 116 رهينة إسرائيليًا تم احتجازهم في 7 أكتوبر الماضي، وفي عام 2020، برزت قطر كنقطة عبور رئيسية للنازحين بعد الانسحاب الأمريكي من أفغانستان، وفي عام 2023، سهلت قطر تبادلًا رفيع المستوى للسجناء مع إيران ولعبت دورا في إطلاق سراح الأطفال الأوكرانيين المحتجزين لدى روسيا. في عام 2022، خلال مفاوضات الدوحة للسلام، كما ترأست قطر توقيع اتفاقية سلام بين 42 جماعة متمردة وحكومة تشاد العسكرية، بهدف الحد من التطرف العنيف في منطقة الساحل. وعن الوساطة القطرية المهمة في غزة، فقد عزز انخراط قطر في الصراع الدائر بين إسرائيل وحماس سمعتها كوسيط ماهر في الشرق الأوسط، فمن التوسط في التوصل إلى وقف إطلاق نار مؤقت بين حماس وإسرائيل إلى تسهيل إطلاق سراح الرهائن الإسرائيليين وتمكين المساعدات الإنسانية إلى غزة في صفقة تم التوصل إليها بمساعدة فرنسا، واكتسبت الجهود الدبلوماسية التي تبذلها قطر أهمية متجددة، وفي أعقاب اغتيال إسماعيل هنية، زعيم الجناح السياسي لحركة حماس، على يد إسرائيل على الأراضي الإيرانية، والتهديد الوشيك بالرد من جانب طهران، تكثفت الجهود الدولية لتأمين وقف إطلاق النار، وبفضل تاريخها من الوساطة الفعالة في الصراعات التي تتراوح من لبنان في عام 2008 إلى غزة في عام 2012، تلعب قطر مرة أخرى دورا مهما في تشجيع الأطراف المتحاربة على استكشاف مسارات السلام، كما أن هناك العديد من العوامل التي تجعل قطر لاعباً قوياً في المفاوضات الدبلوماسية. وحسبما أشار جايسون باك، إلى أهمية الدور القطري الحيوي للغاية في المشهد السياسي الإقليمي، الذي يرى أن الظروف الحالية تمنح فرصة لعواصم صناعة القرار الغربية لإعادة نسج خريطة النفوذ في الشرق الأوسط بصورة تدفع لعملية سلام تأخذ من المعطيات القطرية المهمة في جهود الوساطة، ولكن بأدوار مختلفة وأكثر نفوذاً من ذي قبل، معتبراً أن قطر يجب أن تكون هي حجر الأساس في مسار إعادة صياغة التحالفات الإقليمية؛ لأنها تحتل مركز الدولة المحورية لكامل النظام الشرق أوسطي، فقطر هي الوحيدة التي يمكنها التحدث مع الجماعات السياسية المختلفة ولتلك المكانة المحورية تتم وساطة جميع صفقات إطلاق الرهائن حصرياً من خلال الدوحة، كم أن قطر تميزت بأنها تمارس نفوذها ليس من خلال القوة المادية، ولكن من خلال إتقان أدوات الدبلوماسية، كما يُنظر إلى جهودها في دعم الفلسطينيين بشكل إيجابي.

لم تخف كبرى الصحف الأمريكية، اليوم الأربعاء، مفاجأتها وصدمتها في آنٍ واحد من الفوز الساحق الذي أحرزه الملياردير، الجمهوري، دونالد ترمب، بالرئاسة عقب معركة انتخابية شرسة خاضها ضد وزيرة الخارجية السابقة، مرشحة الحزب الديمقراطي، هيلاري كلينتون. وبحسب مراسل وكالة الأناضول، قالت صحيفة "لوس انجلوس تايمز" في افتتاحيتة عددها الصادر اليوم، "كنا نأمل ألا نكتب افتتاحيةً عن انتخاب دونالد ترامب كرئيس للولايات المتحدة ولكن ها نحن نفعل ذلك الآن". واعتبرت الصحيفة التي كانت قد أعلنت في وقت سابق تأييدها لكلينتون أن انتخاب ترامب "لن يبدد مخاوفنا والملايين من الأمريكيين من مدى أهليته (ترامب) لهذه الوظيفة (الرئاسة)". ودعت الرئيس المنتخب إلى "السعي للتنسيق مع معارضيه لتحديد الأهداف المشتركة التي يمكن أن توحد البلاد والتقدم بها إلى الأمام". أما افتتاحية صحيفة "نيويورك تايمز" فقالت "الرئيس دونالد ترمب، ثلاث كلمات لم تخطر على بال الملايين من الأمريكيين، وأكثرية الناس في أنحاء العالم، لكنها أصبحت الآن مستقبل الولايات المتحدة". وأضافت "ما نعلمه عنه، هو أن السيد ترمب أكثر رئيس منتخب غير مهيأ في التاريخ المعاصر، ونعلم من أقواله وأفعاله بأنه أظهر نفسه كأكثر الرؤساء تقلباً للمزاج تجعله غير مؤهل لقيادة خليط من 320 مليون إنسان (عدد سكان الولايات المتحدة)". ولم تختلف افتتاحية "واشنطن بوست" عن زميلاتها من الصحف المؤثرة في مصادر القرار بالعاصمة الأمريكية، فقد كتبت هيئة تحريرها "تم انتخاب دونالد ترامب الرئيس الـ45 للولايات المتحدة يوم الثلاثاء، كنا نأمل ألا نكتب ابداً هذه الكلمات". ودعت الصحيفة المواطنين الأمريكيين إلى "قبول حكم الناخبين والعمل من أجل أفضل النتائج لصالح بلادنا والعالم". وتابعت "نأمل أن يكون ترامب رئيساً أفضل مما نخشاه وأن ندعمه عندما يفعل ماهو صحيح". وأوضحت الصحيفة "نأمل أن يفهم ترامب أن نظام الحكم الأمريكي ليس مسألة تخضع لشخص واحد، فهو لن يستطيع لوحده إصلاحه، وإن قوى المكتب البيضاوي ليست موجودة لمعاقبة أعداءه". وفاز المرشح الجمهوري، ترامب، برئاسة الولايات المتحدة الأمريكية، بعد حصوله على 276 صوتًا من المجمع الانتخابي، مقابل 218 لصالح كلينتون، بحسب نتائج أولية الثلاثاء.‎