أوضح فضيلة الشيخ د. ثقيل الشمري أن صلة الأرحام واجب من واجبات الدين، به تقوى المودة وتزداد المحبة وتشتد عرى القرابة وتزول العداوة والبغضاء، وقد حض الله سبحانه وتعالى على بر الوالدين وصلة الأرحام، فقال واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيبا، وقال وآت ذا القربى حقه، وقال: واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا وبالوالدين إحسانا وبذي القربى، روى أبو داوود والترمذي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال فيما يرويه عن ربه عز وجل، قال الله تعالى أنا الله وأنا الرحمن خلقت الرحم وشققت لها اسما من اسمي، فمن وصلها وصلته، ومن قطعها قطعته أو قال بتته عقوق الوالدين عظيم وحذر النبي صلى الله عليه وسلم من عقوق الوالدين بل قرنه مع الشرك في عظم الذنب والقبح، قال صلى الله عليه وسلم ألا أنبئكم بأكبر الكبائر؟ - أي أكبر الذنوب العظيمة عند الله - قالوا بلى يا رسول الله، قال الإشراك بالله وعقوق الوالدين.. إلى آخر ما جاء في الحديث، وهذا يدل على أن عقوق الوالدين من الذنوب العظيمة القبيحة ولهذا قال صلى الله عليه وسلم في الحديث الآخر رغم أنفه، يكررها ثلاثا رغم أنفه، رغم أنفه، رغم أنفه، قيل من يا رسول الله؟ يتساءل الحاضرون عند النبي صلى الله عليه وسلم من هذا الذي تدعو عليه بأن يلتصق أنفه بالتراب، الرغام هو التراب؟ رغم أنفه يدعو عليه، أو يخبر عن حاله أنه سيكون حقيرا ذليلا، قيل من يا رسول الله؟ قال من أدرك والديه أحدهما أو كليهما عند الكبر ولم يدخل الجنة، كأنه موسم لك أيها الابن البار بوالديه تضيعه وتخسر عندما لا تبرهما أو أحدهما. عواقب صلة الأرحام وأكد الخطيب ان بر الوالدين وصلة الأرحام له عواقب حميدة على البار، وله عواقب وخيمة على العاق، فمن عواقبه الحميدة أن البر من الإيمان، ولا يتصف بالبر إلا المؤمن كامل الإيمان، قال صلى الله عليه وسلم من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليصل رحمه، ومن عواقب البر الحميدة أنه سبب للبركة في العمر والبركة في الرزق يقول صلى الله عليه وسلم من أحب أن يبسط له في رزقه - أي يوسع له فيه ويبارك له فيه – وينسأ له في أثره - أن يبارك في عمره- فليصل رحمه، وصلة الرحم من الصلة بالله عز وجل، قالت عائشة رضي الله عنها قال النبي صلى الله عليه وسلم الرحم متعلقة بالعرش تقول من وصلني وصله الله ومن قطعني قطعه الله، فالواصل موصول من الله، والقاطع مقطوع عن الله وعن الرحمة وعن كل خير، من وصلني وصله الله، ومن قطعني قطعه الله. وذكر الشيخ ثقيل الشمري أن صلة الأرحام من الأخلاق الحميدة التي كان يتصف بها النبي صلى الله عليه وسلم ويأمر بها، وكان كفار قريش عندما يذكرون من أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم كما ذكر أبو سفيان لملك الروم أن من صفاته صلى الله عليه وسلم، أنه كان يأمر بصلة الرحم.

أوضح الشيخ د. ثقيل ساير الشمري أن طبيعة الإنسان والنفس البشرية مجبولة على النقص والتقصير، ولما كان الذنب والخطأ من لوازم النقص البشري كان من فضل الله سبحانه وتعالى وحكمته ورحمته بعباده أن شرع لهم من الأعمال ما يكفر بها عن ذنوبهم، ويتجاوز بها عن سيئاتهم إذا أخلصوا لله عز وجل وحده ولم يشركوا به شيئا، لأن الله لا يغفر أن يشرك به «إنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَٰلِكَ لِمَن يَشَاءُ وَمَن يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرَىٰ إِثْمًا عَظِيمًا». وأوضح الخطيب في خطبة الجمعة بجامع الإمام محمد بن عبدالوهاب أن مكفرات الذنوب كثيرة، جعلها الله سبحانه وتعالى أسبابا يسلكها العبد المؤمن في الطريق إلى الله عز وجل ومن هذه المكفرات التوبة الصادقة «وتوبوا إلى الله جميعا أيها المؤمنون لعلكم تفلحون». إسباغ الوضوء وقال: من مكفرات الذنوب الوضوء، يقول النبي صلى الله عليه وسلم «ألا أدلكم على ما يمحو الله به الخطايا ويرفع به الدرجات؟ قالوا بلى يا رسول الله، قال إسباغ الوضوء على المكاره»، إسباغ الوضوء أي غسل الأعضاء، الغسل الذي يعممها ولا يجعل أجزاء منها غير مغسولة، إسباغ الوضوء على المكاره، والمكاره التي يكرهها الإنسان لأسباب إما لشدة برد أو لشدة حر أو لمرض أو لعجز أو أي سبب من الأسباب، «إسباغ الوضوء على المكاره وكثرة الخطى إلى المساجد وانتظار الصلاة بعد الصلاة فذلكم الرباط فذلكم الرباط». وزاد القول: وفي الصحيحين من حديث عثمان بن عفان رضي الله عنه أنه توضأ يوما ثم قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم توضأ نحو وضوئي هذا ثم قال من توضأ نحو وضوئي هذا ثم صلى ركعتين لله لا يحدث فيهما نفسه أو قال لا يسهو فيهما غفر له ما تقدم من ذنبه». وأشار إلى الحديث: يقول صلى الله عليه وسلم «من أحسن الوضوء ثم أتى إلى الجمعة واستمع وأنصت غفر له ما بينه وبين الجمعة وزيادة ثلاثة أيام»، كل ذلك من فضل الله عز وجل على عباده المؤمنين العابدين الذين يقصدون الله سبحانه وتعالى طلبا للعفو والمغفرة. الاستغفار يكفر السيئات وأضاف الخطيب: ومن مكفرات الذنوب الاستغفار «ومن يعمل سوءا أو يظلم نفسه ثم يستغفر الله يجد الله غفورا رحيما»، ويقول تعالى: «وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ»، ويقول سبحانه «وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَن يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَىٰ مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ». وذكر الشيخ د. ثقيل الشمري أن من مكفرات الذنوب كذلك فعل الحسنات والأعمال الصالحات يفعلها العبد المؤمن ابتغاء وجه الله عز وجل فيمحو الله عنه ذنوبه، «وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِّنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَٰلِكَ ذِكْرَىٰ لِلذَّاكِرِينَ»، ويقول صلى الله عليه وسلم «اتق الله حيثما كنت وأتبع السيئة الحسنة تمحها وخالق الناس بخلق حسن»، وجاء في الحديث الآخر «الصلوات الخمس والجمعة إلى الجمعة ورمضان إلى رمضان مكفرات لما بينهن إذا اجتنبت الكبائر والصدقة تطفئ الخطيئة كما يطفئ الماء النار». وأردف: ومن مكفرات الذنوب، عباد الله، ما يصيب المؤمن من ابتلاء ومصائب يصبر عليها ويحتسبها عند الله عز وجل، فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال «ما يصيب المؤمن من نصب - والنصب هو التعب - ولا وصب - والوصب هو المرض أو الألم الشديد - ولا هم ولا حزن ولا غم ولا أذى حتى الشوكة يشاكها إلا كفر الله بها من خطاياه»، هذه مكفرات تكفر الذنوب الابتلاء والمصائب والهموم كلها تكفر الذنوب والسيئات. ولفت الخطيب أن من مكفرات الذنوب شفاعة النبي صلى الله عليه وسلم، النبي عليه الصلاة والسلام الرحيم بأمته له شفاعة عظمى، وشفاعته يوم القيامة، يقول صلى الله عليه وسلم «شفاعتي لأهل الكبائر من أمتي»، نسأل الله سبحانه وتعالى أن يجعلنا من أتباعه صلى الله عليه وسلم ومن المحبين له والسائرين على نهجه.

قال فضيلة الشيخ د. ثقيل ساير الشمري إن في مضي الليالي والأيام عبرة وعظة للمتقين، قال تعالى وهو الذي جعل الليل والنهار خلفة لمن أراد أن يذكر أو اراد شكورا. وقال في خطبة الجمعة بجامع الإمام محمد بن عبدالوهاب إن صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم اغتنموا اوقاتهم وأخبرنا الله عز وجل بشيء من أعمالهم فقال محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم تراهم ركعا سجدا يبتغون فضلا من الله ورضوانا سيماهم في وجوههم من أثر السجود. وأكد أنهم اغتنموا أوقاتهم والذين عملوا من أجل نفع أنفسهم ونفع دينهم ونفع أمتهم، لنا أن نقتدي بهم وأيام الأعمار معدودة، يقول ابن عمر رضي الله عنه أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بمنكبي وقال كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل أي تزود من هذه الدنيا كما يتزود المسافر والغريب في مكان غربته، لا يهتم إلا بإصلاح شأنه، وما يعود به لنفسه ولغيره من منفعة. وأضاف: ولهذا كان يقول ابن عمر إذا أمسيت فلا تنتظر الصباح وإذا أصبحت فلا تنتظر المساء، وخذ من صحتك لمرضك ومن حياتك لموتك. الوقت هو الحياة وقال إن إدراك الإنسان لقيمة وقته إدراك لوجوده وإنسانيته ووظيفته في هذه الحياة الدنيا أغلى ما يملكه الإنسان، عده النبي صلى الله عليه وسلم من النعم، فقال نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس الصحة والفراغ هذه من نعم الله سبحانه وتعالى على عباده، إذا استغلها المؤمن بما ينفع نفسه وينفع دينه وأمته ووطنه، نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس الصحة والفراغ، ولهذا كان من الأوقات التي ينتفع بها المؤمن التي يستفيد منها ويستغلها يعود بالمنفعة عليه، والوقت أنفس ما عنيت بحفظه وأراه أسهل ما عليك يضيع. إضاعة الوقت ندامة وأكد الشيخ ثقيل الشمري أن أعظم الإضاعة إضاعتان، إضاعة القلب وإضاعة الوقت، إضاعة القلب إيثار الدنيا على الآخرة وإضاعة الوقت من طول الأمل، وقد نسينا من الأيام أطولها يوم الحساب ويوم العرض والكرب. إن الوقت له قيمة عند المؤمن، فالله سبحانه وتعالى قد أقسم بالوقت أو بجزء منه فقال تعالى والعصر إن الإنسان لفي خسر وقال تعالى والليل إذ أدبر والصبح إذا أسفر وقال والليل إذا عسعس والصبح إذا تنفس وغير ذلك من الآيات في هذا المجال. تحديد مواعيد العبادة بيان لأهمية الوقت وذكر الخطيب أن الله سبحانه وتعالى يبين لنا ويقسم بهذه المخلوقات دليل على أهمية ذلك الوقت، فالوقت والعبادات في الإسلام محددة بأوقات محددة ومعلومة وهذا فيه بيان لأهمية الوقت في حياة المسلم وأعظم هذه العبادات الصلوات الخمس التي قال الله فيها إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا وكذلك الزكاة لها وقت معلوم وحول معلوم وكذلك الصيام فمن شهد منكم الشهر فليصمه وكذلك الحج الحج أشهر معلومات وكذلك الأذكار في الصباح والمساء وفي كل وقت فسبحان الله حين تمسون وحين تصبحون وله الحمد في السماوات والأرض وعشيا وحين تظهرون. ونوه الشيخ ثقيل الشمري بأن أعمالنا وأفعالنا محسوبة علينا في كل وقت ولهذا يجب علينا ألا نفرط في أوقاتنا فيما لا ينفعنا ولا ينفع أمتنا لا في ديننا ولا في دنيانا، فعلينا بالعمل لأن الإنسان سيسأل وسيحاسب على ذلك يقول النبي صلى الله عليه وسلم لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن أربع ومن هذه الأربع عن عمره فيما أفناه.

أوضح فضيلة الشيخ د. ثقيل بن ساير الشمري في خطبة الجمعة بجامع الأمام محمد بن عبدالوهاب أن الذي يكتم النعمة وهي عنده ويعرف الناس أنها عنده ويدعي الفقر والحاجة فإن هذا هو أسلوب البخيل الشحيح، الذي لا يريد أن يأتيه السائلون والمحتاجون، ولا يريد أن يدفع الصدقات الواجبة عليه، وهذا أسلوب من الذين يبخلون وهذا لا يحدّث بنعمة الله، والمطلوب أن يحدث بنعمة الله، ونعمة الله قد تكون دينية وقد تكون دنيوية، فيتحدث بها إذا تحققت وحصلت فيحمد الله عليها سبحانه وتعالى، وهذا من باب الشكر لله سبحانه وتعالى، إلا غزوة تبوك كما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم في حديث كعب إلا غزوة تبوك فإنه جلّاها للمسلمين وغزوة تبوك غزوة مشهورة معروفة يعرفها الجميع حدثت في الصيف في اشتداد الحر، وفي طيب الثمار في المدينة والمسافة بعيدة فأراد النبي صلى الله عليه وسلم أن يبين للمسلمين الجهة التي يذهبون إليها حتى يستعدوا بالمؤونة والمراكب والسلاح وغير ذلك، فإنه جلّاها، وهذا دليل على أنه إذا تحققت المصلحة فالإنسان لا يكتم الحاجة، يبين الحاجة، أما إذا كان هناك مصلحة في كتمانها فإنه يكتمها. وقال الشيخ د. ثقيل الشمري: لكن عند المصلحة، المصلحة إذا تحققت فإنه ينبغي كتمان ذلك الأمر، وأما إذا كان المصلحة في إعلانها وقد يحتاج الإنسان في كثير من أموره إلى المشاورة وإلى إعلام صديق أو أخ أو خبير أو حكيم يسأله عن أمر من الأمور سواء كانت أموره المالية أو الاقتصادية أو العلمية أو أي أمر من أموره الأسرية والحياة كلها يحتاج إلى من يستشيره ويعلمه الأمر. وأضاف: الإنسان يحتاج إلى الإنسان في كثير من هذه الأمور فيصرح بحاجته إليه وهذا لا بأس به وأمر مطلوب، فالنبي صلى الله عليه وسلم كانت حاله كذلك، ورد في الصحيح من حديث كعب بن مالك رضي الله عنه قال: أراد النبي صلى الله عليه وسلم غزوة ورّى بغيرها، أي عرّض بغيرها، إذا أراد غزوة عرّض بغيرها إلا غزوة تبوك فإنه جلّاها للمسلمين، جلاّها أي وضحها وبين المقصود من هذه الغزوة، كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا أراد أن يغزو مكانا أو قبيلة أو حيا أو قوما من أعدائه الذين يكيدون له ورّى بجهة غير التي هم فيها، كأن يكونوا مثلا في الجنوب ويذكر أمرا في الشمال، أو في الشرق ويذكر أمرا في الغرب، يقول ماذا في هذا الطريق الذي يتجه شرقا وهو يريد الغرب مثلا، ماذا في هذا الطريق الذي يتجه شرقا، ماذا فيه من المنازل والمياه وهل فيه من الوعورة وهل فيه من المنازل والمحطات وغيرها، فيفهم السامع الذي قد يتجسس وينقل كلاما أن محمدا صلى الله عليه وسلم يريد أن يذهب إلى جهة كذا، فيورّي بغيرها. وأردف الخطيب: ولكنه صلى الله عليه وسلم لا يصرح بأن يقول سنذهب إلى كذا ويتجه إلى غيرها، وهذا كذب وحاشاه صلى الله عليه وسلم من الكذب، وإن في المعاريض لمندوحة عن الكذب، فيعرّض بغيرها وأصحاب الحاجات كذلك إذا وجدت المصلحة فيعرّض بغيرها إذا كان يُسأل الإنسان عن أمر من أموره أو أي شأن من شأنه فيأتي بكلام يناسب الحال، لكن لا يصرح وليس مطلوبا منه ذلك، أما إذا كان الأمر يحتاج إلى تصريح بعد حصول الحاجة وتحققها وحصول النعمة فإنه مطلوب منه أن يبين فضل الله عليه، وأما بنعمة ربك فحدث، والتحديث بنعمة الله داع لشكرها وموجب لتحبيب القلوب إلى من أنعم بها وهذا بيان لفضل الله سبحانه وتعالى.

قال فضيلة الشيخ د. ثقيل بن ساير الشمري إن الدين جاء كاملا: اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي قال الإمام مالك رحمه الله من أحدث في هذا الأمر شيء لم يكن على سلف هذه الأمة فقد زعم أن محمدا صلى الله عليه وسلم قد خان الدين، ذلك أن الله يقول: اليوم أكملت لكم دينكم، وما لم يكن دينا يومئذ لم يكن اليوم دينا. وأوضح في خطبة الجمعة بجامع الأمام محمد بن عبد الوهاب أنه: جاء رهط إلى بيوت رسول الله صلى الله عليه وسلم يسألون عن عبادته فأخبروا بها فتبين لهم أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي وكان يصوم وكان ينام وكان يشتغل في بيته وفي خاصة نفسه، فتقالوا أعمال النبي صلى الله عليه وسلم من حيث العبادة وقالوا: مع أنهم كانوا في نية حسنة قالوا النبي صلى الله عليه وسلم غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر وأين نحن من ذلك؟ فقالوا ما قالوا الذي يريد أن يصوم ولا يفطر والذي يقوم ولا ينام والذي لا يتزوج وكذا، فعلم النبي صلى الله عليه وسلم بذلك فحمد الله وأثنى على الله وقال: والله إني لأتقاكم لله وأخشاكم له فمن رغب عن سنتي فليس مني. تحذير من البدع واضاف: يتبرأ النبي صلى الله عليه وسلم من كل فرد لا يتبع سنة النبي صلى الله عليه وسلم ويرغب عنها، وفي حديث جابر رضي الله عنه، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في خطبته محذرا عن البدع وعن الأمور المحدثة وبيان ما في كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم من الخير: إن أصدق الحديث كتاب الله وأحسن الهدي هدي محمد وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار. وأضاف الخطيب: وفي حديث عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من أحدث في أمرنا هذا – أي في أمور الدين والعبادة – ما ليس منه فهو ردّ – أي مردود على صاحبه- وفي هذا إبطال لكل المحدثات في الدين، ما لم يكن له دليل من كتاب وسنة، ومن سنة الخلفاء الراشدين، ذلك أن المحدثات في الدين سبب من أسباب تفرق الأمة، عن العرباض بن سارية رضي الله عنه قال: صليت ذات يوم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم أقبل إلينا أي بعد الصلاة ووعظنا موعظة ذرفت منها العيون ووجلت منها القلوب، قال أحدهم يا رسول الله كأنها موعظة مودع فماذا تعهد إلينا، والمراد بالعهد هنا الوصية، قال: أوصيكم بتقوى الله والسمع والطاعة إن عبدا حبشيا.... التمسك بالسُّنة يوحد المسلمين أكد الخطيب أن في السمع والطاعة وحدة الأمة وجمع الكلمة وعدم الافتراق وقوة الدين واتحاد المسلمين باجتماع على إمام لهم، وإن عبدا حبشيا، ومن يعش بعدي سيرى اختلافا كثيرا فبين لهم النبي صلى الله عليه وسلم ماذا يفعلون عند وجود هذا الاختلاف فقال: عليكم بسنتي – أي التزموها وتمسكوا بها- وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي تمسكوا بها – وهذا من باب التأكيد في التزام السنة – تمسكوا بها وأكدها زيادة على ذلك بقوله وعضوا عليها بالنواجذ – والنواجذ هي الأضراس الخلفية والإمساك بها يكون أقوى من الأسنان الأمامية – دليل على التمسك بالأمر بقوة، وكما يقولون في الأمثال إذا أراد أن ينجز أمرا عض عليه بناجذه أي تمسك به بقوة، تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ، ثم حذرهم بقوله بأسلوب التحذير، وإياكم ومحدثات الأمور – أي البدع التي تحصل في الدين ليس لها دليل من كتاب الله ولا من سنة رسول الله وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة – إبطال لجميع المحدثات والنبي صلى الله عليه وسلم قال بلفظ عام بل أقوى لفظ بهذه الوصية.

حث فضيلة الشيخ الدكتور ثقيل بن ساير الشمري المسلمين على تقوى الله تعالى حق التقوى وأن يستمسكوا من الإسلام بالعروة الوثقى. وقال خلال خطبة الجمعة التي ألقاها بجامع الإمام محمد بن عبدالوهاب في خطبة تضمنت معاني وداع رمضان الفضيل: إن الله سبحانه وتعالى جعل هذا الشهر العظيم شهراً للطاعة والعبادة فمن استغله واستثمره، فإنه يكون يوم الجوائز من الفائزين، وليس المقصود من الصيام فقط الإمساك عن الطعام والشراب وسائر المفطرات من طلوع الفجر إلى غروب الشمس، وإنما المقصود الأعظم هو تحقيق التقوى وهو ما يقوم في النفس والقلب ويحصل به من الخضوع وكمال العبودية لله، والانقياد لأمر الله يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون. وقال: إن الله سبحانه وتعالى لا ينظر إلى ألوان الناس ولا إلى أشكالهم ولكن ينظر إلى قلوبهم وأعمالهم، الله سبحانه وتعالى طلب منا الاستقامة على أمره وعلى عبادته، عن سفيان ابن عبدالله قال: قلت يا رسول الله: قل لي في الإسلام قولاً لا أسأل عنه أحداً غيرك، قال: قل: آمنت بالله ثم استقم، والله تعالى يقول: إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون. المطيع لا يحزن وأكد الشيخ ثقيل الشمري أنه من استقام على طاعة الله وتوحيده وأمره فإنه محروم من الخوف ومن الحزن، الذي أطاع الله في رمضان وعبد الله في رمضان، نقول: يا عبدالله إذا كنت في رمضان براً تقيا فلا تكن في الفطر جبارا شقيا، والله سبحانه وتعالى يقول في الحديث القدسي يا عبادي إنما هي أعمالكم أحصيها لكم ثم أوفيها لكم فمن وجد خيرا فليحمد الله ومن وجد غير ذلك فلا يلومن إلا نفسه، صعد النبي صلى الله عليه وسلم المنبر يوماً فقال: آمين آمين آمين يكررها ثلاث مرات، قالوا علام أمنت يا رسول الله، قال أتاني جبريل عليه السلام فقال: رغم أنف امرئ وهي دعوة عليه بالذل والهوان، رغم أنف امرئ دخل عليه شهر رمضان ثم خرج ولم يغفر له، فأدخله الله النار وأبعده فيها قل آمين فقلت آمين، هذا حال من يخسر في الموسم بموسم الطاعة والعبادة، تكون نتيجة الأعمال الخسران والعياذ بالله، لكن الذين استفادوا من الصيام ومن مدرسة الصيام وهم يودعون هذا الشهر العظيم يسألون الله سبحانه وتعالى أن يتقبل منهم طاعاتهم وصالح أعمالهم فإن الله سبحانه وتعالى يتقبل من المتقين، هذا الشهر الذي نودعه اليوم وتوشك أيامه على الرحيل فمن فرط فيه فعليه أن يغتنم ما تبقى من أيامه ولياليه، فإن العبرة بخواتيم الأعمال فعليه أن يستدرك وأن يتوب إلى الله وأن يحسن في أيامه ولياليه الباقية، نسأل الله سبحانه وتعالى أن يتقبل منا صالح الأعمال. دعوة للإحساس ببقية المسلمين وذكر الخطيب أن كل ضيف عزيز وكل ضيف على القلوب حبيب إذا ودعته فإنك تحزن لفراقه وتتمنى أن يطول مكثه فكيف برمضان شهر البركات الذي تكفر فيه الذنوب وتغفر فيه السيئات وترفع فيه الدرجات فاغتنموا ما تبقى منه فإن الله سبحانه يتوب على من تاب، ونحن في هذه الجمعة المباركة وفي هذا اليوم المبارك الذي نذكر بتوديع هذا الشهر العظيم علينا أن نتذكر إخوانا لنا في بقاع الأرض قد مسهم كثير من الأمور من التمييز والاستفزاز وغير ذلك من الاعتداء عليهم من أجل دينهم لأنهم متمسكون بدينهم، فأهل الأقصى يلاقون ما يلاقون من عدو غاصب وعدو ظالم يمنع المسلمين من الصلاة في أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين، وهناك من يُمنعون من ممارسة أعمالهم وديانتهم تحت مسميات باطلة، إما حرية كاذبة أو ديمقراطية كاذبة أو علمانية متطرفة، يؤذون المسلمون تحت هذه المسميات، ونحن نتذكرهم في هذا اليوم، نسأل الله سبحانه وتعالى أن يثبتهم على الحق وأن ينصرهم على من ظلمهم.