مع حلول العشر الأواخر في رمضان، يخصص المغاربة وقتا غير معتاد من أجل قراءة القرآن الكريم وذكر الله والاستغفار والتسبيح، والصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم. ومع بداية العشر الأواخر من الشهر الفضيل، تفيض المساجد بالمصلين من كل الأعمار، ويصبح من الصعب أن يجد كثيرون مكانا داخل المسجد، حيث تمتلئ جنبات الشارع بصفوف المصلين وتتوقف حركات المرور في الشوارع القريبة من المساجد. وفي العادة، تنظم في المساجد بجميع أنحاء المغرب، بعد كل صلاة ظهر مباشرة، حلقات الدروس، في حين يجتمع المصلون بعد صلاة العصر لقراءة القرآن الكريم بشكل جماعي، وهي ظاهرة تكاد تختص بها المساجد في المغرب. بمدينة الدار البيضاء، العاصمة الاقتصادية للمغرب، يوجد مسجد الحسن الثاني، المنارة الدينية الأصيلة المتأصلة، ثالث أكبر مساجد العالم بعد الحرمين الشريفين، والذي يستقبل مع قرب رحيل شهر الصيام، 250 ألفا من المصلين خلال صلاتي العشاء والتراويح. وتتوسط هذا المعلم، قاعة الصلاة الجزء الأكثر إثارة للإعجاب بهندستها التقليدية، إذ تبلغ مساحتها 20 ألف متر مربع وعلوها 60 مترا. ويفد المصلون إلى مسجد الحسن الثاني من مختلف الأعمار شبابا وشيوخا وأطفالا، ونساء، من مختلف المدن المغربية، بل هناك من يتناول إفطاره في المسجد حتى يتمكن من الصلاة قريبا من الإمام، وذلك رغبة منه في الاستمتاع بالأجواء الروحانية، والتمتع بالطريقة المغربية في ترتيل القرآن الكريم. ويوفر هذا المسجد، المتميز بإبداعاته الفنية المعمارية المغربية، أجواء روحانية متميزة، تعكسها أساسا، أصوات الفقهاء الذين يؤمون صلاة التراويح في هذا الشهر الفضيل، والمكانة الرفيعة لهذا المعلم وإشعاعه وطنيا وعربيا ودوليا. وسعيا منها لضمان راحة المصلين لأداء شعائرهم الدينية خاصة صلاة التراويح في أحسن الظروف، حرصت إدارة المسجد على إعداد وتوفير الصوت في كل أماكن وأرجاء المسجد وذلك بتجهيز باحته بما يفوق 60 مكبر صوت عالي الجودة وكاشفات الضوء، مع إحداث ممرات بحواجز حديدية لتيسير عملية التنقل في فضاء المسجد، وكذا لتسهيل تدخلات الوقاية المدنية وتحرك سيارات الإسعاف عند الضرورة.