تختتم غدا بمسرح قطر الوطني شهد مسرح قطر الوطني مساء أمس انطلاق عروض مسرحية الكندري بطولة وتأليف وإخراج الفنان القدير صالح المناعي، وتتواصل حتى يوم غد، في مغامرة مسرحية جديدة يخوضها المناعي بعد غياب عن التمثيل دام ما يقرب من ثلاثين عاما، قضاها في الكتابة والإخراج، وهاهو اليوم يعود ليبوح للجمهور بعشقه الجنوني للخشبة، ويؤكد لعشاق الفن الرابع أن عطاء الفنان لا يتوقف بل يتجدد. العمل مونودراما اجتماعية، يربط الحاضر بالماضي، ويعيد إلى الأذهان شخصية جميلة عاشت في الخمسينات والستينيات. دخل بيوت الناس فألفها، وألفته، حتى صار جزءا من حياتهم ومعيشهم اليومي، ونجح الفنان صالح المناعي في تجسيد الشخصية من خلال الاختيار الموفق للملابس التي كانت متجانسة مع الإطار الزماني للمسرحية، ومن خلال الأداء الذي أتقنه المناعي بحرفية عالية. أما عناصر الفرجة الأخرى فكانت متناسقة، وأدت الغرض. استطاعت المسرحية أن تخلق لدى الجمهور حالة من الحنين إلى الماضي الذي يحيل إلى قيمة الترابط بين الناس، فبائع المال الذي كان يروي عطش البشر، كان إلى جانب ذلك حافظا لأسرار البيوت والعائلات، وكأن المناعي بهذه المسرحية أراد أن يكرم الكندري وكأننا أمام لمسة وفاء لهذه الشخصية المتجذرة في الذاكرة الجمعية. تقوم المسرحية على إسقاطات سياسية وتاريخية مكثفة، وهي إلى جانب ذلك ناقوس خطر يدقه الفنان صالح المناعي للإشارة إلى حالة التشرذم والانشقاق التي استشرت في محيطنا الاقليمي والعربي. كما أنها ترمز بصورة عكسية إلى العطش الروحي الذي تعاني منه الأمة، فالمسرحية وإن كان منطلقها شخصية شعبية محلية، إلا أن أصولها مترامية الأطراف، حيث لا يخلو مجتمع عربي من وجودها في حقبة زمنية معينة، وإن اختلفت التسمية من بلد إلى آخر، ما يؤكد انفتاح العمل على محيطه العربي والانساني.

تنطلق اليوم بمسرح قطر الوطني، أول عروض مسرحية الممثل الواحد الكندري للفنان القدير صالح المناعي، الذي يعود إلى التمثيل بعد انقطاع ناهز ثلاثين عاما، في تجربة جديدة من بين تجارب عديدة خاضها المناعي طيلة مشواره الفني، وتتواصل العروض حتى يوم السبت القادم. كان مركز شؤون المسرح أقام مؤتمرا صحفيا، بحضور كل من الفنان صلاح الملا مدير المركز، والفنان صالح المناعي، وسط غياب وسائل الإعلام. وتم خلال المؤتمر الإعلان عن تفاصيل العرض المسرحي. قال صلاح الملا: قليلون من يمتلكون موهبة التمثيل والتأليف والإخراج، والفنان صالح المناعي واحد من هؤلاء، الذي يعود إلى التمثيل بعد غياب دام ثلاثين سنة. مضيفا: قدم الأخ صالح العديد من النصوص لم يتم الموافقة عليها من قبل إدارة الرقابة على النصوص المسرحية، ومع ذلك لم يقم الدنيا ويقعدها، والرجل مستمر ويجتهد ويثابر، والنتيجة أنه تم إجازة نص الكندري. وأشاد الملا بالجهود الذاتية التي بذلها المناعي في هذا العمل، والوصول به إلى عدد من المهرجانات في الكويت وسلطنة عمان. ودعا الفنان صلاح الملا جميع المسرحيين والمهتمين لمشاهدة العرض المسرحي اليوم وغدا وبعد غد، مؤكدا أن العمل قريب من الجمهور، وهو تجربة جديدة يخوضها الفنان صالح المناعي، تستحق المشاهدة. من جانبه، قال الفنان صالح المناعي: صحيح أنني توقفت فترة طويلة عن التمثيل، لكني لم أتوقف عن الكتابة، سواء للمسرح من خلال فرقة الوطن المسرحية، ومنها ماهو لفرق أخرى، أو للإذاعة.. وعندي أكثر من نص سيرى النور. وتحدث المناعي عن المسرحية قائلا: تقوم المونودراما على شخصية الكندري، وهي شخصية عاشت في الخمسينيات وستينيات القرن الماضي، وهو من ينقل الماء أو الحياة إلى الأهالي، وهو حافظ أسرار العائلات، ونحن في نفس الوقت نأمن لهذه الشخصية. من هنا اخترت هذه الشخصية لأنقل الماضي وما وصلنا إليه في السنوات الأخيرة من تغير في العادات والنفوس والأحوال. وتوجه المناعي بالشكر لمركز شؤون المسرح على الدعم والاهتمام. وأضاف: كان يفترض أن يقوم بالشخصية الفنان محمد الملا، لكنه اعتذر لظروف خاصة، ولظروف أخرى تتمثل في إيجاد الممثل المناسب لكي تنقل صورة الكندري للجمهور، أخذني الحماس لطبيعة الدور، والعودة إلى التمثيل من خلال هذه المسرحية. شكل مسرحي وفي سؤال لـ (الشرق) حول العودة إلى التمثيل بعد انقطاع أكثر من ربع قرن، وما إذا كان العمل مغامرة نظرا لعدم تعود الجمهور القطري على مسرحية الممثل الواحد، قال الفنان صالح المناعي: إذا كان الجمهور غير متعود على هذا النوع من الأعمال، فعلينا أن نجعله يتعود على ذلك، وعلى كل الأشكال المسرحية لأنها في نهاية الأمر تؤدي رسالة. وتابع: الفنان مطالب بالاستمرارية دائما، وكوني مارست التمثيل، ودرسته، وهو مجال تخصصي، قد تكون هناك صعوبة في لياقة الجسم التي تحتاج إلى تمارين، لكني حاولت بقدر المستطاع أن أتأقلم مع العمل، ولفت المناعي إلى أن الأداء في دمه وروحه لم تخفت يوما، معربا عن أمله في أن ينال العمل إعجاب الجمهور.