رياضة

415

"دوري أبطال أوروبا".. متنفس شباب غزة المحاصرين

لن يكون ليل غزة هادئا هذا المساء، كما هو الحال في سائر الأيام، فضجيج وصراخ مئات المتوافدين على المقاهي، لمتابعة مباريات تصفيات دوري أبطال أوروبا لعام 2014، يُحوّل عتمة المدينة إلى نهار.

ويتوافد الغزيون على المقاهي التي تتباري، في خطب ود عشاق كرة القدم الأوروبية، وجذب جماهيرها، من خلال توفير شاشات عرض ضخمة لمتابعة مباريات ذهاب ربع نهائي دوري "أبطال أوروبا".

ولأنّ موعد المباراة يتزامن مع قطع التيار الكهربائي، يستعد الغزّي أحمد ناجي "25" عاما، للذهاب إلى أحد المقاهي برفقة أصحابه، لتشجيع فريقّه المفضل برشلونة الإسباني.

وتنطلق مباريات دور الثمانية من دوري أبطال أوروبا هذا المساء، في ساعات من الإثارة والتشويق، ونسيان وجع الحصار كما يقول ناجي في حديث لوكالة "الأناضول".

وتابع:" العالم بأسرّه يراقب الليلة تصفيات أبطال أوروبا، ولكن في غزة الأمر مختلف، إذ تزداد هذه المتابعة والانتظار بشكل غير مسبوق، ولافت للانتباه لأننا نهرب من الحصار وانقطاع الكهرباء إلى حيث المقاهي التي تتكفل ببث المباريات".

ويعاني قطاع غزة منذ 7 سنوات من أزمة حادة في الكهرباء، بدأت عقب قصف إسرائيل لمحطة توليد الكهرباء الوحيدة في القطاع منتصف عام 2006.

ويعيش سكان القطاع، وفق جدول توزيع يومي بواقع 8 ساعات وصل للكهرباء و8 ساعات قطع.

وبسبب انقطاع التيار الكهربائي فإن عشاق ومشجعي كرة القدم، كما يؤكد المهندس "أحمد حسين" 26 عاما يبحثون عن البديل، والمتمثل بالتجمع في المقاهي لمشاهدة المباريات.

ويقول في حديثٍ لوكالة "الأناضول" إنه يذهب للمقهى لرؤية المباريات، والجلوس مع أصحابه وعشاق كرة القدم.

وتابع:" الجلوس في المقهى لمتابعة المباريات، وأجواء الإثارة والتحليل بين الشوطين ينسينا الحصار الخانق، وهموم السياسة والوضع الاقتصادي والإنساني المتردي، والذي يزداد صعوبة يوما بعد آخر".

ويخضع قطاع غزة لحصار فرضته إسرائيل منذ فوز حركة "حماس" في الانتخابات التشريعية عام 2006 ، وشددته عقب سيطرة الحركة، على القطاع في صيف العام 2007.

ويعيش 1.8 مليون فلسطيني في قطاع غزة، واقعا اقتصاديا وإنسانيا صعبا، في ظل تشديد الحصار الإسرائيلي والمتزامن مع إغلاق الأنفاق الحدودية من قبل السلطات المصرية.

وترتفع معدلات البطالة والفقر، وفق وزارة الاقتصاد التابعة للحكومة المقالة في غزة إلى ما يزيد عن 39%.

وقبل أن تبدأ صافرة الحكم بساعات، يتجّه الشاب "معاذ عاشور" 19 عاما برفقة شقيقه، إلى إحدى الاستراحات المنتشرة على طول شاطئ بحر غزة.

وأكدّ عاشور في حديث لوكالة "الأناضول" أنّه يفعل ذلك هربا من كافة تداعيات الحصار، وفي مقدمتها انقطاع التيار الكهربائي.

ويستدرك بالقول:" نحن بأمس الحاجة لتناسي الضغوط النفسيّة، ومتابعتنا بشكل جماعي لكرة القدم في المقاهي توفر لنا ما نريد".

وتتنافس المقاهي في غزة بجذب عشاق كرة القدم من خلال عرض أعلام الفرق الأوروبية، وصور أشهر اللاعبين، وبث إعلانات تضج بالإثارة والحماس.

وتجاوبا مع إقبال أهالي غزة على متابعة دوري أبطال أوروبا تقدم الإذاعات المحلية، والصحف اليومية تغطية شـاملة للجماهير بعناوين مُثيـرة، وتفرد مساحات واسعة لمُتابعة أخبار البطولة وتحليل مبارياتها.

ويقول رامي العجرمي صاحب مقهى "طل القمر" في قطاع غزة، إن إقبال الشباب على ارتياد المقاهي، يزداد عاما بعد آخر.

وأضاف في حديثٍ لوكالة "الأناضول:" أزمة الكهرباء، والحصار، والوضع الاقتصادي الخانق، والتعب النفسي كلها عوامل ساهمت في ارتياد الغزيين للمقاهي والاستراحات لمتابعة مباريات أبطال أوروبا".

وأشار إلى أن كثير من المتابعين لا يستطيعون شراء "كرت اشتراك" في إحدى القنوات المشفرة صاحبة حقوق البث لمباريات دوري أبطال أوروبا ما يدفعهم نحو المقاهي.

ويتمنىّ العجرمي بأنّ يصل فريق ريـال مدريد، بصحبة برشلونة إلى نهائي أبطال أوروبا، وأن يتأهلا إلى أداور متقدمة بعيدا عن دور الثمانية.

ويستدرك بصوتٍ ضاحك:" صحيح أن هناك متابعة قوية للكرة الأوروبية في الأعوام الأخيرة، إلا أن الفريقين الإسبانيين (مدريد وبرشلونة) يحظيان بأقصى درجات الاهتمام، والتشجيع، وأي مباراة لهما كفيلة بتحويل المقهى إلى ساحة تعج بالمئات".

ويسكن شغف الكرة الملقبّة بـ" الساحرة المستديرة" الشارع الفلسطيني بكافة فئاته, وتحظى الكرة الأوروبية باهتمام الجماهير.

ويحتل الدوري الإسباني أولى هذه الاهتمامات لضمه كوكبة من نجوم العالم يتقدمها الأرجنتيني ليونيل ميسي مهاجم برشلونه والبرتغالي كريستيانو رونالدو مهاجم ريـال مدريد.