عربي ودولي

259

طعمة: آن الأوان لتشكيل جيش التحرير الوطني لتغيير موازين القوى

أعرب الدكتور أحمد طعمة الخضر رئيس الحكومة السورية المؤقتة عن أسمى آيات الشكر والتقدير لدولة قطر أميراً وحكومة وشعباً، مشيداً بكل ما تبديه الدوحة من مواقف عربية مشرفة وتبذله من جهود صادقة ومخلصة في سبيل نصرة الشعب السوري وقضيته العادلة.

وأكد طعمة الذي كان يتحدث في لقاء مع ممثلي الجالية السورية بالدوحة عقد في فندق سانت ريجيس بالدوحة، بحضور السيد نزار الحراكي السفير السوري في دولة قطر والسيد أحمد رمضان عضو الائتلاف السوري المعارض والمهندس نصر أبو نبوت سكرتير أول السفارة السورية بالدوحة أنه لابد من تشكيل جيش تحرير وطني تنطوي فيه كل الفصائل والكتائب والألوية المقاتلة، يمتلك إستراتيجية عسكرية موحدة وميثاق شرف عسكري، وأنه قد آن الأوان لتشكيل هذا الجيش حتى تتغير موازين القوى على الأرض ويصل إلى بناء الدولة الديمقراطية المدنية التعددية، مشيرا إلى الجهود الكبيرة التي تبذلها الحكومة المؤقتة في سبيل طموحات الشعب السوري في المناطق المحررة .

توفير الأمن والاستقرار

واستذكر الدكتور أحمد طعمة رئيس الحكومة السورية المؤقتة لقاءه الأول بالجالية السورية الذي عقد قبل خمسة أشهر والذي تحدث فيه عن طموحات الحكومة وآمالها لتحقيق عدد من الإنجازات لصالح الشعب السوري وخصوصا في المناطق المحررة وجهودها في تحقيق رؤيتها المتمثلة في النقاط الأربع: "وهي توفير الأمن والاستقرار للشعب السوري، وتأمين وتحسين ظروف ومعيشة الناس، والتعاون مع منظمات المجتمع المدني، من أجل تحسين الظروف داخل سوريا، والتجهيز لمرحلة ما بعد سقوط نظام بشار الأسد لكي يكون لهذه المنظمات دور في تنمية ظروف ومعيشة هذا الشعب الكريم ومساعدته في الانتقال من حالة الاستبداد إلى حالة الديمقراطية، أما النقطة الرابعة فهي سعي الحكومة إلى ترسيخ مبادئ الديمقراطية، والتأصيل لها وأن تكون هذه المرحلة المؤقتة المرحلة التي تسبق فترة يسود فيها الرأي والرأي الآخر والحريات العامة وحقوق الإنسان واستقلال القضاء والفصل بين السلطات".

وأوضح د.طعمة أن الجهود التي تبذلها الحكومة كبيرة جدا لكنها لم تستطع أن تحقق المراد لظروف بعضها ذاتي وآخر موضوعي، مشيرا إلى أن فريق الحكومة الاقتصادي يستطيع تقديم الخدمات لـ20% من الشعب السوري في المناطق المحررة عبر تأمين 2.6 مليار دولار لتأمين الحد الأدنى من احتياجات المجتمع، معربا عن أسفه الشديد لعدم التزام المجتمع الدولي وأصدقاء سوريا بتقديم المبلغ المطلوب، باستثناء مبلغ (50) مليون يورو تلقتها الحكومة من دولة قطر الشقيقة، منوها بأن الجهود مستمرة لترشيد هذا المبلغ وتأمين مبالغ أخرى.

وكشف د.طعمة عن الصعوبات التي واجهتها الحكومة المؤقتة خلال عملها، وذلك من خلال الفوارق الكبيرة والاحتياجات اللازمة والإمكانيات المحدودة المتاحة، مشيرا إلى أن الحكومة تحولت في فترة ما من عملها إلى ما يشبه خلية الأزمة عبر تصديها لمختلف المشاكل والقضايا بشكل مباشر وهو ما يعيق عمل الحكومة من هيئة رسمية مسؤولة عن وزارات إلى حكومة إدارة الكوارث.

مفاوضات جنيف 2

ثم تحدث السيد أحمد رمضان عن مرحلة ما بعد جنيف من خلال جولتي المفاوضات، مشيرا إلى أن ذهاب الائتلاف الوطني لقوى المعارضة والثورة إلى جنيف 2 كان لعدم تعريض الثورة السورية لضغوط كبيرة يمكن أن تنتج في حال اتهام المعارضة بأنها وراء إفشال الحل السياسي، لذلك انصب نقاش الوفد السوري على قضية انتقال السلطة تحديدا ما اضطر وفد النظام إلى التهرب من العملية وأن تتوقف المفاوضات، ثم من أجل وضع المجتمع الدولي أمام مسؤوليته أيضا بعد أن عول مطولا على قضية الحل السياسي، فإذا لم يكن هناك طرف مقابل يوافق على حل يتعلق بعملية انتقال السلطة، فعلى المجتمع الدولي أن يجيب عن ما هي الخطة التالية للتعامل مع النظام، لأن الأخير تصرف خلال جنيف وما بعد جنيف بعملية تصعيد كبيرة جدا على المستوى العسكري والميداني.

وأشار إلى التحركات الدبلوماسية التي بذلها وفد المعارضة خلال جنيف للحديث دائما عن موضوع البدائل، عبر التعاون مع دولة قطر والسعودية وتركيا للضغط الكبير على الإدارة الأمريكية من أجل الدفع باتجاه تغيير موقفها بشأن التسلح النوعي، مؤكدا أن هناك انفراجا في الملف يمكن أن تلحظ آثاره خلال فترة قريبة له علاقة بالتغير في الوضع الإقليمي والدولي، مشيرا إلى أن التفاهم الأمريكي الروسي الذي تزامن مع الذهاب إلى مفاوضات جنيف كان على حساب الدم السوري وإلى حدوث خلاف بين الدولتين أثناء المفاوضات وهذا ما عقد الوصول إلى تسوية بين الطرفين، لافتا إلى اتساع الهوة بين موسكو وواشنطن ما أدى تقليل حجم الالتزام بين الطرفين اتجاه الملف السوري أكثر من أي فترة مضت.

وأوضح أن الوضع في غاية الخطورة ولا يعني الذهاب إلى الحسم العسكري في الداخل، ويتطلب التعامل معه بدقة كبيرة. عبر وجود مظلة سياسية المتمثلة بالائتلاف الوطني وإعطائها المزيد من المتانة، بالإضافة إلى دعم المظلة التنفيذية المتمثلة بالحكومة السورية المؤقتة والتعامل معها كسلطة وطنية مشروعة لكل السوريين، مشيرا إلى التحدي الكبير الذي يواجه عمل المعارضة من خلال وجود مؤسسة عسكرية واحدة وطنية تمتلك إستراتيجية موحدة ومتكاملة وهو ما يمكننا من الدخول للمرحلة الانتقالية التالية، متمنيا أن تنصب الجهود ضمن هذا الإطار.

تمديد جوازات السوريين

من جهته، أوضح السفير السوري نزار الحراكي أن السفارة السورية بالدوحة تقوم منذ أشهر بتمديد جوازات السوريين، مشيرا إلى التعاون القائم مع الجهات القطرية التي تقدم المساعدات اللوجستية والتقنية، مبينا أن هذا الموضوع يحتاج إلى شبه موافقة دولية، منوها بأن هناك دولا تعترف بالائتلاف ودول لا تعترف به وبالتالي لا تعترف بمفرزاته.

وأضاف أنه حصل على بعض الأجوبة المطمئنة من بعض الدول التي تحتوي على جاليات سورية كبيرة، وقال:"قررنا أن نضع هذه الدول أمام الأمر الواقع لحل المشكلة المستعصية التي تتعلق بمئات الألوف من السوريين، لأن عملية إصدار الجواز السوري من القضايا المستحيلة الآن، أما تمديده فهي أسهل بكثير، لأن وثيقة الجواز الصادرة عن النظام موجودة، ويتم إعطاؤها مدة صلاحية إضافية، مشيرا إلى إنجاز 80% من مشروع التمديد، بقي 20% فقط، وإلى مخاطبة (48) دولة تم إرسال (الإستيكرز) المعتمد المتعلق بالتمديد لقبوله في جميع الموانئ البرية والبحرية.

وتابع السفير قائلاً:" إن المشروع يحتاج إلى مسألتين مهمتين تتعلقان ببرنامج الأرشفة الذي يحتاج إلى 700 ألف ريال، وجهاز كاشف التزوير قيمته فوق المليون ريال، مؤكدا العزم على البدء بهذا المشروع بنهاية شهر يونيو الجاري، وذلك من خلال جاهزية (الإستيكرز) والاستعانة ببرنامج أرشفة مبسط، والتعاون مع الداخلية القطرية لكشف عمليات التزوير.

مؤتمر لرجال الأعمال والصناعيين بالدوحة

وبخصوص موضوع رجال الأعمال، في طور الاستعداد لإطلاق مؤتمر لرجال الأعمال والصناعيين السوريين الموجودين في دول الشتات، مشيرا إلى حجم الدمار الهائل الذي أصاب قطاع الصناعة والتجارة في سوريا، وأن الكثير من الصناعيين ورجال الأعمال والتجار أصبحوا في تركيا والأردن ولبنان ومصر والإمارات وكردستان العراق، لافتا إلى أن السفارة السورية بالدوحة تعمل على جمع كبار الصناعيين والتجار السوريين من خلال مؤتمر يقام في الدوحة في الفترة القادمة، لدراسة إمكانية تقديم الدعم للسوريين، وذلك من خلال المحافظة على بعض الصناعات التي تشتهر بها سوريا، منوها بأن سوريا كانت سادس دولة في العالم في إنتاج ألبسة الأطفال كانت تغذي شمال إفريقيا وجزءا من أوروبا وأوروبا الشرقية وحتى آسيا، وثالث دولة في إنتاج القطنيات، بالإضافة إلى وجود ماركات سورية شهيرة لها مكانتها في السوق العالمية .

ثم فتح المجال أمام الأسئلة، حيث أشار د.طعمة إلى التعاطي الإيجابي الدولي مع الحكومة السورية المؤقتة في الفترة الحالية، مشيرا إلى زوال المخاوف الدولية بشأن عرقلة الحكومة السورية لاتفاقات جنيف، منوها باستعدادها إلى وضع نفسها تحت تصرف الجسم الانتقالي في حين تم التفاهم بين الطرفين على انتقال سلمي للسلطة، ما شجع هذه الدول على القول بأنه ينبغي على الدول تقديم الدعم للحكومة المؤقتة من النواحي الإنسانية والإدارية من أجل أن تقوم بخدماتها للشعب السوري، ومفاتحتنا للانتقال إلى داخل الأراضي السورية المحررة عبر إيجاد مقر آمن تتوافر فيه بعض الشروط ووقع خيارنا على بناء السراي القديم في معرة النعمان.

وفيما يتعلق بالتحدي الذي يواجه الحكومة والذي يتعلق بتوحيد القوى العسكرية، وإطلاق كيان قوي متماسك، أكد د.طعمة أنه لا يمكن تغيير موازين القوى على الأرض في سوريا دون إنشاء جيش تحرير وطني، عبر توحيد مختلف الفصائل والكتائب والألوية باختلافاتها الأيدلوجية، لأن النظام يعمل على الاستفراد بكل كتيبة على حدة، خصوصا بعد التحول الإيجابي الذي خطته بعض القوى الميدانية الإسلامية بإصدارها لميثاق شرف عسكري، وهو ما يمكن أن يساعدنا حتى في تشكيل جيش وطني، يتمتع أفراده بانتماء وطني وقبول بمشروع الدولة الديمقراطية المدنية التعددية وأن يضم هذا الجيش كل شخص لديه الرغبة بالتضحية والفداء وأن يكون لهم القدرة البدنية على تحمل أعباء الحرب.