رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

ثقافة وفنون

984

كرمها صاحب السمو بجائزة الدولة التشجيعية في الشعر..

د. زكية مال الله لـ الشرق: قطر رائدة عالمياً في تعزيز الحوار الحضاري والثقافي

06 أغسطس 2024 , 07:00ص
alsharq
الدكتورة زكية مال الله
❖ أجرى الحوار: طه عبدالرحمن

تعد الدكتورة زكية مال الله العيسى أول شاعرة قطرية تصدر ديوانًا شعريًا، وحمل عنوان «في معبد الأشواق»، وطُبع عام 1985 في القاهرة، لتتوالي بعده أعمالها الشعرية المتنوعة، والتي حافظت فيها على أن تحمل دواوينها روحها الشعرية الخالصة، المعبرة عنها، إذ اعتمدت على قاموسها اللغوي الخاص بها، وحرصت على إثرائه بالنأي بقصائدها عن المباشرة والتقريرية.

وطوال مسيرتها الإبداعية الحافلة، تمت ترجمة العديد من دواوينها إلى لغات أجنبية، كما توقفت العديد من الدراسات العربية والأجنبية عند أعمالها الإبداعية، ليتم تتويج هذه المسيرة الإبداعية الحافلة، بتكريم حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى ، لها بجائزة الدولة التشجيعية في مجال الشعر.. وفي حوارها لـ "الشرق"، ترصد الشاعرة والكاتبة د. زكية مال الله ، أهمية الجوائز للمبدعين، علاوة على توقفها عند ترجمة الأعمال الإبداعية، وما تمثله من أهمية للحالة الإبداعية ذاتها، دون أن يغفل الحوار تناول المشهد الثقافي بما يعيشه من واقع، وما ينتظره من مآلات، إلى غير ذلك من محاور، طرحت نفسها على مائدة الحوار التالي:

 ‎- في ظل الترجمات العالمية لأعمالكِ، ما رؤيتكِ لأهمية الترجمات في نشر الإبداع القطري على الصعيد الدولي؟

 لاشك أن الترجمة الإبداعية هي إعادة بناء وكتابة النص ليتفق مع الثقافة المعنية من دون تغيير المعنى أو الأسلوب المعتمد في النص الأصلي، أي صياغة النص في قالب لغوي يليق بذائقة المتلقي.

ومن هنا تتضح أهمية الترجمة كأداة لتعزيز التواصل الثقافي والحضاري بين الشعوب وجسراً للتلاقح بين اللغات المختلفة وصناعة وإنتاج المعرفة بكل أشكالها. كما أن القصائد المترجمة هي وسيلة للعبور على جسر ونشر الإبداع القطري محلياً ودولياً والتواصل مع اللغات والثقافات الأخرى بما يعزز حيوية اللغة ويثري تجربة الشاعر ويعرف بمستوى الابداع القطري والتجارب المتميزة فيه ويتيح المزيد من التطوير والتحديث للتجربة الفردية.

    شخصية الكاتب

‎- هل ترين أن الترجمات، يمكن أن تسهم في تذويب شخصية الكاتب الأصلي، لتحل مكانها شخصية الآخر المترجم؟

‎ الترجمة هى إعادة البناء والتشكيل للنص الإبداعي مع الإبقاء على عمق المضمون وجمال المفردات والرؤية الكامنة للمبدع. لذلك فإن شخصية الكاتب الأصلي تبقى الطافية على سطح النص والمتشبثة بجذوره والمتشعبة عبر سطوره ولا يمكن تذويبها، ولكن المترجم يضيف إلى هيكلة النص أبعاداً جمالية أخرى يستشفها المتلقي، ليستمتع بما يقرأ.

كما أن المترجم يتعرف على النص ثم يغوص في أعماقه ويستحوذ على معناه ثم يعيد صياغته، وكأنه كاتب ثان للنص يتقمص مكنونه، ومن خلاله تتضح لمساته، وقد يغيره أو يتركه كما هو حتى يمهده للقارئ في غاية الإتقان.

لذلك فإن النص يكتسب سمة الإبداع من شخصية الكاتب وكذلك من شخصية المترجم الذي يضفي بلمسته الفنية بعداً آخراً يعتمد على مهارة المترجم وتمكنه من اللغة والتقنيات والأدوات المترجمة التي يمتلكها.

    تحديات الشعر

- في سياق نظمكِ للشعر، والحضور بساحته كأول شاعرة قطرية تصدر ديواناً شعرياً، هل ترين أن الشعر لم يعد «ديوان العرب»، بعدما أصبحت تنازعه الرواية في الكثير من الأعمال الإبداعية؟

 الشعر هو «ديوان العرب» كما قال ابن قتيبة في كتابه «عيون الأخبار»، فالشعر معدن علم العرب وسفر حكمتها ودیوان أخبارها ومستودع أيامها، وكما قال أبو فراس الحمداني: «الشعر ديوان العرب، وعنوان الأدب».

‎وكان الشعر للعرب جلاء همهم وزوال سأمهم ومجال فخرهم، وموضع فرحهم، ووسيلة للتعبير عن حزنهم وشوقهم. ومنذ القدم حفلت دواوين الشعراء القدامى بأحوال العرب وعاداتهم وأخلاقهم. وتجلت فيها مظاهر حياتهم وحروبهم ونزاعاتهم، ولذلك كله، لا يمكن الفصل بين الماضي والحاضر مهما تعددت الأشكال الأدبية التي تحظى بالأولوية لدى القراء والدارسين.

أما الرواية فهي الشكل الأدبي الأكثر حيوية فى اتصالها بالأنماط المعاصرة من الخطاب والصحافة والتاريخ والسينما والعلوم الاجتماعية. ولذلك فإنها في تعبير البعض هي «ديوان العرب الجديد» لأنها تقوم بتمثيل عميق لأحوال المجتمعات العربية والحريات القومية والحروب المعاصرة وكافة التطورات الحاصلة على المدنية الحديثة.

ومن ثم، فقد حظيت الرواية بالشغف والتحصيل عن الشعر، ولكن في تصوري أن الشعر سيظل «ديوان العرب»، فهو الذي يختزل التاريخ والآداب الأخرى، والتي تستفيد من الشعر عندما توظفه في سياقات سردية، وكلاهما ينطلق من جوهر واحد وهو «الإنسان» ومخاطبة الحس لديه، ومعها المشاعر والوجدان.

    توأم الروح

- في هذا السياق، هل تحرصين على أن يكون إبداعكِ قاصراً على الشعر، دون الانخراط في تجارب إبداعية أخرى؟

 كما هو معروف، فإن الشعر هو توأم الروح وترف المشاعر وبوح الخواطر وهاجس المخيلة، فهو الدفتر الذي يحتوي الأزمنة التي عشتها، والتجارب التي مررت بها، والشخوص الذين عرفتهم، والأمكنة التي زرتها، والقلوب التي أحببتها، وهو تاريخي وتراثي وماضيَّ وحاضري.

وأنا أعيش بالشعر وأتنفسه، وأواجه الحياة والمصاعب والأفراح والأحزان بالشعر. لذلك اخترت أن يكون إبداعي أغلبه شعراً عبر مختلف فنونه، فكتبت القصيدة والنثر الفني، والملحمة والمسرحية والرواية باللغة الشعرية، ولديَّ إصدارات منشورة في ذلك، وكذلك لديَّ كتاب «قراءات نقدية في دواوين شعرية مطبوعة»، وكتاب «رسائل ورحلات»، ولكني لا أفكر في طباعتهما أو نشرهما، كذلك لا أفكر في الانحراف نحو القصة أو الرواية السردية، لأنني أحب أن أكون شاعرة فقط وبأساليب شعرية متعددة. كما أنني احترفت الكتابة الصحفية وكتبت المقالة والحوار والتحقيق وأفكر حالياً في إصدار كتاب لتوثيق هذه التجربة.

وعلى أية حال لا أمانع أن ينخرط المبدع في أكثر من تجربة إبداعية، إذا كانت لديه الموهبة والقدرة على تقديم الأجود. أما بالنسبة لي فإنني أحبذ أن يكون الشعر هو المحور الأكثر تميزاً في تجاربي الإبداعية.

   جوائز المبدعين

- كيف تنظرين إلى أهمية الجوائز للمبدع، ودورها في إثراء حركة الإنتاج الإبداعي والمعرفي؟

  الجوائز للمبدعين هي تحفيز المناخ للإبداع واستنفار لتنافس المبدعين في كل مجال، وهي تكريم للمبدعين وتعريف بإنجازاتهم ونشر لثقافة الإبداع في المجتمع، وتأصيل لثقافة المعرفة.

ولاشك أن لها دوراً كبيراً في إثراء حركة الإبداع والمعرفة، لأنها تستأثر في إبراز المتميزين في أي مجال وتدعم جودة الأعمال الإبداعية لهم، وتحثهم على المزيد من العطاء والتميز بما يخدم أوطانهم ومجتمعاتهم، وتجعلهم قدوة للأجيال التي تليهم وترصد تفوقهم. وهنا، أدعو في هذا السياق الجهات المعنية إلى الاحتفاء بالأعمال الإبداعية الفائزة بالجوائز، والعمل على نشرها، وتعريف الناس بها، ليكون أثرها أكثر نفعاً وفائدة للمجتمع.

- وهل تعتبر الجوائز مقياساً لحراك إبداعي تشهده المجتمعات ذاتها؟

 بالتأكيد، فالجوائز هي جزء من الحراك الإبداعي للمجتمع، لأنها تدعو إلى التحفيز والتنشيط والتقدير والتكريم المواهب وإبراز المواهب العلمية والأدبية، وتدفع إلى التطور والابتكار الذي يحرك سواكن العقول والأيادي في المجتمع. كما أنها تشكل طموحاً وهدفاً يسعى إليه الكثير من المبدعين لترسيخ الثقة بالترات والارتقاء بالتجربة الفردية.

    حضور عالمي

- في هذا السياق، هل ترين أن الجوائز التي يتم منحها للمبدعين في قطر، تعكس مستوى إبداعيا يلامس واقعه، ويبرز ثراء الإنتاج الأدبي والفكري؟

  هناك جوائز عديدة تطلقها قطر للمبدعين، وذلك من خلال جهات ومؤسسات مختلفة، ومنها جوائز محلية وأخرى عالمية، وتعكس في الوقت نفسه وعيًا تنمويًا، على نحو ما تشهده البلاد، في سعيها الدائم لنشر قيم التعايش والتسامح والأمن والسلام، وتحقيق النهضة العلمية والثقافية والاجتماعية.

ولذلك، فإن هذه الجوائز تعزز مكانة قطر كدولة رائدة بين الشعوب وتعرف بجهودها الحيوية لإشاعة القيم الإنسانية وتعزيز الحوار الحضاري والثقافي فى أنحاء العالم، وهذا ما يتطابق مع الواقع الذي تعيشه قطر والرؤية الحكيمة التي تسير على خطاها، وتهدف من خلالها للوصول إلى أرقى المستويات من خلال الإنتاج الأدبي والفكري وتوثيقه للأجيال.

-  وهل ترين أن هناك غيابا للقطاع الخاص القطري عن المساهمة في تخصيص جوائز للمبدعين، كما هو معمول به في مختلف دول العالم؟

  تبدو أغلب الجوائز في قطر حكومية وتحت إشراف وتنظيم مؤسسات وهيئات حكومية ناهضة، وهذا ما يدعو إلى تحفيز القطاع الخاص القطري إلى المبادرة بالمثل للمساهمة في تخصيص جوائز للمبدعين، خاصة وأننا نشهد حركة تنموية رائدة في البلاد على كافة الأصعدة. وقد يحدث مع توالي الأزمنة والوعي التنموي بأن تظهر مبادرات للقطاع الخاص، ليكون له دور في تنظيم الجوائز وتكريم المبدعين.

    زخم ثقافي

- في هذا الاطار، ما توصيفكِ للمشهد الثقافي القطري خلال الوقت الراهن؟

 حقيقة، المشهد الثقافي القطري يثير الإعجاب، حيث يشهد زخماً وحراكاً استثنائياً على كافة المستويات الإبداعية، علاوة على نجاحه في تحقيق التآلف بين أنشطة المؤسسات الحكومية ومنصات التواصل الاجتماعي.

ولقد أدركت قطر أن الثقافة أفضل السبل لمد جسور التواصل والتفاهم بين الدول. ولذلك نجحت في بناء مشهد ثقافي وفني متميز، كما استطاعت أن تجسد روح الدولة من خلال كافة الأنشطة والمباني والهيئات الثقافية التي تعرض تراث قطر والتقاليد العربية الأصيلة والحداثة والمعاصرة التي تشهدهما البلاد في آن.

كما أنه بالتآلف مع التنشيط السياحي واستضافة البطولات الرياضية العالمية استطاعت قطر أن تفتح المجال للمزيد من الزوار والرواد للاطلاع على ثقافة البلاد، وكذلك أتاحت الشيء نفسه للدارسين والباحثين لاستكشاف ما خفي من التراث والمعاصرة، وهي الآن تحتضن مجموعات الفن العربي والتحف التاريخية في متاحفها والتصاميم التراثية في مبانيها وشوارعها والوثائق والمخطوطات في مكتباتها، والإبداعات الأدبية في الشعر والقصة والرواية والفنية في اللوحات والرسومات وتؤسس للإرث الثقافي المتميز في كل مجال وصوب. وهذا ما يؤسس للمزيد من الازدهار والاحتفاء بالثقافة والمثقفين.

    جديد الإبداع

- ماذا عن أحدث أعمالكِ الإبداعية؟

  أقوم حالياً بالإعداد لطباعة كتاب «ذاكرة القلم»، وهو مجموعة منتقاة من مقالاتي الصحفية المنشورة سابقاً في الصحف المحلية ليكون توثيقاً لتجربتي في الكتابة الصحفية على مدى ٢٥ عاماً.

كذلك أتهيأ لإصدار ديوان شعر جديد بعنوان «نداء الزيتون»، وهو عبارة عن مجموعة من قصائدي التي كتبتها في فلسطين تضامناً مع الجرح النازف في غزة، وتوصيفاً لمشاعر التضامن والتآلف مع القضية الفلسطينية العربية حتى يتحقق النصر بإذن الله.

مساحة إعلانية