رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

محليات

364

القرة داغي : يجب على الحاكم مشاورته الدائمة مع الأمة من خلال ممثليها

09 يونيو 2016 , 01:11م
alsharq
الدوحة - الشرق

الكتاب : العلاقة بين الراعي والرعية في ظل الحكم الرشيد

المؤلف : أ . د . علي محيى الدين القره داغي

الأمين العام للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين

الحلقة : الخامسة

شغلت قضية العلاقة بين الراعي والرعية في ظل الحكم الرشيد ، الفكر الإسلامي طويلا، ماذا يريد الإسلام أن تكون عليه هذه العلاقة؟ وما هي كيفيتها، وما الذي يحدد أطرها؟ الإسلام يريد أن تكون هذه العلاقة قائمة على أساس المحبة المتبادلة، وما يترتب عليها من حقوق وواجبات، وهذه المحبة تنبثق من الإيمان والاخوة الإيمانية، وتترتب عليها حقوق وواجبات، وأما أساس العلاقة فهو العقد الذي بموجبه يعطي الشعب أو ممثلوه البيعة للحاكم، حيث قد يكون هذا العقد مشافهة ـ كما كان في السابق ـ أو مكتوباً من خلال الدستور الذي اختاره الشعب أو ممثلوه الحقيقيون، والذي يُحدد الحقوق والواجبات، أو من خلال عقد مكتوب ..

حول هذه القضايا ومشكلات تلك العلاقة بين الراعي والرعية وما يجب أن تكون عليه وعن الأسس والمبادئ التي تنظم هذه العلاقة في ظل الحكم الرشيد في ضوء الكتاب والسنة ومقاصد الشريعة وفقه الميزان، والمآلات، وتحقيق المناط ورعاية الواحب والواقع، والمتوقع، يدور أحدث أبحاث فضيلة الشيخ في رمضان المبارك التي خص بها دوحة الصائم.

ويدخل في هذا الباب أيضاً الآيات القرآنية الدالة على أنه ليس بيد الرسول شيء من أمور الكون ، والتوبة ، والعفو ، والعذاب ، والنصر ، والهداية وغير ذلك ، منها قوله تعالى ( فَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنْتَ مُذَكِّرٌ لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُصَيْطِرٍ) ومنها قوله تعالى : ( لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ فَإِنَّهُمْ ظَالِمُونَ) ثم قال تعالى : ( قُلْ إِنَّ الْأَمْرَ كُلَّهُ لِلَّهِ ) وقال : ( أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ) وقال تعالى : ( قُلْ لَوْ أَنَّ عِنْدِي مَا تَسْتَعْجِلُونَ بِهِ لَقُضِيَ الْأَمْرُ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِالظَّالِمِينَ) .

وهذا الخليفة أبوبكر الصديق رضي الله عنه يقدم برنامجه القيادي والعملي في كلمات مؤثرة يقول فيها : ( أيها الناس إني قد وُليّت عليكم ولست بخيركم ، إنْ أحسنتُ فأعينوني ، وإنْ أسأتُ فقوموني ، الصدق أمانة ، والكذب خيانة ، والضعيف فيكم قويّ عندي حتى آخذ الحق له ، والقويّ فيكم ضعيف عندي حتى آخذ الحق منه - إن شاء الله - لا يدع قوم الجهاد في سبيل الله إلاّ ضربهم بالذل ، ولا تشيع الفاحشة في قوم قط إلاّ عمهم الله بالبلاء ، أطيعوني ما أطعتُ الله وروسوله ، فإذا عصيتُ الله ورسوله فلا طاعة لي عليكم) .

ومن هذا المنطلق كان الرسول صلى الله عليه وسلم يتعامل مع أصحابه كأنه واحد منهم ، ففي غزوة بدر كان مع جيش الرسول صلى الله عليه وسلم سبعون بعيراً يتعاقبون على ركوبها ، وكان الرسول صلى الله عليه وسلم وأو لبابة ، وعلى ابن أبي طالب يتعاقبون على بعير واحد ، فأراد أو لبابة وعلي أن يؤثراه بالركوب فامتنع صلى الله عليه وسلم ، فقال : ( ما أنتما بأقوى مني ، ولا أنا بأغنى عن الأجر منكما).

المبدأ الخامس : مبدأ الشورى والمشاورة :

حيث يجب على الحاكم مشاورته الدائمة مع الأمة من خلال ممثليها ، أو حسب أهمية الموضوع ، فإن كان يحتاج إلى رأي الأمة كلهم فعليه أن يستشيرهم من خلال استفتاء عام نزيه حرّ ، وإلاّ فقد تكون المشورة لأهل العسكر ، وقد تكون لأهل تخصص آخر ، وهذا ما أمر الله تعالى به رسوله الموحى إليه صلى الله عليه وسلم ، فقال تعالى : ( فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ).

المبدأ السادس : مبدأ المناصحة ، وقبول النصح ، والمراقبة والمحاسبة :

ومن المعلوم أن الإسلام أولى عناية قصوى بالنصيحة ، وبالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، وأن هذه النصيحة ليست للمستضعفين فقط ، بل لأئمتهم أيضاً ، حتى حصر الرسول صلى الله عليه وسلم الدين في النصيحة ، فقال : ( الدين النصيحة ، قالوا لمن يارسول الله ؟ قال : ( لله ولرسوله وللمؤمنين ) ، والآيات والأحاديث كثيرة في هذا المجال.

ومن الجانب العملي والتطبيقي أن الخلفاء الراشدين رضي الله عنهم كانوا حريصين أشد الحرص على الضرورة أن تقوم الأمة بواجبها في النصح والارشاد والمراقبة والمحاسبة ، فهذا الحليفة عمر رضي الله عنه قال : ( يا معشر المسلمين ، ماذا تقولون لو ملت برأس إلى الدنيا هكذا ؟ فقام إليه رجل ، فقال : أجل : كنا نقول بالسيف هكذا (وأشار إلى قطع الرأس) فقال عمر : ( أإياي تعني بقولك ؟ ) قال الرجل : نعم إياك أعني بقولي ، فقال عمر : ( الحمد لله الذي جعل في رعيتي من يقومني إذا اعوججتُ ) ، وقال حذيفة رضي الله عنه : ( دخلت على عمر يوماً فرأيته مهموماً حزيناً ، فقلت له : ما يهُمّك يا أمير المؤمنين ؟ قال : ( إني أخاف أقع في منكر ، فلا ينهاني أحد منكم تعظيماً ) قال حذيفة : والله لو رأيناك خرجت عن الحق لنهيناك ، فسرّ عمر وقال : ( الحمد لله الذي جعل لي أصحاباً يقومونني إذا اعوججتُ ) ، وعن الحسن بن علي رضي الله عنهما قال : ( كان بين يدي عمر وبين رجل كلام في شيء ، فقال الرجل : اتق الله ، فقال أحد الجالسين ، أتقول لأمير المؤمنين : اتق الله ؟ فردّ عمر : ( دعه فليقلها لي ، فلا خير فيكم إذا لم تقولوها ، ولا خير فينا إذا لم نقبلها) ، فهذه قمة المساءلة.

ومما يدخل في باب النصح والمحاسبة والمراقبة : الثورات الشعبية ، والمظاهرات والاحتجاجات ، ونحوها.

المبدأ السابع : توفير الحرية الكافية في كل مجالات الحياة :

يمكن تقسيم الحريات العامة إلى :

 الحرية الفكرية ، والدينية

 الحرية الاقتصادية ( حرية الملكية ، وحرية العمل )

 الحرية السياسية

 الحرية العلمية والثقافية

حماية الحريات من أعظم الكرامة للإنسان:

إن كرامة الانسان لا يمكن أن تتحقق في ظل الكبت والظلم والتعسف ، وإنما كرامة الإنسان متلازمة مع حقه في الحرية الفكرية والدينية ، والسياسية ، والمدنية ، والاجتماعية ، والاقتصادية ( حرية الملكية ، حرية العمل) والعلمية والثقافية ونحوها .

ولا يسع المجال لافراد كل نوع بالحديث الشامل المتضمن موقف الاسلام من كل حرية من هذه الحريات ، وإنما نتحدث بشكل عام عنها بحيث لا يتجاوز ذكر المبادئ العامة مع بعض أدلتها بإيجاز.

مساحة إعلانية