رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

دين ودنيا

3229

موائد الرحمن.. بين الرياء وابتغاء وجه الله

10 يونيو 2017 , 12:14م
alsharq
هديل صابر

تعتبر الخيام الرمضانية أو موائد الرحمن، التي تقيمها الجمعيات الخيرية بدعم من المؤسسات والأفراد، والمخصصة لإطعام الصائمين وغير الصائمين في شهر رمضان المبارك، سنة حميدة يمتاز بها المجتمع القطري، حيث باتت الخيام الرمضانية الموزعة في أحياء الدوحة، والمناطق الخارجية سمة أهل قطر، الذين نشأوا على حب الخير، والعطاء، والتكافل الاجتماعي في أبهى صوره. ولكن ما قد يحدث خلافا بين البعض من العامة هو مدى إخلاص النية لله في إقامة خيام لتفطير الصائمين من المعدمين والمتعففين والعمالة، وهي تحمل اسم القائم عليها، أو أحد ذويه من المتوفين، وبين آخر يقيم خياما رمضانية كتب عليها "فاعل خير"، فبالعض يرى أنَّ كتابة الاسم فيها رياء ونفاق، والبعض الآخر يرى أنه لا ضير في ذلك إن كانت النية خالصة لوجه الله تعالى.

"رمضانيات الشرق" طرحت الموضوع على عدد من الدعاة وأهل العلم في هذا الأمر، لقطع الشك باليقين، ولتبيان الأمر وإجلاء حقيقته.

بداية أثنى الدكتور أحمد المحمدي - داعية إسلامي - على الجهات الخيرية في دولة قطر، والتي تتكفل بمثل هذا النوع من المشاريع الخيرية، خدمة للصائمين، وللمؤسسات والأفراد التي تبادر بإقامة وتمويل الخيام الرمضانية التي تحتضن الإفطارات الجماعية يوميا على مدار شهر كامل، واصفا ذلك بأنه دور جليل تقدمه الجمعيات بالتنسيق مع المؤسسات والأفراد في هذا الشهر، الذي يتسابق فيه الأفراد على فعل الطاعات والخيرات.

وأشار الدكتور المحمدي في حديثه لـ"رمضانيات الشرق" ، إلى انَّ الخير يضاعف في شهر الرحمة والخير، فالحسنة مضاعفة إلى أكثر من 700 ضعف كما قال بعض الفقهاء، ويعتبر هذا العمل من أعظم الأعمال إلى الله، وهو تفطير الصائمين، متسائلا من منطلق الموضوع الذي طرحناه عليه، هل الخيمة الرمضانية تعد رياءً في حال وضع الاسم عليها، أو اسم أحد المتوفين!؟، لافتا إلى أنَّه لا يمكن لأحد أن يجيب على هذا الأمر، ولا يستطيع أحد أن يحكم على هذا الأمر، لأن الحكم معني بإخلاص نية الشخص، من عدمه، فقد يلجأ البعض إلى وضع اسم والده المتوفى بقصد أن يدعو له الصائمون، فهل يعد هذا نفاقاً!؟، وآخر قد يضع اسمه من باب الشهرة، ومن باب التفاخر على اعتباره ابن القبيلة الفلانية وعليه أن يقيم خيمة لتفطير الصائمين فهل يعد هذا إخلاصاً!؟، مستشهدا بقول الله تعالى "إِن تُبْدُوا الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ وَإِن تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَيُكَفِّرُ عَنكُم مِّن سَيِّئَاتِكُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ "، والرسول صلى الله عليه وسلم قال في السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله ".. ورجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه"، لافتا إلى أنَّ أهل العلم قالوا إن الأفضل في صدق النفل أن تكون سرا، والصدقة الواجبة تكون في الجهر، لأن الصدقة الواجبة لا مجال فيها للرياء والنفاق.

وأضاف الدكتور المحمدي قائلا "إلا أنني أميل إلى الرأي الذي يعلن الصدقة إذا أمن صاحبها الرياء قال تعالى "إِن تُبْدُوا الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ"، أي إذا آمن الإنسان على نفسه من الرياء فلا مانع من المجاهرة في الصدقة بهدف نشر الخير، ولكن من خاف الرياء فعليه بصدقة السر فهنا تكون أجوب.

إخلاص النية

ورأى الشيخ حماد عبد القادر – منظمة الدعوة الإسلامية -، ان الصدقة نوعان ، صدقة السر، وصدقة العلانية، مشيرا إلى أنَّ الصدقة المعلنة لها أهداف ولها انعكاسات إيجابية على المجتمع، قد يكون من أهمها هو نشر الخير، ودفع المجتمع إلى عمل الخير وإلى العطاء.

وأشار الشيخ حماد عبد القادر إلى أنَّه لو لجأ المجتمع من أفراد ومؤسسات إلى صدقة السر، فكيف ستصل الصدقات إلى بعض من مستحقيها من الأسر المتعففة، لذا صدقة العلانية أو الصدقة الجهرية مع إخلاص النية لله أفضل للوصول إلى الصدقات وتحديدا الإفطارات الجماعية إلى مستحقيها من المتعففين والمعدمين أو أصحاب المهن البسيطة.

تكافل اجتماعي

وأكدَّ الشيخ حماد أنَّ الخيام الرمضانية تعتبر مرآة للتكافل الاجتماعي، ولا يتلخص التكافل الاجتماعي فقط بالخيام الرمضانية، فهناك صور جمة قد يستطيع المسلم الفطن أن يترجمها لاسيما في شهر رمضان، الذي يتضاعف فيه الأجر إلى عشرة أمثاله، ومن المهم ألا ينسى الشخص ذوي القربى من المتعففين، وألا يتصدق صدقة يتبعها أذى.

ولفت الشيخ حماد إلى أنَّ منظمة الدعوة الإسلامية تضاعف سنويا مشاريعها المتعلقة بالإفطارات الجماعية والسلال الغذائية للمتعففين داخل قطر وخارجها بزيادة تصل إلى 10% سنويا، وهذا دليل على أنَّ المجتمع القطري محب للخير، يسارع نحو العطاء.

وتناولت الدكتورة منار الغمراوي - خبير ومدربة نفسية معتمدة-، الموضوع من جانب نفسي واجتماعي، موضحة ان أي سلوك يود الإنسان أن يغيره يحتاج من 30-40 يوما، وهذا الأمر يتحقق في شهر رمضان المبارك، حيث انَّ شهر رمضان فرصة للتغيير نحو الأفضل، وعلى اعتبار أن رمضان شهر البذل والعطاء، تعتبر موائد الرحمن مرآة لمعنى البذل والعطاء، وترجمة حقيقية للمعاني التي يراد لشهر رمضان المبارك أن يرسخها في المجتمع، مشيرة إلى أنَّ من الجانب النفسي قد لا يكون هناك ضير من إعلان الصدقة بعيدا عن النفاق والرياء، لاتخاذ هذا الشخص أو ذاك نموذجا يحتذى، وقدوة للآخرين حتى يشحذ هممهم نحو العمل الخيري، ونحو العطاء.

وأشارت الدكتورة الغمراوي في حديثها إلى أنَّ موائد الرحمن أيضا فرصة لتنشئة الأبناء على معنى العطاء، وعلى معنى البذل، وعلى معاني التكافل والتسامح، مؤكدة أنَّ من يتحلى بهذه الصفات من سخاء وكرم فهو يحيا بصحة نفسية، وهو بعيد كل البعد عن الاضطرابات النفسية والاكتئاب، حيث أثبتت الدراسات العلمية أن مع العطاء والبذل يتحفز هرمون الدوبامين أو إكسير السعادة الذي يضمن للشخص حياة بلا أمراض نفسية أو اضطرابات نفسية.

مساحة إعلانية