رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

ثقافة وفنون

2524

رواية الزجاج المكسور للكاتب أحمد المهندي.. بين تجسيد الانتماء وسردية الأسلوب

13 أغسطس 2022 , 07:00ص
alsharq
بقلم: ظافر آيدن دركوشي- (قراءة نقدية)

بنفحات وجدانية خالصة، وصور إنسانية تلامس عيني القارئ المحدقتين في سطور احتضنت بين مفرداتها معنى الهوية والانتماء، ينثر الكاتب ما فاض به أسلوبه من عبارات، وما باح به قلمه من كلمات، تملأ أفقاً بحجم الوطن، في رواية اختزلت بين طياتها أنبل الأحاسيس، وجسدت بين سطورها أسمى المشاعر. إنها رواية "الزجاج المكسور" للكاتب القطري أحمد إبراهيم المهندي.

بصفحاتها المائتين والخمسين وبأسلوب تعبيري محكم، تمكن الكاتب من تغطية أحداث امتدت لسنوات طويلة، عاصرت عدة أجيال عبر أسلوب سردي دقيق التوصيف، وصياغة واضحة لمفردات مفهومة للقارئ، سواء ما تعلق بخصوصية المكان الذي تجري فيه الأحداث، أو بالبيئة الطبيعية المحيطة بحيز المكان، من خلال عبارات ربطت الشخصيات المتشابهة في أماكن مختلفة، وأظهرت إلى العلن المشاعر المتدفقة من داخل الأشخاص أنفسهم، التي غاص الكاتب في أعماقها عبر كل شخصية على حدة، فنثرها على الورق بلسانه حيناً وبلسان حال أبطال الرواية أحيانا أخرى.

لقد وصلت الحبكة الروائية أوجها في مشاهد عديدة في الرواية حين تمكن الكاتب من كسب تعاطف القارئ مع العديد من الشخصيات ابتداء من رفض معلم الرياضة لــ "إسماعيل" تسجيله بفريق كرة القدم لضعف بنيته الناتج عن سوء التغذية بسبب الفقر الشديد، وما شعر به من ظلم وقهر بين أقرانه في المدرسة، مرورا بموت "رغد" حسرة على رفض أهلها خطبتها من "علي"، ذلك الإنسان الذي أحبته، والذي كان ذنبه الوحيد هو أنه أحب وطناً لم يمنحه أوراقا ثبوتية، وصولا إلى "فيصل" الذي فصلت الأوراق الرسمية بينه وبين إخوته فذاق طعم الحسرة والهوان، فقط لتأخره عن تثبيت اسمه بين أولئك المنتمين لأوراق الوطن فحالت الإجراءات الروتينية بينه وبين شعوره بهويته.

حملت العناوين المنفصلة لمشاهد الرواية أسماء الشخصيات التي يدور المشهد حولها، وكأن الكاتب أراد من خلال ذلك تركيز انتباه القارئ على أهمية كل شخصية من شخصيات الرواية في الأجيال المتعاقبة، وأن البطولة ليست مطلقة لإحداها على حساب الأخرى، فنجح بذلك من كسب تعاطف القارئ مع "إسماعيل" من خلال قبول "سارة" بالزواج منه على الرغم من فقره، وكذلك التعاطف مع "علي" الذي أبعده عدم امتلاكه للهوية الورقية عمن يحب وجعله في غيبوبة طويلة نتيجة الضرب المبرح، الذي تلقاه من "عبدالعزيز" شقيق "رغد" والتي ماتت بسبب حزنها على ما أصاب "علي"، وحتى والدها "العم فهد" قد استأثر أيضا بقدر كبير من التعاطف بعد تأنيب الضمير الذي أصابه بسبب ظلمه لـ "علي" والذي استقر حاله في شلل تام حتى مات حزنا وقهرا على ابنته "رغد"، وكذلك الأمر بالنسبة لـ "عبدالله" الذي آثر العودة إلى الأرض التي ولد فيها فكان انتماؤه لها نقياً من غير شوائب ولا أوراق.

لم يفقد الكاتب الأمل في تغيير واقع آلم الكثيرين، ممن كان انتماؤهم للوطن أكبر بكثير من مجرد أوراق تحمل صورهم وأسماءهم، فجعل من "جاسم" تلك الشخصية الثابتة تتغلب على واقع مرير من خلال زواجه بــ "هدى" التي لا تملك من الأوراق سوى حبها الشديد لجاسم، والتي تحملت الكثير ودفعت ثمنا كبيرا لذلك، بخسارتها لجنينها قبل أن تنتصر بذرة الحب والخير المغروسة في قلبي كل من هدى وجاسم واللذين حصدا ثمرة صمودهما بولادة "ناصر"، ذلك الطفل الذي ترتسم على شفتيه الصغيرتين ابتسامة أمل مشرق، استطاع الكاتب أن يرمز إليها باحترافية ليُبقي الباب مفتوحاً أمام شمس ساطعة، تجعل من يعيش على أرض ولد فيها وأكل من ثمارها وأعطاها من حبه وإخلاصه، أن يشعر بالانتماء إليها والتضحية من أجلها وبالتالي أن يمتلك اسمها وهويتها.

رواية "الزجاج المكسور" للكاتب أحمد المهندي أنموذج ناجح لتجسيد المشاعر النبيلة، التي جسدها الكاتب عبر شخصيات مثلت الواقع بكل تفاصيله، بأسلوب نسجت فيه العواطف الإنسانية خيوطها وكتبت به العبارات الوجدانية حروفها، فاستحقت أن تكون من بين الروايات التي تُغني المكتبة العربية عموما والمكتبة الخليجية على وجه الخصوص، تجعل القارئ العربي يشعر أن الرواية العربية ما زالت بخير، تجسد قضايا الإنسان العربي وهمومه بحس الهوية الوطنية، والعشق الذي يجعل صاحبه يمتزج بهواء الوطن وترابه على مر الأزمان.

اقرأ المزيد

alsharq أمسية شعرية جديدة في «الجسرة»

نظم صالون الجسرة الثقافي، بنادي الجسرة الثقافي الاجتماعي، أمسية للشاعر عزيز الرسام، رافقه في العزف والغناء كل من... اقرأ المزيد

40

| 24 نوفمبر 2025

alsharq الدوحة تحتضن مؤتمر الاتحاد العربي للمكتبات والمعلومات

-د. حمد الكواري: العدالة الرقمية ضرورة ملحة لحماية هويتنا -د. نبهان الحراصي لـ السرق: قطر حاضنة للثقافة العربية... اقرأ المزيد

56

| 24 نوفمبر 2025

alsharq الفنون العمانية تستقطب جمهور كتارا

شهد كورنيش كتارا تفاعلاً جماهيرياً لافتاً مع الاحتفال الفني الذي جرى تقديمه بالتعاون بين المؤسسة العامة للحي الثقافي... اقرأ المزيد

48

| 24 نوفمبر 2025

مساحة إعلانية