رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

ثقافة وفنون

1248

غيابه تشتيت للجمهور أم تعزيز للتنوع ؟

التنسيق بين الفعاليات الثقافية.. ضرورة مفقودة

14 يناير 2024 , 07:00ص
alsharq
❖ طه عبدالرحمن

في ظل ما يشهده المشهد الثقافي من زخم للفعاليات المختلفة، يطرح التساؤل نفسه عن مدى حضور الجمهور لها، كونه المستهدف الأساس من إقامتها، وما إذا كان تزامن إقامة هذه الفعاليات يسهم في تشتيت الجمهور، أم أن زخم إقامتها يمكن أن يجعله أمام جملة من الخيارات، ليختار ما يناسب حضوره.

"الشرق" طرحت هذه التساؤلات على عدد من المبدعين، فلم تتباين آراؤهم كثيراً في أهمية زخم الفعاليات في حد ذاته، فيما كان اختلافهم حول مدى التنسيق فيما بينها، إذ هناك من أبدى انحيازه لأهمية التنسيق، مقابل آخرين رأوا أهمية أن تكون هناك الحرية أمام الجمهور ليختار ما يشاء من موضوعات ثقافية مطروحة، دون أن يغفل الجميع أهمية اختيار الموضوع المطروح، والمتحدثين له، وفق معايير موضوعية.

د.عبدالله فرج: يجب تذليل الصعاب لجذب الجمهور

يقول الكاتب والإعلامي د. عبدالله فرج المرزوقي، إن إقامة الفعاليات الثقافية مع تنظيمها يعنيان القدرة على الجمع بين مهارات الإدارة بدءًا من البحث والتخطيط والتنسيق وصولًا إلى التنفيذ، مرورًا بتوظيف الأفكار الإبداعية وأدوات التسويق وجذب الجمهور، وهذا يتطلب من الجميع معرفة جيدة بنوعية الفعالية وهدفها وجمهورها المستهدف، بجانب أدق التفاصيل من حيث المكان والحضور، واختيار المتحدثين، ممن لديهم خبرة وسمعة جيدة.

ويتابع: إن إقامة مثل هذه الفعاليات يجب أن يكون وفق خطط مدروسة، وتذليل الصعاب من أجل حضور الجمهور، دون إغفال الجوانب الفنية بهذه الفعاليات لجذب الجمهور إليها، مع تحديد هدفها، إذ إن الهدف مهم لأن على أساسه يتم تحديد المهام وطبيعة الجمهور المستهدف، علاوة على الزمان والمكان، مع مراعاة أهمية التنسيق بين الفعاليات الثقافية والمهرجانات والمسابقات والحفلات الفنية المختلفة، بما يحقق النجاح لها، "وكلنا ثقة في أن الجهات القائمة جديرة بتحقيق ذلك، ليستفيد الجميع من كل الفعاليات الثقافية والفنية، والتي تشهدها بلادنا، ونحن في أجواء بطولة كأس آسيا، وما يحققه تنظيمها من نجاح باهر، يضاف لذلك النجاح الذي حققته قطر في استضافتها لمونديال 2022.

د. خالد البوعينين: الطرح الهادف أحد عوامل النجاح

يشدد الكاتب والمؤرخ د. خالد البوعينين على أهمية أن يكون هناك تنسيق مسبق بين الجهات المعنية بضخ وتنظيم الفعاليات الثقافية مسبقًا، منعًا لأي تداخل، يمكن أن يسهم في تشتيت الجمهور، أو تشابه العناوين المطروحة للنقاش، خاصة وأن الهدف الأبرز من هذه الفعاليات هو أن يكون الموضوع المطرح ذا قيمة ومعنى وهدف، علاوة على أهميتها في استقطاب الجمهور.

ويقول: كلنا ثقة في أن تراعي الجهات الثقافية المعنية مثل هذا التنسيق، تجنبًا لأي تداخل، وحتى تحقق الفعاليات الموجهة للجمهور هدفها في أن يكون الجمهور هو المستهدف من وراء إقامتها، بغية تعزيز حالة الوعي بين أفراد المجتمع، علاوة على إثراء المشهد الثقافي الذي يسعى إليه الجميع، وفي القلب منه الجهات والمؤسسات الثقافية، والتي لا تألو جهداً في تقديم محتوى هادف، ينشر الوعي والمعرفة في أوساط المجتمع.

ويتابع: إنه من الضروري حتى يستمر هذا الدور للجهات المعنية، فإنه يجب إعادة النظر في الموضوعات المطروحة للنقاش، بحيث تلامس اهتمامات الجمهور، وتعكس تطلعاتهم، لتكون هدفًا لهم، ومحورًا يستقطبهم إلى حضورها، مع ضرورة تجنب النمطية في الطرح، واختيار المشاركين وفق معايير موضوعية، لتتكامل منظومة الفعاليات الثقافية، في اختيار توقيت إقامتها وموضوعها المناسب، وكذلك المشاركين، الأمر الذي ستكون نتيجته استقطاب الجمهور.

صالح غريب: تحديد البرامج مسبقاً وسيلة للتنسيق

يرجع الكاتب والإعلامي صالح غريب إشكالية غياب التنسيق بين الفعاليات الثقافية إلى عدم وجود "أجندات" مسبقة لدى الجهات المعنية بتنظيم مثل هذه الفعاليات، ما يفرض تداخلاً في التوقيت الزمني عند إقامتها.

ويقول: إن التداخل يحدث أحيانًا بين الفعاليات الثقافية التي قد تنظمها مؤسسة ثقافية بعينها، سواء من حيث تشابه العناوين المطروحة، أو التقارب الزمني في إقامة مثل هذه الفعاليات، ما يتطلب ضرورة إعادة النظر فيما يطرحه من ناحية، وكذلك فيما يتعلق بالتوقيت الزمني من ناحية أخرى.

ويضيف إن هذا التداخل يسهم في تشتت الجمهور، في الوقت الذي ينبغي فيه الحرص على أن يكون الهدف الأساس من إقامة مثل هذه الفعاليات هو استقطاب الجمهور إليها، بما يخلق حالة من الوعي بين أفراد المجتمع، ويحقق بالتالي الهدف المنشود بحضور الجمهور لهذه الفعاليات. مشددًا على ضرورة أن تكون هناك "أجندة" معدة مسبقاً للفعاليات الثقافية يتم الإعلان عنها بوقت كاف، حتى لا يتم التداخل، وتفادى الجهات الأخرى ذات العلاقة، تكرار العناوين المطروحة، وكذلك التوقيت الزمني، حتى لا يتم تنظيمها في أوقات متقاربة مع بعضها البعض، فيكون بذلك تشتيتًا للجمهور من ناحية، وإهدارًا للجمهور من ناحية أخرى.

حنان الشرشني: التنسيق المسبق للفعاليات ضد حرية الجمهور

تبدي الكاتبة حنان الشرشني انحيازها لتنوع الفعاليات وعدم ترتيبها على نسق واحد أو أن تتبناها جهة واحدة دون غيرها. وتقول: لولا اختلاف الأذواق لبارت السلع، ولذلك فإنه لا يمكن حصر الفعاليات في توقيت معين أو جهة معينة، كما أؤيد حرية الجمهور في اختيار المناسب له، وبما يتوافق مع وقته واهتماماته، وخاصة إنّ الاجواء أصبحت معتدلة ومناسبة لإقامة الفعاليات وفي أماكن مفتوحة، وقد يساعد ذلك على أن تجتمع الأسر مع بعضها البعض في أكثر من فعالية، كل حسب اهتماماته وميوله.

وتقول: لو أن أكثر من جهة ثقافية نظمت فعالية لموضوع معين بعينه، ثم تم تناوله من زاوية أخرى، فإن هذا الاختلاف جميل ويحمل إثراءً ومتعة للجمهور، ليكون هذا هو الهدف من إقامة الفعاليات بحد ذاتها".

آمنة السيد: "رزنامة" الفعاليات الشهرية توحد الجهود

تصف الكاتبة آمنة يوسف السيد، الفعاليات الثقافية بأنها رافد حضاري وتراثي وتربوي يضيع عتمات الجهل ويحيي العلم، وأن إقامتها تدل على تقدم الدول التي تُعنى بالثقافة، ما يجعلها دولاً رائدة. وترى ضرورة في أهمية توحيد الجهود بما يؤدي إلى الهدف بشكل أعمق وأسهل، للوصول إلى جميع المستهدفين، مما يعطي زخمًا ثقافيًا ويقرب وجهات النظر ويحقق رؤية قطر 2030.

وتقول: إن الفعاليات التي تقام في وطننا يجب أن يكون لها أربع ركائز أساسية، أهمها تطوير الفرد، إن لم يكن من خلال توحيد الجهود، فيكون من خلال توحيد الصورة للوصول إلى العنصر البشري الهام الذي تقام عليه الدولة كأساس لبناء الحضارة.

وترى أنه لو كانت هناك مثلاً فعالية تركز على البيئة القطرية، فإن كل الوزارات يجب أن تعمل على ذلك كما يحدث في اليوم الوطني للدولة، وذلك حتى تكون وجهتنا وأولوياتنا واحدة.

وتقترح على وزارة الثقافة إعداد "رزنامة" سنوية مقسمة بالأشهر بحيث يكون لكل شهر فعالية خاصة به، فمثلاً شهر ديسمبر، وبمناسبة اليوم الوطني، يمكن أن تتوجه كل الفعاليات إلى هذه المناسبة، بتناول القيم والهوية الوطنية وغيرها، وكذلك الحال في شهر فبراير، يتم الربط بين الثقافة والرياضة مثلاً، وبالمثل خلال شهر رمضان يكون النقاش حول القيم الإسلامية وتعاليم الدين الحنيف وبناء الانسان، وهكذا بما يجعل لكل شهر موضوعه الخاص، مع إعداد شعار أو رمز بحروف وفكر أو كلمة أو بيت شعر تعبر عن موضوع هذا الشهر، ويتم نشر ذلك على جميع الوزارات والجهات ووسائل التواصل والإعلام، بما يوحد الصورة في تحقيق هذه الرؤية.

وتشدد على ضرورة وجود "رزنامة" ثقافية للفعاليات شهريًا، تتوحد فيها الجهود، "وأن تعمل عليها جميع الوزارات، فيكون لدينا 12 فعالية ثقافية على مدى 12 شهرًا، تناقش جميع المجالات الثقافية، وبمشاركة الجميع، مستهدفين جميع فئات المجتمع، وباللغتين العربية والإنجليزية.

وتقول: إن وزارة التربية والتعليم والتعليم العالي التي تعمل بها كنائبة مدير، بالإضافة إلى دورها الثقافي كمؤلفة ومدربة قطرية، فإنها تطمح الى أن يكون المجال الأكبر في نشر هذه الفعاليات في مدارسنا كما يحدث في الأنشطة القائمة فيها، وعندما يكون المجال أعم ويصل لجميع الجهات والمؤسسات في الدولة، فإن ذلك يجعل الأمور أسهل وأيسر".

روضة العامري: التنسيق يعزز التفاعل ويثري المشهد الثقافي

تؤكد الكاتبة روضة العامري أن التنسيق بين الفعاليات الثقافية التي تنظمها جهات مختلفة يحمل أهمية كبيرة في تحقيق نجاح وجذب اهتمام الجمهور، حيث يسهم التنسيق في إنشاء تجربة متكاملة ومتنوعة للحضور، مما يعزز التفاعل الإيجابي ويثري المشهد الثقافي.

وتقول: بصفتي خبيرا ثقافيا، في مجال الثقافة والفنون والتراث، وأعمل ضمن كادر الفعاليات الثقافية والتراثية، فإنني أرى أن تحقيق التنسيق يعكس حرصًا على استقطاب الجمهور، إذ يتيح ترتيب الفعاليات بشكل منظم ومتناغم إمكانية استمتاع الحضور بتجارب متعددة دون تشتيت، ويعزز ذلك فهم الحضور للمحتوى الثقافي ويعمق ارتباطهم بالفعاليات المقدمة.

وتتابع: إن عدم التنسيق يتسبب في تشتت الجهود والانتباه، ما يقلل من جاذبية الفعاليات، ومع ذلك، يجب الحفاظ على التوازن، بحيث يتيح عدم التنسيق للجمهور حرية اختيار الفعاليات التي يرغب في حضورها، ما يتيح بالتالي للفرد تجربة فريدة وتنوعا في اختياراته. لافتة إلى أن "التنسيق بين الفعاليات يعكس اهتمامًا بتحسين تجربة الحضور، مع ضرورة إتاحة مساحة للحرية الشخصية للاختيار، مع ضرورة ألا يكون التنسيق تقييدًا مطلقًا، وإنما يكون هدفًا لتحسين الاستمتاع العام والتفاعل مع الفعاليات، مع احترام حرية الفرد في اختيار ما يناسبه.

مساحة إعلانية