رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

عربي ودولي

2242

النَّقَب ينتفض في وجه الاحتلال.. تجريف وتهجير بحجة التّشجير

18 يناير 2022 , 07:42ص
alsharq
النقب المحتل - حنان مطير

يواجه البدو في صحراء النقب أقسى حملة لتهجيرهم من قبل الاحتلال الصهيوني وأبشع سياسة لإخراجهم وتغريبهم عن أرضهم، لكنهم يقفون بصمودٍ متحدّين جيش الاحتلال الذي لا ينفك يعتدي على أصحاب الأرض بشتى الطرق الهمجية.جِنين الأطرش طفلة بعمر 14 عامًا خرجت برفقة صديقات مدرستِها لتشارك في المظاهرة السلمية الرافضة لتهجير السكان وتجريف أراضيهم بحجة التشجير قبل أن يتم اعتقالها وإرهابها من قبل الجيش. تروي "للشرق":" خرجتُ والحماس والصمود يملآن قلبي، فتلك أرضي التي وُلِدت فيها ومن قبلي أبي، والتي لا يمكن أن أقف فيها مكتوفة اليدين بدون أي رد فعلٍ، لففتُ شعري بالكوفية وانطلقت برفقة زميلاتي في المدرسة".

أملك الحق

وتقول جنين ذات الاسم الثوري الذي انتقاه لها والدُها حبًا بمدينة جنين الثائرة والمقاوِمة: "إنني لا أملك سلاحًا ولا قنابل ولا غازا ساما أو مسيلا للدموع، كل ما أملكه هو "الحق" في أرضي وفي أن أعلو بصوتي صارخةً "ارحل أيها الاحتلال البغيض"، ومثلي صديقاتي اللواتي لم يتوقفن عن التظاهر والوقوف في وجه الجنود ففي حب الأرض لا فرق بين شاب وصبية". وتضيف: "رحنا نهتف أن النقب لنا وأن الاحتلال سيزول، شعرت بالصمود والتحدي والقوة تجتاحني، علوت بصوتي ليصل عنان السماء حتى انتشر الجيش الصهيوني كالجراد بيننا، وبدأ باعتقالِنا".لم تُبدِ جِنين خوفًا ولا انكسارًا ولا ارتباكًا، تصف: "حاولتُ أن أظهر بكامل شموخي وصمودي أمام المنتفضين من أهلي في النقب وصديقاتي ووسائل الإعلام والأهم أمام مئات الجنود المنتشرين والمدججين بالسلاح، لأثبت لهم أن كل معداتهم العسكرية لن تُرعب صاحب الحق والأرض حتى وإن كان صغيرًا، فلتلك الابتسامة في قاموسنا نحن الفلسطينيين لها ألف معنى ومعنى يربك الاحتلال". وتتابع: "اقتادني الجنود وأنا أبتسم ابتسامةً عريضةً، وفتشوني وانتزعوا حجابي وقذفوني بالجِب العسكري، وأمام عينيّ كانوا يركلون ويضربون شابًا بأرجلهم وأسلحتهم بكل ما امتلكوا من إجرام وشراسة، كان المشهدُ مؤلمًا للغاية والتعذيب أقسى مما قد يتخيل العقل". وتعلق: "المهم أن كل الشجيرات التي زرعها الاحتلال تم قلعها". وفي ذات اليوم الذي شاركت فيه جِنين بالمظاهرة، سمعتْ نبأ إصابة خالِها طالب علي السعايدة إصابةً خطيرة بالرصاص المطاطيّ في الرأس وهو مشارك في نفس المظاهرة السلمية والمرخصة ليتم نقله لمستشفى "سوروكا" ويقضي حتى اليوم في العناية المشددة غائبًا عن الوعي ويمنع الاحتلال دخول أحد عنده. تعلق: "إنهم يقتلون ويعتقلون ويعتدون بالضرب الإجرامي علينا وعلى أهالينا ويسرقون أراضينا وبيوتنا، ومن قبل ذلك يحرموننا من كل مقومات الحياة الأساسية فكيف يهدأ لنا بال؟ ليس أمامنا من خيار غير الصمود في وجوههم حتى طردهم".

أما والد جنين سلمان الأطرش -49 عامًا- فيخبر "الشرق" قائلًا "إن التهجير سمة أساسية للاحتلال فمن بعد تهجير أبي وجدي عام 1948، واحتلال الأرض، هُجر والدي عام 2008 بالقوة مرة أخرى من رهط إلى منطقة الخورا، وها هم يسعون لتهجيرنا من جديد". ويضيف: "لكننا الأكثر حرصًا على أرضنا وارتباطًا بها، إننا لا نغادرها وسندافع عنها بأرواحنا". وكان باسم أبو ربيعة أحد المتظاهرين في النقب وقد أصيب في ذقنه مما عرضه لكسور خطيرة فيه وفي الفك، وبالرغم من الآلام الشديدة التي يعانيها باسم إلا أنه يبتسم ويوضح أن التصدي للاحتلال كان جبارًا بعدد المنتفضين وجسارة الجيل الصاعد من الشبان والشابات. وأكّد باسم أن هجوم الاحتلال كان متوحشاً والقناصة كانت تطلق الرصاص المطاطي مستهدفة الصدر والرأس والكثيرون أصيبوا بالاختناق من قنابل الغاز التي ألقتها طيارة. وصرح بلا تردد بأن الرصاص والقمع لن يردعا أهل النقب أبدًا وأنه سيشارك وأبناؤه وكل النقب لأنه يدافع عن حقه وأرضه.

نصف مساحة فلسطينووفق الدكتور زيد خضر فإن النقب منطقة صحراوية تقع جنوب فلسطين المحتلة، وتبلغ مساحتها 14 ألف كم2 أي نصف مساحة فلسطين، وتمتد من جنوب الخليل إلى خليج العقبة ومن وادي عربة حتى البحر المتوسط، وتقطنها الكثير من القبائل والعشائر البدوية العربية مثل: الترابين والتياها والعزازمة والجهالين.

ويوجد في النقب أكثر من 10 مدن عربية أهمها: بئر السبع، رهط، عرعرة، تل السبع، تل عراد، كما يوجد حوالي 160 قرية وتجمعا عربيا، ويبلغ تعداد البدو العرب الآن حوالي 400 ألف نسمة. وفي عام 2005 وضعت سلطات الاحتلال خطة لتهويد النقب سميت "الخطة القومية الاستراتيجية لتطوير النقب" وتتلخص في زيادة عدد اليهود إلى قرابة مليون نسمة، على ألا يزيد العرب على 200 ألف نسمة.

إهمال وحرمانواستهدف الاحتلال قرى النقب بالهدم والإهمال والحرمان من الخدمات الأساسية فهدم أكثر من 26 ألف منزل، واستولى على الأراضي الزراعية فصادر أكثر من 13 مليون دونم، ولم يعترف بنحو 36 قرية عربية وحرمها من كل الخدمات واعتبرها "قرى غير معترف بها ". وازدادت في الأسبوع الماضي هجمات الجيش الإسرائيلي والمستوطنين على قرى النقب بالتجريف وهدم المنازل تطبيقا لخطتهم القومية، وهاجموا قرى: الأطرش وسعوة وبير هداج، والزرنوق والرويس وغيرها يهدمون البيوت ويعتقلون السكان.وبالرغم من قمع شرطة الاحتلال التظاهرات بالقوة إلا أن المواجهات ما تزال مستمرة بين أصحاب الأرض العزل والاحتلال.

مساحة إعلانية