رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

عربي ودولي

22699

السودان والمؤامرة الكبرى: التطبيع مع إسرائيل والتقسيم إلى دويلات.. متى وكيف؟

21 فبراير 2020 , 07:50م
alsharq
محاولات لوأد الثورة السودانية تمهيدا لتنفيذ المخططات الإسرائيلية
عبدالرحيم ضرار:

لم يكن اللقاء الذي جمع عبدالفتاح البرهان رئيس المجلس السيادي السوداني وبنيامين نتنياهو رئيس الوزراء الإسرائيلي في أوغندا في الثالث من الشهر الجاري، لقاءا عفويا وعاديا، إذ حمل في طياته حزمة من التساؤلات القديمة المتجددة حول نظرة الكيان الصهيوني للسودان ، مخاوفه ومخططاته ضده، وأثبتت الوقائع والشواهد التاريخية في المنطقة العربية قاطبة أن المخططات الإسرائيلية لم تكن لتنجح في أي دولة في العالم دون وجود أذرع تتعاون معها من هذه الدولة أو من الدول المجاورة لها تستخدمها لتمرير أجنداتها وتنفيذ سياساتها وتراقب من خلف الستار النتائج والتداعيات.

المؤامرة الكبرى التي يتعرض لها السودان من قبل الكيان الصهيوني عبر الموساد ومؤسساته الاستخباراتية ، والتي تستهدف إثارة الأزمات الداخلية وزرع الفتن القبلية أو العنصرية بالقدر الذي يمهد لتقسيمه إلى عدة كيانات أو دويلات أسوة بما حدث في جنوب السودان، وإسرائيل فيما يبدو ما كان لها أن تمضي قدما في تنفيذ هذه المؤامرة دون وجود حلفاء لها من الداخل السوداني كيانات أو أفراد بالإضافة إلى الغطاء الأمريكي والرعاية التي قدمتها ثلاث دول عربية بينها دولتان خليجيتان من أجل استغلال أوضاع السودان الحالية لتحفيز وتسريع عملية التطبيع مع إسرائيل ومن ثم الدخول ضمن جوقة الدول الموافقة والمؤيدة لصفقة القرن وذلك مقابل رفع السودان من القائمة الأمريكية للدول الراعية للإرهاب، وذلك بحسب التسريبات والتقارير الإخبارية التي أعقبت لقاء البرهان - نتنياهو .

وبالنظر للأوضاع الراهنة والأحداث التي يشهدها السودان على الصعيد الداخلي وموقف رئيس المجلس السيادي الداعم للتطبيع مع إسرائيل وازدياد الأزمات المفتعلة التي تشكل عائقا أمام استقرار الحكم والحياة في السودان، نجد أن المخططات اليهودية لضرب السودان تسير على قدم وساق ، فمتى وكيف ومن أين انطلقت مخاوف إسرائيل من السودان دولة وشعبا؟.

متى وكيف؟

 التقارير الاستخباراتية والدراسات الإسرائيلية التي بدأت تظهر في الإعلام في السنوات الماضية أكدت أن البداية كانت منذ خمسينيات القرن الماضي، وكشفت تركيز الكيان الصهيوني على السودان منذ استقلاله في الأول من يناير عام 1956 ، حيث ترى إسرائيل أنه من أهم واجباتها ومهماتها في المنطقة هو عدم تمكين السودان من الاستقرار والتنمية الاقتصادية تلك التي قد تجعله قوة إقليمية عربية وافريقية، وتشير التقديرات الإسرائيلية إلى أن السودان لو تمكن من  استثمار موارده الطبيعية والمائية وتنمية أراضيه الزراعية والباطنية "المعادن والغاز والنفط" سيصبح  قوة لا يمكن الاستهانة بها ويحسب لها ألف حساب في المنطقة والعربية والقرن الأفريقي. وعملت إسرائيل وأجهزتها الاستخباراتية على إنشاء ما يعرف بالتحالف الدائري وهو تحالف يستهدف ستقطاب الدول المجاورة للدولة التي تشكل لها قلقا ، وفي حالة السودان كان التحالف الدائري يتمثل في أوغندا و إثيوبيا وأرتريا وزائير سابقا "الكونغو الديمقراطية حالياً". ولعبت أوغندا دورا بارزا في ذلك وخير شاهد أنها احتضنت أول لقاء رسمي سوداني - إسرائيلي في الثالث من فبراير الجاري.

كما كشفت تقارير إخبارية أن جميع الرؤساء الذي تعاقبوا على الكيان الإسرائيلي " بنجوريون وليفى أشكول وجولدا مائير وإسحاق رابين ومناحيم بيغن ثم شامير وشارون وأولمرت وصولا لنتنياهو" دعموا المخططات والمؤامرات التي ترتكز على إضعاف السودان عبر صنع الأزمات القبلية والمناطقية والحروب الداخلية التي من شأنها أن تشكل عائقا أمام بناء دولة مستقرة سياسيا واقتصادية وعسكريا معادية لإسرائيل ويمكن أن تلعب دورا فاعلا في المشهدين الإقليمي والعالمي.

قمة اللاءات الثلاث

بعد كل ذلك جاءت قمة اللاءات الثلاث "لا صلح ولا اعتراف ولا تفاوض" مع الكيان الصهيوني طالما أن حقوق الفلسطينين مازالت مغتصبة .. وهي مخرجات القمة العربية التي استضافتها العاصمة السودانية الخرطوم عام 1967 والتي جاءت في أعقاب هزيمة 67 أو ما عرف بـ"النكسة" أو حرب الأيام الستة بين مصر وسوريا والأردن من جهة والكيان الإسرائيلي من الجهة الأخرى، القمة أكدت أيضا على ضرورة وحدة الصف العربي والتنسيق والقضاء على كل الخلافات العربية العربية .. الأمر الذي شكل هاجسا أمام إسرائيل وأكد صحة مخاوفها من السودان، فاتفاق العرب على أجندة واحدة وتضامنهم ووحدتهم يعني إنتهاء حلم إنشاء دولة إسرائيلية . لذا كثفت إسرائيل ومنظماتها عملها من أجل إحداث شروخ في الجسم العربي والإسلامي على كافة المستويات وأجلها خصوصا السياسية والاقتصادية ..

كما شكل الدور الذي لعبه السودان خلال حرب الإستنزاف " 1970 - 1968" ودعمه اللامحدود لمصر في تلك الفترة،  قلقا مزمنا لإسرائيل والمنظمات اليهودية العالمية الداعمة لها ، وعلى إثر ذلك اعتبر الكيان الإسرائيلي أن السودان عدوا حقيقيا يجب العمل على إضعافه وتفكيكه، فطيلة هذه الفترة وبعد مضي أكثر من 53 عاما إلا أن إسرائيل كانت ولا تزال تعتبر السودان خطرا كبيرا يهدد مصالحها ومخططاتها في المنطقة والقرن الأفريقي، إذ أنها تعتبر السودان واحدا من الدول التي تتمتع بموقع استراتيجي في قلب القارة الأفريقية وإطلالته المميزة على البحر الأحمر  لذا جعلت هدفها الأول هو خلق حالة من عدم الاستقرار الداخلي في السودان وشغله بالخلافات المناطقية في الأقاليم الحدودية مثل جنوب السودان ودارفور والنيل الأزرق والعمل على زرع بذور الفتنة الداخلية تمهيدا لتقسيمه، ونجح الكيان الإسرائيلي في ذلك إلى حد كبير عندما قدم دعمه وتشجيعه لانفصال جنوب السودان وهذا ما حدث بالفعل عقب توقيع اتفاق نيفاشا الذي أفضى إلى انفصال جنوب السودان ليصبح دولة مستقلة في العام 2011.

انفصال الجنوب .. والتمهيد لانفصال دارفور

والمؤامرات الإسرائيلية ضد السودان أكدها مستشار الأمن القومي الإسرائيلي السابق آفي ديختر في محاضرة ألقاها في معهد أبحاث الأمن القومي الإسرائيلي في الرابع من سبتمبر 2008 وتناقلها النشطاء السودانيون على نطاق واسع وتناولتها القنوات الإخبارية العربية ووسائل الإعلام الإسرائيلية لفترة من الزمن، وبالطبع تجاهلتها وسائل إعلام النظام السابق ، حيث تحدث ديختر فيها عن السودان، وأكد عبرها أن حلفائهم في الجنوب "يقصد جنوب السودان" قادرون على تنفيذ أجندة إسرائيل في السودان وأن قدرا كبيرا ومهما من الأهداف الإسرائيلية في السودان قد تحقق على الأقل في جنوب السودان وهذه الأهداف تكتسب الآن فرص التحقيق في دارفور، كما تسائل ديختر في المحاضرة عن الاهتمام الإسرائيلي بالسودان وإعطائه قدرا كبيرا من الأهمية ولماذا التدخل في شؤونه الداخلية في الجنوب" قبل الانفصال" وفي الغرب حاليا - دارفور تحديدا - طالما أنه، أي السودان، لا تربطه أي جغرافيا أو حدود مشتركة مع إسرائيل".

السودان.. المساحة والثروات الطبيعية

وفي إجابته على هذه الأسئلة أكد ديختر إن السودان شكل عمقا استراتيجيا لمصر وتجلى ذلك بعد حرب 1967 حيث تحول إلى قواعد تدريب وإيواء لسلاح الجو المصري والقوات البرية وأرسل قوات من جيشه إلى قناة السويس أثناء حرب الاستنزاف، وقال إن "السودان بثرواته الكثيرة وموارده الطبيعية ومساحته الشاسعة وعدد سكانه كان من الممكن أن يصبح دولة إقليمية قوية منافسة لدول عربية رئيسة لكن السودان ونتيجة لأزمات داخلية بنيوية، صراعات وحروب أهلية فى الجنوب استغرقت ثلاثة عقود ثم الصراع فى دارفور ناهيك عن الصراعات حتى داخل المركز "الخرطوم" تحولت إلى أزمات مزمنة . هذه الأزمات فوتت الفرصة على تحوله إلى قوة إقليمية مؤثرة تؤثر فى البيئة الأفريقية والعربية."

وشدد ديختر على أنه وبعد مشاركة السودان القوية ودعمه لمصر خلال حرب الاستنزاف كان لابد أن تعمل إسرائيل وبجدية على إضعاف السودان وخلق أزمات تعوق قدرته على بناء دولة قوية كبيرة وموحدة مهما كلف الأمر وذلك يعتبر من ضرورات الأمن القومي الإسرائيلي.

ومثلما وجدت إسرائيل في جنوب السودان "حلفاء" لتنفيذ أجندتها فربما وجدت هذه المرة حلفاء قادرين على تنفيذ أجندتها الجديدة الساعية إلى إحداث أزمة في إقليم دارفور تمهيدا لتكملة مخططاتها الرامية إلى تقسيم السودان إلى عدة دويلات، بل وحصلت على أكثر من ذلك عبر وجود ثلاث دول عربية "بينها دولتان خليجيتان" حليفة لها وقادرة على تلبية رغبتها وأجنداتها ليست في السودان فحسب وإنما في كل المنطقة العربية والشرق الأوسط.

نظام البشير

وبالرجوع إلى الوراء قليلا نجد أن وجود نظام فاسد "نظام الرئيس المعزول عمر البشير" قد وفر بيئة خصبة لتمرير المخططات والمؤامرات الإسرائيلية التي نجحت بقدر كبير في قطع شوط بعيد ، مع انخراط قيادات من الحركة الشعبية في جنوب السودان في مؤامرة التقسيم وتنفيذ المخطط الإسرائيلي الامريكي، هذا علاوة على نظرة قيادات الحزب الحاكم في عهد البشير، والتي رهنت مصالح السودان الوطنية والإستراتيجية مقابل إحكام السيطرة على السلطة والثروة في البلاد ، فكانت النتيجة انفصال الجنوب، وتعاظم الخلافات مع الحركات المسلحة في غرب السودان والتي أدت إلى اشتعال الحرب في إقليم دارفور وهو أحد الأقاليم التي ركز الموساد الإسرائيلي عليه.

وما يشهده السودان في الوقت الراهن يثبت ما ذهب إليه مسؤول الأمن الإسرائيلي ديختر ، فحكومة رئيس الوزراء السوداني الدكتور عبدالله حمدوك أصبحت تسير في حقل من الألغام ، يتمثل في الأزمات الاقتصادية المفتعلة، وتصاعد الخلافات بينها وبين المجلس السيادي، بينما تواجه في الوقت نفسه فلول النظام السابق التي تعمل على إشاعة الفوضى وصنع فجوة بين الشعب والحكومة الانتقالية، وهناك الكثير من الأدلة التي تشير إلى دور فلول نظام البشير في تأزيم الأوضاع وخلق الأزمات خصوصا ما يتعلق بالجانب الاقتصادي لإثارة غضب الشارع ضد الحكومة الانتقالية.

وتقوم مرتكزات المؤامرات الإسرائيلية تجاه السودان والمنطقة على ما أكدته غولدا مائير رئيسة وزراء الكيان الصهيوني "1969 - 1974" عندما كانت وزيرة للخارجية عام 1967 ، حيث قالت إنه يجب إضعاف الدول العربية الكبرى واستنزاف مواردها ومكتسباتها ، معتبرة أن ذلك من أوجب واجبات إسرائيل بل وضرورة ستمكن إسرائيل من زيادة قوتها ومنعتها لمواجهة أعدائها، وفي سبيل ذلك ستستخدم إسرائيل الحديد والنار مرة ومرات أخرى الدبلوماسية ووسائل الحرب الخفية".

مغردون ونشطاء سياسيون سودانيون أكدوا أن هناك محاولات لوأد الثورة السودانية التي أطاحت بالرئيس المعزول عمر البشير في الـ 11 من أبريل 2019 ، في مهدها، حيث أن ممارسات فلول النظام السابق بمساعدة عناصرها في القوات النظامية وقوات الشرطة تهدف إلى إجهاض الثورة ووضعها أمام مفترق طرق من أجل إبعادها عن المسار الصحيح المتمثل في تحقيق الحرية والسلام والعدالة وتكريس الجهود الشعبية والرسمية من أجل الدخول في مرحلة الديموقراطية والتنمية المستدامة.

وفي وجود أيادي خفية وأجنبية تؤثر في المشهد السوداني تكشفت ملامحها مؤخرا، ربما ستشهد المرحلة المقبلة إطالة أمد الأزمات والتضييق على الحكومة الانتقالية لترسيخ عدم قدرتها على إدارة شؤون البلاد ما يمهد الطريق أمام كيانات وشخصيات، مدعومة من حلفاء إسرائيل في المنطقة، على خط السلطة مرة أخرى وتكريس إعلام الظل لخلق حالة من القلق في ذهن الشعب السوداني تجعله ينظر إلى هذه الكيانات بأنها أفضل الخيارات المتاحة في الساحة حاليا.

اقرأ المزيد

alsharq النمسا تحظر حجاب الفتيات.. وترقب لقرار المحكمة الدستورية

أقر البرلمان النمساوي مشروع قانون يحظر ارتداء الحجاب في المدارس للفتيات دون سن الـ14، في خطوة وصفتها منظمات... اقرأ المزيد

90

| 12 ديسمبر 2025

alsharq ارتفاع عدد ضحايا سوء الأحوال الجوية في غزة إلى 11 وفاة خلال 24 ساعة

ارتفع عدد ضحايا العاصفة والمنخفض الجوي العميق اللذين ضربا قطاع غزة خلال أقل من 24 ساعة، إلى 11... اقرأ المزيد

74

| 12 ديسمبر 2025

alsharq تقرير بريطاني: جيش الاحتلال ينهب قوافل الإغاثة الدولية في غزة

كشف تقرير بريطاني صدر حديثا عن استيلاء الجيش الإسرائيلي على قوافل الإغاثة الإنسانية الدولية المتجهة إلى سكان غزة،... اقرأ المزيد

78

| 12 ديسمبر 2025

مساحة إعلانية