رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

محليات

22

سمو الأمير يفتتح دور الانعقاد العادي لمجلس الشورى الرابع والخمسين

21 أكتوبر 2025 , 11:50ص
alsharq
الدوحة - موقع الشرق

تفضل حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى، فشمل برعايته الكريمة افتتاح دور الانعقاد العادي الأول من الفصل التشريعي الثاني، الموافق لدور الانعقاد السنوي الرابع والخمسين لمجلس الشورى، صباح اليوم في قاعة تميم بن حمد بمقر المجلس.

حضر الافتتاح سمو الشيخ جاسم بن حمد آل ثاني الممثل الشخصي للأمير، وسمو الشيخ عبدالله بن خليفة آل ثاني، وسمو الشيخ محمد بن خليفة آل ثاني، وسعادة الشيخ جاسم بن خليفة آل ثاني، بحسب الديوان الأميري.

كما حضر الافتتاح معالي الشيخ محمد بن عبدالرحمن بن جاسم آل ثاني رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية، وعدد من أصحاب السعادة الشيوخ والوزراء ورؤساء البعثات الدبلوماسية المعتمدين لدى الدولة والأعيان.

وألقى سمو أمير البلاد المفدى "حفظه الله" خطابا بهذه المناسبة، فيما يلي نصه:

بـسـم الله الــرحـمـن الـرحـيــم

الإخـوة والأخــوات،

يسرني أن ألتقي بكم في بداية الفصل التشريعي الجديد لمجلسكم الموقر متمنيًا لكم كل التوفيق والسداد في أداء مهامكم التشريعية.

وأود أن أنوه بالدور التشريعي الفعال لمجلس الشورى في دورته السابقة، ومساهماته الإيجابية في المنظمات البرلمانية الإقليمية والدولية.

أبدأ حديثي إليكم اليوم بالتطرق إلى اقتصادنا الوطني الذي واصل أداءه الإيجابي في ظل بيئة اقتصادية عالمية تتسم بالتقلبات.

لقد تمكنا بفضل الله ثم بفضل السياسات العقلانية المتوازنة من الحفاظ على استقرار الاقتصاد الكلي وثقة المستثمرين بقدرتنا على إدارة مواردنا بكفاءة عالية.

تهدف استراتيجية التنمية الوطنية الثالثة إلى تحقيق سبع نتائج وطنية رئيسية للسنوات الخمس القادمة، تشمل ستة عشر قطاعًا وثمانية تجمعات اقتصادية. وتكشف المؤشرات عن أداء اقتصادي واعد حيث يحافظ الاقتصاد القطري على وتيرة نمو قوية فقد سجل نسبة نمو بلغت %2.4 في العام 2024 ونسبة 1.9% على أساس سنوي خلال الربع الثاني من عام 2025. ولعبت القطاعات غير الهيدروكربونية دورًا أساسيًا وداعمًا للتنمية المستدامة. 

وتواصل مؤسسات الدولة جهودها في ترجمة رؤية قطر الوطنية 2030 إلى واقع ملموس، وهو ما يعكس الالتزام بتحقيق التطلعات التنموية المستدامة والشاملة، فقد حققت الدولة خلال الفترة السابقة قفزات نوعية في مجالات الطاقة والبنية التحتية والتعليم والرعاية الصحية والرفاه الاجتماعي، إلى جانب تعزيز مكانتها كوجهة جاذبة للاستثمارات في القطاعات التنافسية مثل التكنولوجيا والسياحة، وثمة حاجة إلى العمل على مضاعفة الجهود لتحقيق مزيد من الإنجازات في هذه المجالات. 

وحافظ القطاع المالي على متانته، مدعومًا بارتفاع الاحتياطيات الدولية والسيولة بالعملات الأجنبية لمصرف قطر المركزي في نهاية العام 2024، بزيادة قدرها 3.7% على أساس سنوي مقارنةً بنهاية العام 2023، مع بقاء التصنيف الائتماني للاقتصاد القطري عند مستويات مرتفعة لدى كبرى وكالات التصنيف العالمية، لتؤكد بذلك مرونة دولة قطر وجاذبيتها المستمرة كوجهة استثمارية آمنة ومستقرة. 

وتواصل الدولة تطبيق سياسة مالية قائمة على الانضباط والاستدامة من خلال اعتماد سعر تقديري متحفظ للنفط لضمان واقعية الإيرادات وإدارة الموارد بكفاءة مع إعطاء الأولوية للمشاريع والبرامج التي تشكل ركائز أساسية في استراتيجية التنمية الوطنية الثالثة، خاصةً في مجالات التنوع الاقتصادي وتنمية رأس المال البشري وتعزيز الابتكار. 

وقد تراجعت نسبة الدين إلى الناتج المحلي من 58.4% في عام 2021 إلى 41.5% بنهاية النصف الأول من عام 2025. وهو إنجاز مهم.

الإخــوة والأخــوات،

واصل قطاع الطاقة نموه الواثق رغم التحديات الاقتصادية والجيوسياسية، وتجاوز آثار الصراعات الإقليمية مع ضمان استمرار الإنتاج والإمدادات العالمية للطاقة دون انقطاع. وتمضي قطر للطاقة في تنفيذ مشاريعها داخل وخارج دولة قطر.

وفي مجال الطاقة المتجددة، افتتحت محطتان للطاقة الشمسية في راس لفان ومسيعيد، وهو إنجاز يؤكد التزامنا الثابت بمسار الاستدامة البيئية والانتقال التدريجي نحو الطاقة النظيفة.

الإخــوة والأخــوات،

لا تنفصل التنمية الاقتصادية والتنمية البشرية عمومًا عن الاستثمار في التعليم، فهو الأساس الذي تقوم عليه نهضتنا، وهو الوسيلة التي نصنع بها مستقبلنا. 

إننا نؤمن أن رأس المال البشري هو الثروة الحقيقية لأي دولة، ولذلك فإننا ماضون في تطوير منظومة التعليم والتدريب، وتأهيل كوادرنا الوطنية للمستقبل، لاستيعابهم في سوق العمل على أساس التحصيل والكفاءة والإنجاز، وبحيث تستكمل هذه العملية باستقطاب أفضل الكفاءات العربية والعالمية لسد احتياجات الدولة وسوق العمل القطري.

تنتقل قطر كما تلاحظون إلى مرحلة جديدة من حيث حجم الاقتصاد وحجم الدور. وللتطور مقتضياته. وتتطلب المرحلة الارتقاء بدور المواطن وإدراكه لمسؤولياته، كما تتطلب الانفتاح على الأفكار الجديدة ومواكبة التطور العلمي والتكنولوجي والثقافي على المستوى العالمي. 

وفي الوقت نفسه، ومع الارتقاء بمستوى المعيشة والرفاه الاجتماعي تبرز بعض المظاهر السلبية التي تصاب بها المجتمعات الاستهلاكية إضافةً إلى تفاقم نزعة الاتكال على الدولة. وعلينا جميعًا مسؤولية الارتقاء بالإنسان وقيمه وهويته الحضارية، الأصيلة دون تعصب، والمنفتحة دون استلاب وضياع. وتشجيع الشباب على البحث عن معنًى وهدف لحياتهم من خلال العمل وتطوير أنفسهم والإسهام في خير الوطن والمجتمع.

علينا أن نحمد الله على نعمه وأن نتذكر أن هذه النعم لا تدوم إلا من خلال الجهد الدؤوب في الحفاظ عليها وتطويرها والاستثمار فيها لخير المجتمع والأجيال القادمة. قال تعالى: (ويستخلفكم في الأرض فينظر كيف تعملون) صدق الله العظيم.

وفي هذا السياق أكرر التشديد على أهمية التربية الأسرية. وسبق أن دار حديث بيني وبين أعضاء مجلس الشورى حول أهمية دور الأسرة في عملية التربية وضرورة اضطلاع الوالدين مباشرةً بعملية تربية الأطفال.

الإخــوة والأخــوات،

تولي الدولة اهتمامًا كبيرًا بدعم وتحفيز القطاع الخاص، وفي هذا المجال، يقوم بنك قطر للتنمية بجانب الجهات الحكومية الأخرى المعنية بدور رئيسي في هذا الصدد، من خلال تقديم حزمة واسعة من برامج التمويل والتأمين والضمان.

وفي إطار تعزيز تنافسية القطاع الخاص تعمل الدولة على برنامج يهدف إلى فتح مجالات استثمارية في مشروعات وأصول منتقاة تخلق فرصًا للقطاع الخاص في إدارتها وتشغيلها بما يعزز جذب الاستثمارات الأجنبية ويرفع من كفاءة التشغيل والإنفاق في قطاعات حيوية مختارة.

وفي مجال الشراكة مع القطاع الخاص فإن بعض الوزارات مثل وزارة البلدية تسعى للتحول من الدور التشغيلي إلى التنظيمي بإسناد الأعمال في بعض المجالات إلى القطاع الخاص.

الإخــوة والأخــوات،

من منطلق حرصنا على تطوير أنظمة العدالة في الدولة ووضع الآليات اللازمة لضمان سرعة الفصل في الدعاوى، باعتبار أن العدالة البطيئة نوع من الظلم، كما ذكرت في مناسبات سابقة، فإن المجلس الأعلى للقضاء يواصل جهوده في هذا الشأن، وقد كشفت الإحصائيات الأخيرة لمعدلات الفصل في المحاكم عن تحسن بنسب الفصل وتخفيض متوسط أمد التقاضي ولعل هذا الأمر أصبح ملموسًا من جانب المتقاضين.

الإخــوة والأخــوات، 

على صعيد سياستنا الخارجية وانطلاقًا من أن دولة قطر تعد شريكًا فاعلًا في المجتمع الدولي فإننا لا نألو جهدًا في الإسهام بفاعلية للتصدي لما تواجهه أمتنا العربية والإسلامية من تحديات بما يحقق لشعوبنا طموحاتها في الأمن والاستقرار والتنمية المستدامة فضلًا عن تحقيق السلم والأمن الدوليين.

وتقوم قطر بجهود مقدرة على الصعيد الدولي بالوساطة في حل النزاعات وفي العمل الإنساني. وقد أسهمت هذه الجهود في تعزيز مكانة قطر العالمية وربط اسمها بدورها الإيجابي والفاعل هذا. وإضافةً لما في هذا الدور من فائدة في حل النزاعات وحقن الدماء لصالح الإنسانية جمعاء، فإنه يعزز مكانة الدولة ومنعتها. وشعبنا يدرك ذلك.

ولكن لهذا الجهد ثمن أيضًا. وقد تعرضت قطر إلى انتهاكين مدانين ومستنكرين لسيادتها. مرةً من جانب إيران والثانية من جانب إسرائيل. وفي المرة الثانية طال العدوان حيًا سكنيًا مستهدفًا أعضاء وفد حماس المفاوض، واستشهد جراء القصف ستة أفراد، هم مواطن قطري وخمسة من أشقائنا الفلسطينيين. وقد أدان العالم كله الاعتداءين وخرجت قطر منهما أكثر قوةً وحصانة. لقد تجاوزت إسرائيل جميع القوانين والأعراف التي تحكم العلاقات بين الدول بعدوانها على دولة تقوم بدور الوسيط وبمحاولاتها اغتيال أعضاء وفد مفاوض. لقد اعتبرنا هذا العدوان إرهاب دولة. وكان الرد العالمي قويًا إلى درجة صدمت من أقدم عليه. وأشير هنا إلى بيان مجلس الأمن بالإجماع على إدانة العدوان وإشادة جميع أعضائه بلا استثناء بدور قطر في الوساطة.

لقد بينت كلمات أعضاء مجلس الأمن ومؤتمر قمة الدول العربية والإسلامية المكانة التي باتت قطر تتمتع بها على الساحة الدولية، والتقدير العالمي الكبير لدورها. 

إن ما جرى في قطاع غزة خلال العامين الماضيين هو إبادة جماعية. هذا التعبير يختصر الفظائع كلها. ومن المؤسف أن تكون الشرعية الدولية عاجزةً عن فرض احترامها حين يتعلق الأمر بمأساة الشعب الفلسطيني الشقيق. 

نؤكد هنا إدانتنا لجميع الانتهاكات والممارسات الإسرائيلية في فلسطين ولا سيما تحويل قطاع غزة إلى منطقة غير صالحة للحياة البشرية، ومواصلة خرق وقف إطلاق النار، وتوسيع الاستيطان في الضفة الغربية، ومساعي تهويد الحرم القدسي الشريف، مؤكدين أيضًا على أن قطاع غزة جزء لا يتجزأ من الأراضي الفلسطينية ومن الدولة الفلسطينية الموحدة. 

نحن نتفق في موقفنا هذا مع ما بات يتبناه الرأي العام العالمي والقوى المحبة للسلام في العالم أجمع. وهو ينطلق من موقف مبدئي يرفض كافة أشكال الاحتلال والظلم والعنصرية بما فيها العداء للسامية والإسلاموفوبيا. ليست قضية فلسطين قضية إرهاب، بل قضية احتلال مديد، آن أوان وضع حد له. هذا أساس السلام العادل، والسلام العادل يضمن الأمن للشعبين الفلسطيني والإسرائيلي.

وإلى حين التوصل إلى التسوية العادلة المنشودة لقضية فلسطين يتعين على المجتمع الدولي توفير الحماية للشعب الفلسطيني والتضامن معه في سعيه لنيل حقوقه المشروعة، وضمان عدم إفلات مرتكبي الإبادة من المحاسبة.

منذ أكتوبر 2023 كثفت دولة قطر جهودها الدبلوماسية لوقف الحرب البشعة على قطاع غزة، كما بذلت مساعي مضنيةً في أعمال الوساطة من أجل وقف إطلاق النار الذي تحقق مؤخرًا وإطلاق سراح الأسرى والرهائن وإنهاء الحرب وإيصال المساعدات الإنسانية للشعب الفلسطيني الشقيق. 

وإذ نثمن موجة التضامن الدولي العارمة مع الشعب الفلسطيني والاعتراف بدولة فلسطين من أكثر من 150 دولة فإننا نتطلع أن يسهم هذا التوجه في دعم حصولها على العضوية الكاملة لدى الأمم المتحدة دون تأخير أو تردد وفي إنهاء الاحتلال وإقامة الدولة الفلسطينية فعلًا.

أشكركم،

والـسـلام عـلـيـكـم ورحـمـة الله وبـركـاتـه،

مساحة إعلانية