رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

اقتصاد

8312

تسريبات "كريدي سويس".. لماذا يلجأ الراغبون في إخفاء ثرواتهم إلى بنوك سويسرا؟

23 فبراير 2022 , 08:14م
alsharq
بنك كريدي سويس - (Getty images)
الدوحة - موقع الشرق

أثارت التسريبات التي خرجت من بنك كريدي سويس سويسرا الكثير من ردود الفعل العالمية، نظراً لحجم المعلومات التي خرجت أو أسماء أصحاب هذه الحسابات البنكية، نظراً لوضعهم السياسي، كون أكثرهم إما مسؤولين حاليين أو سابقين في بعض دول العالم.

 

ويوم الأحد نشرت العديد من وسائل الإعلام الدولية بيانات مسربة تحتوي على تفاصيل عن آلاف الحسابات البنكية في بنك "سويس كريدي"، التي يعود تاريخها لأربعينيات القرن الماضي حتى عام 2010.

 

هذه الوثائق "الهائلة" كشفت عن إخفاقات واسعة على ما يبدو في اتباع متطلبات الحيطة الواجبة من جانب البنك، كما كانت لها تداعياتها على الاقتصاد السويسري كما تقول صحيفة The Guardian البريطانية.

 

وأثارت هذه التسريبات التساؤل:

 لماذا أصبحت سويسرا ملاذاً آمناً ووجهة للراغبين في إخفاء ثرواتهم بعيداً عن أعين العالم؟ وللإجابة عن هذا التساؤل فلا بد من العودة للتاريخ الخاص بالنظام المالي في سويسرا، الذي سمح بهذا الأمر منذ القرن الثامن عشر.

 

تاريخ النظام المصرفي السويسري

بحسب تقرير لصحيفة The Guardian البريطانية، وجد الملوك الفرنسيون الملاذ المثالي لثروتهم في سويسرا، حين توافد الملوك الكاثوليك إلى جنيف في القرن الثامن عشر، في محاولة لإخفاء تعاملاتهم مع المصرفيين البروتستانت.

 

وبحلول عام 1713، أدخلت السلطات في جنيف، التي اكتسبت سمعةً لحسن تقديرها، قواعد تمنع المصرفيين من الكشف عن تفاصيل حول عملائهم.

 

أصبح قانون الصمت الذي يعود إلى قرون، والذي كُرِّسَ لاحقاً في القانون السويسري، موضع تركيزٍ متجدِّدٍ هذا الأسبوع بعد تسريب البيانات التي كشفت عن تورُّط عملاءٍ في عمليات تعذيبٍ واتجارٍ بالمخدرات وغسيل أموال، وغيرها من الجرائم الخطيرة، ما يشير إلى إخفاقات واسعة النطاق في العناية الواجبة من قبل البنك، وفقا لما ذكرته تقارير إعلامية.

 

وأثار الإفصاح نقاشاً وطنياً في سويسرا، رغم أن "إنهاء السرية المصرفية كما نعرفها" كان من المفترض أن يحدث في عام 2014، عندما وافق وزراء من 50 دولة وإقليماً على تبادل عالمي فيما بينهم للمعلومات المالية لدافعي الضرائب لأول مرة.

 

وبالنسبة لدولة جرّمت مشاركة معلومات العملاء مع دول أجنبية لأكثر من 80 عاماً، كان اعتماد ما يسمى بمعيار الإبلاغ المشترك (CRS) خطوة مهمة، كان هذا يعني أن سويسرا ونظراءها الموقِّعين سيتبادلون المعلومات حول الأجانب، الذين لديهم حسابات مصرفية في بلدانهم، كجزء من الجهود المبذولة للقضاء على التهرب الضريبي والاحتيال.

 

ومع ذلك، حتى بعد أن بدأت بيانات معيار الإبلاغ المشترك السويسرية في التغيير، في عام 2018، جادَلَ النقَّاد بأن التزام الدولة بالنظام قد خَلَقَ استراتيجيةً غير متكافئة. 

 

فمن ناحية يمكن للمصارف السويسرية أن تأخذ أموالاً "نظيفة" من العملاء في البلدان الصناعية والمتقدمة، والتي كانت جزءاً من اتفاقيات التبادل التلقائي للمعلومات، لكن الباب لم يُغلق أمام قبول الأموال من العملاء المشكوك فيهم من البلدان النامية، حيث لم يكن لدى السلطات التي تحقق في التهرب الضريبي إمكانية الوصول التلقائي إلى الحسابات السويسرية السرية لمواطنيها.

 

وقال دومينيك جروس، محلل الضرائب والمالية في مؤسسة الأبحاث "ألاينس سود" المتخصصة في التنمية العالمية بسويسرا: "رغم الادِّعاءات العديدة التي تشير إلى عكس ذلك، فإن السرية المصرفية لم تنته".

 

وقال بنك كريدي سويس إنه "يرفض بشدة المزاعم والاستنتاجات حول الممارسات التجارية المزعومة للبنك"، المنبثقة عن تسريب بياناته، مؤكِّداً أنه حافَظَ على "سياسةٍ صارمة لعدم التسامح تجاه التهرُّب الضريبي، في التزامٍ بالامتثال بجهود الشفافية الضريبية العالمية"، بما في ذلك معيار الإبلاغ المشترك. 

 

سمعةٌ كملاذٍ من الضرائب 

رغم التسجيل في معيار الإبلاغ المشترك، فإن النظام المالي لبلد جبال الألب غير الساحلي هو ثالث أكثر الأنظمة سرية في العالم، بعد جزر كايمان والولايات المتحدة، وفقاً لشبكة العدالة الضريبية، ويمثل 21 مليار دولار من عائدات الضرائب المفقودة للدول الأجنبية كل عام. 

 

ما يقرب من نصف الأصول المدارة في البلاد البالغة 7.9 تريليون فرنك سويسري (8.6 تريليون دولار) مملوكة لعملاءٍ أجانب. وقد ساعَدَ ذلك في بناء صناعة تمثل 10% من الناتج المحلي الإجمالي السويسري، ونسبة مماثلة من الوظائف السويسرية. وفي حين أن سويسرا موطن لحوالي 243 بنكاً، فإن كريدي سويس، ومنافسه الأكبر بنك يو بي إس جروب، يشكِّلان معاً حوالي نصف الأصول المصرفية للبلاد.

 

وفي حين أن تقليد السرية المصرفية في سويسرا يمكن إرجاعه إلى القرن الثامن عشر، إلا أن مزاياها أصبحت أبرز في مطلع القرن العشرين، عندما أصبح المُقرِضون السويسريون نقطة جذبٍ للنخب الراغبة في تخزين ثرواتهم المتنامية والمتزايدة في دولةٍ محايدة سياسياً.

 

وترى صحيفة الغارديان أن تبعات التسربيات الأخيرة قد تتسبب في أزمة لسويسرا التي تحتفظ بواحد من أكثر القوانين المصرفية سرية في العالم. و تضيف الصحيفة أن التسريبات الأخيرة تلقي ضوءا نادرا على واحد من أضخم المراكز المالية في العالم والذي اعتاد على العمل في الظل، وتكشف أن قوانين السرية السويسرية الشهيرة ربما سهلت عمليات نهب ثروات بعض بلدان العالم النامي، وفقا لـ"بي بي سي".

مساحة إعلانية