رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

عربي ودولي

1479

مسؤول أمريكي لـ الشرق: قطـر وأمـريكـا في مباحثات مهمة على خلفية حرب أوكرانيا

28 فبراير 2022 , 07:00ص
alsharq
واشنطن- زينب إبراهيم

أكد بول رايدن، المسؤول السابق بمكتب المناخ الدولي والطاقة النظيفة بوزارة الطاقة الأمريكية في عهد الرئيس أوباما، ومدير وحدة أبحاث الطاقة النظيفة بمبادرة التغير المناخي ومصادر الطاقة المتجددة وغير التقليدية، على أهمية المباحثات الاستباقية والجارية التي جمعت قطر والإدارة الرئاسية بالبيت الأبيض في ملفات حيوية مهمة خاصة فيما يتعلق بتطورات المشهد الروسي الأوكراني، في فترة تشهد الكثير من التغيرات العالمية من جهة، وتوطيد الشراكة الحيوية ما بين الدوحة وواشنطن لأكثر من جانب إستراتيجي من جهة أخرى، مؤكداً على الخسائر العديدة التي يتكبدها العالم إزاء الغزو الروسي وويلات الحروب التي سيعاني منها العالم بالكامل، ما يدفع لسيناريوهات مستقبلية لا يحمد عقباها تهدد المشهد العالمي، مؤكداً على الأهمية الإستراتيجية لقطر في مجال الغاز الطبيعي المسال والرؤية المستقبلية الخاصة بالأزمة الحالية وتبعاتها.

◄ مشهد مؤسف

يقول بول رايدن، المسؤول السابق بمكتب المناخ الدولي والطاقة النظيفة بوزارة الطاقة الأمريكية: إنه لا شك أن المشهد في أوكرانيا سيناريو لم يكن يرغبه أحد سوى روسيا خاصة للمخاطر العديدة التي اشتعلت فيها حدة الصدام والتبعات العنيفة المتوقعة جراء الخيار العسكري، فالمغامرات العسكرية تكون تأثيراتها الإنسانية فادحة وتبعاتها السياسية والاقتصادية أكثر عنفاً واحتداماً، فإن الصدام الروسي- الأوكراني يؤجج من جديد أجواء صراع محتدم تكبده العالم إزاء مغامرات تغيير الجغرافيا العالمية ونسج سيناريو وواقع عالمي جديد، فمشهد جزيرة القرم لم يكن في ضوء ذلك سوى بداية أعقبها التوغل العسكري الروسي في أوكرانيا إثر مخاوف روسية من اقتراب القواعد العسكرية لحلف شمال الأطلسي الناتو من الأراضي الروسية، والسعي المستمر للتأثير على الدوائر السياسية الداخلية في أوكرانيا للجانب الروسي مقابل التوجه الأوروبي، الأزمة فادحة بكل تأكيد، وخيار العقوبات الاقتصادية الشديدة من شأنه التأثير المباشر على الأوضاع العالمية ككل سواء في الاقتصاد والطاقة وارتفاع المخاطر الأمنية وتضرر المصالح الإستراتيجية، فلا أحد يأمن سيناريوهات الصدام المستقبلية والتي ستؤثر بكل تأكيد على الاستقرار الأوروبي والدولي، والصدام الروسي- الأمريكي من شأنه أيضاً أن يلقي بظلاله على المشهد الخليجي إذا ما تطور مستقبلاً.

◄ تبعات اقتصادية

ولفت بول رايدن، مدير وحدة أبحاث الطاقة النظيفة بمبادرة التغير المناخي ومصادر الطاقة المتجددة وغير التقليدية: إن الأوضاع الاقتصادية العالمية عموماً ليس فقط في مجال الطاقة بدأت في التأثر المباشر ببداية التوغل الروسي في أوكرانيا، وكان هناك بحث إستراتيجي مهم أعدته الإدارة الأمريكية في السيناريوهات الخاصة بالتصعيد الروسي ومستقبل توريدات الطاقة؛ لهذا كثفت أمريكا مباحثاتها المهمة مع قطر كمورد هائل للغاز الطبيعي المسال وامتلاكها لعلاقات حيوية للغاية مع الدول المنتجة والمصدرة للغاز من أجل بحث خيارات أكثر إيجابية ومنطقية، والأمر لا يتوقف عموماً على تلك الإستراتيجية الخاصة بالتعامل الطارئ والفوري ولكن نحو مستقبل علاقات له أبعاد مختلفة تماماً، هناك أسباب عديدة دفعت الإدارة الرئاسية الأمريكية لإشراك قطر بصورة حيوية في توجهاتها المستقبلية الخاصة بالتعاطي مع المستجدات الدولية، أولها أن هناك توافقاً في النهج القطري المهم الخاص بكونها دولة تجنح للخيار الدبلوماسي والحوار وتعلي ثوابت التفاوض والحلول غير العسكرية كنهج خاص بها، بجانب قدرة قطر على لعب أدوار الوساطة مع أطراف حيوية تفقد معها عوامل الثقة المهمة أو الرغبة الأمريكية والأوروبية في التفاوض المباشر معها، مع الحاجة الماسة لوجود هذا النوع من التفاوض خاصة في حالة اشتعال الأزمات وتجددها، أمر آخر مرتبط بإستراتيجية العلاقات الحيوية التي تجمع قطر مع إيران وتبنيها لدعاوى التهدئة والعودة للاتفاق النووي ونشاطها المهم في هذا الصدد، هذا من جانب، ومن جانب آخر فإن خطط التوسعات التي شرعت قطر في تحقيقها من أجل زيادة معدل إنتاجها عبر خطط توسعات حقل شمال فارس الهائل لزيادة طاقتها الإنتاجية من الغاز الطبيعي المسال، فالدوحة كل عام كانت تستطيع مضاعفة إنتاجها بنحو ثلاث مرات، فمنذ عام 2017 تزايدت النسب الخاصة بمعدل إنتاج قطر من الغاز الطبيعي وجدير بالذكر أن حينها تم توفير 100 مليون طن سنوياً من الغاز الطبيعي كان يشغل فقط طاقة إنتاجية بنحو 30 % وحسب معدل إنتاج حقل الشمال حتى قبل التوسعات، فتبلغ غاية شركة قطر للطاقة الوصول إلى 110 ملايين طن سنوياً بحلول عام 2025، ففي حين أن الحرب الروسية في أوكرانيا حالياً تدفع للحاجة بدرجة كبيرة إلى الإمدادات القطرية إلا أنه على المدى القصير سيخلق الغاز الطبيعي ما عزز السيناريوهات التي تم مناقشتها في القمة السادسة للدول المصدرة للغاز التي استضافتها قطر وتضمنت مباحثات إستراتيجية وحيوية بين قطر وإيران من جهة ومناقشة أزمة الطاقة من جهة أخرى.

◄ أهمية إستراتيجية

وأوضح بول رايدن: إنه بجانب ما يتعلق بالأهمية الإستراتيجية القصوى التي تزايدت لقيمة الغاز الطبيعي المسال في الأزمة الروسية- الأوكرانية، والسعي لمضاعفة قطر توريداتها من الغاز الطبيعي إلى أوروبا بصورة تدريجية مع فتح المجال لعقود إستراتيجية حيوية، تبرز دولة قطر في منطقتها باعتبارها تمتلك أكثر من بعد إيجابي يعزز علاقاتها وتوافق أجنداتها مع إدارة بايدن تحديداً، عموماً كان هناك إدراك في أروقة صناع القرار في واشنطن والتحليلات السياسية المرتبطة بأخطاء الإدارات السابقة والرصيد السياسي الخاص بالعلاقات الدولية وفي ملف العلاقات الخارجية، فبرزت قطر بقوة كشريك قوي في المنطقة جدير بالثقة في الاعتماد عليه في الملفات الحيوية وأيضاً يأتي في توطيد العلاقات معها تدفق إيجابي لا يحمل أي حرارة سياسية لتبني قطر سياسة داعمة للدبلوماسية ورافضة للمغامرات العالمية والإقليمية التي من شأنها الإضرار بالاستقرار العالمي كما حدث في أوكرانيا ومن قبل في التصعيد الإيراني- الأمريكي، فقطر التي أعلنها الرئيس الأمريكي كحليف إستراتيجي من خارج الناتو في قراره التنفيذي للكونغرس عبر القمة الدبلوماسية التي جمعت بين سمو الأمير والرئيس بايدن في البيت الأبيض، تقوم الآن بأدوار الوكالة الدبلوماسية المباشرة لأمريكا في أفغانستان وفي قنوات الاتصال الإيجابية التي تجمعها مع إيران بشأن استعادة الاتفاق النووي، وعموماً رغم وجود أجندات أوروبية متداخلة بالفعل والتأثر المختلف على أوروبا بشأن الطاقة بصورة أكبر على ألمانيا حتى الآن التي تجمعها استثمارات مهمة وتعتمد بصورة كبيرة على إمدادات الغاز الروسي وكانت العقوبات الموقعة تؤثر على تلك الإمدادات لألمانيا، وأيضاً البريكسيت البريطاني والخروج من الاتحاد الأوروبي، إلا أن حلف شمال الأطلسي الناتو كان دائماً على رأس الأجندة الحيوية للرئيس بايدن الذي وعد باستعادة العلاقات مع الحلفاء وتوطيدها، ففي حين أن خيار العقوبات الاقتصادية القصوى كان رد الفعل من أمريكا والناتو، باستبعاد سيناريوهات الدعم العسكري لأوكرانيا عبر القوات العسكرية والأفراد ولكن عبر الأسلحة والدعم المادي والعسكري، فتبقى أمريكا في هذه المرحلة المستقبلية هي التي سيتطلع الجميع لركبها باحثاً عن حل لهذه التداعيات، وعلى صعيد الطاقة تحديداً، من المتوقع استثمار الثقة الدولية المتزايدة في قطر، والاعتماد الأمريكي المكثف على قطر في ملفات إستراتيجية حيوية، من أجل مناقشة

الرؤية الإنتاجية والخريطة التصديرية للغاز الطبيعي المسال في المستقبل بالنسبة لقطر، وهو أمر سيصب في صالح قطر بكل تأكيد بأن تظفر بنصيب أكبر من 5 % من حيث تدفق صادراتها من الغاز الطبيعي إلى أوروبا في السنوات المقبلة بجانب عقودها الآسيوية المهمة التي لن تخسرها عبر تأمينها عقودا طويلة المدى وشراكات حيوية، بجانب أن الإستراتيجية المقبلة لا تعني تحويل الإنتاج تجاه أوروبا بل عبر خطط التوسع التي تعد فيها قطر سباقة ولديها وفرة حقيقة وبدأت بالفعل في دراستها والشروع في تدشينها لزيادة إنتاجها السنوي لأرقام قياسية، بجانب الوفرة المرتبطة بحقل الشمال الوفير بالغاز الطبيعي، فإن الأزمة الاقتصادية التي ارتبطت بكورونا وأسندت إلى الخطط المستقبلية وجدواها جعلت العديد من الشركات العالمية تؤجل استثماراتها في الغاز الصخري الأمريكي ونظائره في الغاز الطبيعي عالمياً، لم يكن بالحسبان تلك الفجوة الكبرى التي سيتعرض لها السوق الأوروبي من الاحتياجات الخاصة بتأمين عقود مستقبلية للغاز خاصة أن الخطط كلها كانت تتجه مستقبلاً نحو مصادر الطاقة النظيفة والمتجددة، فتفوقت قطر في خططها بصورة مباشرة وإيجابية، ولكن رغم هذه التغيرات الحيوية في مشهد الطاقة، إلا أن الحرب سيكون لها تبعات اقتصادية عميقة وتضر حتى بروسيا ذاتها بكل تأكيد في المستقبل، ولهذا فإن الدعوة للدبلوماسية والتمسك بها ونبذ التوغلات العسكرية وإعلاء القيم الإنسانية والحفاظ على الأرواح يجب أن تكون محركا دائما ومتجددا في الأزمات التي لا تتوقف على ساحة دولية سريعة التقلب المفاجئ وتحتاج للتفاعل النشط والدبلوماسية الذكية للتعامل معها.

مساحة إعلانية