رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

علي الرشيد

علي الرشيد

مساحة إعلانية

مقالات

371

علي الرشيد

عاصفة الحزم ..تأثيرات بعيدة المدى

01 أبريل 2015 , 02:00ص

يقف المتابعون لعملية "عاصفة الحزم" المتواصلة حتى الآن على طرفي نقيض بشأن التأثيرات المتوقعة لها سواء القريبة منها والبعيدة، ويقع هذا التباين على خلفية نظرتهم السياسية إزاءها.

وفيما يرى المهوّنون من شأن العملية أن تأثيراتها ستكون محدودة وستقتصر في أحسن الأحوال على إجبار جماعة الحوثي والرئيس المخلوع علي عبد الله صالح وقواته على الجلوس إلى مائدة المفاوضات، يعتقد آخرون أنها ستكون فيما لو بنيت على رؤية واضحة للصراع وخطة استراتيجية للتحرك مقدِّمَة لإحداث تغيير في خارطة توازنات القوى ليس في داخل اليمن وإنما على مستوى الإقليم والمنطقة.

ولعل ما يدعم وجهة النظر الأخيرة ما يلي:

ـ تحرك التحالف العشري الذي تقوده المملكة العربية السعودية جاء مباغتا للجهات المستهدفة من جهة وللدولة الداعمة للحوثيين (إيران) من جهة أخرى، ودون أن يسعى كثيرا وراء أخذ موافقات مسبقة من الهيئات الأممية أو الدول العظمى أو من دول إقليمية، بقدر ما أعلمَ من يريد بالعملية.

ـ العملية حظيت بموافقة الغالبية العظمى من الدول العربية ومن دول إسلامية كثيرة، خصوصا الدول المؤثّرة فيها، كما أنها حظيت بتأييد شعبي عربي واسع.

ـ العملية جاءت بعد صبر طويل على غطرسة الحوثيين وسعيهم للسيطرة على مقدرات دولة رغم أنهم أقلية فيها، وتهديد أمن الدول المجاورة، وصبر مماثل على التمدد الإيراني الصفوي في المنطقة العربية وتبجح مسؤوليهم بالسيطرة على أربع عواصم عربية، ورغبتهم في الوصول لشواطئ المتوسط..

ـ هذا التحرك وإن جاء متأخرا، إلا أنه يمثل نقطة تحول جديدة وتحركا غير مسبوق من الدول الخليجية ضد خصومها في المنطقة سواء من الدول أو من المليشيات المسلحة، حيث إن ما كان سائدا سابقا في الأغلب هو الصمت أو غضّ الطرف أو الاكتفاء بالتصريحات والحلول السياسية وهو ما أدى إلى تمادي الخصوم إلى حدّ لا يطاق.

في تصوري أن هذه العملية ألقت حجرا في الماء العربي الراكد منذ عقود، وأنها يفترض أن تكون بداية لتصحيح جملة أخطاء وقعت خصوصا في العقدين الأخيرين، وأهم هذه الأخطاء هو عدم مقابلة الغطرسة والاستعلاء بالقوة المناسبة والمكافئة له، والسماح للدول الإقليمية والدولية لفرض أجندتها أو التمدد والتغول على حساب الدول العربية دون ردّ عملي عليها.

ولعل أهم نتائج التحرك فيما لو بلغ مداه ما يلي:

ـ تشكيل ضغط معنوي على الجماعات والأذرع التي تأتمر بأمر النظام الإيراني في المنطقة كالمليشيات الشيعية في العراق وحزب الله في لبنان والحدّ من نفوذها وغطرستها. لأن الانتصار على الحوثيين يعني كسر أحد أطراف المثلث أو المربع الموجود، والضغط بصورة غير مباشرة على النظام الإيراني لتقليص طموحاته الإمبراطورية أو العدول عنها.

ـ تشجيع دول أخرى لأخذ زمام المبادرة في تنفيذ حملات وتحالفات مشابهة لوقف تهديد أمنها القومي والإقليمي ونقصد هنا تركيا لمواجهة النظام السوري أو فرض منطقة إنسانية عازلة تحمي السوريين من بطش طيران نظامهم المجرم.

ـ التعويل عليه ليكون نقطة البداية لتشكيل تحالفات استراتيجية جديدة في المنطقة تكون مكافئة للنفوذ العسكري والسياسي الإيراني المتمدد في المنطقة، بحيث يكون ضمن هذه التحالفات السعودية وتركيا ومصر وباكستان..الخ.

ـ إرسال رسالة واضحة للغرب في عدم التمادي بتفاهماته مع النظام الإيراني والتي أطلقت يده أو سكتت عن دوره في سوريا واليمن ولبنان والمنطقة عموما. وذلك على خلفية التفاهم على السلاح النووي أو مواجهة الإرهاب في المنطقة.

ـ إجبار الغرب على تعديل ازدواجية المعايير التي يتبناها إزاء جماعات الإرهاب والتطرف في المنطقة ففي الوقت الذي يعتبر تنظيمات سنية مسلحة إرهابية كالقاعدة وداعش والنصرة، فإنه لا يدخل حزب الله أو تنظيمات إرهابية شيعية كعصائب الحث ومنظمة بدر في هذه القائمة أو يشطب اسم بعضها كحزب الله من هذه القائمة.

ـ مقدمة لمراجعة تضمن تصالح بعض الأنظمة مع الجماعات والأحزاب الإسلامية المعتدلة وتيار الإسلام السياسي الوسطي باعتبارها حاجز الصد الرئيسي في مواجهة فكر التطرف والغلو، والأكثر تنظيما لمواجهة النشاط السياسي والفكري الشيعي، وقد بدأت بعض بوادر هذه المراجعات تحصل بالفعل حتى قبل عملية عاصفة الحزم لدى بعض الدول.

ومع تفاؤلنا بعملية عاصفة الحزم والتطورات الأخيرة المتصلة بها..فإننا ندرك يقينا أن مواجهة المخاطر، ليست مجرد ضربة مؤقتة فقط، أو عملية منعزلة أو فورة وهبّة عابرة فحسب..لذا وجب الحذر وعدم التسرع في التفاؤل المُفرِط، أو إطلاق تقديرات متعجِّلة عن النتائج قبل أن تأخذ المواجهة مداها المطلوب، أو الاستهانة بقدرات الخصوم والأوراق التي يمتلكونها.

ولكي تكون الأمة على مستوى تحديّ المخاطر التي تتهدّدها عليها أن تمتلك تصورا واضحا لمواجهتها، وتضع استراتيجية وخطّة واضحة للمواجهة، وترسم خارطة لها تتضمن ترتيب الأولويات، وتعدّ العدّة الكافية وتحشد الطاقات اللازمة لهذه المواجهة، وتوحِدّ المواقف إزاء هذا التوجّه، وتمتلك التصميم والعزيمة والصبر والنَفَس الطويل عند التنفيذ، والقدرة على تقييم أعمالها بشكل صحيح ودقيق. وهو ما نأمله إن شاء الله.

مساحة إعلانية