رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
ترك الغرب "إسرائيل" تمتلك وتطور وتفاقم من سلاحها النووي (فرنسا من أعطاها الخبرة والتكنولوجيا والبناء منذ منتصف الخمسينيات)، وترك الهند والباكستان يمتلكان التكنولوجيا النووية وتقنياتها وترك كوريا الشمالية مع سلاحها النووي تهدد به "الدولة العظمى" وحلفائها الإقليميين وعندما أحست "الدولة العظمى" باستفحال خطر سلاحها النووي دخلت معها في مفاوضات "الأطراف السداسية" من غير أن تمس سلاحها بأي سوء وعندما امتلكت إيران القدرات النووية وخشيت "الدولة العظمى" من سلاحها دخلت معها منذ 2008 تقريباً في مفاوضات 5+ 1 من غير أن تقصفه هي أو "إسرائيل". الصورة مختلفة جذرياًّ ومأساوياًّ حينما يتعلق الأمر بالعرب الذين يُراد لهم أن يظلوا البقرة الحلوب للغرب. فبمجرد أنْ شمت أمريكا ومعها الغرب بطبيعة الأحوال، مجرد شم أن العراق في عهد (صدام حسين) يطور برنامجاً للسلاح النووي سلطت "إسرائيل" عليه منذ باكورته عندما قصفت "إسرائيل" المفاعل العراقي عام 1982.
لم تكتفِ "الدولة العظمى" وحلفاؤها بذلك، بل لاحقت "إسرائيل" العلماء العرب في البرنامج النووي العراقي في كل مكان وقتلتهم واحدا إثر واحد وأحد أهم أولئك، العالم العربي المصري (يحيى المشد) بكارت بلانش أمريكي غربي وضوء أخضر طويل. ظلت "الدولة العظمى" وراء الرجل ونظامه الذي تجرّأ وتجاوز الخطوط الحمراء المرسومة كما يبدو للعرب لاسيَّما الشرفاء وتخلصوا منه وبقية القصة معروفة.
ألا تلاحظون أن هذا لم يحدث مع تلك الدول التي ذكرناها باستثناء محاولات صهيونية محدودة قتل فيها بضعة علماء إيرانيين في داخل إيران وخارجها، بَيْدَ أن شيئاً أكثر من هذا كقصف المفاعلات الإيرانية في (بوشهر) وغيرها لم يحدث وإنما دخلت هي وحلفاؤها في مفاوضات كما ذكرنا على مدى ست سنوات، ولم نرَ عمليات تفكيك لصواريخها طويلة المدى تقوم بها (الأمم المتحدة) ولا زيارات مكوكية تفتيشية من ما يُسمى (بوكالة الطاقة النووية) لطهران كما حدث للعراق (في عهد صدام حسين) أو في واقع الممارسة الفعلي ليست لا الأمم المتحدة ولا أذرعتها الأخرى وإنما هي أمريكا أو حتى إسرائيل أو حتى (الإيباك.) لماذا العرب دونا عن غيرهم؟
أذكر أن الدكتور (جورج جلوي) النائب العمالي البريطاني، وقف أمام جمهوره (بالجامعة الأمريكية الدولية) في بيروت قبل فترة يرد على مخرجات ما بدا من أسئلة الجمهور من تبنٍّ واسع "لنظرية المؤامرة" لديهم، نتيجة إحباطهم وخيبة أملهم في أنظمتهم المصادرة لحرياتهم والمؤيدة لأمريكا والغرب و"إسرائيل" في الخفاء حيناً وفي العلن أحايينَ أخرى. من ضمن ما ذكره (جلوي) مثلاً ما يشبه رد كثير من أنبياء ورسل الله إلى أقوامهم- "يا قومُ إني لكم من الناصحين". نصح العرب بألا يكتفوا بالجلوس في المقاهي (يكركرون) الأرجيلة، ويلقون باللوم على "إسرائيل" وأمريكا وبريطانيا وإيران والغرب والشرق والشمال والجنوب أنهم هم الذين لا يجعلونكم تتحدون. كأني بلسان الدكتور (جورج جلوي مقدسيُّ الهوى عربي القلبِ وإنْ (كان لسانُهُ يُرى إنجليزياًّ) وهو ينصح العرب حكوماتٍ ومنظماتٍ وشعوباً يردد ما ردده الشاعر العربي قديماً:
"نصحتُهم أمري (بِمُنعَرَجِ اللوا) فلمْ يستبينوا النصحَ إلا ضحى الغدِ
أي بعد ما فات الفوْت ولم يعد ينفع الصوت.
ذكر (جورج جلوي) أيضاً مؤكداً لجمهوره أن زملاءه في البرلمان البريطاني الستُّمائة والخمسين عضواً حيث يجلس هو، لا يعرفون الفرق بين الشيعة والسنة ولا يهمهم إن كان العرب يصلون أو يصومون أو يحجون. إن كل ما يهمهم هو أن يبقوا متفرقين ومتخلفين لا يزرعون ولا يصنعون ولا ينتجون ويستوردون كل شيء منهم وأن تبقى حكومات العرب غير ديمقراطية وغير منتخبة مباشرة من الجماهير العربية أو من خلال برلمانات هم من ينتخبها مباشرة بشفافية كما يحدث في البلدان الديمقراطية وأن يبقى المواطن أو الكائن العربي مهمشاً مقصىً لا رأي له في إدارة شؤون بلده وأن يسيطر على البلد شرذمة قليلون أعراب وليسوا عرباً ينفذون أجندات الغرب فقط ليبقوا في كراسيهم. لماذا؟ ليستمروا هم أي بريطانيا وغيرهم من بلدان الغرب وغير الغرب في سرقة بترول العرب وغازهم وثرواتهم. العرب ثلاثمائة وخمسون مليون عندهم لغة واحدة وإلهٌ واحد، ورغم ذلك هم متشرذمون وغير موحدين والسبب هو هم وحدهم السبب. إن (الولايات المتحدة الأمريكية) لا تستطيع حتى أن تسيطر على شوارع (بروكلين) وكثير من العرب يتصورون أنها هي وغيرها من دول الغرب وغير الغرب من تمنع وحدة العرب أو تصادر القرار السيادي العام للحكومات العربية خاصة حكومات الخليج العربي. إضافةً إلى ذلك نحن نؤكد على ما قاله (جورج جلوي) الذي يحترق قلبه على العرب، إن العاصفة الثلجية التي أصابت خمسين ولاية أمريكية شلت الحياة كليا في الولايات المتحدة الأمريكية رغم كل ما تمتلكه الدولة العظمى من كل أشكال وأنماط التكنولوجيا والتقنيات، لدرجة أن عمدة (نيويورك) والعُمَدُ في الولايات والمدن الأخرى طالبوا المواطنين بالبقاء في بيوتهم وأكثر من سبعة مواطنين تُوفوا نتيجة العاصفة الثلجية.
إيران خصم للعالم العربي ولديها تطلعات فيه ولاسيَّما في الخليج العربي الذي تصفه ويصفه العالم كله معها (بالفارسي) رغم العداء الظاهري لإسرائيل والغرب معها. من حق إيران وغير إيران أن تكون لها مصالح وطموحات والسؤال لماذا لا تكون لحكومات العالم العربي كمثل ذلك؟ باختصار لأن في إيران – اتفقنا أو اختلفنا معها- تداول على السلطة وديمقراطية وانتخاب رئيس من الشعب مباشرةً وحتى بنجلاديش فيها ذلك. أما العالم العربي فتعشش فيه الديكتاتورية وحكم الفرد وهو السبب الذي يجعل إيران تُصنع وتزرع وتطيِّر صواريخ للفضاء الخارجي وتنتج صواريخ هجومية وسيارات وغيرها. هل منعتها أمريكا أو إسرائيل أو الغرب عموماً بل هؤلاء حاصروها اقتصاديا لعقود. الرجاء ألا ننزلق كثيراً في طريق (نظرية المؤامرة) وندعي أن (إيران) ما كان لها أن تفعل ذلك لولا الضوء الأخضر الإسرائيلي والأمريكي والأوروبي. صحيح أن (إيران) تلعب سياسة وتناور مع الغرب وهذا من حقها بّيْدَ أنني لست مقتنعاً بأن إسرائيل وأمريكا والغرب يحب أن يرى (إيران) دولة تخرج من عباءة "العالم الثالث" إلى فضاء الدول المتقدمة.
إذن، لو أن لدى العالم العربي ديمقراطية وبرلمانا يراقب الحاكم ويحاسبه وشفافية سياسية واقتصادية لاستطعنا أن نمتلك قرارنا السيادي في الزراعة والصناعة والتطوير والتطور. طالما أن الحاكم العربي يريد أن يستمر هو وحده الأمر الناهي كما هو الواقع اليوم للأسف الشديد، فطبيعي أن يكون العالم العربي منزوع السيادة من قِبَلِ القوى الحارسة لهذا الحاكم العربي أو ذاك مادام هو يسهل لها كل شيء وكأن العالم العربي مجرد دكان لإسرائيل والغرب وأمريكا يبيع فقط وبالأسعار التي يحددها الغرب. صحيح أن الديمقراطية الإيرانية والبنغالية مثلاً فيها ثغرات وأي ديمقراطية ليس فيها كذلك؟ الديمقراطية الأمريكية مثلاً، فيها ثغرات أكثر بالنسبة مثلاً لحقوق الإنسان حيث يوجد أحد عشر مليون شخص مقيم بشكل غير شرعي في أمريكا من غير تسوية أمورهم والتعاطي معهم كبشر لهم حق في الحياة وغير ذلك من مظاهر الثغرات وعلى رأسها الكيل بمكيالين والمعايير المزدوجة.
أستاذ جامعي وكاتب قطري
سلطنة عمان في يومها الوطني.. بداية مرحلة جديدة
تشهد سلطنة عمان هذا العام لحظة وطنية استثنائية باحتفالها بأول يوم وطني يُعتمد بتاريخ 20 نوفمبر، حيث أكد... اقرأ المزيد
135
| 20 نوفمبر 2025
الغرفة وصغار التجار.. بين الرسوم والدعم المفقود!
تتفاوت أحجام الشركات في قطر إلى أربعة مستويات رئيسية: الكبيرة، والمتوسطة، والصغيرة، والمتناهية الصغر. وتضمّ الفئة الأخيرة المؤسسات... اقرأ المزيد
240
| 20 نوفمبر 2025
العدالة في بيئة العمل مبدأ قطري
جاءت مشاركة دولة قطر في جلسة التحالف العالمي للعدالة الاجتماعية التي أقيمت على هامش مجلس إدارة منظمة العمل... اقرأ المزيد
123
| 20 نوفمبر 2025
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية




مساحة إعلانية
وفقًا للمؤشرات التقليدية، شهدت أسهم التكنولوجيا هذا العام ارتفاعًا في تقييماتها دفعها إلى منطقة الفقاعة. فقد وصلت مضاعفات الأرباح المتوقعة إلى مستويات نادرًا ما شوهدت من قبل، لذلك، لم يكن التراجع في التقييمات منذ منتصف أكتوبر مفاجئًا. وقد يعكس هذا الانخفاض حالة من الحذر وجني الأرباح. وقد يكون مؤشرًا على تراجع أكبر قادم، أو مجرد استراحة في سوق صاعدة طويلة الأمد تصاحب ثورة الذكاء الاصطناعي. وحتى الآن، لا يُعدّ الهبوط الأخير في سوق الأسهم أكثر من مجرد "تصحيح" محدود. فقد تراجعت الأسواق في الأسبوع الأول من نوفمبر، لكنها سجلت ارتفاعًا طفيفًا خلال الأسبوع الذي بدأ يوم الاثنين 10 من الشهر نفسه، لكنها عادت وانخفضت في نهاية الأسبوع. وما تزال السوق إجمالاً عند مستويات مرتفعة مقارنة بشهر أبريل، حين شهدت انخفاضًا مرتبطًا بإعلان الرئيس دونالد ترامب بشأن الرسوم الجمركية. فعلى سبيل المثال: تراجعت أسهم شركة إنفيديا بنحو 10% في الأسبوع الأول من نوفمبر، لكنها بقيت أعلى بنحو 60% مقارنة بما كانت عليه قبل ستة أشهر فقط. مؤشر S&P 500 انخفض إلى 6700 في الرابع عشر من نوفمبر، مقارنة بذروة بلغت 6920، وما زال أعلى بنحو سبعين بالمئة مقارنة بنوفمبر 2022. هيمنة شركات التكنولوجيا الكبرى على القيمة السوقية الإجمالية أصبحت واضحة. فمع نهاية أكتوبر، ورغم ارتفاع المؤشر طوال العام، باستثناء التراجع في أبريل، شهدت نحو 397 شركة من شركات المؤشر انخفاضًا في قيمتها خلال تلك الفترة. ثماني من أكبر عشر شركات في المؤشر هي شركات تكنولوجية. وتمثل هذه الشركات 36% من إجمالي القيمة السوقية في الولايات المتحدة، و60% من المكاسب المحققة منذ أبريل. وعلى عكس ما حدث لشركات الدوت كوم الناشئة قبل 25 عامًا، تتمتع شركات التكنولوجيا اليوم بإيرادات قوية ونماذج أعمال متينة، حيث تتجاوز خدماتها نطاق الذكاء الاصطناعي لتشمل برمجيات تطبيقات الأعمال والحوسبة السحابية. وهناك حجّة قوية مفادها أن جزءًا كبيرًا من الاستثمارات في الذكاء الاصطناعي يأتي من شركات كبرى مربحة تتمتع بمراكز نقدية قوية، ما يجعل هذه الاستثمارات أقل عرضة للمخاطر مقارنة بموجات الحماس السابقة في قطاع التكنولوجيا. غير أن حجم الاستثمارات المخطط لها في مراكز البيانات أثار مخاوف لدى بعض المستثمرين. كما أن هناك 10 شركات ناشئة خاسرة متخصصة في الذكاء الاصطناعي تقدر قيمتها مجتمعة بنحو تريليون دولار. وهناك ايضاً تراجع صدور البيانات الاقتصادية الأمريكية بسبب الإغلاق الحكومي الذي دخل شهره الثاني، فلم تُنشر أي بيانات وظائف رسمية منذ 5 سبتمبر، ما دفع المحللين للاعتماد على بيانات خاصة. هذه البيانات أظهرت أعلى مستوى لتسريح الموظفين منذ 2003 في أكتوبر. كما جاءت نتائج أرباح بعض الشركات التقليدية مخيبة، حيث هبط سهم مطاعم تشيبوتلي بنحو 13% في نهاية أكتوبر بعد إعلان نتائج دون توقعات السوق.
2454
| 16 نوفمبر 2025
هناك لحظات في تاريخ الدول لا تمرّ مرور الكرام… لحظات تُعلن فيها مؤسسات الدولة أنها انتقلت من مرحلة “تسيير الأمور” إلى مرحلة صناعة التغيير ونقل الجيل من مرحلة كان إلى مرحلة يكون. وهذا بالضبط ما فعلته وزارة التربية والتعليم والتعليم العالي في السنوات الأخيرة. الأسرة أولاً… بُعدٌ لا يفهمه إلا من يعي أهمية المجتمع ومكوناته، مجتمعٌ يدرس فيه أكثر من 300 ألف طالب وطالبة ويسند هذه المنظومة أكثر من 28 ألف معلم ومعلمة في المدارس الحكومية والخاصة، إلى جانب آلاف الإداريين والمتخصصين العاملين في الوزارة ومؤسساتها المختلفة. لذلك حين قررت الوزارة أن تضع الأسرة في قلب العملية التعليمية هي فعلاً وضعت قلب الوطن ونبضه بين يديها ونصب عينيها. فقد كان إعلانًا واضحًا أن المدرسة ليست مبنى، بل هي امتداد للبيت وبيت المستقبل القريب، وهذا ليس فقط في المدارس الحكومية، فالمدارس الخاصة أيضًا تسجل قفزات واضحة وتنافس وتقدم يداً بيد مع المدارس الحكومية. فمثلاً دور الحضانة داخل رياض الأطفال للمعلمات، خطوة جريئة وقفزة للأمام لم تقدّمها كثير من الأنظمة التعليمية في العالم والمنطقة. خطوة تقول للأم المعلمة: طفلك في حضن مدرستك… ومدرستك أمانة لديك فأنتِ المدرسة الحقيقية. إنها سياسة تُعيد تعريف “بيئة العمل” بمعناها الإنساني والحقيقي. المعلم… لم يعد جنديًا مُرهقًا بل عقلاً مُنطلقًا وفكرًا وقادًا وهكذا يجب أن يكون. لأول مرة منذ سنوات يشعر المُعلم أن هناك من يرفع عنه الحِمل بدل أن يضيف عليه. فالوزارة لم تُخفف الأعباء لمجرد التخفيف… بل لأنها تريد للمعلم أن يقوم بأهم وظيفة. المدرس المُرهق لا يصنع جيلاً، والوزارة أدركت ذلك، وأعادت تنظيم يومه المدرسي وساعاته ومهامه ليعود لجوهر رسالته. هو لا يُعلّم (أمة اقرأ) كيف تقرأ فقط، بل يعلمها كيف تحترم الكبير وتقدر المعلم وتعطي المكانة للمربي لأن التربية قبل العلم، فما حاجتنا لمتعلم بلا أدب؟ ومثقف بلا اخلاق؟ فنحن نحتاج القدوة ونحتاج الضمير ونحتاج الإخلاص، وكل هذه تأتي من القيم والتربية الدينية والأخلاق الحميدة. فحين يصدر في الدولة مرسوم أميري يؤكد على تعزيز حضور اللغة العربية، فهذا ليس قرارًا تعليميًا فحسب ولا قرارًا إلزاميًا وانتهى، وليس قانونًا تشريعيًا وكفى. لا، هذا قرار هوية. قرار دولة تعرف من أين وكيف تبدأ وإلى أين تتجه. فالبوصلة لديها واضحة معروفة لا غبار عليها ولا غشاوة. وبينما كانت المدارس تتهيأ للتنفيذ وترتب الصفوف لأننا في معركة فعلية مع الهوية والحفاظ عليها حتى لا تُسلب من لصوص الهوية والمستعمرين الجدد، ظهرت لنا ثمار هذا التوجه الوطني في مشاهد عظيمة مثل مسابقة “فصاحة” في نسختها الأولى التي تكشف لنا حرص إدارة المدارس الخاصة على التميز خمس وثلاثون مدرسة… جيش من المعلمين والمربين… أطفال في المرحلة المتوسطة يتحدثون بالعربية الفصحى أفضل منّا نحن الكبار. ومني أنا شخصيًا والله. وهذا نتيجة عمل بعد العمل لأن من يحمل هذا المشعل له غاية وعنده هدف، وهذا هو أصل التربية والتعليم، حين لا يعُدّ المربي والمعلم الدقيقة متى تبدأ ومتى ينصرف، هنا يُصنع الفرق. ولم تكتفِ المدارس الخاصة بهذا، فهي منذ سنوات تنظم مسابقة اقرأ وارتقِ ورتّل، ولحقت بها المدارس الحكومية مؤخراً وهذا دليل التسابق على الخير. من الروضات إلى المدارس الخاصة إلى التعليم الحكومي، كل خطوة تُدار من مختصين يعرفون ماذا يريدون، وإلى أين الوجهة وما هو الهدف. في النهاية… شكرًا لأنكم رأيتم المعلم إنسانًا، والطفل أمانة، والأسرة شريكًا، واللغة والقرآن هوية. وشكرًا لأنكم جعلتمونا: نفخر بكم… ونثق بكم… ونمضي معكم نحو تعليم يبني المستقبل.
1398
| 20 نوفمبر 2025
يحتلّ برّ الوالدين مكانة سامقة في منظومة القيم القرآنية، حتى جعله الله مقرونًا بعبادته في قوله تعالى: ﴿وَقَضَىٰ رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا﴾ [الإسراء: 23]، فجمع بين التوحيد والإحسان إليهما في آية واحدة، ليؤكد أن البرّ بهما ليس مجرّد خُلقٍ اجتماعي، بل عبادة روحية عظيمة لا تقلّ شأنًا عن أركان الإيمان. القرآن الكريم يقدّم برّ الوالدين باعتباره جهادًا لا شوكة فيه، لأن مجاهد النفس في الصبر عليهما، ورعاية شيخوختهما، واحتمال تقلب مزاجهما في الكبر، هو صورة من صور الجهاد الحقيقي الذي يتطلّب ثباتًا ومجاهدة للنفس. قال تعالى: ﴿وَإِن جَاهَدَاكَ عَلَىٰ أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا﴾ [لقمان: 15]، فحتى في حال اختلاف العقيدة، يبقى البرّ حقًا لا يسقط. وفي الآية الأخرى ﴿وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا﴾ [الإسراء: 24]، يربط القرآن مشاعر الإنسان بذاكرته العاطفية، ليعيده إلى لحظات الضعف الأولى حين كان هو المحتاج، وهما السند. فالبرّ ليس ردّ جميلٍ فحسب، بل هو اعتراف دائم بفضلٍ لا يُقاس، ورحمة متجددة تستلهم روحها من الرحمة الإلهية نفسها. ومن المنظور القرآني، لا يتوقف البرّ عند الحياة، بل يمتدّ بعد الموت في الدعاء والعمل الصالح، كما قال النبي ﷺ: «إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث... « وذكر منها «ولد صالح يدعو له» (رواه مسلم). فالبرّ استمرارية للقيم التي غرساها، وجسر يصل الدنيا بالآخرة. في زمن تتسارع فيه الإيقاعات وتبهت فيه العواطف، يعيدنا القرآن إلى الأصل: أن الوالدين بابان من أبواب الجنة، لا يُفتحان مرتين. فبرّهما ليس ترفًا عاطفيًا ولا مجاملة اجتماعية، بل هو امتحان للإيمان وميزان للوفاء، به تُقاس إنسانية الإنسان وصدق علاقته بربه. البرّ بالوالدين هو الجهاد الهادئ الذي يُزهر رضا، ويورث نورًا لا يخبو.
1383
| 14 نوفمبر 2025