رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
ارتبط تطور البشرية وازدهارها ارتباطا وثيقا بوسائل وقنوات الاتصال التي استعملها الإنسان وتفاعل معها عبر العصور والأزمنة. فقد تأثر تاريخ الحضارة تأثرا كبيرا بالاتصال. ففي كل مرحلة كان يستعمل فيها الإنسان وسيلة اتصال جديدة كان يترتب عليها احتكار للمعرفة ومن ثم السلطة. وهكذا عرف الإنسان البردي ثم الورق ثم الطباعة ثم اخترع التلغراف ثم التليفون، ثم جاء عهد الإذاعة ثم التلفزيون وبعدها جاء عهد الثورة الاتصالية بمفهومها الحقيقي والكامل وذلك باستعمال الحاسوب الآلي، والأقمار الصناعية والفاكس واستعمل الإنسان أكثر من وسيلة لتخزين المعلومات ومعالجتها وإرسالها عبر الأقمار الصناعية في ثوان معدودة. فإذا كان آخر القرن الثامن عشر يسمى بـ"الثورة الصناعية الأولى" وآخر القرن التاسع عشر أطلق عليه اسم "الثورة الصناعية الثانية" فإن الربع الأخير من القرن العشرين أصبح يعرف بـ "الثورة الاتصالية". والثورة الاتصالية في الحقيقية لم تأت هكذا فجأة وإنما تعود جذورها وإرهاصاتها الأولى إلى مطلع القرن العشرين. والثورة الاتصالية بمفهومها الحديث ستؤثر لا محال في المعرفة وحجمها وقنوات توزيعها والسيطرة عليها. والصراع العالمي الذي ستشهده البشرية في القرن الحادي والعشرين سيكون صراعا حول من يملك المعلومة ويسيطر على صناعة الصورة وصناعة الرأي العام وصناعة المعرفة .
ففي الواقع جاءت الثورة الاتصالية لتكرس تفوق الشمال على الجنوب ولتزيد الأغنياء غنى والفقراء فقرا. فالثورة الاتصالية أدت إلى ظهور ما يسمى بالصناعات الثقافية هذه الصناعات التي غمرت العالم بإنتاجها وأدت بذلك إلى توحيد الرؤية والفكر حسب المعطيات والمبادئ والقيم التي يفرضها صاحب السلطة والجاه والمال. والإشكالية المطروحة في الثورة الاتصالية هي أن الدول الصغيرة والفقيرة قد قدمت على شراء التكنولوجية والوسائل والقنوات لتواكب التطور، لكنها عجزت عن إنتاج المعرفة والمادة الإعلامية التي توزع عبر هذه الوسائط التكنولوجية، وهكذا فإنها وجدت نفسها مضطرة على اقتناء البرمجيات والمادة –الرسالة والمحتوى- التي تبث وتوزع عبر الوسائل والتكنولوجيات المختلفة. والتناقض المطروح هنا هو أن هذه البرمجيات وهذه المادة التي تقبل معظم الدول في العالم على اقتنائها من حفنة من الشركات العالمية لإنتاج البرامج تحمل في طياتها قيما ومبادئا قد تتنافى وتتعارض مع قيم معظم الدول في العالم، وهذه السيطرة على الإنتاج تؤدي كذلك إلى عولمة الإعلام وعولمة الثقافة وتؤدي إلى السيطرة على الرؤى والقيم والمبادئ.
فالثورة الاتصالية أدت إلى ظهور فضاء إعلامي عالمي عابر للدول والقارات سواء عن طريق البث الفضائي المباشر أو الانترنت، وهذا ما أدى إلى عولمة الإعلام والثقافة التي تعتر نتيجة حتمية للثورة الاتصالية وللتطور المذهل في وسائل الاتصال والنقص الكبير في الإنتاج الإعلامي والثقافي على مستوى كل دولة. وبهذا تربعت الولايات المتحدة الأمريكية على إنتاج الثقافة الأحادية والموحدة التي تهيمن وتسيطر على معظم القنوات التلفزيونية العالمية. وأصبح صانع ومنتج الرسالة والصورة في المجال الإعلامي والثقافي يفكر في سوق عالمية وليس في سوق محلية لكن هذا لا ينفي أنه يفكر بقيم ومعتقدات وبأفكار وأيديولوجية لا تخرج عن الإطار المرجعي لثقافته وبيئته ومجتمعه. وهذه المعادلة تؤدي من دون شك إلى تبعية معظم دول العالم وشعوبها إلى الحفنة القليلة من الدول التي تنتج ما يبث عبر تلفزيونات العالم وباقي الوسائط الإعلامية المختلفة. والإشكالية الأخرى المطروحة هنا فيما يتعلق بالثورة الاتصالية والعولمة الثقافية هي إن الشركات متعددة الجنسيات التي تسيطر على الإنتاج السمعي البصري على المستوى العالمي هي مؤسسات تحكمها المادة والربح والأيديولوجية، وهكذا نلاحظ ظهور البارونات في هذا الميدان أمثال "تاد ترنر" و "روبرت موردوك،" و "روبر هيرسان" وتجمعات كبيرة جدا مثل "جانات فونداشن"، و "سكريبس هوارد "و" تايم وارنر"...إلخ. فهذه التكتلات تنعم برأسمال يقدر بمليارات الدولارات ومستعدة لاستثمار مئات الملايين من الدولارات على إنتاج المواد الثقافية والإعلامية بمختلف أنواعها وأشكالها (أفلام، مسلسلات، أفلام وثائقية، دراسات، تحاليل...إلخ). أما بالنسبة للدول النامية، والتابعة، والمغلوب على أمرها فإنها لا تستطيع أن تنتج المادة الثقافية التي هي بحاجة إليها، وهذا نظرا لقلة الإمكانات المادية ولنقص الإطار البشري المتخصص والمؤهل، كما أن شراء المادة الثقافية المعلبة يكون أقل تكلفة بنسبة كبيرة من لو أن هذه الدول أقبلت على الإنتاج بنفسها. وتنسحب هذه القاعدة على غالبية الدول في العالم الثالث ماعدا القليل منها مثل الهند ومصر.
يقدر الإنفاق الإعلاني في الولايات المتحدة الأمريكية بمئات المليارات من الدولارات سنويا وهذا الرقم يعني الكثير حيث إنه يساهم بدرجة كبيرة وبطريقة كبيرة في تمويل الصناعة الثقافية الأمريكية وفي تمويل الكم الهائل من المؤسسات الإعلامية بمختلف أنواعها وأشكالها. هذا الحجم الإعلاني الكبير يوفر المستلزمات الضرورية للصناعات الثقافية الأمريكية لتفرض نفسها وتبسط نفوذها على العالم إذ نلاحظ أن سعر المنتجات الثقافية يكون رخيصا وفي متناول أي دولة في العالم مهما كانت مخصصاتها المالية للبرامج والمنتجات الإعلامية والثقافية. وبطبيعة الحال فإن الصناعات الثقافية الأمريكية ليست صناعات محايدة وإنما هي صناعات تعكس النمط الأمريكي في مختلف جوانب الحياة كما تعكس القيم والمعتقدات والأيديولوجية الأمريكية. وكنتيجة لكل هذا أصبحت مطاعم "الماكدونالد" موجودة في مختلف عواصم ومدن العالم - أكبر مطعم ماكدونالد في العالم يوجد في موسكو- وأصبح "رامبو" و " ميكي ماوس" وكرة السلة الأمريكية عناوين للنجاح والشهرة والعالمية والقوة.
وهكذا نلاحظ أن الهوة بين الدول المالكة لتكنولوجية الاتصال وللصناعة الثقافية والدول المستهلكة سواء لتكنولوجية الاتصال أو لمحتواها تزيد عمقا يوما بعد يوم ولصالح الحفنة القليلة التي تهيمن وتسيطر وتفرض ما يحلو لها وما يخدم مصالحها وأهدافها. وهكذا فإن ظهور المجتمع المعلوماتي والرقمي في الربع الأخير من القرن العشرين يرفع تحديات كبيرة ومصيرية أمام الدول العربية حيث الحاجة إلى إعادة النظر في السياسة الاتصالية ووضع إستراتيجية إعلامية تقوم على التكوين والدراسات والبحوث والإنتاج وتخصيص موازنات معتبرة تليق بحجم التحدي والرهانات المستقبلية لصناعة الصورة والرأي العام.
حدود العنكبوت
حينَ شقَّ الاستعمار جسدَ الأمة بخطوطٍ من حديد وحدودٍ من نار، انقطعت شرايين الأخوة التي كانت تسقي القلوب... اقرأ المزيد
1959
| 04 نوفمبر 2025
إذا رغبت الحياة.. فاهجر ضفافك!
ثمّة نداءات خفية خافتة عن الأسماع، ظاهرة على الأفئدة، تُستشعر حين تضيق على النفس الأرض بما رحبت، وتنقبض... اقرأ المزيد
300
| 04 نوفمبر 2025
نظم في قطر
انطلقت أمس مباريات بطولة كأس العالم للناشئين في ملاعب أسباير لتعيد إلى الأذهان ذكرى مونديال 2022 للكبار، الذي... اقرأ المزيد
303
| 04 نوفمبر 2025
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية




مساحة إعلانية
المسيرات اليوم تملأ السماء، تحلّق بأجنحةٍ معدنيةٍ تلمع تحت وهج الشمس، تُقاد من بعيدٍ بإشاراتٍ باردةٍ لا تعرف الرحمة. تطير ولا تفكر، تضرب ولا تتردد، تعود أحيانًا أو ربما تنتحر. لا فرحَ بالنصر، ولا ندمَ على الدم. طائراتٌ بلا طيارٍ، ولكنها تذكّرنا بالبشر الذين يسيرون على الأرض بلا وعيٍ ولا بوصلة. لقد صار في الأرض مسيَّراتٌ أخرى، لكنها من لحمٍ ودم، تُدار من وراء الشاشات، وعبر المنصات، حيث تُضغط أزرار العقول وتُعاد برمجتها بصمتٍ وخُبث. كلاهما – الآلة والإنسان – مُسيَّر، غير أن الثانية أخطر، لأنها تغتال العقل قبل الجسد، وتُطفئ الوعي قبل الحياة، وتستهدف الصغير قبل الكبير، لأنه الهدف الأغلى عندها. تحوّل الإنسان المعاصر شيئًا فشيئًا إلى طائرةٍ بشريةٍ بلا طيار، يُقاد من برجٍ افتراضي لا يُرى، اسمه “الخوارزميات”، تُرسل إليه الأوامر في هيئة إشعاراتٍ على هاتفه أو جهازه الذي يعمل عليه، فيغيّر مساره كما تُغيّر الطائرة اتجاهها عند تلقّي الإشارة. يغضب حين يُؤمر، ويُصفّق حين يُطلب منه التصفيق، ويتحدث بلسان غيره وهو يظن أنه صوته. صار نصفه آليًّا ونصفه الآخر بشريًّا، مزيجًا من لحمٍ وإشارة، من شعورٍ مُبرمجٍ وسلوكٍ مُوجَّه. المسيرة حين تُطلِق قذيفتها أو تصطدم تُحدث دمارًا يُرى بالعين، أمّا المسيرة البشرية فحين تُطلِق كلمتها تُحدث دمارًا لا يُرى، ينفجر في القيم والمبادئ، ويترك رمادًا في النفوس، وشظايا في العقول، وركامًا من الفوضى الأخلاقية. إنها تخترق جدران البيوت وتهدم أنفاق الخصوصية، وتصنع من النشء جنودًا افتراضيين بلا أجر، يحملون رايات التدمير وهم يظنون أنهم يصنعون المجد. المسيرة المعدنية تحتاج إلى طاقةٍ لتطير، أمّا المسيرة البشرية فتحتاج فقط إلى “جهلٍ ناعمٍ” يجعل أفئدتها هواءً. ويُخيَّل للمرء أن العالم بأسره قد صار غرفةَ تحكّمٍ واحدة، تُدار بمنهجٍ وفكرٍ وخطة، وأننا جميعًا طائراتٌ صغيرة تدور في مساراتٍ مرسومة، لا تملك حرية رفرفة جناحٍ واحدةٍ خارج هذه الحدود. من يملك الإعلام يملك السماء، ومن يملك البيانات يملك العقول، ومن يملك كليهما، هنا يكمن الخطرُ كلُّه. لكن السؤال الذي يفرض نفسه: كيف نحمي أبناءنا ومجتمعاتنا من أن يصبحوا مسيَّراتٍ بشريةً أخرى؟ كيف نُعيد إليهم جهاز الملاحة الداخلي الذي خُطِف من أيديهم؟ الجواب يبدأ من التربية الواعية التي تُعلّم الطفل أن يسأل قبل أن يُصدّق، وأن يتحقّق قبل أن ينقل، وأن يفكّر قبل أن يحكم. نحتاج إلى مؤسساتٍ وهيئاتٍ تُنمّي مهارة التفكير النقدي، وإعلامٍ يُحرّر لا يُبرمج، وأُسَرٍ تُعلّم أبناءها التمييز بين الصوت الحقيقي وضجيج التقليد، وبين المنابر الحرة والخُطب المصنوعة. فالوعي لا يُوهَب، بل يُصنَع بالتجربة والتأمل والسؤال. ثم تأتي القدوة الحيّة، فالمجتمع لا يتغيّر بالمواعظ فقط، بل بالنماذج. حين يرى الجيل من يفكّر بحرية، ويتحدث بمسؤولية، ويرفض الانقياد الأعمى، سيتعلم أن الحرية ليست في كسر القيود، بل في معرفة من صنعها ولماذا. وأخيرًا، علينا أن نُعلّم أبناءنا أن التحكم في النفس أعظم من التحكم في آلة. فشخصٌ واحد قد يصنع مئات الآلات، ولكن آلاف الآلات لا تصنع إنسانًا واحدًا. ليست كل حربٍ تُخاض بالسلاح، فبعضها تُخاض بالعقول. والمنتصر الحقيقي هو من يبقى ممسكًا بجهاز تحكمه الداخلي، مستقلًّا لا يتأثر بالموجِّهات والمُشوِّشات. إن إنقاذ الجيل لا يكون بإغلاق السماء، بل بتنوير العقول. فحين يتعلم الإنسان كيف يطير بوعيه، لن يستطيع أحد أن يُسيّره بعد اليوم أو يُسقطه.
2853
| 28 أكتوبر 2025
كان المدرج في زمنٍ مضى يشبه قلبًا يخفق بالحياة، تملؤه الأصوات وتشتعل فيه الأرواح حماسةً وانتماء. اليوم، صار صامتًا كمدينةٍ هجرتها أحلامها، لا صدى لهتاف، ولا ظلّ لفرح. المقاعد الباردة تروي بصمتها حكاية شغفٍ انطفأ، والهواء يحمل سؤالًا موجعًا: كيف يُمكن لمكانٍ كان يفيض بالحب أن يتحول إلى ذاكرةٍ تنتظر من يوقظها من سباتها؟ صحيح أن تراجع المستوى الفني لفرق الأندية الجماهيرية، هو السبب الرئيسي في تلك الظاهرة، إلا أن المسؤول الأول هو السياسات القاصرة للأندية في تحفيز الجماهير واستقطاب الناشئة والشباب وإحياء الملاعب بحضورهم. ولنتحدث بوضوح عن روابط المشجعين في أنديتنا، فهي تقوم على أساس تجاري بدائي يعتمد مبدأ المُقايضة، حين يتم دفع مبلغ من المال لشخص أو مجموعة أشخاص يقومون بجمع أفراد من هنا وهناك، ويأتون بهم إلى الملعب ليصفقوا ويُغنّوا بلا روح ولا حماسة، انتظاراً لانتهاء المباراة والحصول على الأجرة التي حُدّدت لهم. على الأندية تحديث رؤاها الخاصة بروابط المشجعين، فلا يجوز أن يكون المسؤولون عنها أفراداً بلا ثقافة ولا قدرة على التعامل مع وسائل الإعلام، ولا كفاءة في إقناع الناشئة والشباب بهم. بل يجب أن يتم اختيارهم بعيداً عن التوفير المالي الذي تحرص عليه إدارات الأندية، والذي يدل على قصور في فهم الدور العظيم لتلك الروابط. إن اختيار أشخاص ذوي ثقافة وطلاقة في الحديث، تُناط بهم مسؤولية الروابط، سيكون المُقدمة للانطلاق إلى البيئة المحلية التي تتواجد فيها الأندية، ليتم التواصل مع المدارس والتنسيق مع إداراتها لعقد لقاءات مع الطلاب ومحاولة اجتذابهم إلى الملاعب من خلال أنشطة يتم خلالها تواجد اللاعبين المعروفين في النادي، وتقديم حوافز عينية. إننا نتحدث عن تكوين جيل من المشجعين يرتبط نفسياً بالأندية، هو جيل الناشئة والشباب الذي لم يزل غضاً، ويمتلك بحكم السن الحماسة والاندفاع اللازمين لعودة الروح إلى ملاعبنا. وأيضاً نلوم إعلامنا الرياضي، وهو إعلام متميز بإمكاناته البشرية والمادية، وبمستواه الاحترافي والمهني الرفيع. فقد لعب دوراً سلبياً في وجود الظاهرة، من خلال تركيزه على التحليل الفني المُجرّد، ومخاطبة المختصين أو الأجيال التي تخطت سن الشباب ولم يعد ممكناً جذبها إلى الملاعب بسهولة، وتناسى إعلامنا جيل الناشئة والشباب ولم يستطع، حتى يومنا، بلورة خطاب إعلامي يلفت انتباههم ويُرسّخ في عقولهم ونفوسهم مفاهيم حضارية تتعلق بالرياضة كروح جماهيرية تدفع بهم إلى ملاعبنا. كلمة أخيرة: نطالب بمبادرة رياضية تعيد الجماهير للمدرجات، تشعل شغف المنافسة، وتحوّل كل مباراة إلى تجربة مليئة بالحماس والانتماء الحقيقي.
2472
| 30 أكتوبر 2025
اطلعت على الكثير من التعليقات حول موضوع المقال الذي نشرته الأسبوع الماضي بجريدة الشرق بذات العنوان وهو «انخفاض معدلات المواليد في قطر»، وقد جاء الكثير من هذه التعليقات أو الملاحظات حول أن هذه مشكلة تكاد تكون في مختلف دول العالم وتتشابه الى حد كبير، والبعض أرجعها الى غلاء المعيشة بشكل عام في العالم، وهذه المشكلة حسبما أعتقد يجب ألا يكون تأثيرها بذات القدر في دول أخرى؛ لأن الوضع عندنا يختلف تماما، فالدولة قد يسرت على المواطنين الكثير من المعوقات الحياتية وتوفر المساكن والوظائف والرواتب المجزية التي يجب ألا يكون غلاء المعيشة وغيرها من المتطلبات الأخرى سببا في عدم الاقبال على الزواج وتكوين أسرة أو الحد من عدد المواليد الجدد، وهو ما يجب معه أن يتم البحث عن حلول جديدة يمكن أن تسهم في حل مثل هذه المشكلة التي بدأت في التزايد. وفي هذا المجال فقد أبرز معهد الدوحة الدولي للأسرة توصيات لرفع معدل الخصوبة والتي تساهم بدورها في زيادة المواليد ومن هذه التوصيات منح الموظفة الحامل إجازة مدفوعة الاجر لـ 6 اشهر مع اشتراط ان تعود الموظفة الى موقعها الوظيفي دون أي انتقاص من حقوقها الوظيفية، وكذلك الزام أصحاب العمل الذين لديهم 20 موظفة بإنشاء دار للحضانة مع منح الأب إجازة مدفوعة الأجر لا تقل عن أسبوعين، وإنشاء صندوق لتنمية الطفل يقدم إعانات شهرية وتسهيل الإجراءات الخاصة بتأمين مساكن للمتزوجين الجدد، وكذلك إنشاء صندوق للزواج يقدم دعما ماليا للمتزوجين الجدد ولمن ينوي الزواج مع التوسع في قاعات الافراح المختلفة، وهذه الاقتراحات هي في المجمل تسهل بشكل كبير العقبات والصعاب التي يواجهها الكثير من المقبلين على الزواج، وبتوفيرها لا شك ان الوضع سيختلف وستسهم في تحقيق ما نطمح اليه جميعا بتسهيل أمور الزواج. لكن على ما يبدو ومن خلال الواقع الذي نعيشه فإن الجيل الحالي يحتاج الى تغيير نظرته الى الزواج، فالكثير اصبح لا ينظر الى الزواج بالاهمية التي كانت في السابق، ولذلك لابد ان يكون من ضمن الحلول التي يجب العمل عليها، إيجاد أو إقرار مواد تدرس للطلاب خاصة بالمرحلة الثانوية وتتمحور حول أهمية تكوين وبناء الاسرة وأهمية ذلك للشباب من الجنسين، والعمل على تغيير بعض القناعات والاولويات لدى الشباب من الجنسين، حيث أصبحت هذه القناعات غير منضبطة أو غير مرتبة بالشكل الصحيح، والعمل على تقديم الزواج على الكثير من الأولويات الثانوية، وغرس هذه القيمة لتكون ضمن الأولويات القصوى للشباب على أن يتم مساعدتهم في ذلك من خلال ما تم ذكره من أسباب التيسير ومن خلال أمور أخرى يمكن النظر فيها بشكل مستمر للوصول الى الهدف المنشود. وفي ظل هذا النقاش والبحث عن الحلول، يرى بعض المهتمين بالتركيبة السكانية ان هناك من الحلول الاخرى التي يمكن أن تكون مؤثرة، مثل التشجيع على التعدد ومنح الموظفة التي تكون الزوجة الثانية أو الثالثة أو حتى الرابعة، علاوة مستحدثة على أن تكون مجزية، الى جانب حوافز أخرى تشجع على ذلك وتحث عليه في أوساط المجتمع، حيث يرى هؤلاء أن فتح باب النقاش حول تعدد الزوجات قد يكون إحدى الأدوات للمساهمة في رفع معدلات الإنجاب، خصوصًا إذا ما اقترن بدعم اجتماعي ومؤسسي يضمن كرامة الأسرة ويحقق التوازن المطلوب.
2007
| 03 نوفمبر 2025