رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

أمل عبدالملك

Amalabdulmalik333@gmail.com
@amalabdulmalik

مساحة إعلانية

مقالات

270

أمل عبدالملك

زمن الشهرة الزائفة

02 نوفمبر 2025 , 03:37ص

لم يعد التغيير الذي أصاب النفوس البشرية خفيًّا أو محدودًا، بل أصبح واضحًا لكل من يتأمل طبيعة العلاقات الإنسانية في زمننا الراهن، فمع الانتشار الهائل لوسائل التواصل الاجتماعي، تغيّرت أولويات الناس، وتبدلت مفاهيم القيم والمكانة والنجاح، أصبحت حياة كثيرين تدور حول “الترند” وعدد المتابعين، بعد أن كانت تُقاس بمدى الصدق والعطاء والمبادئ.في السابق، كانت العلاقات الإنسانية تقوم على الودّ والتقدير المتبادل، أما اليوم، فقد تحوّل بعض الأفراد إلى أسرى للشهرة الوهمية، يسعون خلف الأضواء دون النظر إلى الوسائل التي توصلهم إليها، فبات البعض لا يتورع عن تشويه سمعة الآخرين أو التقليل من إنجازاتهم، فقط ليحظى بلحظة من الاهتمام أو انتشار عابر، ازداد الحسد، وتفشى التنافس غير الشريف، حتى أصبح نجاح الآخر يُنظر إليه كتهديد بدلاً من أن يكون مصدر إلهام.

ومن الملاحظ كذلك أن روح المساعدة والتعاون أخذت تتلاشى شيئًا فشيئًا، كثيرون باتوا يمتنعون عن دعم غيرهم أو ترشيحهم لأي فرصة أو فعالية، فقط لأنهم لا يحتملون رؤية نجاح أحد سواهم، هذا الانغلاق النفسي سببه فقدان الثقة بالنفس، ونسيان أن الأرزاق بيد الله وحده، لا تُنتزع بالحسد ولا تُضاعف بالكراهية.

لقد أصبحت العلاقات في بعض الأوساط قائمة على المصلحة البحتة، فالبعض لا يتقرب إلا لمن يمكن أن يخدمه أو يمنحه منفعة مؤقتة، فإذا انقضت المصلحة انقطع الوصل وتبدلت الوجوه، حتى الاحترام بات يُقاس بعدد المتابعين، والتقدير يُمنح بحسب عدد المشاهدات، دون النظر إلى قيمة المحتوى أو عمق الإخلاص، وللأسف، صارت التفاهة تُلمّع، والسطحية تُكافأ، بينما يغيّب أصحاب الفكر والضمير في زحمة الضجيج الرقمي.

إننا نعيش مرحلة دقيقة من الانفصال الإنساني رغم اتصالنا الدائم بالشاشات، فالمشاعر أصبحت رقمية، والمجاملات افتراضية، والعلاقات مهددة بالزوال مع أول اختلاف أو “إلغاء متابعة”، ومع هذا كله، لا يزال في داخل كل إنسان ومضة خير تنتظر أن تُوقظها لحظة وعي أو تجربة صادقة تعيد الأمور إلى نصابها. نستطيع أن نسترجع إنسانيتنا حين نعود إلى جوهر القيم التي فُطرنا عليها: المحبة، الإخلاص، والنية الصافية،يجب أن نؤمن بأن الأرزاق مقسّمة من الله، وأن نجاح غيرنا لا ينتقص من نجاحنا ولنعد إحياء ثقافة الدعم والمساندة الصادقة، ونكفّ عن تشويه سمعة الآخرين، لأن الكلمة قد تهدم ما لا تبنيه السنوات.

* حين نحب الخير لغيرنا كما نحبه لأنفسنا، نكون قد بدأنا أول طريق العودة إلى إنسانيتنا الحقيقية.

مساحة إعلانية