رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

إبراهيم عبد المجيد

كاتب وروائي مصري

مساحة إعلانية

مقالات

579

إبراهيم عبد المجيد

إسرائيل ليست المخلص ولا المهدي المنتظر!

03 أكتوبر 2024 , 02:00ص

قد يأتي عليك وقت ترى فيه الأساطير تحلق حولك، ولأنك تعرف أن الأساطير هي رموز لمعان بين الخير والشر، تمر عليها وتتعظ. الأساطير لم يبقَ منها غير حكايات في شكل ملاحم، أو صور رسمها فنانون، أو منحوتات لأبطالها وشخصياتها، لكن لا حقيقة باقية تشهد على وجود أحد منهم. الأمثلة كثيرة يمكن ذكرها مرورا بالملاحم اليونانية والمصرية والأشورية والسومرية، وغيرها في العالم. أبشع الأساطير في العصر الحديث هي أسطورة شعب الله المختار، وأن لإسرائيل أرض الميعاد في فلسطين، والدولة من النيل إلى الفرات. كلنا ولو بقليل من العلم، نعرف كيف نشأت إسرائيل ككيان تركته وراءها بريطانيا في الشرق الأوسط المحتل، ليبقى في صراعات لا تنتهي. كل حكاياتهم التي ذاعت خلال ذلك منذ نهايات القرن التاسع عشر عن فلسطين كذب، ففلسطين مثل غيرها من الدول العربية كانت ملاذا لليهود، من محارق أوربا في إسبانيا وفرنسا وروسيا ثم ألمانيا لهم. من أبشع ما قيل أن الفلسطينيين باعوا كثيرا من أرضهم لليهود، بينما الحقيقة أن ذلك لم يحدث، ومن باع لليهود هي القنصليات الأجنبية، ورغم ذلك ما باعوه لا يصل إلى عشرة بالمائة من أرض فلسطين. كلنا نعرف ما فعله اليهود من مستعمرات يسمونها مستوطنات وإبادة جماعية للسكان الأصليين، وكيف جاء تقسيم فلسطين بين دولتين مع قرارات الأمم المتحدة بعد حرب عام 1948 وظلت إسرائيل رغم ذلك تناور ولا تعترف بدولة فلسطينية، وشنت حروبا على مصر وسوريا والأردن رغم أن قرار التقسيم كان جناية على الحقيقة. يمر كل هذا الزمن يدفع ثمنه أهل فلسطين، ويقاومون كثيرا في انتفاضات وثورات، ولا ينتهي الأمر لا بدولتين، ولا دولة واحدة للجميع تحت ظل العدل والمساواة. نصل إلى ما نحن فيه في غزة ثم الهجوم على لبنان، ويحتفل أكثر من مائة ألف صهيوني بالمزامير أمام الحائط الخرافي حائط المبكى، باعتبار أن القدس لهم. تقتل إسرائيل قيادات من فلسطين ومن حزب الله في لبنان، ثم تقتل السيد حسن نصر الله أمين الحزب، وهنا يظهر الشامتون في مقتله، كأن ذلك الهدف لإسرائيل ليس ضد محور للمقاومة، وكأنها دخلت المعركة بين السنة والشيعة، انتقاما مما فعله حزب الله في سوريا لوأد الثورة على بشار الأسد، بينما ما جرى خطوة في الشعار الذي صار يرفعه نتنياهو لكسب رضاء المعارضين له، ويحقق لهم اسطورة أرض الميعاد من النيل إلى الفرات. بالضبط كما قال الاستاذ جابر الحرمي في تغريدة له على تويتر موجزها:

«الكيان الصهيوني لم يُقدِم على اغتيال حسن نصرالله انتقاما للأبرياء من الشعب السوري الشقيق، أو دفاعا عنهم، ويجب ألا يعمينا ذلك عن المشروع الصهيوني، ففلسطين وغزة هي البداية».

 ينسى الشامتون أن عشرات الآلاف من السنة، وحتى من المسحيين، قد قتلوا في غزة ولبنان. نتنياهو بتوسيع الإبادة للعرب يحاول أن يخفي إخفاقه في غزة، فرغم كل دمار لم يستسلم أهلها ولا جنودها. وأيّ عاقل يعرف أن نتنياهو لن يقف عند ذلك وسيتسع، ولقد بدأ الغزو البري لجنوب لبنان وأنا أكتب هذا المقال. مجنون يصدق أنه يحقق أرض الميعاد، ويأتي شامتون، مع تقديري لمأساتهم في سوريا التي لا يوافق عليها أيّ عاقل، يشمتون في حسن نصر الله، كأن مقتله لا يواكبه تدمير لبنان. للأسف عشت لأرى زمنا تصبح إسرائيل فيه هي المُخلِص للسنة، ومادامت إيران صامتة، فربما يقفز من يعتبر إسرائيل أيضا، هي المهدي المنتظر، بينما تحقق إسرائيل أسطورتها.

مساحة إعلانية