رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
ليست الحرب المُجيّشة ضد فلسطين في غزة بدعم أمريكي أوروبي صريح وسخي، هي طائرات مدمرة ومدرعات حصينة وقنابل قاتلة فسفورية وانفجارية من كل نوع وجنس وازنت في قدراتها التدميرية القنبلة النووية التي ألقيت في هيروشيما وناجازاكي في اليابان إبان الحرب العالمية الثانية؛ بل إن أدوات ووسائل الحرب بدت أبشع من كل ذلك بكثير، فإن كانت تلك وسائل خشنة، فهناك وسائل ناعمة معنية بتجريف واحتلال العقل وتوسيع مجال المستهدفين ليشمل كامل الأمة العربية والإسلامية وكل من تحدثه نفسه من شعوب العالم بالتعاطف ودعم الحق الفلسطيني وإدانة الطغيان والجبروت الإسرائيلي والغربي، وتمثل ذلك في وسائل التواصل الاجتماعي الرئيسية في العالم مثل فيس بوك، وتيك توك، وتويتر وغير ذلك، وهي تحت سيطرة ومُلك الطاغوت الدولي الداعم لدولة الكيان الإسرائيلي. وقد غدا عالم اليوم يحاكي رواية جورج أورويـل 1984، التي روت قصة أمة ترزح تحت نير نظامٍ سياسيٍّ يدعو نفسه «زورا» بالاشتراكية (الحُر)، وتملك زمام هذا النظام (العولمي) نخبة أعضاء الحزب الداخلي الذين يلاحقون الفردية والتفكير المغاير بوصفها جرائم فكر. تُجسَّد (الدولة الأعظم) طغيان ذلك النظام، وهي دولة (قائدة) تحكم كزعيم لا يأتيه الحق من بين يديه ولا من خلفه، وإن كان ثمة احتمال أنه لا وجود له. يسعى الحزب للسلطة (الهيمنة) لا لشيءٍ سوى لذاتها، لا لمصلحة الآخرين. أما بطل رواية أورويـل هو (وسائل التواصل الاجتماعي) فهو عضو في الحزب الخارجي وموظفٌ في وزارة الحقيقة المسؤولة عن الدعاية ومراجعة التاريخ؛ وعمله إعادة كتابة المقالات القديمة وتغيير الحقائق التاريخية بحيث تتفق مع ما يعلنه الحزب (الطاغوت الدولي) على الدوام.
اليوم تمنع إدارات فيسبوك وتيك توك وغيرها انسياب حقائق الحرب على غزة وتضع القيود والمتاريس على الرأي الحر. وتمضي تغلق الحسابات (المتمردة) وتحذف كل ما لا يروق لها ويمثل تهديدا ومقاومة لاحتلال العقول وفرض دعاية حربية ورواية أحادية تقنن وتجمّل الإبادة الجماعية التي تقوم بها دولة الاحتلال الإسرائيلي على فلسطين وغزة. حدثني أحدهم أن تيك توك حذفت دعاء كان قد ردّ به على فلسطيني ملتاع طالبا من متابعيه الدعاء له، فجاءت لصاحبي رسالة من تيك توك تقول له ان مساهمته حذفت لأنها تشتمل على (عنف) وتتعارض مع الضوابط. وقال انه كان قد كتب داعيا: (اللهم أحصهم عددا واقتلهم بددا ولا تغادر منهم أحدا).
ليس مطلوبا من جماهير العالم الثالث أن تتعاطى وتتبادل الرأي الحر ولا حتى الدعاء بالنصر، لأنها بذلك تعارض (الحقيقة) المصممة في الدوائر العليا في دولة (أوريل) الحاكمة عالميا؛ إنما المطلوب فقط أن تستخدم تيك توك وصويحباتها للتسويق والترويج الإعلاني والتجاري لمنتجات العالم الأول في أسواق العالم الثالث. فاحتلال العقل يبدأ مـن إعلان لمنـتج تجاري إلى دعايـة سياسية وحـربية مـدمرة. المطلوب استسلامك وخضوعك وقبولك وأنـت في قمة الرضا. ومـن أجـل منـع الآخر من الوصـول إلى أي أفكـار مناهضـة غـير مطلوبـة أو وجهـات نظـر أو مشاعر أو أفعال لا يوافـق عليهـا الطاغوت، يـتم منـع اسـتخدام تعابير وكلمـات محددة. ومن المعروف أن الكلمات تعـبر عـن الأفكـار والمشـاعر، وأن هـذه الأفكار قادرة على تحريك الأفعال. إذن حين تـتم السـيطرة عـلى الكلـمات يمكن السيطرة بالتالي على الأفكار والمشاعر والأفعال.
هناك جهود مكثفة ومسـتمرة لتقليـل مـن ثقـة الآخر بنفسه وخلـق إحساس بالعجز والضعف. بل أكثر من ذلك يجبر على الاعتقاد بأن (الطاغوت) يعرف ما هو خير له وأنـه عـلى صواب دائمـا وأن الفـرد (الآخر) مخطئ وعليـه نبـذ قناعاتـه السـابقة والثقة بذلك الطاغوت الذي لا يأتيه الباطل مطلقا. كان مـن المفترض أن تكون وسائل التواصل الاجتماعي وسـيلة لتطـور العقـل الــبشري بيد أنها أصــبحت الوســيلة المــثلى لغســيل الــدماغ بــما يخــدم الأهــداف السياسية الطاغوتية. وكان من المفترض أن تكسر هذه الوسائل احتكار الشركات التجارية الكبرى لاسيما الإعلامية الكبرى التي ظلت الأداة الباطشة للطاغوت الدولي.
إن تيك توك وصويحباتها ظللن يمُدّنّ ألسنتهن كمنتصر غاصب وقد تجبّر وافترى؛ فعلاوة على توحشهن السياسي لكونهن أدوات حرب فهن غاصبة لفكرنا وانتباهنا، وقد ورطن المستهدفين في عالم افتراضي يموج فضاؤه بصراعات الشركات وإعلاناتها، وافتراء الأيدلوجيات المعادية ودعاياتها السوداء، وفوق كل ذلك يمثلن فضاء تسرح وتمرح فيه شياطين الإنس مبشرة بكل ما هو هادم للقيم، تروج بضاعة مزجاة قوامها الجنس والمخدرات وكل فكر منحل.
وقبل أن تدوي هزيمة الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين هناك خطوات ضرورية لتقويض ركائز احتلال العقل وتجريفه، بتطبيق ونشر نهج التربية الإعلامية، وهي سلسلةٌ من الكفاءات الإعلامية مع قدرةٍ على الوصول والتحليل والتقييم والتواصل. فهي تتيح للأفراد لاسيما النشء ليكونوا مفكرين ناقدين لمحتوى وسائل التواصل الاجتماعي. وتعرّف اليونسكو التربية الإعلامية والمعلوماتية بأنها: «الكفاءات الأساسية التي تتيح للمواطنين التعامل مع وسائل الإعلام على نحو فعّال، وتطوير الفكر النقدي ومهارات التعلّم».فالتربية الإعلامية باختصار تُعني بمهارة التعامل مع وسائل الإعلام واتقاء شرورها المتناسلة بكثافة. وباختصار تكمن أهمية التربية الإعلامية في أنها تتيح للأفراد اكتساب المهارات والخبرات التي تمكنهم من فهم الكيفية التي يشكل بها غول الإعلام إدراكهم، بل أكثر من ذلك، وهو إرفادهم بكل ما يعينهم على المشاركة في صناعة المحتوى الإعلامي وتعديل اعوجاجه ليتماشى مع أخلاقيات المجتمع وقيمه وقوانينه.
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية




مساحة إعلانية
نعم، أصبحنا نعيش زمنًا يُتاجر فيه بالفكر كما يُتاجر بالبضائع، تُباع فيه الشهادات كما تُباع السلع، وتُؤجّر فيه المنصات التدريبية كما تُؤجّر القاعات لحفلات المناسبات. هو زمنٌ تحوّلت فيه «المعرفة إلى سلعة» تُسعَّر، لا رسالة تُؤدَّى. تتجلّى مظاهر «الاتّجار المعرفي» اليوم في صور عديدة، لعلّ أبرزها «المؤتمرات والملتقيات التدريبية والأكاديمية» التي تُقام بأسماء لامعة وشعارات براقة، يدفع فيها الحضور مبالغ طائلة تحت وعودٍ بالمحتوى النوعي والتبادل العلمي، ثم لا يخرج منها المشاركون إلا بأوراق تذكارية وصورٍ للمنصات! وهنا «العجيب من ذلك، والأغرب من ذلك»، أنك حين تتأمل هذه الملتقيات، تجدها تحمل أربعة أو خمسة شعارات لمؤسساتٍ وجهاتٍ مختلفة، لكنها في الحقيقة «تعود إلى نفس المالك أو الجهة التجارية ذاتها»، تُدار بأسماء متعدّدة لتُعطي انطباعًا بالتنوّع والمصداقية، بينما الهدف الحقيقي هو «تكرار الاستفادة المادية من الجمهور نفسه». هذه الفعاليات كثير منها أصبح سوقًا مفتوحًا للربح السريع، لا للعلم الراسخ؛ تُوزَّع فيها الجوائز بلا معايير، وتُمنح فيها الألقاب بلا استحقاق، وتُقدَّم فيها أوراق بحثية أو عروض تدريبية «مكرّرة، منسوخة، أو بلا أثرٍ معرفي حقيقي». وهذا الشكل من الاتّجار لا يقل خطورة عن سرقة البيانات أو بيع الحقائب التدريبية، لأنه يُفرغ الفضاء الأكاديمي من جوهره، ويُحوّل «الجهد العلمي إلى طقسٍ استعراضي» لا يصنع معرفة ولا يضيف قيمة. فالمعرفة الحقيقية لا تُشترى بتذكرة حضور، ولا تُختزل في شعار مؤتمر، ولا تُقاس بعدد الصور المنشورة في مواقع التواصل. من جهةٍ أخرى، يتخذ الاتّجار بالمعرفة اليوم وجهًا «رقميًا سيبرانيًا أكثر تعقيدًا»؛ إذ تُباع البيانات البحثية والمقررات الإلكترونية في «الأسواق السوداء للمعلومات»، وتُسرق الأفكار عبر المنصات المفتوحة، ويُعاد تسويقها تحت أسماء جديدة دون وعيٍ أو مساءلة. لقد دخلنا مرحلة جديدة من الاتّجار لا تقوم على الجسد، بل على «استغلال العقول»، حيث يُسرق الفكر ويُباع الإبداع تحت غطاء “التعاون الأكاديمي” أو “الفرص البحثية”. ولذلك، فإن الحديث عن «أمن المعرفة» و»السلامة السيبرانية في التعليم والتدريب» لم يعد ترفًا، بل ضرورة وجودية لحماية رأس المال الفكري للأمم. على الجامعات ومراكز التدريب أن تنتقل من مرحلة التباهي بعدد المؤتمرات إلى مرحلة «قياس الأثر المعرفي الحقيقي»، وأن تُحاكم جودة المحتوى لا عدد المشاركين. الاتّجار بالمعرفة جريمة صامتة، لكنها أخطر من كل أشكال الاتّجار الأخرى، لأنها «تسرق الإنسان من داخله»، وتقتل ضميره المهني قبل أن تمس جيبه. وحين تتحوّل الفكرة إلى تجارة، والمعرفة إلى وسيلة للشهرة، يفقد العلم قدسيته، ويصبح المتعلم مستهلكًا للوهم لا حاملًا للنور.
6426
| 27 أكتوبر 2025
في زمنٍ تتسارع فيه التكنولوجيا وتتصارع فيه المفاهيم، باتت القيم المجتمعية في كثيرٍ من المجتمعات العربية أقرب إلى «غرفة الإنعاش» منها إلى الحياة الطبيعية. القيم التي كانت نبض الأسرة، وعماد التعليم، وسقف الخطاب الإعلامي، أصبحت اليوم غائبة أو في أحسن الأحوال موجودة بلا ممارسة. والسؤال الذي يفرض نفسه: من يُعلن حالة الطوارئ لإنقاذ القيم قبل أن تستفحل الأزمات؟ أولاً: التشخيص: القيم تختنق بين ضجيج المظاهر وسرعة التحول: لم يعد ضعف القيم مجرد ظاهرة تربوية؛ بل أزمة مجتمعية شاملة فنحن أمام جيلٍ محاط بالإعلانات والمحتوى السريع، لكنه يفتقد النماذج التي تجسّد القيم في السلوك الواقعي. ثانياً: الأدوار المتداخلة: من المسؤول؟ إنها مسؤولية تكاملية: - وزارة التربية والتعليم: إعادة بناء المناهج والأنشطة اللاصفية على قيم العمل والانتماء والمسؤولية، وربط المعرفة بالسلوك. - وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية: تجديد الخطاب الديني بلغة العصر وتحويل المساجد إلى منصات توعية مجتمعية. - وزارة الثقافة: تحويل الفنون والمهرجانات إلى رسائل تُنعش الوعي وتُعيد تعريف الجمال بالقيمة لا بالمظهر. - وزارة الإعلام: ضبط المحتوى المرئي والرقمي بما يرسّخ الوعي الجمعي ويقدّم نماذج حقيقية. - وزارة التنمية الاجتماعية: تمكين المجتمع المدني، ودعم المبادرات التطوعية، وترسيخ احترام التنوع الثقافي باعتباره قيمة لا تهديدًا. ثالثاً: الحلول: نحو حاضنات وطنية للقيم: إن مواجهة التراجع القيمي لا تكون بالشعارات، بل بإنشاء حاضنات للقيم الوطنية تعمل مثل حاضنات الأعمال، لكنها تستثمر في الإنسان لا في المال. هذه الحاضنات تجمع التربويين والإعلاميين والمثقفين وخبراء التنمية لتصميم برامج عملية في المدارس والجامعات ومراكز الشباب تُترجم القيم إلى ممارسات يومية، وتنتج مواد تعليمية وإعلامية قابلة للتكرار والقياس. كما يمكن إطلاق مؤشر وطني للقيم يُقاس عبر استطلاعات وسلوكيات مجتمعية، لتصبح القيم جزءًا من تقييم الأداء الوطني مثل الاقتصاد والتعليم. رابعا: تكامل الوزارات:غرفة عمليات مشتركة للقيم: لا بد من إطار حوكمة ؛ • إنشاء مجلس وطني للقيم يُمثّل الوزارات والجهات الأهلية، يضع سياسة موحّدة وخطة سنوية ملزِمة. مؤشرات أداء مشتركة • تُدرج في اتفاقيات الأداء لكل وزارة • منصة بيانات موحّدة لتبادل المحتوى والنتائج تُعلن للناس لتعزيز الشفافية. • حملات وطنية متزامنة تُبث في المدارس والمساجد والمنصات الرقمية والفنون، بشعار واحد ورسائل متناسقة. • عقود شراكة مع القطاع الخاص لرعاية حاضنات القيم وبرامج القدوة، وربط الحوافز الضريبية أو التفضيلية بحجم الإسهام القيمي. الختام..... من يُعلن حالة الطوارئ؟ إنقاذ القيم لا يحتاج خطابًا جديدًا بقدر ما يحتاج إرادة جماعية وإدارة محترفة. المطلوب اليوم حاضنات قيم، ومجلس تنسيقي، ومؤشرات قياس، وتمويل مستدام. عندها فقط سننقل القيم من شعارات تُرفع إلى سلوك يُمارس، ومن دروس تُتلى إلى واقع يُعاش؛ فيحيا المجتمع، وتموت الأزمات قبل أن تولد.
6390
| 24 أكتوبر 2025
ليس الفراغ في الأماكن، بل في الأشخاص الذين لم يتقنوا الجلوس في أماكنهم. كم من مقعدٍ امتلأ جسدًا، وظلّ فارغًا فكرًا، وإحساسًا، وموقفًا. الكرسي لا يمنح الهيبة، بل من يجلس عليه هو من يمنح المكان معناه. المدرب… حين يغيب التأثير: المدرب الذي لا يملأ مقعده، هو من يكرّر المعلومات دون أن يُحدث تحولًا في العقول. يشرح بجمود، ويتحدث بثقة زائفة، ثم يغادر دون أن يترك بصمة. الحل أن يفهم أن التدريب رسالة لا مهنة، وأن حضوره يقاس بتغيير الفكر والسلوك بعده. وعندما يغيب هذا الإدراك، يتحول التدريب إلى ترفٍ ممل، ويفقد المجتمع طاقاته الواعدة التي تحتاج إلى من يشعل فيها شرارة الوعي. المدير… حين يغيب القرار: المدير الذي لا يملأ كرسيه، يهرب من المسؤولية بحجة المشورة، ويُغرق فريقه في اجتماعات لا تنتهي. الحل: أن يدرك أن القرار جزء من القيادة، وأن التردد يقتل الكفاءة. وعندما يغيب المدير الفاعل، تُصاب المؤسسة بالجمود، وتتحول بيئة العمل إلى طابور انتظار طويل بلا توجيه. القائد… حين يغيب الإلهام: القائد الذي لا يملك رؤية، لا يملك أتباعًا بل موظفين. الحل: أن يزرع في فريقه الإيمان لا الخوف، وأن يرى في كل فرد طاقة لا أداة. غياب القائد الملهم يعني غياب الاتجاه، فتضيع الجهود، ويضعف الولاء المؤسسي، ويختفي الشغف الذي يصنع التميز. المعلم… حين يغيب الوعي برسالته: المعلم الذي يجلس على كرسيه ليؤدي واجبًا، لا ليصنع إنسانًا، يفرغ التعليم من رسالته. الحل: أن يدرك أنه يربّي أجيالًا لا يلقّن دروسًا. وحين يغيب وعيه، يتخرّج طلاب يعرفون الحروف ويجهلون المعنى، فيُصاب المجتمع بسطحية الفكر وضعف الانتماء. الإعلامي… حين يغيب الضمير: الإعلامي الذي لا يملأ كرسيه بالمصداقية، يصبح أداة تضليل لا منبر وعي. الحل: أن يضع الحقيقة فوق المصلحة، وأن يدرك أن الكلمة مسؤولية. وعندما يغيب ضميره، يضيع وعي الجمهور، ويتحول الإعلام إلى سوقٍ للضجيج بدل أن يكون منارة للحق. الطبيب… حين يغيب الإحساس بالإنسان: الطبيب الذي يرى في المريض رقمًا لا روحًا، ملأ كرسيه علمًا وفرّغه إنسانية. الحل: أن يتذكر أن الطب ليس مهنة إنقاذ فقط، بل مهنة رحمة. وحين يغيب هذا البعد الإنساني، يفقد المريض الثقة، ويصبح الألم مضاعفًا، جسديًا ونفسيًا معًا. الحاكم أو القاضي… حين يغيب العدل: الحاكم أو القاضي الذي يغفل ضميره، يملأ الكرسي رهبة لا هيبة. الحل: أن يُحيي في قراراته ميزان العدالة قبل أي شيء. فحين يغيب العدل، ينهار الولاء الوطني، ويُصاب المجتمع بتآكل الثقة في مؤسساته. الزوج والزوجة… حين يغيب الوعي بالعلاقة: العلاقة التي تخلو من الإدراك والمسؤولية، هي كرسيان متقابلان لا روح بينهما. الحل: أن يفهما أن الزواج ليس عقداً اجتماعياً فحسب، بل رسالة إنسانية تبني مجتمعاً متماسكاً. وحين يغيب الوعي، يتفكك البيت، وينتج جيل لا يعرف معنى التوازن ولا الاحترام. خاتمة الكرسي ليس شرفًا، بل تكليف. وليس مكانًا يُحتل، بل مساحة تُملأ بالحكمة والإخلاص. فالمجتمعات لا تنهض بالكراسي الممتلئة بالأجساد، بل بالعقول والقلوب التي تعرف وزنها حين تجلس… وتعرف متى تنهض.
5103
| 20 أكتوبر 2025