رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

عصام بيومي

إعلامي وباحث سياسي
ماجستير العلوم السياسية

مساحة إعلانية

مقالات

609

عصام بيومي

الشيطان يسكن في القوانين!

04 ديسمبر 2024 , 02:00ص

 لا تزال في بلاد الإسلام رحمة لا يمكن إنكارها، مهما ساءت الأمور، ولا تزال في بلاد الكفر قسوة لا يمكن إغفالها مهما ظن الناس العكس». فلا تزال بلاد الإسلام تعمل على مستويات عدة، حتى في العُرف المُجتمعي، بقوانين الوحي الإلهي وإن صاحبها بعض القوانين الوضعية. أما في البلاد الأخرى، فالأمر موكول للقوانين الوضعية التي لا تنتج إلا «ديكتاتوريات بحكم القانون». والمدقق في القوانين الغربية سيجد أن أكثرها وضعه أشخاص لهم عقلية المجرمين، أرادوا صناعة الجريمة وتقنينها، على طريق صناعة الكفر (انظر مقال: الفلاسفة ترزية أفكار). ويكفي أن نعرف أن كثيرا من القوانين الغربية الحالية وراءها جيرمي بنثام، الذي يعدونه فيلسوفا، وهو في ميزان الحق مجرم بمعنى الكلمة، إذ إن كتاباته في فلسفة القانون نادت بإباحة الشذوذ، وإطلاق الحريات، وإلغاء الدين، وأسست مذهب «النفعية». وفوق ذلك فهو واضع فكرة «البانوبتيكون»، (سجن كبير كثيف المراقبة)، التي بلورها جورج أورويل لاحقا بـ»الأخ الكبير» في «1984». كما أن مونتيسكيو صاحب «روح القوانين»، الذي يعد «الكتاب المقدس» لما يسمى الديمقراطيات الحديثة، كان من أكبر داعمي اليهود، وعبأ كتابه ذاك بمدحهم، واعتبرهم أساس الرأسمالية الحديثة كونهم «حرروا التجارة من سلطة السياسة والدين». ويكشف أرنولد إيجيز اليهودي الكندي في كتابه «مونتيسكيو واليهود»، «الروح اليهودية» لدى مونتيسكيو كونه نشأ في حي لليهود وتزوج من بروتستانتية.

وقد أكدت الوقائع التاريخية ما أثبته أعداء الإنسانية بأنفسهم، في مدوناتهم، من أنهم هم الذين ابتدعوا الفلسفة، التي أنتجت أغلب قوانين العالم الحديث، وأن كل الفلاسفة ومن سار سيرهم تابع لهم، إما برابطة الدم أو النسب أو بالولاء. فكمن يصنع التمثال ثم يعبده، صنعوا الفلسفة والفلاسفة، وبهم صنعوا القوانين ثم عبدوها. كما إن تتبع آثار معظم القوانين المطبقة عالميا يُظهر أن من وضعوا تلك القوانين لم يريدوا من ورائها إلا عكس المُعلن. ففي السنوات الأخيرة تبين لكل عاقل أن مواثيق (قوانين) الأمم المتحدة الاقتصادية تهدم الدول وأن قوانينها الصحية تهدم صحة البشر، وأن قوانينها الإنسانية تهدم العلاقات الاجتماعية وتشرد الأسر، وأن قوانينها الثقافية تهدم عقولهم ونفوسهم.

وتحدثنا سابقا عن الفساد في قوانين صناعة الدواء والغذاء، وحماية البيئة. وهكذا، فكل قوانينهم مجرد شعارات يغيب عنها العدل، وتطبق على العامة دون الخاصة. ولذلك فهي «تقنن الظلم» وتخلق مجرمين عن عمد وليس مصادفة. وينعكس ذلك بوضوح في مؤشر معدلات الجريمة في العالم الذي يضع دولا عربية كثيرة، أولها قطر، بين الأفضل عالميا، بينما دول كبرى مثل الولايات المتحدة تقبع عند مستويات عالية من الجريمة، وخاصة العنيفة منها. لدرجة أن مقالا بمجلة الإيكونوميست، فبراير 2012، اعتبر أن قانون العقوبات الأمريكي يمثل بحد ذاته جريمة ضد الإنسانية، مشيرا إلى العنصرية الكامنة فيه، إذ يتجاوز عدد السود الملاحقين بموجبه، (أكثر من 6 ملايين بين سجين أو مراقب)، كل الأفارقة الذين تم استعبادهم في ذروة عصر الرق، خمسينيات القرن الـ 19.

 وقد يبدو، لمن يفكر داخل الصندوق، أن تلك القوانين «المغرضة» أحدثت تأثيرا عكسيا. لكنها في الواقع، وبنظرة أعمق، حققت بالضبط ما أراده أعداء الإنسانية، من إفساد عام، تحت شعارات الحرية الزائفة ورفاهية كروت الائتمان السرابية. وفي ذلك يقول ألآن تورين، عالم الاجتماع الفرنسي، إن «المواطن الغربي بلغ أقصى درجات الحرية وبلغ، في الوقت ذاته، أقصى درجات العبودية، مع تحول الكماليات إلى احتياجات وضرورات في ظل القوانين الصارمة والمراقبة شبه الدائمة تحت حكم الشركات الكبرى للعالم». وللمؤرخ البريطاني بيري أندرسون مقال مهم في دورية «اليسار الجديد»، خريف 2023، يرفض فيه ما يسمى القانون الدولي ويصفه بـ»قانون الأقوياء» الدولي، مذكرا بقول نيتشه: «القانون ما هو إلا تعبير عن رغبات الأقوياء». ورغم قول المشتغلين بالقانون إن «الشيطان يسكن في التفاصيل»، فالأدق أن «الشيطان يسكن في القوانين» ذاتها وليس التفاصيل. فالقوانين بطبيعتها قيود وعندما تساء صياغتها وتطبيقها، عن عمد، تصبح أدوات شيطانية لصناعة الظلم.

اقرأ المزيد

alsharq الشرع والواقعية السياسية

منذ اليوم الأول لتوليه قيادة سوريا بعد الإطاحة بنظام الأسد، والرئيس أحمد الشرع يحطم رويدا رويدا جميع التصورات... اقرأ المزيد

315

| 18 نوفمبر 2025

alsharq وزارة التربية والتعليم هل من مستجيب؟

شخصيا كنت أتمنى أن تلقى شكاوى كثير من المواطنين والمقيمين من أولياء أمور الطلاب الذين يدرسون في مدارس... اقرأ المزيد

1212

| 18 نوفمبر 2025

alsharq د. زغلول النجار.. عالمٌ حمل عزة العلم وصدق الدعوة

( قضية الإسلام عادلة، لكنها كثيرًا ما تُقدَّم بألسنةٍ ضعيفة ) «الشيخ محمد الغزالي» بهذه الكلمات التي تختصر... اقرأ المزيد

192

| 18 نوفمبر 2025

مساحة إعلانية