رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مع نشر هذا المقال، تجتمع الهيئة العامة للائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية في إسطنبول فيما يمكن أن يُعتبر واحداً من أهم اجتماعات الائتلاف منذ تأسيسه. لاتنبع أهمية الاجتماع فقط من طبيعة القضايا الحساسة التي سيبحثها، وإنما من زاوية تأثيرها في مصير الثورة السورية ومستقبل سوريا.
فرغم كل مايمكن أن يُقال عن الائتلاف وسلبياته، وهو كثير. ورغم الاتهامات الموجهة له بعدم قدرته على أداء دوره في تمثيل الثورة سياسياً، وهذا صحيح، يبقى الائتلاف حتى الآن الجهة السياسية الرسمية التي اعترفت بها دول العالم بشكلٍ أو بآخر.
صحيحٌ أن هذا الاعتراف لم يُنتج عملياً دعماً حقيقياً للسوريين وثورتهم يُنصفهم إنسانياً على الأقل، فضلاً عن أن يساعدهم في تحقيق أهداف الثورة. وصحيحٌ أن (اعتراف) دولٍ كروسيا وإيران جاء تدريجياً كنوعٍ من الاعتراف بأمرٍ واقع، وإن بغرض احتوائه ومحاولة توظيفه عبر المناورات السياسية لمنع الثورة من تحقيق أهدافها.
لكن الائتلاف بقي حتى الآن جهةً رئيسةً تحمل كموناً يجب العمل لتفعيله وصولاً إلى أداء دوره المطلوب. وهو أمرٌ لاتبدو مقدماتهُ ظاهرةً للمحلل الذي يتابع الأمور عن قرب إذا بقي الحال على ما هو عليه.
لهذا تحديداً نستعمل كلمات مثل (حتى الآن) و(جهةً رئيسة) بدلاً من (الجهة الرئيسة).
فمع اقتراب الموعد المُفترض لمؤتمر جنيف2، ومع المُعطيات المتجددة على الأرض السورية بشكل عام وفي المناطق المحررة تحديداً، لاتوجد ثمة إشارات بأن الائتلاف قادرٌ على أن يُحدث نقلةً في المسار السياسي الذي يتصدى للعمل فيه. وهي نقلةٌ باتت مطلوبةً بكل المقاييس.
لايكفي في هذا الإطار بعض التطور الذي حصل في حقل العلاقات الخارجية، لأنه تطورٌ لايزال محصوراً في حفنةٍ من التصريحات الإيجابية التي تصدر من هنا وهناك، وتقف مسألة الدعم عندها دون أن تتجاوزها إلى الفعل. وهو لا يتناسبُ بالتأكيد مع حجم التوقعات في درجة الدعم الذي سيتلقاه الثوار يوم وصلت قيادة الائتلاف الحالية إلى موقعها الراهن في الانتخابات الماضية.
وحتى في موضوع الحكومة المؤقتة الذي يُفترض فيه أن يكون مجال اهتمامٍ كبير ومتابعةٍ حثيثة من قبل الائتلاف، لاتزال الحكومة تبحث لنفسها عن دور بعد قرابة شهرين من تشكيلها والمصادقة عليها. فهي لم تضع حتى الآن خطةً واضحةً للعمل، كما أن مجرد الاقتراب من الأرض السورية يبدو أمراً صعباً عليها، وهو مايجعل مصيرها بأسره معلقاً في الهواء.
والمؤكد أن هذه الحقيقة الأخيرة تعطي مؤشراً على نقطة ضعفٍ رئيسةٍ في أداء الائتلاف، تتمثل في ضعف تواصله مع الداخل السوري بشكلٍ عام، ومع القوى العسكرية الرئيسة على وجه التحديد.
ورغم أن تلك القوى مُطالبةٌ بأن تتعامل مع الجهة التي يُفترض أن تكون الذراع السياسية للثورة، وتفتح معها حواراً جدياً وصريحاً ومباشراً على جميع المستويات وفي كل المجالات، إلا أن الائتلاف نفسهُ مُطالبٌ بأن يكون أكثر واقعيةً في إظهار قدرته وأهليته الفعلية على (تمثيل) الداخل الثوري. يَصدق هذا على مستوى الرؤية والخلفية الثقافية، إذ لايُعقل أن يتم تهميش الهوية الإسلامية للثورة في المسار السياسي والالتفاف عليها من خلال إظهار رموز لبعض القوى التي لاتملك رصيداً فعلياً على الأرض. كما يَصدق في مجال التمثيل الفعلي لتلك القوى، إن على مستوى الاعتراف بدورها الرئيس والمتزايد في الداخل السوري، أو حتى في تأمين وجود دورٍ لها في صناعة القرار داخل الائتلاف ومؤسساته المختلفة.
والحقيقة أن مثل هذه الممارسة يجب أن تكون محوراً من محاور التفكير السياسي للائتلاف لأن هناك تقدماً ملحوظاً في طريقة تفكير القوى المذكورة عسكرياً وسياسياً، فضلاً عن التقدم في دورها العملياتي. وقد ضربنا مثالاً على هذا الواقع الجديد عند الحديث عن الجبهة الإسلامية في المقال السابق.
ويأتي موقف الجبهة الجديد والعلني من تنظيم (داعش)، خاصةً بعد مقتل الطبيب حسين سليمان ليصب في خانة تعزيز دورها في الساحة السورية، وهو مايبدو أن القوى الدولية أدركته من استقراء مواقفها المُعلنة. ومع تقاطع مواقف الجبهة بشكلٍ متزايد مع مواقف القوى الإقليمية والدولية حول هذا التنظيم وفكره بشكلٍ عام، تُصبح تلك المواقف الإقليمية والدولية مفهومةً وقابلةً للتطور من الجهتين، خاصةً مع ازدياد جرعة (الواقعية) لكلا الطرفين، ولو من زوايا رؤية مختلفة.
من هنا تأتي الحاجة لنقلةٍ في عمل الائتلاف ربما تصل إلى حد الانقلاب على طريقة عمله منذ إنشائه إلى يومنا الراهن. وإذا صحت الأنباء عن إمكانية ترشيح الدكتور رياض حجاب لرئاسة الائتلاف، فقد تكون هذه (ضربة معلم) على كثيرٍ من المستويات. فمن ناحية، تبدو علاقات الرجل مع القوى الإقليمية والدولية جيدة. ومن ناحية ثانية، يبدو مؤكداً أن علاقاته جيدة بالداخل السوري وقواه المختلفة. إضافةً إلى هذا، يمثل وجوده في مثل هذا الموقع رمزياً عملية استمرارية الدولة السورية وفصل هذه الاستمرارية عن مسألة إسقاط النظام بكل رموزه وأركانه. وأخيراً، فإن وجوده في هذا الموقع قد يكون حلاً لمسألة الاستقطاب الداخلي في الائتلاف، وهي مسألةٌ لاتزال سائدةً حتى الآن.
وعلى عكس مايعتقده البعض، ربما يكون وجود الرجل في هذا الموقع ورقة قوية للائتلاف في حال تقرر أن مؤتمر جنيف2 يمكن أن يُسفر عن نتائج إيجابية في مصلحة الثورة. إذ لايُشترط بالضرورة أن يكون هو رئيس الوفد المفاوض، بل يكون الرئيس شخصاً آخر من المحبذ أن يكون من المعارضة في الداخل. وهذه ممارسةٌ لها دلالات رمزية وسياسية عملية، ويمكن لها أن ترفع سقف شروط المعارضة وتقوي أوراقها التفاوضية. كل هذا إذا انعقد المؤتمر أصلاً، لأن الشكوك في ذلك لاتزال قويةً لأسباب كثيرة.
خلاصة الموضوع أن الائتلاف بحاجة لانتفاضة سياسية وتنظيمية تُعطيه القدرة على تحريك المسار السياسي الراكد، وعلى القيام بمبادرات تضعه في موقع صانع الحدث، وعلى إحداث اختراق سياسي وعسكري ملحوظ. وبغير هذا، لايمكن لجنيف ولا لغيرها أن تكون مفارق طريق إيجابية على طريق تحقيق أهداف الثورة.
وقد تكون اجتماعات الهيئة العامة للائتلاف الفرصة الأخيرة لتأمين ذلك الاختراق.
حرمة الميت بين توجيه السنة وخطاب الإعلام
في زمن تعددت فيه وسائل الإعلام وتنوعت فيه المنابر الإذاعية والتلفزيونية والرقمية أصبحت قصص الموتى تُروى على الهواء... اقرأ المزيد
87
| 27 نوفمبر 2025
خذلنا غزة ولا نزال
(غزة تواجه الشتاء بلا مأوى وهي تغرق اليوم بنداءات استغاثة جديدة في حين توقفت أصوات القصف وجاءت أصوات... اقرأ المزيد
72
| 27 نوفمبر 2025
الغائب في رؤية الشعر..
شاع منذ ربع قرن تقريبا مقولة زمن الرواية. بسبب انتشارها الأكبر في كل العالم. عام 1985 كتبت مقالا... اقرأ المزيد
81
| 27 نوفمبر 2025
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية



مساحة إعلانية
هناك لحظات في تاريخ الدول لا تمرّ مرور الكرام… لحظات تُعلن فيها مؤسسات الدولة أنها انتقلت من مرحلة “تسيير الأمور” إلى مرحلة صناعة التغيير ونقل الجيل من مرحلة كان إلى مرحلة يكون. وهذا بالضبط ما فعلته وزارة التربية والتعليم والتعليم العالي في السنوات الأخيرة. الأسرة أولاً… بُعدٌ لا يفهمه إلا من يعي أهمية المجتمع ومكوناته، مجتمعٌ يدرس فيه أكثر من 300 ألف طالب وطالبة ويسند هذه المنظومة أكثر من 28 ألف معلم ومعلمة في المدارس الحكومية والخاصة، إلى جانب آلاف الإداريين والمتخصصين العاملين في الوزارة ومؤسساتها المختلفة. لذلك حين قررت الوزارة أن تضع الأسرة في قلب العملية التعليمية هي فعلاً وضعت قلب الوطن ونبضه بين يديها ونصب عينيها. فقد كان إعلانًا واضحًا أن المدرسة ليست مبنى، بل هي امتداد للبيت وبيت المستقبل القريب، وهذا ليس فقط في المدارس الحكومية، فالمدارس الخاصة أيضًا تسجل قفزات واضحة وتنافس وتقدم يداً بيد مع المدارس الحكومية. فمثلاً دور الحضانة داخل رياض الأطفال للمعلمات، خطوة جريئة وقفزة للأمام لم تقدّمها كثير من الأنظمة التعليمية في العالم والمنطقة. خطوة تقول للأم المعلمة: طفلك في حضن مدرستك… ومدرستك أمانة لديك فأنتِ المدرسة الحقيقية. إنها سياسة تُعيد تعريف “بيئة العمل” بمعناها الإنساني والحقيقي. المعلم… لم يعد جنديًا مُرهقًا بل عقلاً مُنطلقًا وفكرًا وقادًا وهكذا يجب أن يكون. لأول مرة منذ سنوات يشعر المُعلم أن هناك من يرفع عنه الحِمل بدل أن يضيف عليه. فالوزارة لم تُخفف الأعباء لمجرد التخفيف… بل لأنها تريد للمعلم أن يقوم بأهم وظيفة. المدرس المُرهق لا يصنع جيلاً، والوزارة أدركت ذلك، وأعادت تنظيم يومه المدرسي وساعاته ومهامه ليعود لجوهر رسالته. هو لا يُعلّم (أمة اقرأ) كيف تقرأ فقط، بل يعلمها كيف تحترم الكبير وتقدر المعلم وتعطي المكانة للمربي لأن التربية قبل العلم، فما حاجتنا لمتعلم بلا أدب؟ ومثقف بلا اخلاق؟ فنحن نحتاج القدوة ونحتاج الضمير ونحتاج الإخلاص، وكل هذه تأتي من القيم والتربية الدينية والأخلاق الحميدة. فحين يصدر في الدولة مرسوم أميري يؤكد على تعزيز حضور اللغة العربية، فهذا ليس قرارًا تعليميًا فحسب ولا قرارًا إلزاميًا وانتهى، وليس قانونًا تشريعيًا وكفى. لا، هذا قرار هوية. قرار دولة تعرف من أين وكيف تبدأ وإلى أين تتجه. فالبوصلة لديها واضحة معروفة لا غبار عليها ولا غشاوة. وبينما كانت المدارس تتهيأ للتنفيذ وترتب الصفوف لأننا في معركة فعلية مع الهوية والحفاظ عليها حتى لا تُسلب من لصوص الهوية والمستعمرين الجدد، ظهرت لنا ثمار هذا التوجه الوطني في مشاهد عظيمة مثل مسابقة “فصاحة” في نسختها الأولى التي تكشف لنا حرص إدارة المدارس الخاصة على التميز خمس وثلاثون مدرسة… جيش من المعلمين والمربين… أطفال في المرحلة المتوسطة يتحدثون بالعربية الفصحى أفضل منّا نحن الكبار. ومني أنا شخصيًا والله. وهذا نتيجة عمل بعد العمل لأن من يحمل هذا المشعل له غاية وعنده هدف، وهذا هو أصل التربية والتعليم، حين لا يعُدّ المربي والمعلم الدقيقة متى تبدأ ومتى ينصرف، هنا يُصنع الفرق. ولم تكتفِ المدارس الخاصة بهذا، فهي منذ سنوات تنظم مسابقة اقرأ وارتقِ ورتّل، ولحقت بها المدارس الحكومية مؤخراً وهذا دليل التسابق على الخير. من الروضات إلى المدارس الخاصة إلى التعليم الحكومي، كل خطوة تُدار من مختصين يعرفون ماذا يريدون، وإلى أين الوجهة وما هو الهدف. في النهاية… شكرًا لأنكم رأيتم المعلم إنسانًا، والطفل أمانة، والأسرة شريكًا، واللغة والقرآن هوية. وشكرًا لأنكم جعلتمونا: نفخر بكم… ونثق بكم… ونمضي معكم نحو تعليم يبني المستقبل.
13746
| 20 نوفمبر 2025
في قلب الإيمان، ينشأ صبر عميق يواجه به المؤمن أذى الناس، ليس كضعفٍ أو استسلام، بل كقوة روحية ولحمة أخلاقية. من منظور قرآني، الصبر على أذى الخلق هو تجلٍّ من مفهوم الصبر الأوسع (الصبر على الابتلاءات والطاعة)، لكنه هنا يختصّ بالصبر في مواجهة الناس — سواء بالكلام المؤذي أو المعاملة الجارحة. يحثّنا القرآن على هذا النوع من الصبر في آيات سامية؛ يقول الله تعالى: ﴿وَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَاهْجُرْهُمْ هَجْرًا جَمِيلًا﴾ (المزمل: 10). هذا الهجر «الجميل» يعني الانسحاب بكرامة، دون جدال أو صراع، بل بهدوء وثقة. كما يذكر القرآن صفات من هم من أهل التقوى: ﴿… وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ … وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ﴾ (آل عمران: 134). إن كظم الغيظ والعفو عن الناس ليس تهاونًا، بل خلق كريم يدل على الاتزان النفسي ومستوى رفيع من الإيمان. وقد أبرز العلماء أن هذا الصبر يُعدُّ من أرقى الفضائل. يقول البعض إن كظم الغيظ يعكس عظمة النفس، فالشخص الذي يمسك غضبه رغم القدرة على الردّ، يظهر عزمًا راسخًا وإخلاصًا في عبادته لله. كما أن العفو والكظم معًا يؤدّيان إلى بناء السلم الاجتماعي، ويطفئان نيران الخصام، ويمنحان ساحة العلاقات الإنسانية سلامًا. من السنة النبوية، ورد عن النبي ﷺ أن من كظم غيظه وهو قادر على الانتقام، دعاه الله على رؤوس الخلائق يوم القيامة، فكم هو عظيم جزاء من يضبط نفسه لصالح رضا الله. كما تبيّن المروءة الحقيقية في قوله ﷺ: ليس الشديد في الإسلام من يملك يده، بل من يملك نفسه وقت الغضب. أهمية هذا الصبر لم تذهب سدى في حياة المسلم. في مواجهة الأذى، يكون الصبر وسيلة للارتقاء الروحي، مظهراً لثقته بتقدير الله وعدله، ومعبّراً عن تطلع حقيقي للأجر العظيم عنده. ولكي ينمّي الإنسان هذا الخلق، يُنصح بأن يربّي نفسه على ضبط الغضب، أن يعرف الثواب العظيم للكاظمين الغيظ، وأن يدعو الله ليساعده على ذلك. خلاصة القول، الصبر على أذى الخلق ليس مجرد تحمل، بل هو خلق كرامة: كظم الغيظ، والعفو، والهجر الجميل حين لا فائدة من الجدال. ومن خلال ذلك، يرتقي المؤمن في نظر ربه، ويَحرز لذاته راحة وسموًا، ويحقّق ما وصفه الله من مكارم الأخلاق.
1815
| 21 نوفمبر 2025
عندما أقدم المشرع القطري على خطوة مفصلية بشأن التقاضي في مجال التجارة والاستثمارات وذلك بإصدار القانون رقم 21 لسنة 2021 المتعلق بإنشاء محكمة الاستثمار مختصة للنظر في الدعاوى المتعلقة بالاستثمار والأعمال التجارية لتبت فيها وفق إجراءات وتنظيم يتناسب مع طبيعة هذه النوعية من القضايا. وتعكس هذه الخطوة القانونية الهامة حرص المشرع القطري على تطوير المناخ التشريعي في مجال المال والأعمال، وتيسير الإجراءات في القضايا التجارية التي تتطلب في العادة سرعة البت بها مع وجود قضاة متخصصين ملمين بطبيعتها، وهذه المميزات يصعب للقضاء العادي توفيرها بالنظر لإكراهات عديدة مثل الكم الهائل للقضايا المعروضة على المحاكم وعدم وجود قضاة وكادر إداري متخصص في هذا النوع من الدعاوى. وجاء القانون الجديد مكونا من 35 مادة نظمت المقتضيات القانونية للتقاضي أمام محكمة الاستثمار والتجارة، ويساعد على سرعة الفصل في القضايا التجارية وضمان حقوق أطراف الدعوى كما بينت لنا المادة 19 من نفس القانون، أنه يجب على المدعى عليه خلال ثلاثـين يوماً من تـاريخ إعلانه، أن يقدم رده إلكترونياً وأن يرفق به جميع المستندات المؤيدة له مع ترجمة لها باللغة العربية إن كانـت بلغة أجنبية، من أسماء وبيانات الشهود ومضمون شهاداتهم، وعناوينهم إذا كان لذلك مقتضى، ويجب أن يشتمل الرد على جميع أوجه الدفاع والدفوع الشكلية والموضوعية والطلبات المقابلة والعارضة والتدخل والإدخال، بحسب الأحوال. وعلى مكتب إدارة الدعوى إعلان المدعي أو من يمثله إلكترونياً برد المدعى عليه خلال ثـلاثـة أيام ولكن المادة 20 توضح لنا أنه للمدعي أن يُعقب على ما قدّمه المدعى عليه من رد وذلك خلال (خمسة عشر يوماً) من تاريخ إعلان المدعي برد المدعى عليه إلكترونياً. ويكون للمدعى عليه حق التعقيب على تعقيب المدعي (خلال عشرة أيام على الأكثر) من تـاريخ إعلانه إلكترونياً وبعدها يُحال ملف الدعوى إلكترونياً للدائرة المختصة في أول يوم . لانتهاء الإجراءات المنصوص عليها في المواد (17)، (19)، (20) من هذا القانون، وعلى الدائرة إذا قررت إصدار حكم تمهيدي في الدعوى أن تقوم بذلك خلال مدة لا تتجاوز عشرة أيام من تاريخ الإحالة، ليتضح لنا اهتمام المشرع بضمان تحقيق العدالة الناجزة. وتتألف هذه المحكمة من دوائر ابتدائية واستئنافية، وهيئ لها مقر مستقل ورئيس ذو خبرة في مجال الاستثمار والتجارة كما هيئ لها موازنة خاصة وهيكل إداري منظم، وسينعقد الاختصاص الولائي لها حسب المادة 7 في نزاعات محددة على سبيل الحصر تدور كلها في فلك القطاع التجاري والاستثماري. وإيمانا منه بطابع السرعة الذي تتطلبه النزاعات التجارية كما حدد هذا القانون مددا قصيرة للطعون، إذ بخلاف المدد الزمنية للطعن بالاستئناف في القضايا العادية أصبح ميعاد الاستئناف أمام هذه المحكمة (15 يوما) من تاريخ الإعلان، و7 أيام بالنسبة للمسائل المستعجلة والتظلم من الأوامر على العرائض والأوامر الوقتية، (و30 يوما بالنسبة للطعن بالتمييز). ومن أهم الميزات التي جاء بها أيضا قانون إنشاء محكمة الاستثمار والتجارة ما سمته المادة 13 «النظام الإلكتروني» والذي بموجبه سيكون أي إجراء يتخذ في الدعوى يتم إلكترونيا سواء تعلق بتقييد الدعوى أو إيداع طلب أو سداد رسوم أو إعلان أو غيره، وذلك تعزيزا للرقمنة في المجال القضائي التجاري، وتحقيقا للغاية المنشودة من إحداث قضاء متخصص يستجيب لرؤية قطر المستقبلية. ونؤكد ختاما أن فكرة إنشاء محكمة خاصة بالمنازعات الاستثمارية والتجارية في دولة قطر يعطي دفعة قوية للاقتصاد الوطني منها العوامل التي جعلت دولة قطر وجهة استثمارية مميزة على مستوى المنطقة والعالم وجعلها تتمتع ببيئة تشريعية قوية متقدمة تدعم الاستثمارات وتحمي حقوق المستثمرين. وتساهم في جلب الاستثمارات الأجنبية الكبرى، وتعزز من مكانتها الدولية في المجال الاقتصادي لكن هذا المولود القضائي يجب أن يستفيد من التجارب المقارنة في المحاكم التجارية بالبلدان الأخرى لتفادي الإشكالات والصعوبات التي قد تطرح مستقبلاً ليكون رمزاً للعدالة الناجزة التي تسعى إليها الدولة لتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية.
1284
| 25 نوفمبر 2025