رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
برقة وهدوء أعادت عددا من الزهور الفواحة إلى مكانها فوق طاولة العرض ثم أصلحت من هيئتها، واختارت أقرب كرسي ثم رفعت رأسها للموظفة وقالت: هل تضمنين أن الورود التي ستجلبينها في الفرح ستكون مثل هذه الورود الفرنسية الريانة، أخشى أن تجلبوا لنا زهورا محلية؟!
قالت الموظفة وبصوت أقرب للهمس رقة ودلالا: ولو يا مدام،هذا واجبنا،إذا لم تعجبك الزهور التي ستكسو قاعة الفرح بألوانها المدهشة، وتنشر عطرها في المكان فبإمكانك استرجاع نقودك بعد الفرح.
رفعت أم عبيد رأسها بشموخ وقالت وهي تصطنع العتاب: أخبرتك بأننا لا ننتظر استرجاع النقود، النقود لا تهمنا، ما يهمنا هو شكلنا أمام المدعووين.
تنحنحت بائعة الورد واعتذرت وقالت بصوت مسموع هذه المرة: والله لا أعرف أين أخبئ وجهي منك، صدقت يا أم عبيد منذ متى كانت النقود تهمك؟!
نظرت أم عبيد إلى الموظفة ورمقتها بنظرة عطف وشفقة وقالت لها: صحيح، صحيح.
عادت أم عبيد قبيل صلاة الظهر إلى منزلها وبيدها عدد متنوع من الألبومات ناهيك عن نماذج متنوعة من الأقمشة لاختيار ما يحلو لها لوليمة فرح ابنتها.
هبطت العروس من الدرج مسرعة حين سمعت صوت سيارة الأم وقالت لها: بشريني يا أمي هل أحضرت كل النماذج والصور معك؟
قالت أم عبيد: وكيف لا أفعل يا حبيبتي، وهذا يوم فرحك الذي طال انتظاره؟
بدأت الفتاة تقلب في الألبومات، وتقارن بين نماذج الأقمشة الخاصة بمناديل ومفارش وليمة الفرح وعلا وجهها علامات السرور فالتفتت لأمها وقالت: هل أنت على يقين بأن هذه الشركة هي نفس الشركة التي أشرفت على حفل زفاف عنود بين السيد عبدالله، أنا لا أريد أن يكون حفل فرحي أقل من فرح عنود، لقد كان فرحها مبهرا!!
الأم: بل سيكون أفضل منه، قلت لمدير الشركة: أريده أفضل من عرس عنود وسأدفع لك الفرق بكل فرح وحبور
الفتاة: لا أعرف كيف أشكرك يا أماه
الأم: وكيف تريدينني أن أقبل أن يكون زواجك أقل من زواج عنود أنسيت أنك ابنة المرحوم فهد ياسر، رجل الأعمال وصاحب المكانة الاجتماعية المرموقة في البلد؟
العروس: وكم ستكلف وليمة الفرح؟
الأم: التكاليف ليست مهمة على الإطلاق أخبرتهم بشركة تجهيزات الأفراح بالحرف الواحد بأنني لا أقبل بفرح تكون كلفته أقل من نصف مليون ريال شاملة المطرب الخليجي المفضل لديك.
العروس:يا للخبر الجميل!! يا للسعر الزهيد،نصف مليون ريال فقط مع مطربي الخليجي المفضل، مع تأكيد بأن الفرح سيكون أكثر بذخا من فرح عنود يا لها من صفقة رابحة!!
الأم: نعم هم لن يستطيعوا خداعي،عرضت عليهم النصف مليون على أن نختار من هذه الألبومات والنماذج ما نريد، ووافقوا فورا.
العروس: تتصرفين ببراعة وذكاء كعادتك يا أمي.
الأم: المهم أن تكوني سعيدة.
العروس: أنا سعيدة جدا يا أمي، ولكن نسيت أن أخبرك بوصول رسالة للمنزل حملها سائقنا سليم.
الأم: رسالة ممن؟
العروس: سأحضرها، ذهبت العروس إلى الطاولة القريبة وعادت بالرسالة وناولتها الأم قائلة: افتحي لنا المكتوب لنعرف ما فيه ومن أرسله.
فتحت الأم الرسالة، وبدأت تقرأ بصوت عال:
إلى السيدة المصونة أم عبيد زوجة المحسن الكبير المرحوم السيد: سعيد علي. بعد التحية ووافر التقدير نعلمكم أن مركز الأيتام بالصومال لم يستلم المعونة السنوية التي كان يرسلها المرحوم والبالغة خمسون ألف ريال.
لقد كان هذا المبلغ الذي يرسله المرحوم لنا سنويا كافيا لإعالة خمسمائة طفل لمدة عام كامل، ونحن ومنذ توفي السيد سعيد رحمه الله، أرسلنا لكم أكثر من خمس رسائل ولم نتلق منكم ردا واحدا حتى الآن.
اعذرينا أيتها السيدة الفاضلة أم عبيد، فلولا حاجتنا لاستمرار الدعم ما أثقلنا عليكم بهذه الرسالة.
وتفضلوا بقبول فائق التقدير والاحترام
أخوكم: عبادة عثمان
رئيس مكتب البر والإحسان بالصومال
أنهت الأم الرسالة وقالت: خمسون ألف ريال سنويا، ماذا يظن هذا الرجل هل ورثت بئر بترول حتى أبعث له بخمسين ألف ريال كل عام؟!
الفتاة: وبماذا ستجيبينه يا أمي، نحن مثقلون بتكاليف الفرح، من أين لنا بهذه الثروة الطائلة التي يطالبنا بها؟!
الأم: لن أرد عليه!!
العروس: ولكن يا أمي هو يقول بأن أبي رحمه الله ومنذ سنوات طويلة متكفل بهذا المركز، أرى أن ترسلي لهم شيئا من النقود.
الأم: دعيني أفكر، دعيني أفكر، فزواجك يتطلب الكثير من المال وما زال أمامنا نفقات إضافية كما تعلمين!!
العروس: وجدتها، وجدتها، ما رأيك بمبلغ خمسة آلاف ريال، هذا مبلغ تسمح ميزانيتنا المرهقة بأن ندفعه لهم.
الأم: خمسة آلاف ريال مبلغ كبير جدا، من أين لنا أن نوفر هذا المبلغ ونحن في مثل هذه الظروف، سنبعث له على رقم الحساب المرفق في رسالته بثلاثة آلاف ريال.
العروس: وخمسمئة أيضا، اجعليها ثلاثة آلاف وخمسمئة صدقة عن روح أبي رحمه الله.
ابتسمت الأم وقالت: يا لك من فتاة نبيلة نعم ثلاثة آلاف وخمسمائة ريال مبلغ مناسب وسيسد حاجاتهم ولا شك.
تناولت العروس حقيبتها اليدوية القريبة منها، فتحتها وأخرجت المبلغ الذي اتفقت مع أمها عليه، ثم تناولت ورقة وقلما ونقلت رقم الحساب البنكي لمكتب البر والإحسان بالصومال.
بعد أن تأكدت من نقل العنوان الصحيح وقفت ثم تحركت نحو الباب فتحته ومشت خطوات بداخل حديقة المنزل ونادت على السائق.
حضر السائق على عجل، أعطته المبلغ ومعه الورقة التي بها رقم حساب مركز الأيتام وقالت: خذ هذا المال وهذه الورقة واذهب إلى البنك، فثمة محتاجون وجائعون ومرضى ومنكوبون ينتظرون بلهفة هذا المبلغ الكبير، رقم الحساب موجود في الورقة التي معك.
استلم السائق المبلغ والورقة وانطلق مسرعا لتنفيذ الأوامر،
عادت العروس أدراجها وتوجهت للطاولة التي وضعت عليها ألبومات الصور وعادت تقلب الأوراق من جديد بحثا عن أجمل التصاميم التي تزخرف المكان لتلك الليلة البهية.
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية




مساحة إعلانية
نعم، أصبحنا نعيش زمنًا يُتاجر فيه بالفكر كما يُتاجر بالبضائع، تُباع فيه الشهادات كما تُباع السلع، وتُؤجّر فيه المنصات التدريبية كما تُؤجّر القاعات لحفلات المناسبات. هو زمنٌ تحوّلت فيه «المعرفة إلى سلعة» تُسعَّر، لا رسالة تُؤدَّى. تتجلّى مظاهر «الاتّجار المعرفي» اليوم في صور عديدة، لعلّ أبرزها «المؤتمرات والملتقيات التدريبية والأكاديمية» التي تُقام بأسماء لامعة وشعارات براقة، يدفع فيها الحضور مبالغ طائلة تحت وعودٍ بالمحتوى النوعي والتبادل العلمي، ثم لا يخرج منها المشاركون إلا بأوراق تذكارية وصورٍ للمنصات! وهنا «العجيب من ذلك، والأغرب من ذلك»، أنك حين تتأمل هذه الملتقيات، تجدها تحمل أربعة أو خمسة شعارات لمؤسساتٍ وجهاتٍ مختلفة، لكنها في الحقيقة «تعود إلى نفس المالك أو الجهة التجارية ذاتها»، تُدار بأسماء متعدّدة لتُعطي انطباعًا بالتنوّع والمصداقية، بينما الهدف الحقيقي هو «تكرار الاستفادة المادية من الجمهور نفسه». هذه الفعاليات كثير منها أصبح سوقًا مفتوحًا للربح السريع، لا للعلم الراسخ؛ تُوزَّع فيها الجوائز بلا معايير، وتُمنح فيها الألقاب بلا استحقاق، وتُقدَّم فيها أوراق بحثية أو عروض تدريبية «مكرّرة، منسوخة، أو بلا أثرٍ معرفي حقيقي». وهذا الشكل من الاتّجار لا يقل خطورة عن سرقة البيانات أو بيع الحقائب التدريبية، لأنه يُفرغ الفضاء الأكاديمي من جوهره، ويُحوّل «الجهد العلمي إلى طقسٍ استعراضي» لا يصنع معرفة ولا يضيف قيمة. فالمعرفة الحقيقية لا تُشترى بتذكرة حضور، ولا تُختزل في شعار مؤتمر، ولا تُقاس بعدد الصور المنشورة في مواقع التواصل. من جهةٍ أخرى، يتخذ الاتّجار بالمعرفة اليوم وجهًا «رقميًا سيبرانيًا أكثر تعقيدًا»؛ إذ تُباع البيانات البحثية والمقررات الإلكترونية في «الأسواق السوداء للمعلومات»، وتُسرق الأفكار عبر المنصات المفتوحة، ويُعاد تسويقها تحت أسماء جديدة دون وعيٍ أو مساءلة. لقد دخلنا مرحلة جديدة من الاتّجار لا تقوم على الجسد، بل على «استغلال العقول»، حيث يُسرق الفكر ويُباع الإبداع تحت غطاء “التعاون الأكاديمي” أو “الفرص البحثية”. ولذلك، فإن الحديث عن «أمن المعرفة» و»السلامة السيبرانية في التعليم والتدريب» لم يعد ترفًا، بل ضرورة وجودية لحماية رأس المال الفكري للأمم. على الجامعات ومراكز التدريب أن تنتقل من مرحلة التباهي بعدد المؤتمرات إلى مرحلة «قياس الأثر المعرفي الحقيقي»، وأن تُحاكم جودة المحتوى لا عدد المشاركين. الاتّجار بالمعرفة جريمة صامتة، لكنها أخطر من كل أشكال الاتّجار الأخرى، لأنها «تسرق الإنسان من داخله»، وتقتل ضميره المهني قبل أن تمس جيبه. وحين تتحوّل الفكرة إلى تجارة، والمعرفة إلى وسيلة للشهرة، يفقد العلم قدسيته، ويصبح المتعلم مستهلكًا للوهم لا حاملًا للنور.
6654
| 27 أكتوبر 2025
المسيرات اليوم تملأ السماء، تحلّق بأجنحةٍ معدنيةٍ تلمع تحت وهج الشمس، تُقاد من بعيدٍ بإشاراتٍ باردةٍ لا تعرف الرحمة. تطير ولا تفكر، تضرب ولا تتردد، تعود أحيانًا أو ربما تنتحر. لا فرحَ بالنصر، ولا ندمَ على الدم. طائراتٌ بلا طيارٍ، ولكنها تذكّرنا بالبشر الذين يسيرون على الأرض بلا وعيٍ ولا بوصلة. لقد صار في الأرض مسيَّراتٌ أخرى، لكنها من لحمٍ ودم، تُدار من وراء الشاشات، وعبر المنصات، حيث تُضغط أزرار العقول وتُعاد برمجتها بصمتٍ وخُبث. كلاهما – الآلة والإنسان – مُسيَّر، غير أن الثانية أخطر، لأنها تغتال العقل قبل الجسد، وتُطفئ الوعي قبل الحياة، وتستهدف الصغير قبل الكبير، لأنه الهدف الأغلى عندها. تحوّل الإنسان المعاصر شيئًا فشيئًا إلى طائرةٍ بشريةٍ بلا طيار، يُقاد من برجٍ افتراضي لا يُرى، اسمه “الخوارزميات”، تُرسل إليه الأوامر في هيئة إشعاراتٍ على هاتفه أو جهازه الذي يعمل عليه، فيغيّر مساره كما تُغيّر الطائرة اتجاهها عند تلقّي الإشارة. يغضب حين يُؤمر، ويُصفّق حين يُطلب منه التصفيق، ويتحدث بلسان غيره وهو يظن أنه صوته. صار نصفه آليًّا ونصفه الآخر بشريًّا، مزيجًا من لحمٍ وإشارة، من شعورٍ مُبرمجٍ وسلوكٍ مُوجَّه. المسيرة حين تُطلِق قذيفتها أو تصطدم تُحدث دمارًا يُرى بالعين، أمّا المسيرة البشرية فحين تُطلِق كلمتها تُحدث دمارًا لا يُرى، ينفجر في القيم والمبادئ، ويترك رمادًا في النفوس، وشظايا في العقول، وركامًا من الفوضى الأخلاقية. إنها تخترق جدران البيوت وتهدم أنفاق الخصوصية، وتصنع من النشء جنودًا افتراضيين بلا أجر، يحملون رايات التدمير وهم يظنون أنهم يصنعون المجد. المسيرة المعدنية تحتاج إلى طاقةٍ لتطير، أمّا المسيرة البشرية فتحتاج فقط إلى “جهلٍ ناعمٍ” يجعل أفئدتها هواءً. ويُخيَّل للمرء أن العالم بأسره قد صار غرفةَ تحكّمٍ واحدة، تُدار بمنهجٍ وفكرٍ وخطة، وأننا جميعًا طائراتٌ صغيرة تدور في مساراتٍ مرسومة، لا تملك حرية رفرفة جناحٍ واحدةٍ خارج هذه الحدود. من يملك الإعلام يملك السماء، ومن يملك البيانات يملك العقول، ومن يملك كليهما، هنا يكمن الخطرُ كلُّه. لكن السؤال الذي يفرض نفسه: كيف نحمي أبناءنا ومجتمعاتنا من أن يصبحوا مسيَّراتٍ بشريةً أخرى؟ كيف نُعيد إليهم جهاز الملاحة الداخلي الذي خُطِف من أيديهم؟ الجواب يبدأ من التربية الواعية التي تُعلّم الطفل أن يسأل قبل أن يُصدّق، وأن يتحقّق قبل أن ينقل، وأن يفكّر قبل أن يحكم. نحتاج إلى مؤسساتٍ وهيئاتٍ تُنمّي مهارة التفكير النقدي، وإعلامٍ يُحرّر لا يُبرمج، وأُسَرٍ تُعلّم أبناءها التمييز بين الصوت الحقيقي وضجيج التقليد، وبين المنابر الحرة والخُطب المصنوعة. فالوعي لا يُوهَب، بل يُصنَع بالتجربة والتأمل والسؤال. ثم تأتي القدوة الحيّة، فالمجتمع لا يتغيّر بالمواعظ فقط، بل بالنماذج. حين يرى الجيل من يفكّر بحرية، ويتحدث بمسؤولية، ويرفض الانقياد الأعمى، سيتعلم أن الحرية ليست في كسر القيود، بل في معرفة من صنعها ولماذا. وأخيرًا، علينا أن نُعلّم أبناءنا أن التحكم في النفس أعظم من التحكم في آلة. فشخصٌ واحد قد يصنع مئات الآلات، ولكن آلاف الآلات لا تصنع إنسانًا واحدًا. ليست كل حربٍ تُخاض بالسلاح، فبعضها تُخاض بالعقول. والمنتصر الحقيقي هو من يبقى ممسكًا بجهاز تحكمه الداخلي، مستقلًّا لا يتأثر بالموجِّهات والمُشوِّشات. إن إنقاذ الجيل لا يكون بإغلاق السماء، بل بتنوير العقول. فحين يتعلم الإنسان كيف يطير بوعيه، لن يستطيع أحد أن يُسيّره بعد اليوم أو يُسقطه.
2742
| 28 أكتوبر 2025
كان المدرج في زمنٍ مضى يشبه قلبًا يخفق بالحياة، تملؤه الأصوات وتشتعل فيه الأرواح حماسةً وانتماء. اليوم، صار صامتًا كمدينةٍ هجرتها أحلامها، لا صدى لهتاف، ولا ظلّ لفرح. المقاعد الباردة تروي بصمتها حكاية شغفٍ انطفأ، والهواء يحمل سؤالًا موجعًا: كيف يُمكن لمكانٍ كان يفيض بالحب أن يتحول إلى ذاكرةٍ تنتظر من يوقظها من سباتها؟ صحيح أن تراجع المستوى الفني لفرق الأندية الجماهيرية، هو السبب الرئيسي في تلك الظاهرة، إلا أن المسؤول الأول هو السياسات القاصرة للأندية في تحفيز الجماهير واستقطاب الناشئة والشباب وإحياء الملاعب بحضورهم. ولنتحدث بوضوح عن روابط المشجعين في أنديتنا، فهي تقوم على أساس تجاري بدائي يعتمد مبدأ المُقايضة، حين يتم دفع مبلغ من المال لشخص أو مجموعة أشخاص يقومون بجمع أفراد من هنا وهناك، ويأتون بهم إلى الملعب ليصفقوا ويُغنّوا بلا روح ولا حماسة، انتظاراً لانتهاء المباراة والحصول على الأجرة التي حُدّدت لهم. على الأندية تحديث رؤاها الخاصة بروابط المشجعين، فلا يجوز أن يكون المسؤولون عنها أفراداً بلا ثقافة ولا قدرة على التعامل مع وسائل الإعلام، ولا كفاءة في إقناع الناشئة والشباب بهم. بل يجب أن يتم اختيارهم بعيداً عن التوفير المالي الذي تحرص عليه إدارات الأندية، والذي يدل على قصور في فهم الدور العظيم لتلك الروابط. إن اختيار أشخاص ذوي ثقافة وطلاقة في الحديث، تُناط بهم مسؤولية الروابط، سيكون المُقدمة للانطلاق إلى البيئة المحلية التي تتواجد فيها الأندية، ليتم التواصل مع المدارس والتنسيق مع إداراتها لعقد لقاءات مع الطلاب ومحاولة اجتذابهم إلى الملاعب من خلال أنشطة يتم خلالها تواجد اللاعبين المعروفين في النادي، وتقديم حوافز عينية. إننا نتحدث عن تكوين جيل من المشجعين يرتبط نفسياً بالأندية، هو جيل الناشئة والشباب الذي لم يزل غضاً، ويمتلك بحكم السن الحماسة والاندفاع اللازمين لعودة الروح إلى ملاعبنا. وأيضاً نلوم إعلامنا الرياضي، وهو إعلام متميز بإمكاناته البشرية والمادية، وبمستواه الاحترافي والمهني الرفيع. فقد لعب دوراً سلبياً في وجود الظاهرة، من خلال تركيزه على التحليل الفني المُجرّد، ومخاطبة المختصين أو الأجيال التي تخطت سن الشباب ولم يعد ممكناً جذبها إلى الملاعب بسهولة، وتناسى إعلامنا جيل الناشئة والشباب ولم يستطع، حتى يومنا، بلورة خطاب إعلامي يلفت انتباههم ويُرسّخ في عقولهم ونفوسهم مفاهيم حضارية تتعلق بالرياضة كروح جماهيرية تدفع بهم إلى ملاعبنا. كلمة أخيرة: نطالب بمبادرة رياضية تعيد الجماهير للمدرجات، تشعل شغف المنافسة، وتحوّل كل مباراة إلى تجربة مليئة بالحماس والانتماء الحقيقي.
2334
| 30 أكتوبر 2025