رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
في أعقاب مقتل زعيم فاغنر «بريغوجين» في حادثة تحطم الطائرة، والذي يبدو بشكل كبير بأنه عقاب له كان متوقعا بعد إعلان تمرده على موسكو وتحدي الرئيس بوتين شخصياً. برز سيل من التحليلات المتنوعة حول مستقبل فاغنر بعد مقتل مؤسسها وزعيمها.
وثمة اتجاهان رئيسيان لتلك التحليلات، الأول والذي يرى بانتهاء فاغنر نهائيا، أما الثاني فيجادل باستمرارها لكن وفق قواعد وضوابط جديدة تنظم علاقاتها بالكرملين، ونمط القيادة داخلها، ومهامها الخارجية.
ويستند أنصار التحليل القاضي بانتهاء فاغنر نهائيا إلى أمرين يبدوان ذات وجاهة عالية، الأول- وهو «تحدي القيادة» بعد فقدان الحركة للقيادة القوية بعد مقتل زعيمها ومؤسسها «الأب الروحي» للحركة القادر على تنظيمها وإدارة عملها والتحكم في عملها تماما وفرض النفوذ التام على أفرادها، وحلقة الوصل الرئيسية بين الحركة والكرملين. فالحركة تعد ميليشيا عسكرية شبه مستقلة، أي تعمل باستقلالية نوعا ما عن سلطة الكرملين. ليس هذا فحسب، بل قتل مع بريغوجين في حادثة تحطم الطائرة، اثنان من أبرز قادة الحركة، منهما الرجل الثاني في الحركة. أما الثاني فيكمن في إدراك موسكو بمدى الخطورة الشديدة لوجود ميليشيات عسكرية غير نظامية تعمل خارج الإطار المؤسسي التنظيمي للدولة، بعدما أعلنت الحركة التمرد وزحفت بقوتها في مشهد لاستعراض القوة إلى قلب موسكو.
وبالرغم من وجاهة هذا التحليل، سيما الشق المتعلق بخطورة تضخم قوة فاغنر على روسيا، فربما استوعبت موسكو أيضا درس السودان بعد تحويل «ميليشيا الدعم السريع» السودان إلى خراب وفوضى عارمة في غضون شهرين. ومع ذلك، فالسيناريو الأرجح بقوة هو استمرار الحركة لكن وفق قواعد جديدة تماماً.
والداعم الرئيسي لرجحان هذا السيناريو هو الأهمية الكبيرة التي غدت تلعبها فاغنر لتحقيق مآرب روسيا الخارجية، وخصوصا في مسألة دعم مصالح روسيا وتمديد نفوذها في الدول الضعيفة أو الفاشلة أو المنهارة سياسيا واقتصاديا. فبواسطة فاغنر ساهمت موسكو في بقاء نظام الأسد في سوريا، ودعم حفتر في ليبيا، وتمديد النفوذ الروسي، والاستحواذ على الثروات في أفريقيا.
إذن، غدت فاغنر ورقة لا يمكن لموسكو الاستغناء عنها وذلك في سياق الحروب الهجينة التي تتبناها موسكو كعقيدة.
بعبارة أخرى، من الصعب أن تلغى موسكو اعتمادها على هذا النمط من أساليب الحروب الذي حقق لها نتائج مبهرة، خاصة في هذا الوقت التي تنشغل فيه بحربها القوية مع أوكرانيا التي استنفدت فيها عددا لا بأس به من قوتها وتحتاج إلى المزيد بحسب مصادر استخباراتية متعددة.
ستستمر فاغنر على الأرجح، خاصة أن لديها خبرة قتالية واسعة وعدد كبير من المقاتلين يقدر بنحو 10 آلاف مقاتل، وعدم وجود بديل بل ومن الصعب توافره حاليا، لكن وفق ضوابط جديدة ستحددها موسكو، ومن المؤكد أن تتمحور حول ثلاثة ضوابط رئيسية:
الأولى- ولعله الأهم، انتقاء قيادة جديدة للحركة تدين بالولاء التام الأعمى لموسكو. ولعلها مهمة صعبة لموسكو حيث تريد زعيما يمتلك مقومات القيادة بوزن بريغوجين، لكن لا يمتلك الطموح والاستعداد للتمرد على موسكو مرة ثانية لاسيما وانه يقود قوة عسكرية شبه نظامية تعمل بشكل شبه مستقل. ولعل مقتل بريغوجين كان من ضمن أهدافه تخويف القيادة الجديدة من عقوبة التمرد.
الثاني- فرض مزيد من السيطرة المباشرة على الحركة من جانب الأجهزة الأمنية الروسية، بحيث تكون الحركة أشبه بحركة نظامية أو فرع نظامي من أفرع القوات الأمنية والعسكرية الروسية، وذلك لضمان ولائها التام لموسكو.
إذ كان من المحفزات الرئيسية لتمرد فاغنر الأخير هو شعور قادتها ومقاتليها بالاستقلالية عن موسكو، بل وصل هذا الشعور بالتفوق على الجيش الروسي، وأنهم أصحاب الفضل في انتصارات موسكو في أوكرانيا، وهو ما حدا بهم للزحف إلى قلب موسكو بكل ثقة وجراءة. ويقتضى ذلك من موسكو، الإشراف والمراقبة الشاملة على اختيار مقاتلي الحركة، وأسلوب التجنيد، ومراقبة المهام، والعمل وفق تعليمات موسكو المباشرة في تنفيذ أية مهمة.
الثالث- تقليص مهمات فاغنر في الخارج، والإشراف التام لموسكو عليها، والمقصود بالتقليص هنا هو عدم الزج بالحركة في كل مهمات موسكو الخارجية، بل قصرها على مهمات محددة ولفترة قصيرة تحت مراقبة وإشراف تام من موسكو، للحيلولة دون تضخيم قوة فاغنر بشكل واسع يصيبها بالغرور والتمرد على موسكو كما حدث في أوكرانيا.
إذ تشير بعض التقارير الأمنية إلى تضخم قوة ونفوذ فاغنر السياسي والاقتصادي بشكل مرعب في بعض البلدان الأفريقية، مما قد يخرج فاغنر من قدرة السيطرة الروسية، ويربك سياساتها ومصالحها في تلك الدول.
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية




مساحة إعلانية
في منتصف العام الدراسي، تأتي الإجازات القصيرة كاستراحة ضرورية للطلبة والأسر، لكنها في الوقت ذاته تُعد محطة حساسة تتطلب قدراً عالياً من الوعي في كيفية التعامل معها. فهذه الإجازات، على قِصر مدتها، قد تكون عاملاً مساعداً على تجديد النشاط الذهني والنفسي، وقد تتحول إن أُسيء استغلالها إلى سبب مباشر في تراجع التحصيل الدراسي وصعوبة العودة إلى النسق التعليمي المعتاد. من الطبيعي أن يشعر الأبناء برغبة في كسر الروتين المدرسي، وأن يطالبوا بالسفر والتغيير، غير أن الانصياع التام لهذه الرغبات دون النظر إلى طبيعة المرحلة الدراسية وتوقيتها يحمل في طياته مخاطر تربوية لا يمكن تجاهلها. فالسفر إلى دول تختلف بيئتها ومناخها وثقافتها عن بيئتنا، وفي وقت قصير ومزدحم دراسياً، يؤدي غالباً إلى انفصال ذهني كامل عن أجواء الدراسة، ويضع الطالب في حالة من التشتت يصعب تجاوزها سريعاً عند العودة. توقيت الإجازة وأثره المباشر على المسار الدراسي التجربة التربوية تؤكد أن الطالب بعد الإجازات القصيرة التي تتخلل العام الدراسي يحتاج إلى قدر من الاستقرار والروتين، لا إلى مزيد من التنقل والإرهاق الجسدي والذهني. فالسفر، مهما بدا ممتعاً، يفرض تغييرات في مواعيد النوم والاستيقاظ، ويُربك النظام الغذائي، ويُضعف الالتزام بالواجبات والمتابعة الدراسية، وهو ما ينعكس لاحقاً على مستوى التركيز داخل الصف، ويجعل العودة إلى الإيقاع المدرسي عملية بطيئة ومجهدة. وتكمن الخطورة الحقيقية في أن هذه الإجازات لا تمنح الطالب الوقت الكافي للتكيّف مرتين: مرة مع السفر، ومرة أخرى مع العودة إلى المدرسة. فيضيع جزء غير يسير من زمن الفصل الدراسي في محاولة استعادة النشاط الذهني والانخراط مجدداً في الدروس، وهو زمن ثمين كان الأولى الحفاظ عليه، خصوصاً في المراحل التي تكثر فيها الاختبارات والتقييمات. قطر وجهة سياحية غنية تناسب الإجازات القصيرة في المقابل، تمتلك دولة قطر بيئة مثالية لاستثمار هذه الإجازات القصيرة بشكل متوازن وذكي، فالأجواء الجميلة خلال معظم فترات العام، وتنوع الوجهات السياحية والترفيهية، من حدائق ومتنزهات وشواطئ ومراكز ثقافية وتراثية، تمنح الأسر خيارات واسعة لقضاء أوقات ممتعة دون الحاجة إلى مغادرة البلاد. وهي خيارات تحقق الترفيه المطلوب، وتُشعر الأبناء بالتجديد، دون أن تخلّ باستقرارهم النفسي والتعليمي. كما أن قضاء الإجازة داخل الوطن يتيح للأسرة المحافظة على جزء من الروتين اليومي، ويمنح الأبناء فرصة للعودة السلسة إلى مدارسهم دون صدمة التغيير المفاجئ. ويمكن للأسر أن توظف هذه الفترة في أنشطة خفيفة تعزز مهارات الأبناء، مثل القراءة، والرياضة، والأنشطة الثقافية، وزيارات الأماكن التعليمية والتراثية، بما يحقق فائدة مزدوجة: متعة الإجازة واستمرارية التحصيل. ترشيد الإنفاق خلال العام الدراسي ومن زاوية أخرى، فإن ترشيد الإنفاق خلال هذه الإجازات القصيرة يمثل بُعداً مهماً لا يقل أهمية عن البعد التربوي. فالسفر المتكرر خلال العام الدراسي يستهلك جزءاً كبيراً من ميزانية الأسرة، بينما يمكن ادخار هذه المبالغ وتوجيهها إلى إجازة صيفية طويلة، حيث يكون الطالب قد أنهى عامه الدراسي، وتصبح متطلبات الاسترخاء والسفر مبررة ومفيدة نفسياً وتعليمياً. الإجازة الصيفية، بطولها واتساع وقتها، هي الفرصة الأنسب للسفر البعيد، والتعرف على ثقافات جديدة، وخوض تجارب مختلفة دون ضغط دراسي أو التزامات تعليمية. حينها يستطيع الأبناء الاستمتاع بالسفر بكامل طاقتهم، وتعود الأسرة بذكريات جميلة دون القلق من تأثير ذلك على الأداء المدرسي. دور الأسرة في تحقيق التوازن بين الراحة والانضباط في المحصلة، ليست المشكلة في الإجازة ذاتها، بل في كيفية إدارتها، فالإجازات التي تقع في منتصف العام الدراسي ينبغي أن تُفهم على أنها استراحة قصيرة لإعادة الشحن، لا قطيعة مع المسار التعليمي. ودور الأسرة هنا محوري في تحقيق هذا التوازن، من خلال توجيه الأبناء، وضبط رغباتهم، واتخاذ قرارات واعية تضع مصلحة الطالب التعليمية في المقام الأول، دون حرمانه من حقه في الترفيه والاستمتاع. كسرة أخيرة إن حسن استثمار هذه الإجازات يعكس نضجاً تربوياً، ووعياً بأن النجاح الدراسي لا يُبنى فقط داخل الصفوف، بل يبدأ من البيت، ومن قرارات تبدو بسيطة، لكنها تصنع فارقاً كبيراً في مستقبل الأبناء.
2022
| 24 ديسمبر 2025
حين تُذكر قمم الكرة القطرية، يتقدّم اسم العربي والريان دون استئذان. هذا اللقاء يحمل في طيّاته أكثر من مجرد ثلاث نقاط؛ إنها مواجهة تاريخية، يرافقها جدل جماهيري ممتد لسنوات، وسؤال لم يُحسم حتى اليوم: من يملك القاعدة الجماهيرية الأكبر؟ في هذا المقال، سنبتعد عن التكتيك والخطط الفنية، لنركز على الحضور الجماهيري وتأثيره القوي على اللاعبين. هذا التأثير يتجسد في ردود الأفعال نفسها: حيث يشدد الرياني على أن "الرهيب" هو صاحب الحضور الأوسع، بينما يرد العرباوي بثقة: "جمهورنا الرقم الأصعب، وهو ما يصنع الفارق". مع كل موسم، يتجدد النقاش، ويشتعل أكثر مع كل مواجهة مباشرة، مؤكدًا أن المعركة في المدرجات لا تقل أهمية عن المعركة على أرضية الملعب. لكن هذه المرة، الحكم سيكون واضحًا: في مدرجات استاد الثمامة. هنا فقط سيظهر الوزن الحقيقي لكل قاعدة جماهيرية، من سيملأ المقاعد؟ من سيخلق الأجواء، ويحوّل الهتافات إلى دعم معنوي يحافظ على اندفاع الفريق ويزيده قوة؟ هل سيتمكن الريان من إثبات أن جماهيريته لا تُنافس؟ أم سيؤكد العربي مجددًا أن الحضور الكبير لا يُقاس بالكلام بل بالفعل؟ بين الهتافات والدعم المعنوي، يتجدد النقاش حول من يحضر أكثر في المباريات المهمة، الريان أم العربي؟ ومن يمتلك القدرة على تحويل المدرج إلى قوة إضافية تدفع فريقه للأمام؟ هذه المباراة تتجاوز التسعين دقيقة، وتتخطى حدود النتيجة. إنها مواجهة انتماء وحضور، واختبار حقيقي لقوة التأثير الجماهيري. كلمة أخيرة: يا جماهير العربي والريان، من المدرجات يبدأ النصر الحقيقي، أنتم الحكاية والصوت الذي يهز الملاعب، احضروا واملأوا المقاعد ودعوا هتافكم يصنع المستحيل، هذه المباراة تُخاض بالشغف وتُحسم بالعزيمة وتكتمل بكم.
1635
| 28 ديسمبر 2025
أرست محكمة الاستثمار والتجارة مبدأ جديدا بشأن العدالة التعاقدية في مواجهة « تغول» الشروط الجاهزة وذلك برفض دعوى مطالبة احتساب الفوائد المتراكمة على البطاقة الائتمانية. فقد شهدت أروقة محكمة الاستثمار والتجارة مؤخراً صدور حكم قضائي لا يمكن وصفة إلا بأنه «انتصار للعدالة الموضوعة « على حساب « الشكليات العقدية» الجامدة، هذا الحكم الذي فصل في نزاع بين إحدى شركات التأمين وأحد عملائها حول فوائد متراكمة لبطاقة ائتمانية، يعيد فتح الملف الشائك حول ما يعرف قانوناً بـ «عقود الإذعان» ويسلط الضوء على الدور الرقابي للقضاء في ضبط العلاقة بين المؤسسات المالية الكبرى والأفراد. رفض المحكمة لاحتساب الفوائد المتراكمة ليس مجرد قرار مالي، بل هو تقويم مسار»، فالفائدة في جوهرها القانوني يجب أن تكون تعويضا عن ضرر او مقابلا منطقيا للائتمان، أما تحولها إلى إدارة لمضاعفة الديون بشكل يعجز معه المدين عن السداد، فهو خروج عن وظيفة الائتمان الاجتماعية والاقتصادية. إن استقرار التعاملات التجارية لا يتحقق بإطلاق يد الدائنين في صياغة الشروط كما يشاءون، بل يتحقق بـ « الثقة» في أن القضاء يقظ لكل انحراف في استعمال الحق، حكم محكمة الاستثمار والتجارة يمثل نقلة نوعية في تكريس «الأمن العقدي»، ويؤكد أن العدالة في قطر لا تقف عند حدود الأوراق الموقعة، بل تغوص في جوهر التوازن بين الحقوق والالتزامات. لقد نجح مكتب «الوجبة» في تقديم نموذج للمحاماة التي لا تكتفي بالدفاع، بل تشارك في «صناعة القضاء» عبر تقديم دفوع تلامس روح القانون وتحرك نصوصه الراكدة. وتعزز التقاضي وفقا لأرقى المعايير.
1152
| 24 ديسمبر 2025