رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
سنثير النقاش على المستوى الاجتماعي من خلال هذا العمود الموجز ونتحدث عن ظاهرة يستنكرها الرجل لقياس تبعاتها غير الظاهرة بشكل واضح. إذ سنسلط الضوء على النظام الأبوية (البطريركية)، كظاهرة ليست نتاج سنوات قصيرة بشكل عام، ولا هي تحليل قصير المدى لفترة التصويت لمجلس الشورى الأول في دولة قطر بشكل خاص. إنما طالت الفترة كي تكون استمرارية تعكس نظام حياة وتقاليد وأعرافا، لدرجة تبني المجتمعات الظاهرة وانعكاسها على هويتها الخاصة، حتى أصبح محافظاً عليها من التغييرات الجذرية والجندرية. هذه الظاهرة هي نتاج عصور سابقة وتيارات دينية، سياسية واقتصادية وضعت المرأة في زاوية وقيدت أدوارها، وأجازت لها أدواراً أخرى، إلى أن أصبحت المرأة رمزاً ثورياً للتغيير على مدى التاريخ. بالتالي، نجد ان النقلات التي تواكب المرأة ليست إلا محطات حددت الممارسات الاضطهادية في جهة ومدى مرونتها من جهة أخرى على المستوى القانوني، العرفي، السياسي والاجتماعي والتي منحت المرأة أن تكون فيها جزءاً مكملاً في المجتمع، وأن تتساوى بالمواطنة أسوة مع الرجل المواطن أيضاً. هذه لفتة تاريخية سريعة وموجزة حول مفهوم الظاهرة البطريركية. إذ أرجو ألا تنفعل عزيزي الرجل على ظاهرة من الصعب تعديها بشكل جذري من خلال حدث تاريخي واحد!.
وعبر تاريخنا المعاصر، لا يشكك أحد بدور المرأة في كل الدوائر، سواء كانت على مستوى الأسرة، وصولاً إلى المجتمع، والأنظمة الدولية. ولا نحتاج أن نعيد دوامة مكانتها وتقلدها للمناصب القيادية، إذ تخطينا هذه التبريرات. نحن نتساوى بالعقل والفكر، ونتنافس بالعقل والفكر أيضاً. فهذا الأمر منتهى منه. ولكن ما ان نستمر في مراقبة غياب المرأة في المشهد السياسي، بالتأكيد سنعيد التبرير، ليس لدور المرأة العظيمة هذه المرة، إنما لتبعات مفهوم البطريركية وتطور سيادة المفهوم في التاريخ المعاصر لتصبح النيو- بطريكية، أي الأبوية المعاصرة أو الأبوية الجديدة. ولهذه الظاهرة بمفهومها المعاصر شقان من وجهة نظري أود تسليط الضوء عليهما من خلال هذا المقال الموجز:
أولاً: من الطبيعي أن تكون المشاركة السياسية للجنسين مبنية على الأصوات، وكذلك من الطبيعي أن يكون للمرشح الحق في الترويج عن الحملات الانتخابية واستمرارية توصيل الرسالة التي يرغب في تحقيقها بكافة الطرق، هذه منافسه بحد ذاتها! ولكن مراقبة هذه الظاهرة الانتخابية الأولى في دولة قطر يعني تحليل المشهد الاجتماعي والسياسي من حيث تأثير تبعات المفهوم الأبوي بشكل أكاديمي على التنافسية الجندرية. بمعنى آخر، من المتوقع أن ينعكس النظام الأبوي في التصويت ميولاً للرجل، وإيمانا بالرجل ومكانته في تقلد مناصب سياسية تلعب أدوارا حساسة وهامة. ولكن سيادة النظام الأبوي على حقبة جديدة في دولة قطر مع مجلس شورى منتخب من المفترض أن يكسر هذه الهيكلة الأبوية على المستوى الاجتماعي عبر التصويت. وهذا يعتبر توجها عرفيا من الأساس ساهم في تعزيز السلطوية العرفية من خلال ضعف الفرصة لفوز المرأة بكرسي عبر التصويت في مجلس الشورى، وهذه ظاهرة تقاس بحد ذاتها من خلال هذه الحقبة على انها انعكاس لخضوع المرأة للظاهرة الأبوية وتبعات هذا التأثير هذا النظام العرفي والنوعي عليها في المحافل السياسية. بالتالي يظل التعيين على المستوى السياسي هو الأضمن لمكانة المرأة في المجلس.
ثانياً: من الصعب أن نحلل الواقع لنتائج مجلس الشورى الأول بأنها ظاهرة أبوية بحتة ونثير من خلالها المشاعر، لأنه في نهاية الأمر يظل التصويت بيد كلا الجنسين. لذلك المرأة لن تكون بالضرورة نصيرة المرأة في التصويت. ولكن يظل يخبرنا المشهد السياسي والاجتماعي على استمرارية انتاج مجتمع هجين، أي يمكن المرأة من ناحية التقلد بالمناصب الإدارية العليا، ومن الجانب الآخر يظل يحافظ المشهد على بنيته الاجتماعية باعتباره لا يزال مجتمعا تقليديا محافظا. ولن أقول بأن النظام جعل المرأة أدنى منه، فأنا ضد هذا الوصف بحسب بعض المصادر. ولكن ما خلده النظام العرفي هو حماية عرفية له واستقرار نسبي للمرأة في الجانب المهني من خلال النتاج الهجين الذي يعطي المساحة القيادية للمرأة، بينما يظل يحافظ على نمطه الاجتماعي في أولويته للصفوف الأمامية قبل المرأة.
أخيراً، قررت استباق التاريخ العام على المشهد الحالي المعاصر، حتى يكون المفهوم أكثر شمولية للاستيعاب بأن الظاهرة ليست إلا تاريخا تراكمياً بتبعاته العرفية على المجتمعات.
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية




مساحة إعلانية
هناك لحظات في تاريخ الدول لا تمرّ مرور الكرام… لحظات تُعلن فيها مؤسسات الدولة أنها انتقلت من مرحلة “تسيير الأمور” إلى مرحلة صناعة التغيير ونقل الجيل من مرحلة كان إلى مرحلة يكون. وهذا بالضبط ما فعلته وزارة التربية والتعليم والتعليم العالي في السنوات الأخيرة. الأسرة أولاً… بُعدٌ لا يفهمه إلا من يعي أهمية المجتمع ومكوناته، مجتمعٌ يدرس فيه أكثر من 300 ألف طالب وطالبة ويسند هذه المنظومة أكثر من 28 ألف معلم ومعلمة في المدارس الحكومية والخاصة، إلى جانب آلاف الإداريين والمتخصصين العاملين في الوزارة ومؤسساتها المختلفة. لذلك حين قررت الوزارة أن تضع الأسرة في قلب العملية التعليمية هي فعلاً وضعت قلب الوطن ونبضه بين يديها ونصب عينيها. فقد كان إعلانًا واضحًا أن المدرسة ليست مبنى، بل هي امتداد للبيت وبيت المستقبل القريب، وهذا ليس فقط في المدارس الحكومية، فالمدارس الخاصة أيضًا تسجل قفزات واضحة وتنافس وتقدم يداً بيد مع المدارس الحكومية. فمثلاً دور الحضانة داخل رياض الأطفال للمعلمات، خطوة جريئة وقفزة للأمام لم تقدّمها كثير من الأنظمة التعليمية في العالم والمنطقة. خطوة تقول للأم المعلمة: طفلك في حضن مدرستك… ومدرستك أمانة لديك فأنتِ المدرسة الحقيقية. إنها سياسة تُعيد تعريف “بيئة العمل” بمعناها الإنساني والحقيقي. المعلم… لم يعد جنديًا مُرهقًا بل عقلاً مُنطلقًا وفكرًا وقادًا وهكذا يجب أن يكون. لأول مرة منذ سنوات يشعر المُعلم أن هناك من يرفع عنه الحِمل بدل أن يضيف عليه. فالوزارة لم تُخفف الأعباء لمجرد التخفيف… بل لأنها تريد للمعلم أن يقوم بأهم وظيفة. المدرس المُرهق لا يصنع جيلاً، والوزارة أدركت ذلك، وأعادت تنظيم يومه المدرسي وساعاته ومهامه ليعود لجوهر رسالته. هو لا يُعلّم (أمة اقرأ) كيف تقرأ فقط، بل يعلمها كيف تحترم الكبير وتقدر المعلم وتعطي المكانة للمربي لأن التربية قبل العلم، فما حاجتنا لمتعلم بلا أدب؟ ومثقف بلا اخلاق؟ فنحن نحتاج القدوة ونحتاج الضمير ونحتاج الإخلاص، وكل هذه تأتي من القيم والتربية الدينية والأخلاق الحميدة. فحين يصدر في الدولة مرسوم أميري يؤكد على تعزيز حضور اللغة العربية، فهذا ليس قرارًا تعليميًا فحسب ولا قرارًا إلزاميًا وانتهى، وليس قانونًا تشريعيًا وكفى. لا، هذا قرار هوية. قرار دولة تعرف من أين وكيف تبدأ وإلى أين تتجه. فالبوصلة لديها واضحة معروفة لا غبار عليها ولا غشاوة. وبينما كانت المدارس تتهيأ للتنفيذ وترتب الصفوف لأننا في معركة فعلية مع الهوية والحفاظ عليها حتى لا تُسلب من لصوص الهوية والمستعمرين الجدد، ظهرت لنا ثمار هذا التوجه الوطني في مشاهد عظيمة مثل مسابقة “فصاحة” في نسختها الأولى التي تكشف لنا حرص إدارة المدارس الخاصة على التميز خمس وثلاثون مدرسة… جيش من المعلمين والمربين… أطفال في المرحلة المتوسطة يتحدثون بالعربية الفصحى أفضل منّا نحن الكبار. ومني أنا شخصيًا والله. وهذا نتيجة عمل بعد العمل لأن من يحمل هذا المشعل له غاية وعنده هدف، وهذا هو أصل التربية والتعليم، حين لا يعُدّ المربي والمعلم الدقيقة متى تبدأ ومتى ينصرف، هنا يُصنع الفرق. ولم تكتفِ المدارس الخاصة بهذا، فهي منذ سنوات تنظم مسابقة اقرأ وارتقِ ورتّل، ولحقت بها المدارس الحكومية مؤخراً وهذا دليل التسابق على الخير. من الروضات إلى المدارس الخاصة إلى التعليم الحكومي، كل خطوة تُدار من مختصين يعرفون ماذا يريدون، وإلى أين الوجهة وما هو الهدف. في النهاية… شكرًا لأنكم رأيتم المعلم إنسانًا، والطفل أمانة، والأسرة شريكًا، واللغة والقرآن هوية. وشكرًا لأنكم جعلتمونا: نفخر بكم… ونثق بكم… ونمضي معكم نحو تعليم يبني المستقبل.
13674
| 20 نوفمبر 2025
في قلب الإيمان، ينشأ صبر عميق يواجه به المؤمن أذى الناس، ليس كضعفٍ أو استسلام، بل كقوة روحية ولحمة أخلاقية. من منظور قرآني، الصبر على أذى الخلق هو تجلٍّ من مفهوم الصبر الأوسع (الصبر على الابتلاءات والطاعة)، لكنه هنا يختصّ بالصبر في مواجهة الناس — سواء بالكلام المؤذي أو المعاملة الجارحة. يحثّنا القرآن على هذا النوع من الصبر في آيات سامية؛ يقول الله تعالى: ﴿وَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَاهْجُرْهُمْ هَجْرًا جَمِيلًا﴾ (المزمل: 10). هذا الهجر «الجميل» يعني الانسحاب بكرامة، دون جدال أو صراع، بل بهدوء وثقة. كما يذكر القرآن صفات من هم من أهل التقوى: ﴿… وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ … وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ﴾ (آل عمران: 134). إن كظم الغيظ والعفو عن الناس ليس تهاونًا، بل خلق كريم يدل على الاتزان النفسي ومستوى رفيع من الإيمان. وقد أبرز العلماء أن هذا الصبر يُعدُّ من أرقى الفضائل. يقول البعض إن كظم الغيظ يعكس عظمة النفس، فالشخص الذي يمسك غضبه رغم القدرة على الردّ، يظهر عزمًا راسخًا وإخلاصًا في عبادته لله. كما أن العفو والكظم معًا يؤدّيان إلى بناء السلم الاجتماعي، ويطفئان نيران الخصام، ويمنحان ساحة العلاقات الإنسانية سلامًا. من السنة النبوية، ورد عن النبي ﷺ أن من كظم غيظه وهو قادر على الانتقام، دعاه الله على رؤوس الخلائق يوم القيامة، فكم هو عظيم جزاء من يضبط نفسه لصالح رضا الله. كما تبيّن المروءة الحقيقية في قوله ﷺ: ليس الشديد في الإسلام من يملك يده، بل من يملك نفسه وقت الغضب. أهمية هذا الصبر لم تذهب سدى في حياة المسلم. في مواجهة الأذى، يكون الصبر وسيلة للارتقاء الروحي، مظهراً لثقته بتقدير الله وعدله، ومعبّراً عن تطلع حقيقي للأجر العظيم عنده. ولكي ينمّي الإنسان هذا الخلق، يُنصح بأن يربّي نفسه على ضبط الغضب، أن يعرف الثواب العظيم للكاظمين الغيظ، وأن يدعو الله ليساعده على ذلك. خلاصة القول، الصبر على أذى الخلق ليس مجرد تحمل، بل هو خلق كرامة: كظم الغيظ، والعفو، والهجر الجميل حين لا فائدة من الجدال. ومن خلال ذلك، يرتقي المؤمن في نظر ربه، ويَحرز لذاته راحة وسموًا، ويحقّق ما وصفه الله من مكارم الأخلاق.
1800
| 21 نوفمبر 2025
شهدت الجولات العشر الأولى من الدوري أداءً تحكيميًا مميزًا من حكامنا الوطنيين، الذين أثبتوا أنهم نموذج للحياد والاحترافية على أرض الملعب. لم يقتصر دورهم على مجرد تطبيق قوانين اللعبة، بل تجاوز ذلك ليكونوا عناصر أساسية في سير المباريات بسلاسة وانضباط. منذ اللحظة الأولى لأي مباراة، يظهر حكامنا الوطنيون حضورًا ذكيًا في ضبط إيقاع اللعب، مما يضمن تكافؤ الفرص بين الفرق واحترام الروح الرياضية. من أبرز السمات التي تميز أدائهم القدرة على اتخاذ القرارات الدقيقة في الوقت المناسب. سواء في احتساب الأخطاء أو التعامل مع الحالات الجدلية، يظل حكامنا الوطنيون متوازنين وموضوعيين، بعيدًا عن تأثير الضغط الجماهيري أو الانفعال اللحظي. هذا الاتزان يعكس فهمهم العميق لقوانين كرة القدم وقدرتهم على تطبيقها بمرونة دون التسبب في توقف اللعب أو توتر اللاعبين. كما يتميز حكامنا الوطنيون بقدرتهم على التواصل الفعّال مع اللاعبين، مستخدمين لغة جسدهم وصوتهم لضبط الأجواء، دون اللجوء إلى العقوبات القاسية إلا عند الضرورة. هذا الأسلوب يعزز الاحترام المتبادل بينهم وبين الفرق، ويقلل من التوتر داخل الملعب، مما يجعل المباريات أكثر جاذبية ومتابعة للجمهور. على الصعيد الفني، يظهر حكامنا الوطنيون قدرة عالية على قراءة مجريات اللعب مسبقًا، مما يسمح لهم بالوصول إلى أفضل المواقع على أرض الملعب لاتخاذ القرارات الصحيحة بسرعة. هذه المرونة والملاحظة الدقيقة تجعل المباريات أكثر انتظامًا، وتمنح اللاعبين شعورًا بالعدالة في كل لحظة من اللعب. كلمة أخيرة: لقد أثبت حكّامُنا الوطنيون، من خلال أدائهم المتميّز في إدارة المباريات، أنهم عناصرُ أساسيةٌ في ضمان نزاهة اللعبة ورفع مستوى المنافسة، ليكونوا مثالًا يُحتذى به على الصعيدين المحلي والدولي.
1215
| 25 نوفمبر 2025